:: أرقى مُرتكزاتِ التربيَّةِ
العقائديَّةِ والسلوكيّةِ القيّمَةِ يَضعها بين أيدينا أميرُ المُؤمنين الإمام عليّ
بن أبي طالب ، عليه السلام ، في هذا المَقطع الثاني من ا
لخطبة السادسة والثمانين
في نهج البلاغة العظيم ::
:1:- قال : (عِبَادَ اللَّه إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِه
أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّه - وإِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِه أَعْصَاهُمْ لِرَبِّه - والْمَغْبُونُ
مَنْ غَبَنَ نَفْسَه - والْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَه دِينُه - والسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ
بِغَيْرِه - والشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاه وغُرُورِه -)
: نهج البلاغة ، ت ،د، صبحي الصالح ، ص117.:
:2:- إنَّ أميرَ المؤمنين علي ، عليه السلامُ ، يُبيِّنُ
في هذه الفقرات القيّمَةِ مَن هو أنصحُ الناس لنفسه – فتارةً ينصحُ الإنسانُ الآخرين دون أن يلتفتَ لنفسه – ونصحُ النفس له
مراتبٌ وموازين ينبغي معرفتها أوّلاً ثُمَّ تطبيقها ثانياً.
:3:- أنصح الناس لنفسه مَن ينقادُ لربّه ويُسلّمُ لأمر
اللهِ تعالى ، مُخلصاً وبعيداً عن الشوائب والعيوب والنقائص – ويأخذُ بها
للخير والصلاح.
:4:- إنَّ كلَّ إنسانٍ يبحثُ عن السعادة الحقيقيّة
والراحة الأبديّة والحياة بلا موت والغنى بلا فقر - والعلم بلا جهل والصحة بلا سقم
– وهذا لن يكون إلاَّ بتحصيل الإخلاص ونصح النفس ورضا الله وطاعته سبحانه.
:5:- كلّما كان الإنسانُ أكثر طاعةً وانقياداً لربّه –
الله تعالى كلّما كان أكثر نصحاً لنفسه ولغيره.
:6:- أيٌّها الإنسانُ إذا أردّتَ إصلاحَ الآخرين فاصلح
نفسك أوّلاً وانصحها بدعوتك لطاعة الله جلّ وعلا – فأنصح الناس لنفسه هو أفضلهم
وأتمهم وأكملهم في طاعة ربّه سبحانه.
:7:- قال: عليه السلام: (وإِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِه أَعْصَاهُمْ لِرَبِّه ) :-
المرادُ بالغش هنا هو إلحاق الضرر والشرّ بالنفس وبالآخرين ، وذلك من خلال عصيان الله تعالى ،
وما ينجم عنه من الشقاء والعذاب – فغش الإنسان لنفسه
يكمن واقعاً في معصيته لربّه وخالقه قبل كلّ شيء.
:8:- (والْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَه
):- الغُبن هو الضررُ الفاحش في تقييم الأشياء ، وكما هو معروف في البيع ب( خيار
الغُبن ) من بيعٍ بأعلى من القيمة أو شراء بأقلّ – وغالباً ما يُستعمل في
المعاملات الماليّة – وهنا يقول: الإمامُ عليٌّ ، عليه السلام،:
إنَّ الغبنَ الأفحشَ للإنسان عندما يَغبن نفسَه ، وذلك
بعدم سلامة دينه وسلوكه ووقوعه في الزّلات والأخطاء.
:9:- وأمّا (والْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَه دِينُه ):-
فهي في مقابل الحسد – فالغبط يعني تمنّي النِعَمَ التي عند الآخرين مع عدم قصد
زوالها – بخلاف الحسد فهو تنمي زوالها – فهناك نِعَمٌ منها نعمة السلامة في الدّين
والأخلاق والجاه والمال وغيرها ،والمغبوط الحقيقي هو مَن يَسلمُ دينه ويبقى مُستقيماً
في سلوكه وعقيدته.
:10:- ينبغي بالإنسان أن يحافظَ على سلامة دينه تجاه ما
يواجه من مغريات الدنيا والبلايا وحوادث الحياة – ولينظر إلى أهل الدّين والصلاح
المُخلصين الذين استقاموا لربّهم وسلِمَ دينهم ويسألَ اللهَ تعالى أن ينعمه عليه
بمثل ما عندهم من النِعَم – وأن لا ينظرَ إلى أهل الدنيا الزائلة.
:11:- قال : عليه السلام:( والسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِه):-
على الإنسان أن يتعلّمَ من تجارب نفسه – فإذا ما مرّ بتجربة سابقة وحدثٍ مرير-
عليه أن ينتفع بالأخطاء ، وهذا أمر جيد – ولكن الأفضل أن ينظرَ إلى تجارب الآخرين
ويتعلّم منها ولا يمرّ عليها مرور الكِرام- يُلاحظ أخطائهم وزلاتهم وعثراتهم
فيتجنّبها – سواء أكانت هذه تجارب أمم ماضية أو أفرادٍ – المهم العِظَةُ بهم.
:12:- ( والشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاه وغُرُورِه ):-
هناك بعضٌ من الناس لا يُريد أن ينتفعَ بتجارب غيره – بل يصرُّ على الغرور
والاعتداد بنفسه لانخداعه بهواه- مغرورٌ
بجاه أو سلطة أو قوّة – وخاصةً من الحكّام والطغاة والذين لا يتّعظون بمن سقط
قبلهم وقد رأوا ذلك بأعينهم.
_____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ
الشيخ عبد المهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا
الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس
,اليوم – الثالث عشر من ذي القعدة الحرام ,1439 هجري ، السابع والعشرين من تموز ,2018م.
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ,
ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق