:: اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ::
====================
:مُطالعةٌ معرفيَّةٌ توثيقيَّة :
================== ==
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله المعصومين
قال الله تعالى في مُحكم كتابه العزيز في سورة الفاتحة
اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ{7} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {8}
من المعلوم
أنَّ سورة الفاتحة هي مكيَّة النزول . ً
:تفسير جوامع الجوامع:الطبرسي:ج1:ص51.
وفي معناها
عن الإمام علي السجَّاد :عليه السلام قال :
ليس بين الله وبين حجته حجاب ، ولا لله دون حجته ستر ،
نحن أبواب الله
ونحن الصراط المستقيم ونحن عيبة علمه
ونحن تراجمة وحيه ونحن أركان توحيده ونحن موضع سره
:الميزان في تفسير القرآن : الطباطبائي:ج1:ص41.
وعن أبي عبد الله:الإمام الصادق: عليه السلام:
في معنى: الصراط المستقيم:
قال هو أمير المؤمنين:الإمام علي: عليه السلام :ومعرفته .
:تفسير القمي :علي بن ابراهيم القمي :ج1:ص28
وفي رواية أخرى
عن أبي عبد الله الإمام الصادق :عليه السلام :
قال :
الصراط المستقيم أمير المؤمنين علي عليه السلام .
و في قول الله عز وجل : اهدنا الصراط المستقيم :
قال : هو أمير المؤمنين عليه السلام ومعرفته
:معاني الأخبار: الصدوق:ص33.
وعن عبد الله بن عباس في قوله :
: اهدنا الصراط المستقيم :
قال : قولوا معاشر العباد ارشدنا إلى حب النبي وأهل بيته .
وعن بريدة في قول الله اهدنا الصراط المستقيم
قال : صراط محمد وآله .
وعن الباقرين عليهما السلام :
في معنى:
(( اهدنا الصراط المستقيم ))
قالا:عليهما السلام :
دين الله الذي نزل به جبرئيل على محمد صراط الذين أنعمتَ عليهم
فهديتهم بالاسلام
وبولاية علي بن أبي طالب :ع:
:مناقب آل أبي طالب:ابن شهر آشوب:ج2:ص272.
وقيل في معنى الصراط المستقيم وجوه :
أحدها :
إنه كتاب الله وهو المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن علي عليه السلام ، وابن مسعود
وثانيها :
إنه الاسلام ، وهو المروي ، عن جابر ، وابن عباس
وثالثها :
إنه دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره ، عن محمد بن الحنفية
والرابع :
إنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة القائمون مقامه ، وهو المروي في أخبارنا .
والأولى حَملُ الآية على العموم حتى يدخل جميع ذلك فيه ، لأن الصراط المستقيم هو الدين الذي أمر الله به ، من التوحيد والعدل وولاية من أوجب الله طاعته
مجمع البيان :الطبرسي :ج1:ص66.
وعن عبد الله بن عباس قال :
قال جبريل لمحمد : قل يا محمد اهدنا الصراط المستقيم ، يقول : ألهمنا الطريق الهادي
:جامع البيان إبن جرير الطبري :ج1:ص107.
وقال الرازي:
في معنى قوله تعالى
( إهدنا الصراط المستقيم )
هو حصول هداية النور في القلب
وعلَّقَ المفسِّر الرازي على ذلك فقال:
هوأن يتجلى له درجات الأبرار المُطهرين من الذين أنعم الله عليهم بالجلايا القدسية والجواذب الإلهية
حتى تصير تلك الأرواح القدسية كالمرايا المجلوة فينعكس الشعاع من كل واحدة منها إلى الأخرى
وهذا هو معنى قوله تعالى:
( صراط الذين أنعمتَ عليهم )
.:تفسير الرازي:ج1:ص175.
وهنا نقول لاشك ولا ريب في أنَّ ما ذهب إليه الرازي في تفسيره هذا إنما يُشكِّل نقطةَ نظامٍ معرفية
تكشف عن ضرورة أن يكون مفهوم الصراط المستقيم متجسدا بشخص الإنسان المعصوم.
والذي به تتحقق الهداية الفعلية لطالبها من العباد
وقد ذكر الرازي في تفسيره أيضا:
أنَّ ذلك الصراط المستقيم وصفه بصفتين أولاهما إيجابية ، والأخرى سلبية
أما الإيجابية:
فكون ذلك الصراط صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
وأما السلبية :
فهي أن تكون بخلاف صراط الذين فسدتْ قواهم العملية بإرتكاب الشهوات حتى استوجبوا غضب الله عليهم
وبخلاف صراط الذين فسدت قواهم النظرية حتى ضلوا عن العقائد الحقيَّة والمعارف اليقينية .
و قال بعضهم : إنه لما قال الله تعالى :
( إهدنا الصراط المستقيم )
لم يقتصر عليه
بل قال :
( صراط الذين أنعمتَ عليهم )
وهذا يدل على أنَّ المُريدَ لا سبيل له إلى الوصول إلى مقامات الهداية والمكاشفة
إلاَّ إذا اقتدى بشيخ يهديه إلى سواء السبيل ويجنبه عن مواقع الأغاليط والأضاليل
وذلك لأن النقص غالب على أكثر الخلق وعقولهم غير وافية بإدراك الحق وتمييز الصواب عن الغلط
فلا بُدَّ من كامل يقتدي به الناقص حتى يتقوى عقل ذلك الناقص بنور عقل ذلك الكامل
فحينئذ يصل إلى مدارج السعادات ومعارج الكمالات
:تفسير الرازي:ج1:ص184.
فإذن بحسب ما ذهبَ إليه الرازي بتعليقه لهداية المُريد وتوقفها على الحاجة إلى شيخ يهديه إلى سواء السبيل
ويجنبه عن مواقع الأغاليط والأضاليل
وتعليله لذلك
بأنَّ النقصَ غالبٌ على أكثر الخلق وعقولهم غير وافية بإدراك الحق وتمييز الصواب عن الغلط
وبالنتيجة فلا بُدَّ من كامل يقتدي به الناقص حتى يتقوى عقل ذلك الناقص بنور عقل ذلك الكامل
فحينئذ يصل إلى مدارج السعادات ومعارج الكمالات
يظهر من ذلك كله تسليمه بإنحصار مفهوم الصراط المستقيم بوجود المعصوم الكامل والطاهر.
وهو ما عبَّرَ عنه بالشيخ أو الكامل .
إذعاناً منه في قرارة وعيه وفهمه بالتفسير الحق لمفهوم الصراط المستقيم وإن لم يُصرِّح نصاً بذلك .
و عن عبد الله بن مسعود في قوله:
(( اهدنا الصراط المستقيم ))
قال :
هو كتاب الله
الدر المنثور: السيوطي :ج1:ص15.
وحتى على فرض أن يكون معنى ومفهوم الصراط المستقيم هو كتاب الله تعالى :القرآن الكريم:
يكون المعنى والمراد المطلوب هو اهدنا إلى العمل بتعاليم كتاب الله تعالى وأحكامه ومن أبرز تعاليمه وأصوله وأحكامه هو طاعة الأئمة المعصومين:ع:
وهذا هو معنى قوله تعالى
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )) النساء59
((وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً )) النساء83
وفي صحيحة أبي بصير المروية في الكافي قال :
سألتُ أبا عبد الله الإمام الصادق:عليه السلام :
عن قول الله تعالى :
(( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) النساء : 59
فقال : ع:
نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام فقلتُ له :
إنَّ الناس يقولون :
فما له لم يُسمِّ علياً وأهل بيته في كتاب الله ؟
قال: عليه السلام :
فقولوا لهم :
إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم لهم ثلاثا ولا أربعا
حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر لهم ذلك :
الكافي :الكليني: ج1 :ص 226
وقال الطبرسي في مجمع البيان :
أما أصحابنا فقد رووا عن الباقر :عليه السلام :
أنَّ أولي الأمر الأئمة المعصومين وآل محمد أوجب الله طاعتهم بالاطلاق
كما أوجب طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله
ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد على الاطلاق إلا من ثبت عصمته وعُلِمَ أن باطنه كظاهره ، وأمن من الغلط والأمر بالقبيح
وليس ذلك بحاصل في العلماء والأمراء وجل الله سبحانه وتعالى عن أن يأمر بطاعة من يعصيه
أو بالانقياد للمختلفين بالقول والفعل
:زبدة البيان : المحقق الأردبيلي :ص687
والنتيجة البحثيَّة التي يُمكن الإنتهاء إليها يقيناً أنَّ النبي أو الإمام المعصوم:عليه السلام:
هو مُنطََبقُ الصراط المستقيم في المفهوم القرآني .
والدليل القطعي على ذلك أنَّ المُتتبع للمفاهيم القرآنية الشريفة في تأسيساتها المتكثِّرة نصيَّاً
يَجدها دائما تربط بين ما تؤسس له وتحديد المصاديق والمُنطبقات الخارجية في هذه الحياة كواقع عيني وسلوكي مُجسِّد بصورة فعلية لماهو المطلوب قرآنيا من الفرد المسلم والمؤمن
فالصراط المستقيم ذلك المفهوم العملاق في حمولاته القيميَّة ومفاداته الحكمية.
قد تكرر التعاطي معه قرآنيا في مساحة التأسيس وتحديد المصداق بشكل كبير جدا
بحيث صرّح الحق تعالى بكونه صراط الهداية الفعلي وجوديا وخاصة في سورة الفاتحة الشريفة
وهذا بحد ذاته يعطينا زخماً ودفعا نحو
اليقين الذاتي:
وهو أنْ يجزم ويقطع الإنسان بقضية من القضايا بدرجة لايكون معها أي شك أو إحتمال لخلاف ما يقطع به:
واليقين الذاتي بالقضية المُعيَّنة يُمثّل الجانب السيكولوجي:النفسي: من المعرفة
واليقين الموضوعي :
و هو التصديق بقضية معينة بأعلى درجة ممكنة من درجات التصديق والتي تتراوح من أدنى درجة وهي الإحتمال الى اعلى درجة وهي الجزم :القطع: على أن تكون هذه الدرجة التصديقية متطابقة مع الدرجة التي تفرضها المبررات الموضوعية بحيث تصل الى الجزم
واليقين الموضوعي :
هو له طابع موضوعي مستقل معرفيا
عن الحالة النفسية والمحتوى السيكولوجي في بنية الإنسان الذاتية:
بكون مفهوم الصراط المستقيم هو مفهوم متواطىء
:أي واحد في صدقه وإنطباقه: على أفراد المعصومين:عليهم:
من النبي:ص: والأئمة الأثني عشر :ع:
بدءاً من مصداقه المعصوم النبي محمد:ص: و الإمام علي :ع: وختما بالإمام المهدي :ع:
كما نصّتْ و رمزتْ الروايات الصحيحة إلى ذلك الإنطباق بين مفهوم الصراط المستقيم ومصداقه الإمام المعصوم :ع:
لاسيما في وقت نزول السورة من باب الإنطباق الأجلى والجري المصداقي .
والدليل على ذلك قرآنيا هو توصيف سورة الفاتحة في آخر آياتها
(الصراط المستقيم)
بأنه صراط الذين أنعم الله عليهم
(وهم النبيين والصديقين والشهداء والصالحين )
بحسب المُحكم القرآني في تفسيره تعالى
حيث قال:
(( وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً )) النساء 69
وهم قطعا معصومون ومنصوبون من قبل الله تعالى في تحديده لمفهوم الصراط المستقيم
والمؤيِّد القوي لذلك الفهم هو نبذه تعالى لصراط غيرهم من المغضوب عليهم والضالين
وهم قطعا من غير المعصومين
والروايات الصحيحة قد تكفلت هي الأخرى في بيان مصداق وحقيقة الصراط المستقيم وجوديا
دفعا للإشتباه والإنحراف في تشخيص المصداق السليم
فروى الشيخ الصدوق في معاني الأخبار:عن المفضل بن عمر قال: سألتُ أبا عبد الله الصادق :ع: عن الصراط
فقال:ع:
هو الطريق إلى معرفة الله عز وجل وهما صراطان :
صراط في الدنيا وصراط في الأخرة فأما الصراط في الدنيا فهو الإمام المفروض الطاعة
من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه أمرَّ على الصراط الذي هو جسر في جهنم
ومن لم يعرفه في الدنيا زلَّت قدمه عن الصراط في الأخرة فتردى في نارجهنم :
:الأمالي : الطوسي: ص44
وهنا يضع الإمام الصادق :ع:
في تفسيره لمعنى الصراط بقوله
(( فهو الإمام المفروض الطاعة))
قانونا كليَّا إطلاقيَّا ينطبق بمفهومه حتى على شخص الإمام المهدي:ع : في وقتنا هذا.
وهذا هو معنى طلبنا يوميا في صلاتنا
((اهدنا الصراط المستقيم ) )
و حكمة ذلك الطلب ؟
تتجلى في شدِّ العباد بإمامهم المنصوب إلهيَّا.
وأليس هذه الآية الشريفة تنصُ على قطعيَّة وجود مصداق واقعي وحقيقي لمفهوم الصراط المستقيم في هذه الحياة الدنيا
إذ إنه إذا لم يكُ هناك صراط مفروغ عن وجوده خارجا
فسيلزم العبث واللغو في طلب الهداية أو الكون فيها وجوديا
وحتى على فرض كون تفسير الصراط بنفس الدين أو الكتاب وأحكامه وحدوده وتعاليمه
فهذا ما لاينسجم وتأسيس القرآن الكريم نصيّا لمصداقية المعصوم كفرد حقيقي وواقعي لتجسيد معنى الصراط المستقيم
لأنّ القرآن الكريم وصَّفَ الصراط بأنه صراط الذين أنعم الله عليهم من النبين والصديقين والصالحين
وهذا نصُ ظاهرُ في التصريح بتحديد المصاديق المعصومة المُمثِّلة لمفهوم الصراط المستقيم حياتيا.
ففي رواية إعترف الحسن البصري وهو على غيرمذهبنا في معنى
قوله تعالى:
((إنَّ هذا صراطي مستقيماً فإتبعوه )):الأنعام:153
قال : هذا طريق علي بن أبي طالب وذريته طريق مستقيم فإتبعوا هودين مستقيم وتمسكوا به فإنه واضح لا عوج فيه
:مناقب آل أبي طالب: ابن شهر آشوب:ج2:ص302
وقطعا أنَّ الإمام المهدي :ع: هو الإمام المعصوم الأخير في ذرية الإمام علي :ع:
فيكون هو مصداق الصراط المستقيم بحق اليوم .
والروايات متظافرة في هذا المعنى في تحديد مصداق الصراط المستقيم
فقد رويَ أيضا في تفسير الأية أعلاه عن طريق الإمام الصادق :ع:
فقال:
((وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ))
أي: الأئمة المعصومون:ع:
مناقب آل أبي طالب:ابن شهرآشوب :ج3 : ص206:
و عن ابن عباس قال :
أصحاب الصراط السوي
هو والله محمدٌ وأهل بيته
والصراط : الطريق الواضح الذي لا عوج فيه :
شواهد التنزيل :الحاكم الحسكاني:ج1:ص499.
وعن ابي جعفر الباقر:ع:
قال :
(( آل محمد الصراط الذي دل عليه))
تفسير العياشي: ج1: ص383 :
فالمُتحصَّلُ معرفيا من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وطرق أهل البيت المعصومين:ع:
أنَّ القرآن الكريم والإمام المعصوم لن يفترقا وجوديا وتشريعيا أبدا حتى يراد الحوض على رسول الله :ص :
وهذا هو معنى قول الرسول:ص:
: إنِّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض
فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؟ ! .
الجامع الصحيح :الترمذي 5ج :ص 663 :
وهذا الحديث متواتر وأشهر من نار على علم في المجاميع الروائية الخاصة والعامة صدر من لدن نبي معصوم يردفُ بتأسيسه كتاب الله تعالى في قوله:
((اهدنا الصراط المستقيم ))
فإذن الإمام المهدي :ع: هو بحق واقع وحقيقة الصراط المستقيم في الدين والشخص المعصوم
ومن هنا يمكن أن نلج إلى الحقيقة الشريفة من القرآن الكريم ومفاهيمه الحيّة بقيمها ودلالاتها الحكيمة
إذ أنَّ سورة الفاتحة سورة بإسمها ترمز إلى فتح الله تعالى بدينه وأنبياء والمعصومين:ع:
باباً إليه تعالى نلج منه إلى الصراط المستقيم المُختَزل
بوجود الإمام المهدي :ع:في وقتنا هذا
وما تكرارانا ل (اهدنا الصراط المستقيم)
إلاّ منهاجا عمليا يشدّنا إلى ضرورة الكون والتلاحم إيمانيا مع إمامنا المهدي:ع:
ويُعزز في عقولنا وقلوبنا الرصد والترقب للمتوقع الغائب :ع:
فهي تشي من قريب إلى أننا اليوم أشبه بمن ينتظرون المُرشد إلى الصراط المستقيم
والدليل على ذلك نفس مفهوم الهداية
وبمعنييها إما إراة الطريق وكشفه لطالبه ولسالكه
وهذه هي وظيفة المعصوم بحكم منهج القرآن الكريم في قوله تعالى:
((إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ )) الرعد7
((وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ))الأعراف181
بمعنى:
ومن الذين خَلَقْنا جماعة فاضلة يهتدون بالحق ويَدْعون إليه
وبه يقضون وينصفون الناس, وهم أئمة الهدى المعصومين
ممن أنعم الله عليهم بالإيمان والعمل الصالح
{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ }الأنبياء73
((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )) السجدة24
أوالإيصال إلى المطلوب التشريعي والتكاملي فهذا أيضا هو وظيفة المعصوم إذ أنه هو الآخذ بيدنا إلى الله تعالى ورضاه ودينه الحق
(( وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )) المؤمنون73
وفي تفسير هذه الآية الشريفة:
قال الإمام جعفر الصادق :عليه السلام :
الصراط المستقيم ولاية أمير المؤمنين عليه السلام
:ينابيع المودة لذوي القربى: القندوزي :ج1:ص 339
ورغم أنَّ الروايات الصحيحة تفسر الصراط المستقيم بالإمام علي أو معرفته أو ولايته : عليه السلام :
إلاَّ أنَّها تكشف - وتحدد المصداق المعصوم و الأكمل لمفهوم الصراط المستقيم
وهذا لا تتنافى مع كون باقي الأئمة المعصومين:ع: مصاديق أخرى لمفهوم الصراط المستقيم.
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
0 التعليقات:
إرسال تعليق