المُحَقّق في شرح تهذيب المَنطق
للتفتازاني سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله
الهروي الشافعي الخراساني .
المتولد 712 ه - المُتوفّى 791 ه.
( شرحٌ كامل )
تأليف
مرتضى علي الحلي - النجف الأشرف .
توطئة
_____
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمدُ لله ربّ العالمين مُطلق الألسن بحمده
وفاتق العقول بمعرفته وواهب النطق والتفكير بمنته ،نسأله سبحانه التسديد في العلم
والعمل وتصويب الفكر والعصمة من الزيغ والزلل،والصلاة والسلام على خاتم الرسل محمد
’ وعلى أهل بيته المعصومين الطاهرين .
وبعدُ فهذه توضيحات علمية مُحَققة في محالها
نافعة في المقام على كتاب (تهذيب المنطق ) للمصنف التفتازاني مع التصرف والتضمين والزيادة
بما يناسب مقتضيات البحث المنطقي ،والابتعاد عن التعقيدات المفهومية للمصطلحات ،
ومحاولة الاعتماد على الوسطية في البيان من دون إفراط ولا تفريط وترك الاشكالات
العقيمة وذكر النافع منها بحسب الضرورة .
ولدارس التهذيب نتركُ التأملَ والتفكرَ بما
يقوي القدرة المنطقية عنده في المسيرة العلميّة العامة , والله تعالى من وراء القصد مع الاعتذار عن
التقصير .
القسمُ الأولُ في المنطق : بحثٌ في مقدّمة علم المنطق :
قال المصنف التفتازاني في بداية متن التهذيب
(مقدّمةٌ )
بيان المتن
_______
أي هذه مقدمةٌ والتي هي ألفاظ دالة على أمور
ثلاثة :معرفة الحد :والغاية :وموضوع علم المنطق : والمقصود بالمقدمة هنا (مقدمة
الكتاب ) هذا على مستو ى عبارة المتن.
وأما المقصود (بالمقدمة ) اصطلاحا :هو ما يتوقف
الشروع في مسائل العلم عليه وهي(المقدمة ) مشتملةٌ على بيان الحاجة الى المنطق
وتعريفة وموضوعه وستعرف وجه توقف الشروع على كل واحد من هذه الأمور في موضعه.
ولما كان بيان الحاجة المنساق الى تعريف المنطق
موقوفا على تقسيم العلم الى قسميه شرعَ المصنفُ في تقسيم العلم وعرّفه بالرسم لا بالحد
والمقصود برسم العلم هنا هو تعريفه بغايته والتي تتحقق من إتقان قوانين المنطق
المفيدة لعصمة الذهن بوصفها غايةً ولازماً خارجاً مساوياً لعلم المنطق والتعريف
باللازم رسم .
والمراد من (العلم ) في عبارة المتن والتي
سنذكرها لاحقا هو الادراك مطلقا : أي سواء كان على وجه الاذعان أولا , كما أشار
المصنف الى ذلك بتقسيمة العلم الى تصديق وتصور .
والعلم المنقسم الى التصور والتصديق هو العلم
الحادث الحصولي لا مطلق العلم الشامل للحضوري والعلم القديم ( أي علم الله تعالى )
.
ثم إنّ تقسيم العلم الى تصور و تصديق كافٍ بوجه
ما في تعريف العلم .
(توضيح قول المصنف في المتن ) ( العلم إن كان إذعاناً بالنسبة فتصديق وإلا فتصور
)
بعد ما توضحّ لكَ المراد من العِلم في عبارة
المصنف نبيِّن ألآن معنى
(إذعاناً بالنسبة) : ويُرادُ بها ادراكها على
وجه يُطلَق عليه اسم التسليم والقبول وهذا الإدراك هو الحكم فيكون التصديق على
تعريف المصنف هو الحكم فقط كما هو مذهب الحكماء وعلى هذا الأساس يكون
التصديق أيضا بسيطا :أي غير مركب .
والمصنف بقوله (إذعاناً بالنسبة أو للنسبة )
على اختلاف النسخ عَدَلَ عن العبارة المشهورة وهي (إدراك أنّ النسبة واقعة أو ليست
واقعة ) لأنها تستلزم دخول (التخييل )فيها فالتخييل إدراك لوقوع النسبة أولا وقوعها
, وكذلك يدخل فيها الشك والوهم ضرورة أنّ المُدرَك في جانب الوهم هو الوقوع
أو اللاوقوع , إلا أنّ تلك الادراكات ليست على وجه الاذعان والتسليم بل هي على
سبيل التخييل والتجويز , وهنا تتضح نكتة عدول المصنف في تعريف التصديق فالتصديق
عنده هو نوع آخر من الادراك مغاير للتصور مغايرة ذاتية لا باعتبار المُتَعَلق .
ثم انّ المصنف بقوله (إذعانا بالنسبة ) أثبتَ
الفرق الوجداني بين إدراك النسبة الذي هو من قبيل التصديق وبين إدراك النسبة الذي
هو من قبيل التصورات .
(فائدة ):- إنَّ التصديق هو مفهوم بسيط عند
المصنف لكنه يحتاج الى ثلاثة تصورات وهي
1 .تصور الموضوع 2 . تصور المحمول 3 .
وتصور النسبة الحكمية والمقصود بالنسبة هنا (هو حمل المحمول على الموضوع ) .
(توضيح قول المصنف في المتن : (
وإلاّ فتصور ) أي وإن لم يكن العلم إذعاناً بالنسبة أو للنسبة (فتصور ) ويُقال له
التصور الساذج (أي العاري عن الحكم ) فإدراك كل واحد من الموضوع والمحمول
تصور فقط وكذا (تصور فقط )
في حال إدراكهما معا بلا نسبة أو مع نسبة
إما تقييدية ( كالحيوان الناطق ) و(غلام زيد ) وإما نسبة تامة غير خبرية أي
انشائية (كاضرب ) أو نسبة خبرية مشكوكة تامة وكل ذلك من التصورات الساذجة لعدم
اذعان النسبة فيها .
(إيراد
ورد )
:(الإيراد ) : (لقائل ان يقول لماذا قدّم
المصنف التصديق على التصور في التعريف والحال أنّ التصور متقدم طبعا على التصديق
فلِمَ أخّرَ المصنفُ التصورَ وضعاً )؟
(الرد والجواب) : ( إنّ تقديم التصديق على
التصور في التعريف ليس بحسب الذات بل بحسب المفهوم , نعم التصور متقدم على
التصديق ذاتا لا مفهوما
فالقيود في مفهوم التصديق وجودية ( أي العلم الإذعان
بالنسبة )
وفي مفهوم التصور عدمية (أي لا إذعان ولا حكم
في التصور )
وتصور الوجود سابق على تصور العدم فلذا أخّرَ
المصنف التصور في التعريف لأنه بحسب المفهوم )
قال المصنف في المتن ( ويقتسمان بالضرورة (بالبداهة)
: الضرورة والاكتساب بالنظر )
التوضيح :- أي
يأخذ كُلٌ من التصور والتصديق قسماً من الضرورة (الضروري / البديهي ) ويأخذ كل
منهما (أي التصور والتصديق قسماً من الاكتساب (أي المكتسب بالنظر ) بالضرورة
( أي البداهة ) .
فانقسام كل من
التصور والتصديق الى الضروري والنظري أمرٌ بديهي يجده كلُ عاقلٍ في وجدانه فإنه
يحصل له بعض التصورات والتصديقات كتصور الحرارة والبرودة والتصديق بأنّ الكل اعظم
من الجزء من غير نظر واكتساب .(هذه امثلة لتصورات وتصديقات بديهية )
ويحصل له بعض اخر من التصورات والتصديقات
بالنظر والكسب كتصور الملائكة والجن وكالتصديق بأنّ العالم حادث (هذه امثلة
لتصورات ولتصديقات نظرية )
وتقييد المصنف هنا للاقتسام بالضرورة
في المتن ( للتخلص من اشكال الدور او التسلسل لأنه لو كان
الكل من كل منهما ( أي من التصورات والتصديقات ) نظريا لدار او تسلسل الأمر أو لو
كان كل منهما بديهيا لما احتجنا في شيء من التصورات والتصديقات الى الفكر ( النظر
) والبداهة قاضية بذلك الاقتسام بالضرورة .
قال المصنف في المتن (بالنظر : وهو ملاحظة
المعقول لتحصيل المجهول )
التوضيح:- إنّ المراد من ( الملاحظة ) هنا هو
توجه النفس نحو المعلوم , والمراد (بالمعقول ) ها هنا (المعلوم ) ولأنّ العلم في
فن المنطق مُفسّر بحصول صورة الشيء في العقل لا بالإدراك الجازم , وذلك هو
معنى المعقول أي ما حصلت صورته في العقل .
ولأنّ المتبادر من العلم هو الاعتقاد الجازم
الثابت المطابق للواقع فالمعلوم يختص باليقينيات .
فإذاً (النظر ) هو توجه النفس والتفاتها الى
المعقول أي ما حصلت صورته في العقل لتحصيل امرا مجهولا تصورا او تصديقا.
(فائدة): (إنّ النظر والفكر
كالمترادفين والمشهور في تعريفهما ( هو ترتيب أمور معلومة للتأدي الى مجهول)
(توضيح مفهوم النظر بالمثال ) عندما تريد
تعريف الإنسان بالحد مثلا تلاحظ (الحيوان ) و
(الناطق ) المعلومين لتحصيل الإنسان بحده التام
فتقول :الانسان : حيوان ناطق هذا
على مستوى التصور أما على مستوى التصديق
:تلاحظ مقدمتين معلومتين : ص و:ك لتحصيل النتيجة المجهولة .مثال
:ص: (العالم مُتغيِّر )
:ك: (وكل متغير حادث :أي مخلوق ) النتيجة
: العالم حادث .
قال المصنف في المتن:
( وقد يقع فيه الخطأ فاُحتيج الى قانون تعصم
مراعاته عنه وهو (المنطق ))
التوضيح :- المراد (بالخطأ ) هنا هو عدم
مطابقة النسبة الكلامية للخارج أي أنّ هذه النسبة المستفادة من الكلام هي نفسها
ليست مطابقة للخارج .
وإنّّ سبب وقوع الخطأ في الاكتساب بالنظر لأنّ
النظر ليس بصائب دائما فقد يناقض العقلاء بعضهم البعض بل قد يناقض الانسان نفسه.
من هنا اُحتيجَ الى قانون يعصم عن الخطأ مفيداً
لطرق اكتساب النظريات من الضروريات وذلك القانون هو (المنطق ) و من هنا يتضح مدى
الحاجة الى المنطق المُستلزِمة لتعريفه بالرسم وهو اللازم المساوي للغاية (الحاجة).
(فائدة ):1: (وجه تسمية المنطق بالقانون)
إنّما كان المنطقُ قانوناً لأنّ مسائله قوانين
كلية مُنطبقة على جزئيات كما اذا عُلِمَ أنّ الموجبة الكلية تنعكس الى موجبة جزئية
عُلِمَ أنّ كل إنسان حيوان تنعكس الى بعض الحيوان انسان وهكذا نظائر
ذلك .
(فائدة ):2: ( وجه تعريف علم المنطق بالغاية )
(وهي عصمة الذهن عن الوقوع في الخطأ )
لأنه لو لم يُعلم الغرض من العلم لكان طلبه
عبثا فلذا كان تصور العلم ولو بالغاية كافٍ في كون الشارِع على بصيرة في طلبه فإذا
تصور الشارِع علم المنطق برسمه حصل له علم اجمالي بمسائل ذلك العلم بحيث يعلم
اجمالا بكل مسائل علم المنطق .
بحثٌ في تحقيق موضوع علم المنطق
________________________
قال المصنف في المتن ( وموضوعه :المعلوم
التصوري والتصديقي من حيث أنه يوصل الى مطلوب تصوري :فيُسمى (مُعرِّفا ) او مطلوب
تصديقي :فيُسمى (حجة)
التوضيح:- البحث هنا عن موضوع المنطق والذي هو
كل ما يبحث عن أعراضه الذاتية
(أعراض موضوع المنطق لا نفسه ) ومعنى العوارض أو
الأحوال الذاتية
هي التي تلحق الشيء لذاته كالتعجب مثلا اللاحق
لذات الانسان أو ما يلحق الشيء لجزئه كالحركة بالإرادة اللاحقة للإنسان بواسطة أنه
حيوان (أي جزء ماهيته)
أو ما يلحق الشيء لأمر خارج عن نفس الشيء مساوٍ
له كالضحك العارض للإنسان بواسطة التعجب (
الذي هو مساوٍ للإنسان) .
وانما سُميت بالأعراض الذاتية لاستنادها الى
ذات المعروض (الموضوع )
فالبحث في علم المنطق إنّما يكون عن الأعراض
الذاتية لا (الأعراض الغريبة ) بالنسبة الى ذات المعروض والتي يكون العروض فيها بسبب أمر مباين لذات
المعروض او بواسطة أمر أخص .
والمقصود (بالمعلوم التصوري ) : هو ما
كان معلوما عندنا بالتصور كتصور الحيوان والناطق جنسا وفصلا لماهية الإنسان
المطلوب تعريفها بالحد التام والتي هي مطلوب تصوري أي (مُعرِّفا ) وأما المقصود (بالمعلوم التصديقي )
هو ما كان معلوما عندنا باليقين بالصغرى
والكبرى كيقيننا بأنّ (العالم متغير) :ص:
ويقيننا بأنّ (كل متغير حادث ) :ك: يوصلنا الى
مطلوب تصديقي وهي النتيجة (العالم حادث)
ويسمى ذلك (حجة ) أي (دليل )
(فائدةٌ ) :(إنّ المنطقي انما يبحث عن المعلوم
التصوري والمعلوم التصديقي من حيث الايصال الى مجهول تصوري أو مجهول تصديقي إيصالا
فعليا فتكون حيثية الإيصال حيثية تعليلية)
ثم بعد هذا أي بعد اتضاح موضوع علم المنطق يتضح
وجه توقف الشروع على موضوع علم المنطق لأنّ العلوم إنّما تتمايز بتمايز الموضوعات وحيثيات
البحث في كل موضوع علم تختلف فيما بينها فلو لم يعلم الشارِع (الدارِس) أنّ
موضوع العلم الشارِع فيه أيِّ شيءٍ هو لم يتميز العلم المطلوب عنده ولم يكن طلبه
على بصيرة .
مقاصد القسم الاول في المنطق / المقصد الاول : (في التصورات)
(تحقيق البحث في الدلالات)
___________________________________________
وهنا ملاحظة يجب الالتفات إليها وهي أنّ بحث
الدلالات بحث لفظي لا عقلي وغرض المنطقي هو البحث عن المُعرِّف ِوالحجة وإنما تعرض
لبحث الدلالات هنا
ثانياً وبالعرض لا أولاً وبالذات لأنّ بحث المنطقي عن (المعقولات/
المعاني ) لا عن الألفاظ ولكن لأنّ لهذه المعاني قوالب وألفاظ لابد من بيانها
ولأجل إيصال المراد من المعاني المعقولية
للآخرين لزمَ البحث عن الألفاظ و مداليلها وقد جرت عادة أرباب فن المنطق في البحث
عن الدلالات ومباحث الألفاظ والمفرد والمركب في بداية موضوع المنطق لإفادة المراد من
المعاني المعقولية للغير والاستفادة منها .
تعريف (الدلالة) (هو كون الشيء بحيث يُعلم منه
شيء آخر )
(أقسام الدلالة )
1 . (الدلالة العقلية ): (وهي ما يجدُ
العقلُ فيها بين الدال والمدلول علاقة ذاتية ينتقل لأجلها من الدال الى المدلول
,كدلالة الأثر(الدال) على المؤثر(المدلول)
2 . (الدلالة الوضعية ): هو ما كانت العلاقة
بينهما (الدال والمدلول ) بجعل الجاعل اياه له
(أي بجعل الدال للمدلول) كالدلالة اللفظية وسيأتي البحث عنها .
3 .( الدلالة الطبعيّة ) : وهو ما كانت العلاقة
بين الدال والمدلول مقتضاها الطبيعة كقول المتوجع :آخ: دلالة على الالم ,
فالرابطة هنا بين الدال والمدلول هو الطبع .
والدلالة الطبعيّة لا تنحصر بالدال اللفظي بل
تكون حتى بغيره كدلالة الحمرة على الخجل وغيرها .
(بحث في أقسام الدلالة اللفظية الوضعية )
والتي هي المقصودة في البحث هاهنا إذ عليها
مدار الإفادة (الى الغير) والاستفادة (من الغير )
1 . (الدلالة اللفظية المطابقية ) وتتضح في قول
المصنف في المتن
( دلالة اللفظ على تمام ما وضع له (مطابقة))
أي أنّ الدلالة تولدت نتيجة تطابق اللفظ
والمعنى (أي عدم زيادة اللفظ على المعنى وعدم زيادة المعنى على اللفظ ) كدلالة الإنسان
على الحيوان الناطق : فهو معنى تمام ما وضع له لفظ (الإنسان) ويُقصد هنا ( بالوضع) : ( هو جعل الشيء بإزاء آخر
بحيث إذا فُهمَ الأول فُهمَ الثاني) .
وإنما أضافَ المصنفُ كلمة الدلالة إلى اللفظ في
المتن (دلالة اللفظ ) إشارة منه الى أنّ التقسيم الآتي إنما يجري في
الدلالة اللفظية دون غيرها من بقية الدلالات ولم يقيد بالوضع لأنّ الوضع أُخذ فصلا في تعريف الدلالة اللفظية
المطابقيّة .
2 . (الدلالة التضمنية ) وتتضح في قول المصنف في المتن (وعلى جزئه تضمن )
أي دلالة اللفظ على جزء المعنى الموضوع له
اللفظ (تضمن )(دلالة تضمنية ) وذلك لكون
الجزء في ضمن المعنى الموضوع له اللفظ كدلالة الإنسان على الحيوان او الناطق والمعنى الموضوع له لفظ الإنسان هو (الحيوان
الناطق ) جزء ماهية.
3 . (الدلالة الالتزامية ) :وتتضح في قول
المصنف في المتن ( وعلى الخارج التزام )
أي دلالة اللفظ على الخارج عن المعنى الموضوع
له اللفظ (التزام ) (دلالة التزاميّة )
وذلك لكون الخارج لازما للمعنى الموضوع له
اللفظ كدلالة الإنسان على قابل صفة الكتابة
فإنّ القابلية المذكورة ( صفة الكتابة ) خارجة عن المعنى الموضوع له لفظ الإنسان
لكنها لازمة له خارجا .
واللزوم شرطٌ محفوظ في الدلالة الالتزامية فهي
مشروطة بتحققه ، ولذا قال المصنف في المتن مباشرة (ولابد فيه من اللزوم عقلا أو عرفاً
)
( اللزوم العقلي ) هو أنْ يمتنع عقلا تصور الملزوم من دون تصور
اللازم كاللزوم بين الاثنين والزوجية مثلا .
(اللزوم العرفي ) هو بأن يمتنع في مجرى العادة تصور الملزوم من
دون تصور اللازم كما بين حاتم والجود .
واللزوم العقلي المفيد هنا (في الدلالة
الالتزاميّة ) هو اللزوم البين بالمعنى الاخص وليس اللزوم البين بالمعنى الاعم على
التحقيق .
اما اللزوم العرفي فهو معتبر عند علماء المعاني (البلاغة) لا عند
علماء المعقول
والمصنف هنا تبعَ علماء المعاني في اللزوم
العرفي .
بحثٌ في بيان التلازم بين الدلالات اللفظية
الثلاث وعدمه
_______________________________________
وهوما أشار إليه المصنف في المتن ( ويلزمهما
المطابقة ولو تقديرا ولا عكس )
أي ويلزم الدلالة التضمنية والدلالة الالتزامية
(الدلالة المطابقية ) ولو تقديرا فإنه متى ما تحققتا (الدلالة التضمنية
والالتزامية ) تحققت الدلالة المطابقية لأنهما تابعان لها والتابع من حيث أنه تابع
لا يتحقق من دون المتبوع .
وبعبارة اخرى : إنّ الدلالة على جزء المعنى
الموضوع له اللفظ وعلى لازمه فرعٌ لتحقق المعنى الموضوع له اللفظ فإنّ استُعمل
اللفظ فيه بالفعل كانت المطابقة متحققة وإن لم يُستعمل اللفظ فيه قط فلا خفاء في
أنّ له معنى لو اُستُعمِلَ فيه لكان دالا عليه بالمطابقة تقديرا.
توضيح قول المصنف في المتن ( ولا عكس ) ( أي
أنّ الدلالة اللفظية المطابقية لا تستلزم شيئا منهما ( لا من الدلالة التضمنية ولا
من الدلالة الالتزامية )
1 .(بيان وجه عدم استلزام المطابقية للتضمنية )
وذلك لكون بعض المعاني بسيطة (غير مركبة من أجزاء
) وقد وُضِعَ لها لفظ دل عليها بتمام المعنى الموضوع لها فتتحقق المطابقية من دون
التضمنية .
2 . (بيان وجه عدم استلزام الدلالة
المطابقية للدلالة الالتزامية ) ( وذلك لجواز ان يكون هناك تمام معنى موضوع
له اللفظ ولا لازم عقلي له ولا لازم عرفي له فتتحقق الدلالة المطابقية
من دون الدلالة الالتزامية )
(فائدة ) (لم يتعرض المصنف التفتازاني
(لحال التضمن والالتزام في الاستلزام وعدمه )
إلاّ أنّه يمكن القول إنّ التضمن لا يستلزم
الالتزام وبالعكس (أي الالتزام لا يستلزم التضمن) .
أما وجه عدم استلزام الدلالة التضمنية للدلالة
الالتزامية لجواز ان يكون من المعاني المركبة ما لا لازم عقلي (ذهني )له فتتحقق
الدلالة التضمنية من دون الدلالة الالتزامية )
واما وجه عدم استلزام الدلالة الالتزامية
للدلالة التضمنية :
فلجواز أن يكون للمعنى البسيط لازم عقلي (ذهني
) فتتحقق الدلالة الالتزامية من دون الدلالة التضمنية .
بحثٌ في المفرد والمركب
_________________
1 .(المركب واقسامه ) ويتضح
في قول المصنف في المتن:
( واللفظ الموضوع إن قُصِدَ بجزءٍ منه الدلالة
على جزء المعنى (فمركب ) إما تام أو إنشاء وإما ناقص تقييدي أو غيره )
أي واللفظ الموضوع للمعنى بالمطابقة إما مركب
أو مفرد فإن قُصِد بجزء من اللفظ الدلالة على جزء المعنى المقصود (فمركب )
والقصد هنا معتبر بعد اعتباره في اصل الدلالة
عند المصنف وانما أُحتيجَ الى القصد لغرض التفهيم لمتلقي الدلالة .
(أقسام المركب )
__________
1 . (المركب التام ) (هو ما يصح السكوت
عليه بأن لا يكون استعماله مستدعيا للفظ اخر كاستدعاء المحكوم عليه المحكوم به
وبالعكس :مثاله : (زيد قائم ) (مركب تام خبري ) وهو اما صادق او كاذب .
2 . (المركب الانشائي )
( وهو المركب التام الذي ليس بصادق ولا كاذب أي لا يحتمل الصدق ولا الكذب
لأنّ الانشاء هو ايجاد وخلق للواقع المفترض من قبل المتكلم لا حكاية فيه عن واقع
متحقق كالخبر حتى يُحتمل فيه الصدق او الكذب .
3 . (المركب الناقص) (وهو ما
لا يصح السكوت عليه بمعن انتظار السامع للفظ المتوقع ذكره) وهذا ينقسم بنفسه الى
:: أ : (المركب التقييدي )
( وهوما كان فيه اللفظ الثاني قيدا للفظ الاول
) مثاله :(التركيب الوصفي ) ( الحيوان الناطق ) مثاله: (التركيب الاضافي ) (رامي
الحجارة )
:ب:(المركب غير التقييدي ) (وهو الذي لم يكن
فيه اللفظ الثاني قيدا للفظ للأول )
مثاله :المركب من اسم واداة
(في الدار)
مثاله :المركب من كلمة واداة
(ضربٌ في الدار )
(بحثُ في المفرد )
___________
ويتضح في قول المصنف في المتن (وإلاّ فمفرد
)
أي وإنْ لم يُقصد بجزء من اللفظ الدلالة على
جزء المعنى المقصود (فمفرد )
(اقسام المفرد ) وهي اربعة اقسام .
1: مالا جزء له أصلا (كهمزة
الاستفهام )
2 : ما له جزء لا دلالة له (كزيد )
3 : ما له جزء يدل على غير جزء المعنى المقصود
(كعبد الله ) عَلماً .
4 : ما له جزء يدل على جزء المعنى
المقصود لكن دلالة غير مقصودة (كالحيوان الناطق )عَلَماً
توضيح قول المصنف في المتن :
____________________
(فهو إنْ استقلَ فمع الدلالة بهيئته على أحد
الازمنة الثلاثة (كلمة ) ومن دونها (اسم ) وإلاّ (فأداة) )
(فهو) : أي المفرد إنْ استقل بالإخبار به
وحده فمع الدلالة بهيئته وصيغته على أحد الازمنة الثلاثة (كلمة ) عند المناطقة
وعند النحاة (فعل )
ومعنى استقلالية اللفظ المفرد هنا هو صلاحيته
للإخبار به وحده لا بضميمة أمر آخر
والحاصل أن المصنف قسم اللفظ المفرد هنا الى
كلمة واسم واداة
ووجه تسمية اللفظ بالأداة : لأنها ألة في تركيب
الالفاظ بعضها بالبعض وتسمية اللفظ المفرد (بالكلمة) لما دلت على الزمان.
وتسميته بالاسم لأنه أعلى رتبه من سائر الالفاظ
لكونه مشتملا على معنى السمو
والمراد ( بالدلالة بهيئته ) هو أن يكون نوع
تلك الهيئة موضوعا للزمان ولا ينافي ذلك أشترط كونه في مادة موضوعه متصرفه فيها .
فالكلمة تدل على الزمان بحسب الهيئة لذا يختلف
الزمان عند اختلاف الهيئة (كضرب /يضرب)
والمراد بقوله (ومن دونها اسم ) أي اللفظ
المفرد إن استقل وكان من دون الدلالة بهيئته على أحد الازمنة سواء لم يدل على زمان
او يدل لكن لا بالهيئة بل بمجموع اللفظ أي (مادته) كصبوح وغبوق / أو دل على الزمان
بهيئته لكن لا على احد الازمنة كمقتل / اسم زمان للقتل .
والمراد بقوله (وإلاّ فأداة ) أي وإن لم يستقل
اللفظ المفرد بمعناه وذلك لعدم الاستقلال بالمفهومية فأداة فتدخل هنا حتى
الكلمات الوجودية ككان الناقصة واخواتها ونسبتها الى الافعال كنسبة الادوات الى
الاسماء والاداة عند النحاة حرف .
بحثٌ في القسمة الثانوية لمطلق المفرد
_________________________________
ويتضح في قول المصنف في المتن :
(وأيضا إنْ اتحد معناه فمع تشخصه
وضعا (علم) : ومن دونه (متواطئ ) إنْ تساوت افراده :ومُشكِّك إنْ تفاوتت أفراده
بأولية أو اولوية )
لقد أشار المصنف إلى هذه القسمة الثانوية لمطلق
المفرد بقوله (أيضا ) أي أنّ المفرد ينقسم ايضا الى عَلم و متواطئ ومشكك بحسب
اتحاد معناه والى مشترك وحقيقة ومجاز بحسب تكثر معناه.
والمراد بقوله (إنْ اتحد معناه ) أي لا يكون
للفظ المفرد معنيين : أي يكون له معنى واحد فحسب , فالمراد هنا المعنى الحقيقي بقرينة قوله
اتحد لأنّ برعاية المعنى المجازي لا يتحد المعنى ضرورة أن كل مجاز
لابد له من حقيقة .
أقسام المفرد أيضا
____________
1: (العَلَم ) : وذلك متضح في قول المصنف (فمع
تشخصه وضعا (عَلَم) )
أي مع تشخص ذلك المعنى وضعاً لا عارضا (علم )
كعلي مثلا ودور التشخص الوضعي هنا جعل العلم جزئيا حقيقيا فيكون قيد (وضعا ) قيدا احترازيا جاء به
المصنف في المتن حتى يفيد معنى الجزئية الحقيقية للعلم لأنّ المعنى الموضوع له اللفظ المفرد قد يكون كليا
(فتنبه) .
2: (المتواطئ): ومتضح في قول المصنف ( ومن دونه
(متواطئ ) إن تساوت افراده)
أي ومن دون ذلك التشخص الوضعي للمعنى فهو اما (
متواطئ ) إن تساوت افراده الذهنية والخارجية بالسوية .
ومعنى (بالسوية ) أي ليست افراده متفاوتة لا بأولية
ولا بأولوية كما في المشكك وقرينة التقابل تدل على ذلك المعنى (أي المقابلة بين
المتواطئ والمشكك )
3: (المُشكِّك) : ويتضح بقول المصنف في المتن
(ومُشكِّك إن تفاوتت افراده بأولية أو أولوية )
ويعني أنّ الافراد تكون في هذه الصورة في حال الحصول والتحقق خارجا متفاوتة
إما بأولية أو أولوية .
ولتوضيح ذلك نقول (إنّ المشهور في التشكيك
اعتبار التفاوت بأحد الوجوه الثلاثة وهي ؟
1 :(الاولية ) :أي التقدم الوجودي بالذات (أي
بالعلية )كوجود واجب الوجود قبل حصول الوجود في الممكن .
2:(الاولوية): ومعناها الأوجهية والأنسبية في
نظر العقل كوجود واجب الوجود من جهة أتميته من الممكن الوجود.
3: (الأشدية) : ومعناها أكثرية الأثار
وجودا كالبياض بالنسبة إ لى الثلج اكثر منه وجودا في العاج مثلا .
ومنشأ تسمية هذا المفهوم بالمشكك أو التشكيك
لأنّ الناظر فيه متردد ومشكك هل أنّ هذا اللفظ المفرد مشكك أو مشترك من حيث تفاوت
افراده في اصل المعنى اومن حيث اختلاف افراده في المعنى بالأولية أو غيرها .
أقسام المفرد بحسب تكثر المعنى
_____________________
1 : (المشترك) : ويتضح في قول المصنف ( وإن كثر
فإن وضَِع لكل فمشترك)
أي إن كثر معنى اللفظ المفرد ووضع بوضع شخصي ابتداءً
أي لا يكون وضعه لبعض المعاني مسبوقا بوضعه للبعض الاخر (فمشترك ) كلفظ العين مثلا
فإنه موضوع بوضع شخصي ابتدائي لمعاني كثيرة
منها الباصرة والنابعة والجاسوس .
2: (المنقول): ويتضح في قول المصنف(وإلاّ فإن
اشتهر في الثاني (فمنقول ) يُنسب الى الناقل)
يعني أنّ اللفظ المفرد إنْ لم يوضع لكل من
المعاني كما في المشترك بل وضع لمعنى ثم استُعمِلَ في معنى أخر لمناسبة واشتهر
استعماله في المعنى الثاني وترك استعماله في المعنى الاول (فمنقول ) .
وهذا النقل الحاصل بفعل كثرة وشهرة الاستعمال
يُنسب الى جهة الناقل فإن كان الناقل شرعا فمنقول شرعي كالصلاة مثلا كانت تستعمل
لغةً بمعنى الدعاء ولكنها استعملت في الشريعة لخصوص أفعال الصلاة .
وإن كان الناقل اصطلاحا فمنقول اصطلاحي وهكذا
يسمى بحسب جهة الناقل .
3 : (الحقيقة والمجاز ) : ويتضح بقوله في
المتن ( وإلاّ فحقيقة ومجاز )
أي وإنْ لم يشتهر اللفظ في المعنى الثاني
المنقول اليه بالاستعمال والشهرة ولم يترك استعمال اللفظ المفرد في المعنى الأول
(فحقيقة ) كلفظ الاسد الموضوع للحيوان المفترس
وإن استعمل في المعنى الثاني (الرجل الشجاع ) (فمجاز) .
(فائدة ) : إنَّ المجاز عند المنطقيين هو أعم من المجاز عند اهل
البيان فالمجاز المنطقي قد يشمل حتى الكناية وإنما عبر المصنف (بمجاز )على سبيل
التمثيل الى حقيقة ومجاز .
(الحقيقة) : اصطلاحا: تطلق على الكلمة
المستعملة فيما وضعت له .
(والمجاز ) : اصطلاحا : يطلق على الكلمة
المستعملة في غير ما وضعت له والمجاز لابد له من قرينة معينة للاستعمال فيه .
بحثٌ في مفهومي الكلي والجزئي
_______________________________
ويتضح ذلك في قول المصنف في المتن ( المفهوم :
إن امتنع فرض صدقه على كثيرين (فجزئي) وإلاّ (كلي ))
بعد ما أتم المصنف مباحث الألفاظ والتي عليها
مدار الإفادة والاستفادة شرع في بيان مباحث المنطق (المعقولات ) فقدم مباحث
المفهوم ( الكلي والجزئي )أي الموصل الى التصور (التعريف ) على مباحث الموصل
الى (التصديق ) لتقدم التصور على التصديق طبعا .
فالمصنف اراد (بالمفهوم ) هو المعنى الحاصل في
العقل حصولا ذهنيا ولو بوجه ما ثم قسم المصنف المفهوم باعتبار الصدق وعدمه الى
جزئي وكلي .
وعرَّفَ (الجزئي): بأنه ما امتنع عند العقل فرض
جوازه (حمله) على كثيرين كذات زيد مثلا
فإنها جزئي حقيقي اذا حصلت عند العقل يستحيل فرض صدقها على كثيرين .
(فوائد) : المراد بالصدق هنا :هو حمل المواطاة
(حمل هو هو)
وقد يراد بالمفهوم :بالاصطلاح المنطقي :هو مطلق
المعنى المنطبع في الذهن والذي منشئه التصورات .
ِثم عّرف المصنف (الكلي) بأنه المفهوم
الذي لم يمتنع فرض صدقه على كثيرين .
ومعنى الكلية هنا هو إمكان فرض الاشتراك في
الصدق والحمل فتكون الكلية وصفاً للمعنى كمفهوم الانسان /فإنه مفهوم كلي قابل
للصدق على كثيرين في الخارج .
بحثٌ في اقسام الكلي
______________________
ويتضح ذلك في قول المصنف في المتن :
(كلي امتنعت افراده أو أمكنت ولم توجد أو وجد
الواحد فقط مع امكان الغير أو امتناعه أو الكثير مع التناهي أو عدمه)
1 : (كلي ممتنع الأفراد) : وهوما كان ظرف
امتناعه عدم تحقق أفراده في الخارج كمفهوم شريك الباري (ممتنع الوجود ) فإنه مفهوم
كلي ذهني ممتنع الأفراد في الخارج .
2: (كلي ممكن الأفراد ولم توجد أفراده في
الخارج ) كمفهوم العنقاء فإنه مفهوم كلي ذهني ممكن الافراد ولكنها لم
توجد في الخارج .
3: (كلي يكون وجوده في الخارج متحقق بفرد واحد
فقط مع امكان وجود الغير
(أي غير ذلك الفرد الموجود في الخارج ) كالشمس
مثلا فإنه كلي ممكن الأفراد في الخارج ولكن لم يوجد من افراده إلا فرد واحد) .
4 : ( وهذا القسم متفرع عن القسم الثالث بقرينة
عطف المصنف ( ب أو امتناعه ) على قوله (امكان الغير ) أي أنّ مراد المصنف هو أن الكلي الذي لم يوجد
من افراده إلا فرد واحد ينقسم الى قسمين
أحدهما القسم الثالث اعلاه والاخر هذا القسم الرابع (والذي هو المفهوم الكلي الذي
لم يوجد من افراده إلا فرد واحد مع امتناع وجود فرد اخر غيره) كمفهوم (واجب الوجود )فإنه مفهوم كلي لم يوجد
من افراده إلاّ واجب الوجود (فرد واحد حق ) .
ويمتنع وجود غير ذلك الفرد لمفهوم واجب الوجود
امتناعا عقليا صرفا .
5: ( الكلي الكثير مع التناهي )( وهو الكلي
الكثير الأفراد المتناهي الأفراد كمفهوم الكواكب السيارة /فالكوكب السيار مفهوم
كلي كثير الافراد في الخارج لكنه متناهي (أي منحصر تحققه بعدد معين محدود ).
6: ( الكلي الكثير مع عدم التناهي ) :(وهو
المفهوم الكلي الكثير الأفراد المتحققة في الخارج اللامتناهية التحقق بعدد كمفهوم
علم ألله تعالى فإنه مفهوم كلي غير متناه بحد و لا عد ولا أمد).
بحثٌ في النسب الاربع
______________________
شرع المصنف في بيان النسب الأربع وخص البحث هنا
بالكليين ولم يبحث عن الجزئي الحقيقي إلاّ استطراداً لأنّ الجزئي الحقيقي ليس
كاسبا ولا مكتسبا
ولم يبحث عن النسبة بين الجزئيات لأنه لا يتحقق
بينها إلاّ التباين وأما الجزئي والكلي فلا يتحقق بينهما إلاّ التباين والعموم
مطلقا لأنّ الجزئي إن كان جزئيا لهذا الكلي مثلا يكون اخص منه وإن لم يكن جزئيا له
فيكون مباينا .
وتنعقد النسب الاربع في التباين الكلي بين
الكليين المتفارقَين كليا :1:
وتنعقد أيضا في المتساويين المتصادقين كليا :2:
وتنعقد النسبة في الاعم مطلقا :3:
وتنعقد النسبة في العموم والخصوص من وجه :4: وتنعقد نسبة خامسة ضمنية وهي (التباين الجزئي )
بين نقيضي الأمرين اللذين بينهما نسبة العموم والخصوص من وجه فتكون نسبة (التباين
الجزئي ) أمر جامع بين نسبتين هما 1:التباين
الكلي
: 2: العموم والخصوص من وجه وسيتضح لك ذلك فيما
بعد .
أما نسبة (التباين الكلي ) :فواضحة في قول
المصنف في المتن ( والكليان إن تفارقا كليا فمتباينان )
ومعنى التباين الكلي بين الكليين هو عدم اتحاد
الكليين في المصاديق في جميع الصور وهذا هو معنى (التفارق المفهومي ) بمعنى أنّ
مفهوم الكلي كالإنسان مثلا لا يصدق أبدا على افراد مفهوم الكلي (كالفرس )وبالعكس
فيكون مرجع التباين الكلي بين الكليين الى سالبتين كليتين هما : س ك :لا شيء من
الانسان بفرس
س ك :لا شيء من الفرس بإنسان .
(فائدةٌ) :إنّما قيدَ المصنفُ هنا التباين
بالتفارق الكلي احترازا منه عما بينهما (أي بين الكليين )من عموم وخصوص من وجه
فإنهما يتفارقان في بعض الصور ويتصادقان في بعضها الآخر .
2: (نسبة التساوي بين الكليين ) فواضحة في قول المصنف (وإلاّ فإن تصادقا كليّاً
من الجانبين فمتساويان ) .
إنّ معنى التصادق الكلي بين الكليين هنا هو أنه
كلما صدق أحدهما على شيء كان الآخر صادقا على نفس ذلك الشيء كالإنسان والناطق مثلا
.
وتقييد المصنف بالتصادق الكلي من الجانبين حتى
لا يدخل فيه الصدق الكلي من جانب واحد كما في نسبة العموم والخصوص من وجه وكذا لا يدخل
فيه نسبة العموم والخصوص من وجه فإنّ فيها تصادق في بعض الصور لا كلها .
فيكون مرجع التساوي الى موجبتين كليتين مثل :
كل انسان ناطق :م ك
وكل ناطق انسان :م ك
توضيح قول المصنف في المتن (ونقيضهما كذلك )
_______________________________
أي نقيضا المتساويين كذلك متساويان في النسبة
بمعنى صدق كل من نقيضي المتساويين على ما يصدق عليه نقيض الاخر كاللإنسان
واللاناطق
لأنه إن لم يصدق كل من نقيض المتساويين على
جميع ما صدق عليه نقيض الآخر لزم صدق عين أحد المتساويين على بعض نقيض الآخر وهو
محال لأنه صدق لأحد المتساويين من دون الآخر والصدق مشترط من الطرفيين .
وبعبارة اخرى هنا عقد المصنف دعوى وهي :
(كل ما صدق عليه نقيض أحد المتساويين يصدق عليه
نقيض الآخر ) م ك .
(دليل الدعوى ) لأنه إن لم يصدق هذا
المدعى (م ك ) لصدق نقيضه ونقيض الموجبة الكلية هو (سالبة جزئية ) وهي (بعض ما صدق
عليه نقيض أحد المتساويين ليس يصدق عليه نقيض الآخر ) وهذه السالبة الجزئية بدورها يلزمها (موجبة
جزئية ) وهي (بعض ما يصدق عليه نقيض أحد المتساويين يصدق عليه عين الآخر ) وهو
محال ووجه مُحاليته لأنه صدقٌ لأحد المتساويين من دون الآخر .
واذا بطلتْ : م ج : بطل ملزومها وهو :س ج:
والتي هي نقيض الأصل (م ك )فيثبت الأصل وهو المدعى (م ك ) لاستحالة كذب النقيضين .
(توضيح ذلك بالمثال ) تقول كل لا ناطق لا إنسان
:م ك :(الأصل )
فإنه إذا لم يصدق هذا المدعى (م ك ) لصدق نقيضه
وهو السالبة الجزئية /س ج فتقول : (بعض
اللا ناطق ليس لا إنسان )ويلزم من هذا النقيض : م ج : موجبة جزئية
وهي (بعض اللا ناطق إنسان ) وهو محال
فكذلك في عكس المثال وهو كل لا إنسان لا ناطق فيثبت الأصل (م ك).
3 : (نسبة العموم والخصوص المطلق ) وتتضح
في قول المصنف في المتن
(أو من جانب واحد فأعم وأخص مطلقا )
وتتحقق بالانطباق الكلي من جانب واحد بمعنى أنّ
أحد الكليين يصدق كليا على جميع أفراد الكلي الآخر من دون العكس اللغوي كالحيوان والإنسان
مثلا فالحيوان يصدق على جميع أفراد الإنسان بخلاف الإنسان فإنه يصدق
على بعض أفراد الحيوان .
فمرجع نسبة العموم والخصوص المطلق الى م ك
موضوعها الأخص و محمولها الأعم مثل كل إنسان حيوان وسالبة جزئية :س ج
:موضوعها الأعم ومحمولها الأخص: مثل بعض الحيوان ليس بإنسان .
توضيح قول المصنف في المتن (ونقيضاهما بالعكس )
أي : نقيضا الأعم والأخص مطلقا أعم وأخص مطلقا
لكن بعكس العينين فنقيض الأعم أخص ونقيض الأخص أعم .
لأنّ كل ما يصدق عليه الأعم يصدق عليه نقيض الأخص
من غير عكس كلي
(بأنْ يقال كل ما يصدق عليه نقيض الأخص يصدق
عليه نقيض الأعم )
(بيان دليل نقيض الاعم اخص ) فلأنه لو لم يصدق كل ما يصدق عليه نقيض الأعم
يصدق عليه نقيض الأخص لصدق بعض ما يصدق عليه نقيض الأعم يصدق عليه عين الأخص وهو محال
لأنه صدق للأخص من دون الأعم .
(بيان دليل نقيض الاخص اعم ) لأنه لو لم يصدق
كل ما يصدق عليه نقيض الأخص ليس يصدق عليه نقيض الأعم لصدق عليه نقيض الأخص
يصدق عليه نقيض الأعم وينعكس الى كل ما يصدق عليه الأعم يصدق عليه الأخص (عكس
النقيض ) وهو محال لأنه صدق للأخص على كل أفراد الأعم .
ولتسهيل الامر نقرر الادلة اعلاه بصورة التمثيل
:
صورة التمثيل لبيان دليل (نقيض الأعم أخص ) لو
لم يصدق هذا الإيجاب الكلي في قولنا (كل ما صدق عليه نقيض الأعم يصدق عليه نقيض الأخص
) لصدق نقيض الإيجاب الكلي وهو السلب الجزئي فيصدق لازم السلب الجزئي
وهو الإيجاب الجزئي مُحصَل المحمول أي (بعض ما يصدق عليه نقيض الأعم يصدق عليه عين
الاخص )وهو محال لوجود الأخص من دون الأعم فيكذب ملزومه وهو النقيض (السلب الجزئي)
فيصدق الأصل وهو الموجبة الكلية أعلاه .
(توضيح المدعى : الموجبة الكلية : (كل ما يصدق
عليه نقيض الأعم يصدق عليه نقيض الأخص )
مثال :نقيض الأعم نقيض الأخص كل لا حيوان لا إنسان :
إذ لو لم يصدق كل لا حيوان لا إنسان لصدق نقيضه وهو (بعض لا حيوان ليس لا إنسان) س
ج .
ويلزم السالبة الجزئية موجبة جزئية وهي (بعض لا
حيوان إنسان) وهو محال لِما فيه من وجود الأخص ( الإنسان ) من دون الأعم (الحيوان)
فيكذب ملزومه وهو السالبة الجزئية نقيض الأصل
فيصدق المدعى
(الموجبة الكلية ) (كل ما يصدق عليه نقيض الأعم
يصدق عليه نقيض الأخص )
فينتج نقيض الأعم أخص وهو المطلوب .
(بيان دليل نقيض الأخص أعم ) والمراد هنا بالسلب الجزئي (وهو ليس كل ما يصدق
عليه نقيض الأخص يصدق عليه نقيض الأعم )
فلأنه لو لم يصدق السلب الجزئي هنا لصدق نقيضه
وهو الإيجاب الكلي
(أي كل ما يصدق عليه الأعم يصدق عليه الأخص
)وهو محال لما فيه من صدق الأخص على جميع أفراد الأعم فيكذب ملزومه وهو النقيض
فيصدق الأصل
مثال : وهو أن تقول ليس كل لا إنسان
لا حيوان .
فلو لم يصدق ذلك السلب الجزئي لصدق نقيضه وهو
الموجبة الكلية (كل لاإنسان لا حيوان ) ويلزمه عكس نقيضه الموافق (كل حيوان انسان
)وهو محال لأنه
صدق للأخص (الانسان) على جميع افراد الاعم
(الحيوان) .
4: (نسبة العموم والخصوص من وجه ) وهي في قول
المصنف في المتن (وإلاّ فمن وجه) أي: أنّ الكليين يتصادقان في بعض ويتفارقان في بعض
ومرجع ذلك التصادق في البعض بين الكليين الى موجبة جزئية وسالبتين جزئيتين
مثال : بعض الحيوان أبيض :م ج
بعض الحيوان ليس بأبيض :س ج
بعض الأبيض ليس بحيوان :س ج
توضيح قول المصنف في المتن (وبين نقيضيهما
تباين جزئي كالمتباينين )
أي : بين نقيضي الأمرين اللذين بينهما نسبة
عموم وخصوص من وجه تباين جزئي (والتباين الجزئي ) هو أمرٌ جامعٌ بين نسبتين
هما التباين الكلي والعموم والخصوص من وجه فيكون الصدق هنا بنحو الموجبة الجزئية
أي بعض أ يصدق على بعض ب وبعض ب يصدق على بعض أ وإنْ لم يتصادقا
أ و ب معاً أصلا كان بينهما تباين كلي وهذا هو
معنى (التباين الجزئي )
مثال : كالحيوان والابيض مثلا فإنّ بين
نقيضيهما وهما اللا حيوان واللأبيض نسبة عموم وخصوص من وجه لأجتماعهما
(اللاحيوان واللأبيض )في الحجر الأسود مثلا
وافتراقهما في الحيوان الأسود .
وقد يكون بين نقيض العموم والخصوص من وجه
(تباين كلي ) كالحيوان واللإنسان فإنّ بينهما عموم وخصوص من وجه وبين
نقيضيهما ايضا (وهما اللاحيوان والإنسان) (تباين كلي )
(توضيح قول المصنف ) (كالمتباينين ) أي: بين
نقيض المتباينين تباين جزئي ايضا لأنّ المتباينين إن تفارقا كليا
كاللاموجود واللامعدوم فالتباين كلي ويلزم التباين الكلي تباين جزئي.
توضيح قول المصنف في المتن : (وقد يقال الجزئي
للأخص وهو أعم )
أي : وكما يطلق (أي يستعمل )لفظ الجزئي على
المفهوم الذي يمنع نفس تصوره من وقوع الشركة فيه كالجزئي الحقيقي كزيد مثلا
كذلك يطلق الجزئي على (الاْخص من شيء) كالإنسان مثلا والذي هو اخص من الحيوان
فيسمى( جزئيا إضافيا ) وذلك لأنّ إضافته تكون بالنسبة الى ما فوقه وهو جنس الحيوان
.
وهذا هو معنى قول المصنف (وقد يقال الجزئي للأخص)
.
وأما معنى قوله (وهو أعم) أي أنّ الجزئي الإضافي
أعم مطلقا من الجزئي الحقيقي (المفهوم) لأنّ كل جزئي حقيقي مندرج تحت كليات
كثيرة وأقلها الشيء والممكن العام فيكون الجزئي الحقيقي جزئيا إضافيا للكليات
الكثيرة وليس كل جزئي إضافي جزئيا حقيقيا لجواز أن يكون الجزئي الإضافي كليا
مندرجا تحت كلي آخر كالحيوان بالنسبة الى الجسم.
بحثٌ في الكليات الخمسة
___________________
توضيح قول المصنف التفتازاني في المتن : (والكُليات خمسة)
وهذا إقرارٌ من المصنف بأنّ الكليات خمسة أنواع
حقيقية بدليل الاستقراء والحصر هنا عقلي .
(بيان وجه انحصار الكليات بالخمسة) إنّ الكلي اذا نُسبَ الى أفراده المتحققة في
نفس الأمر فإما أن يكون ذلك الكلي هو عين حقيقة تلك الأفراد وهذا هو (النوع ) 1:كالإنسان
مثلا فإنه صادق على أفراده في الخارج بعين حقيقتها.
أو يكون ذلك الكلي المنسوب الى أفراده المتحققة
في الخارج جزء حقيقتها
(كالجنس) :2: فهو تمام الجزء المشترك بين شيء من هذه الأفراد
وبين بعض آخر غيرها .
أو يكون ذلك الكلي ما به الامتياز بين تلك الأفراد
(وهو الفصل )3: كالناطق الذي هو جزء مميز لأفراد الإنسان عن غيرها .
ويقال لهذه الثلاثة (النوع / الجنس / الفصل)=
ذاتيات لأنها اجزاء مقومة للماهية المتركبة منها .
أو يكون ذلك الكلي خارجاً عن ماهية تلك الافراد
وعارضا لها غير مختص بها كالمشي مثلا وهذا هو (العرض العام )4: أو مختص بأفراد
حقيقة واحدة كالضحك مثلا الخاص بأفراد الانسان وهو (الخاصة) 5: فهذا هو الحصر
العقلي للكليات الخمس .
بحثٌ في الكلي الأول : الجنس
_____________________
توضيح قول المصنف في المتن (الأول (الجنس)
وهو المقول(المحمول) على الكثرة المختلفة الحقائق في جواب ما هو ؟ فإنْ كان
الجواب عن الماهية وعن بعض المشاركات هو (الجواب عنها وعن الكل (فقريب) كالحيوان
وإلاّ (فبعيد) كالجسم النامي) )
إنّ معنى الجنس: لغة: هو الضرب وهو أعم من
النوع على ما في الصحاح والجنس لفظ عربي .
ومعناه اصطلاحا : هو المحمول الواقع في جواب ما
هو .
فيكون الجنس جواباً للسؤال عن الماهية وعن بعض
مشاركاتها في الحقيقة .
فإن كان الجنس بعينة (بنفسه) جوابا للسؤال عن
الماهية وعن جميع مشاركاتها كان (جنسا قريبا) كالحيوان بالنسبة الى الإنسان فإنه إذا
سُئل عن الإنسان والفرس (بما هما) كان
الجواب هو (الحيوان) لأنّ (الحيوان) تمام المشترك الذاتي بين الإنسان
والفرس. فيكون (الحيوان) بعينة جوابا عن السؤال عن الإنسان وعن جميع
مشاركاته في الحيوانية .
توضيح قول المصنف (وإلاّ فبعيد كالجسم النامي)
أي وإن لم يكن الجواب عن الماهية وعن بعض
المشاركات هو الجواب عنها وعن كل المشاركات كان جنسا بعيدا (كالجسم النامي) فإنه جواب عن السؤال بما هو عن الانسان وبعض
المشاركات فقط كالجمادات مثلا.
(فوائد في مبحث الجنس) 1: إنّما قدّمَ المصنفُ الجنسَ على الخاصة
والعرض العام لأنهما خارجان عن الماهية والجنس جزء الماهية , وقدّمَ المصنف الجنس
على الفصل لأنا نحتاج في معرفة الفصل القريب
والبعيد الى الجنس .
وقدمه على النوع لتوقف معرفة قسم من النوع وهو
النوع الاضافي على الجنس .
2: إنما سُمي الجنس قريبا لأنه دالاً واسماً
على جزء الماهية المطلوب الجواب عنها وسُمي
الجنس بعيداً لأنه غير مشارك في الجواب عن الماهية وعن بعض مشاركاتها
وعن كل ما يشاركها ايضاً .
(الكلي الثاني: النوع) توضيح قول المصنف في المتن (والثاني : النوع: وهو
المقول (المحمول) على الكثرة المتفقة الحقيقة في جواب ما هو ؟ وقد يقال على
الماهية المقول عليها وعلى غيرها الجنس (في
جواب ما هو؟ ويختص باسم (الاضافي ) كالأول (بالحقيقي ) وبينهما عموم من وجه
لتصادقهما على الإنسان وتفارقها في الحيوان والنقطة )
(النوع ) : هو تمام ماهية الافراد
المتفقة الحقيقة .
فمثلا اذا سُئل عن أحد الأفراد أو عن جميعها
صَلُحَ النوع في الجواب فتقول ما زيد ؟ الجواب : إنسان .
وكذلك يكون الجواب (بإنسان) اذا سُئل ما زيد
وبكر وخالد .
فإذاً (النوع) هو تمام الماهية المتفقة الحقيقة
للأفراد.
ثم إنّ المصنف ذكر للنوع معنيان هما ؟
1 :(النوع الحقيقي): وهو تمام الماهية الواقعة
في جواب ما هو ؟ تقول ما هو زيد ؟ فيكون الجواب : إنسان / تمام الماهية .
2 : (النوع الاضافي) :وهو الماهية الكلية
المقول عليها وعلى غيرها الجنس في جواب ما هو ؟ كالحيوان مثلا فإنه ( نوع إضافي)
لأنّ الجنس وهو الجسم النامي يُحمل عليه وعلى
غيره من النباتات .
وسُمي النوع بالإضافي :لأنّ نوعيته بالإضافة
لما فوقه .كالنوع الحقيقي المختص بالنظر لحقيقة أفراده الواحدة , فالإنسان مثلاً نوع حقيقي بالنسبة لزيد
وبكر وخالد وغيرهم من أفراده .
بحثٌ في النسبة بين النوع الحقيقي والنوع الإضافي
____________________________________________
وأشار إليه المصنف في المتن :
(وبينهما (أي بين النوع الحقيقي والنوع الإضافي
) عموم من وجه لتصادقهما على الإنسان وتفارقهما في الحيوان والنقطة )
أي يجتمع النوع الحقيقي والنوع الإضافي في
صدقهما على الإنسان فالإنسان نوع حقيقي بالنسبة الى أفراده ونوع إضافي بالنسبة الى
ما فوقه من جنسه (الحيوان)
فالحيوان جنس يقع جواب عن سؤال ما الإنسان
والفرس :حيوان :نوع اضافي .
ويفترق النوع الحقيقي عن النوع الإضافي في
الحيوان والنقطة .
فالحيوان نوع إضافي لا حقيقي ومعنى أنّ الحيوان
نوع اضافي أي اضافته بالنسبة لجزئياته وهي افراده الحقيقية .
فاذا سُئل ما الحيوان وما الشجر وقع في جوابهما
الجسم النامي فالجسم النامي ليس نوعا حقيقيا لأنّ أفراده مختلفة الحقائق كالحيوان
والشجر على ما مر من المثال
(النقطة) :اصطلاحا: هي عبارة عن نهاية الخط
المستقيم والنقطة لا تقبل الانقسام الى جهة ما ,
والنقطة :نوع حقيقي وليست نوعا اضافيا
أما أنها نوع حقيقي فلاتفاق أفرادها في الحقيقة
(أي أنّ ماهية النقطة واحدة في كل أفرادها بالتواطئ) هذا أولاً , وأما (ثانيا) أي
أنّ النقطة ليست نوعا إضافيا
فلأنها بسيطة :غير مركبة الماهية لا من جنس ولا
من فصل فلذا لا تكون نوعا إضافيا لأنها لو كانت نوعا اضافيا لاندرجت تحت الجنس .
( اعتراض على القائلين بأنّ النقطة ليست
نوعا اضافيا لاتفاق أفرادها بالحقيقة )
________________________________________________
(صورة الاعتراض ) إنّ اتفاق أفراد النقطة
بالحقيقة لا يدل على أنّ لا جنس لها بل يدل على أن لا جنس عالٍ لها وربّما كان لها
جنس مفرد لأنّ المنحصر في المقولات هو الأجناس
العالية فقط فجاز أن تكون حقيقة النقطة مركبة من الأجزاء العقلية المتحدة
في الوجود الخارجي كسائر الماهيات المركبة من الاجناس والفصول هذا أولاً:1:
2: وأما ثانيا :فمنعَ المعترضون القولَ ببساطة
النقطة وقالوا إنّ البساطةَ العقليةَ ممنوعةٌ والبساطة الخارجية لا تنفع لأنّ
الجنس ليس جزءاً خارجيا بل هو جزءاً عقليا فجاز أن يكون للنقطة جزء عقلي وهو جنس
لها وإن لم يكن لها جنس في الخارج .
( بحث في بيان ترتب الأجناس تصاعداً وترتب الأنواع
تنازلاً )
____________________________________
وعقده المصنف في قوله في المتن :
( ثم الأجناس قد تترتب متصاعدةً الى العالي
ويسمى (جنس الأجناس ) والأنواع قد تترتب متنازلةً إلى السافل ويسمى
(نوع الأنواع ) وما بينهما (متوسطات))
(التوضيح)
______
إنّ الأجناس قد تترتب متصاعدة بأنْ يكون جنس
فوقه جنس وهكذا الى الجنس العالي ويسمى (جنس الأجناس )فالحيوان مثلاً فإنه جنس
فوقه جنس وهو الجسم النامي وفوقه جنس وهو
الجسم المطلق وفوقه الجوهر وهو جنس الأجناس الذي لا جنس فوقه , ووجه تسمية الجنس
العالي بجنس الأجناس فلأنه أعم من كل الأجناس هذا في ترتب الأجناس التصاعدي
.
فكذلك الحال في ترتب الأنواع الإضافية تنازليا
بأن يكون نوع تحته نوع وهكذا الى أن تصل النوبة أو السلسلة الى النوع السافل وهو
نوع الأنواع .
فالجسم مثلا نوع إضافي تحته نوع وهو الجسم
النامي وتحته نوع وهو الحيوان وتحته نوع وهو الإنسان المسمى نوع الأنواع .
وإنما اعتُبرَت الأنواع بحسب التنازل لا التصاعد
وذلك لأنه إذا فرضنا شيئا وفرضنا نوعه يكون ذلك النوع المفروض تحته ثم إذا فرضنا
لذلك النوع نوعا آخر فيكون تحت ذلك النوع وهذا هو معنى ترتب الأنواع على سبيل
التنازل .
أما مقصود المصنف من قوله (وما بينهما متوسطات
) فهو أنّ ما بين السافل والعالي من الأجناس
والأنواع متوسطات لأنّ هذه المتوسطات لا عالية ولا سافلة بل هي متوسطة بينهما , فالمتوسط
في مراتب الأجناس هو الجسم النامي والجسم المطلق والمتوسط في مراتب الأنواع
هو الجسم النامي والحيوان هذا إنْ رجعَ
الضمير في قوله (ما بينهما ) إلى مجرد العالي والسافل .
(مخطط سلسلة الاجناس التصاعدية )
______________________
الجوهر: الجنس العالي: جنس الأجناس: لا جنس
فوقه
فوقه
جنس متوسط بين الجنس العالي(الجوهر)والجنس السافل(الحيوان)
الجسم المطلق
فوقه
جنس متوسط بين الجنس العالي والجنس السافل
: الجسم النامي .
فوقه
جنس سافل :الحيوان .
(مخطط سلسلة الانواع الاضافية التنازلية)
_______________________
الجسم المطلق :نوع اضافي تحته نوع متوسط بين ما
فوقه وما تحته الجسم النامي .
نوع متوسط بين ما فوقه وبين نوع الأنواع :
الحيوان .
الإنسان: النوع السافل : نوع الأنواع.
(بحثٌ في الكلي الثالث : الفصل)
____________________________
قال المصنف في المتن :
(الثالث : الفصل: وهو المقول على الشيء في جواب
أي شيء هو في ذاته ؟ فإن مُيّزَ عن المشاركات في الجنس القريب (ففصل قريب) أو
البعيد (ففصل بعيد)
واذا نُسِبَ الى ما يُميِّزه (فمقوم )والى ما
يُميّزُ عنه (فمقسّم)والمقوم للعالي مقوم للسافل ولا عكس والمقسّم بالعكس) (التوضيح)
________
إنّ معنى أي شيء هو في ذاته :أي طلب ما يميز
الشيء عن غيره تميزا ذاتيا إما عن جميع الأغيار (ففصل قريب) أو عن بعض الأغيار(ففصل
بعيد)
فمثلاً اذا سألنا وقلنا الإنسان أي شيء هو في
ذاته ؟ كان الجواب بالمميز الذاتي عن الأغيار فيجاب بأنه حيوان ناطق ويصح الجواب
عنه أيضا بالناطق - أي الفصل القريب لوحده وهذا هو معنى الحد التام :أي
التعريف بالفصل القريب
أو بالجنس والفصل القريب .
فإذاً يكون معنى (الفصل القريب) هو ما يُميِّزُ
النوعَ عن مشاركه في الجنس القريب كالناطق مثلا فإنه يميز الإنسان / النوع/ عن
مشاركه الحيوان الجنس القريب للإنسان.
وأما(الفصل البعيد) فهو ما يميز النوع عن
مشاركه في الجنس البعيد كالحساس مثلا المميز للإنسان عن مشاركه
الحيوان في الجسم النامي الجنس البعيد .
(توضيح ) قول المصنف في المتن: (وإذا نُسِبَ
الى ما يُميِّزه فمقّوم)
أي: إذا نُسِبَ الفصل إلى شيء يميز الفصل ذلك
الشيء (ففصل مقوِّم ) ومعنى الفصل المقوم لذلك الشي :أي أنه مأخوذ جزءاً في
الماهية بمعنى أنه داخل وجودا في قوام الماهية حقيقةً كتقويم الناطق لماهية الإنسان وهذا هو معنى نسبة
الفصل للنوع فصل مقوِّم .
(توضيح) قول المصنف في المتن : (والى ما يُمّيزُ
عنه فُمقسّم )
أي واذا نُسبَ الفصل إلى شيء يميز الفصل عن ذلك
الشيء فهو (فصل مقسم) لذلك الشيء بمعنى أنه مُحصِّل قسماً له ,فالناطق اذا نُسبَ
الى ما يميزه كالإنسان يكون مقوما له, واذا نُسبَ الى ما يُميِّز عنه كالحيوان
يكون فصلاً مُقسِّما له .
أي أنّ الفصل اذا نُسبَ الى الحيوان وانضم اليه
صار حيوانا ناطقا والحيوان الناطق قسم من الحيوان .
(توضيح):قول المصنف في المتن : (والمقوم للعالي
مقوم للسافل ولا عكس والمقسم بالعكس )
ويعني بذلك أنّ الفصل المقوِّم للعالي من الجنس
والنوع مقوِّم للسافل منهما
فمثلاً الفصل المُقوِّم للجسم المطلق فصل مقوِّم
للجسم النامي والفصل المقوم للجسم النامي فصل مقوم للحيوان , وإنما كان الفصل
المقوم للعالي فصلا مقوما للسافل لأنّ العالي كالجسم المطلق داخل في قوام السافل
أي (الجسم النامي ) وجزءٌ له فيكون الفصل للعالي فصلا مقوما للسافل .
واذا كان الفصل العالي فصلا مقوما للفصل السافل
كان مقوم العالي مقوما للسافل لأنّ مقوِّم المقوِّم مقوِّم ولذلك يمكن القول (كل
فصل يقوم العالي فهو يقوم السافل)
أما قول المصنف (ولا عكس ) فالمراد به
هنا هو العكس اللغوي لا العكس المنطقي وذلك لأنّ الموجبة الكلية لا تنعكس
كلية بل تنعكس جزئية : أي :لا يقال كل مقوم للسافل مقوم للعالي فمثلا
الناطق مقوم للإنسان دون الجسم المُطلَق .
والمراد بقول المصنف (والمقسّم بالعكس) :أي
: كل ما هو مقسم للسافل فهو مقسم للعالي بعكس الفصل المقوم .
ومعنى تقسيم السافل :أي تحصيله وجوداً في نوع
فإذا حُصِّلَ السافل وجوداً حُصِّلَ العالي لامحالة لأنّ السافل أخص من العالي
ووجود الأخص يستلزم وجود الأعم .
وإذا ثبتت الموجبة الكلية (كل فصل يقسم السافل
يقسم العالي) فإنها لا تنعكس موجبة كلية بل تنعكس موجبة جزئية / فنقول (بعض ما يُقسِّم
العالي يُقسِّم السافل )
كالناطق مثلا فإنه مُقسِّم للعالي (الجسم
المطلق) الى ناطق وغير ناطق /ويُقسِّم الحيوان (السافل )الى الإنسان وغيره.
(بحثٌ في الكلي الرابع : الخاصة)
_____________________
قال المصنف في المتن :
(الرابع : الخاصة : وهو الخارج المقول على ما
تحت حقيقة واحدة فقط)
(التوضيح)
________
والمراد بالخاصة :هو الكلي الخارج عن الماهية
المحمول عليها حملا عرضيا
والمراد بالحقيقة الواحدة هنا نوعية كانت أو
جنسية فمثلا خاصة الحقيقة النوعية كالضاحك فإنها مختصة بالإنسان فقط وخاصة الحقيقة
الجنسية كالماشي فإنها تختص بالحيوان وتسمى خاصة الحقيقة النوعية (بالخاصة المطلقة)
لأنها مختصة بالإنسان بالقياس الى جميع ما عداه .
وأما خاصة الحقيقة الجنسية فتسمى(بالخاصة الإضافية)لأنها
تختص بالشيء بالقياس الى بعض أغياره كالماشي مثلا فإنها خاصة للحيوان .
(فوائد)
_____
1: إنَّما جَعلَ المصنفُ في المتن للخاصة
الضميرَ هو وليس هي لأنّ التذكير (بهو) هنا باعتبار الخبر وهو قوله (الخارج)
رعاية للاحق بالضمير .
2: (قوله الخارج): قيد احترازي لإخراج غير
العرض العام من الجنس والفصل والنوع فإنها ذاتيات لا خارجيات .
3: (قوله فقط): تخريج للعرض العام لأنه محمول
(مقول ) على أفراد حقيقة واحدة وعلى غيرها كالماشي فإنه يحمل على الانسان والحيوان
.
(بحثٌ في الكلي الخامس :العرض العام)
_________________________
قال المصنف في المتن :
(الخامس : العرض العام : وهو الخارج المقول
عليها وعلى غيرها وكل منهما إنْ امتنع انفكاكه عن الشيء (فلازم)
بالنظر الى الماهية أو الوجود بيّن يلزم من تصوره تصور الملزوم أومن تصورهما
والنسبة بينهما الجزم باللزوم وغير بيّن بخلافه وإلاّ فعرض يدوم أو يزول
بسرعة او ببطؤ )
(التوضيح)
: ملاحظة :إنّ المراد بالعرض هنا هو بمعنى
:العرضي: لا بمعنى العرض المقابل للجوهر , ففرقٌ بين ما يوجد للموضوع وهو العرضي
(العرض العام)
أو العرض مطلقا , وبين ما يوجد في الموضوع وهو
العرض الفلسفي المقابل للجوهر فإنّ معنى ما يوجد للموضوع هو ما يحمل عليه
كالضاحك فإنه
يُحمل على الإنسان فتقول الإنسان ضاحك .
والمراد بالعرض العام : هو كلي خارج عن الماهية
محمولا عليها وعلى غيرها من الماهيات فالضميران
في قول المصنف (عليها وعلى غيرها) راجعان الى ما في قوله في تعريف الخاصة (ما تحت
حقيقة) كالماشي فإنه يحمل على حقيقة الإنسان فتقول (حيوان ماش ) وعلى غير حقيقة الإنسان
كالماهيات الحيوانية الأُخر ( كالأسد / حيوان ماش).
والمراد بقول المصنف (وكل منهما) يعني كل من
الخاصة والعرض العام ينقسم الى العرض اللازم والعرض المفارق وكل واحد من العرض
اللازم والعرض المفارق ينقسم أقسام , فلذا قال المصنف في المتن :(إن امتنع انفكاكه
عن الشيء فلازم بالنظر الى الماهية او الوجود)
: أي: إن امتنع كل واحد من الخاصة والعرض العام عن الشيء (فلازم ماهيّة
ذاتي ) كالزوجية للأربعة أو إن امتنع انفكاك كل واحد من الخاصة أو العرض
العام عن الشيء بالنظر الى الوجود (فلازم وجودي) كالسواد للحبشي لأنّ السواد ينفك
عن ماهية الانسان فلا يكون لازما له كما في الشخص الانساني الابيض .
ثم إنّ المصنف قسّمَ اللازمَ مطلقا
:أي سواء كان اللازم لازما للماهية أو لازما للوجود أو لازماً بيناً أو غير بيِّن
الى أقسام أهمها ؟
1: (اللازم البيّن بالمعنى الاخص ) وهو
الذي يلزم تصوره من تصور الملزوم فقط
فمثلاً الأثنين ضعف الواحد فإنَّ اللازم وهو
ضعف الواحد يلزم من تصور الأثنين الملزوم فقط وهو إدراك بديهي.
2: ( اللازم البيَّن بالمعنى الأعم) وهو الذي
يلزم تصوره من تصور الملزوم ولازمه معاً وتصور النسبة بينهما (أي بين اللازم
والملزوم )
والجزم باللزوم العقلي كالانقسام بمتساويين
للأربعة فإنه لا يلزم من تصور الأربعة فقط صورة الانقسام ولكن يلزم من تصور الأربعة
وتصور انقسامها إلى أثنين أثنين وجزم العقل باللزوم بينهما.
( توضيح ) ( اللازم غير البيِّن ) في قول
المصنف في المتن ( وغير بيِّن بخلافه ) أي لازم غير بيِّن بخلاف اللازم البيِّن , والمراد
به هو ما افتقر إلى ( حد أوسط) بمعنى أنه لا يلزم من تصوره مع تصور الملزوم
والنسبة بينهما الجزم باللزوم بل لابد من
إقامة الحجة والدليل وهذا هو معنى الحاجة إلى الحد الأوسط , كالحدوث للعالم مثلا
فإنه وإنْ كان الحدوثُ لازماً للعالم ولكن لا يلزم تصوره من التصورات الثلاثة فقط
بل يحتاج إلى قيام الحجة والدليل عليه فتقول :
ص/ العالم متغيّر
ك/ كل متغير حادث
النتيجة/ العالم حادث.
(توضيح ) قول المصنف في المتن ( وإلاّ فعرض
يدوم أو يزول بسرعة أو بطؤ)
هذا عطفٌ من المصنف على قوله في المتن ( إن امتنع
انفكاكه ) أي وإن لم يمتنع انفكاكه عن الشيء بأن يكون جائزَ الانفكاك عنه ( فعرض
مفارق), والعرض المفارق إمّا أن يكون عرضاً دائماً كحركة الفلك أو عرضا زائلا تارة
بسرعة كحمرة الخجل وأخرى ببطء كالشباب .
( خاتمة في مفهوم الكلي )
________________
قال المصنف التفتازاني في المتن:
( مفهوم الكلي يُسمى (كليا
منطقيا) ومعروضه (طبيعيا) والمجموع( عقليا) وكذا الأنواع الخمسة والحق أنّ
وجود الطبيعي بمعنى وجود أشخاصه )
( التوضيح)
_______
في البداية لابد من توضيح وبيان كل من الكلي
المنطقي والكلي الطبيعي والكلي العقلي ثُمَّ بعد ذلك نوضح عبارة المتن للمصنف.
1: ( الكلي المنطقي ) وهو ملاحظة
مفهوم الكلي بقطع النظر عن عروضه على أي طبيعة أو ماهية بمعنى أن يُلاحظ العقل (مفهوم
الكلي) أي قابلية الصدق على كثيرين وبهذا يكون موطن الكلي المنطقي هو العقل.
وسبب تسميته بالكلي المنطقي لأنّ المنطقي عندما
يبحث عنه بما هو ويقطع النظر عن عروضه على ماهية من الماهيات .
والبحث عن الكلي المنطقي لأجل تحصيل ضوابط
وأحكام للكلي المنطقي فيقال مثلاً (أنّ الكلي مقابل الجزئي ) و( الكلي موطنه
العقل) فهذه أحكام وضوابط تم تحصيلها بسب البحث عن الكلي المنطقي .
2: (
الكلي الطبيعي) وهو عبارة عن المفهوم الموجود في ضمن أفراده الخارجية فالعقل إنما
ينتزع هذا المفهوم من الخارج ابتداءً بمعنى أنّ العقل حينما يلحظ
هذه الأفراد يجردها عن تمام خصوصياتها الشخصية
فيتبلور عن ذلك مفهوم كلي جامع صادق على
تمام أفراده وهو المُعبَّر عنه (بالكلي الطبيعي) وهو الماهية
اللا بشرط القسمي وهذا التعريف هو المناسب لبعض
عبائر المناطقة.
وإنّ معنى الكلي الطبيعي هو الماهية اللابشرط
القسمي :
يعني ملاحظة الماهية مع خصوصية هذه الخصوصية
وهي (الاطلاق والارسال) ومن هنا تكون هذه الماهية صادقة على تمام الأفراد الموجودة
والمقدرة باعتبارها الحقيقة المشتركة بين هذه الأفراد وهذا هو (الكلي
الطبيعي).
3: ( الكلي العقلي) :والمراد منه هو الماهية
المجردة وهي الماهية الملحوظة مع خصوصية خارجة عن ذات الماهية وذاتياتها على أن تكون
هذه الخصوصية الملحوظة هي عنوان التجرد عن تمام العوارض الطارئة والتي يمكن أن
تعرض الماهية خارجا , فمثلا يُلاحظ مفهوم الإنسان بقيد التجرد عن تمام ما يمكن
أن يطرأ على طبيعة الإنسان خارجا فهذه الطبيعة الملحوظة بهذا اللحاظ (أي
بقيد التجرد ) يُعبَّر عنها (بالماهية المجردة) و(الماهية بشرط لا) وهي(الكلي
العقلي).
ومنشأ التعبير عنه بالكلي العقلي لأنّ وعاء
تقرر ووجود هذا الكلي هو العقل .
فلا يمكن أنْ يكون له وجود في الخارج ولهذا لا يُحمل
عليه إلاّ المعقولات الثانية
(أي ما كان عروضها على معروضها في صقع الذهن) كأن
يقال : الأنسان نوع: كلي عقلي (موطنه العقل) :الحيوان جنس: كلي عقلي
(موطنه العقل)
وقد عرَّفَ المناطقةُ ( الكلي العقلي) بتعريف
آخر وحاصله ( أنّ الكلي العقلي هو ملاحظة الطبيعة برمتها كليةً فالملحوظ في الكلي
العقلي هو المركب من الطبيعة والكلي , كأن يُلاحَظ الإنسان بوصفه كليا , ومن
الواضح أنّ الماهية إذا لوحظت برمتها كليةً فإنّ ذلك يعني عدم تعقل وجودها في
الخارج إذ لاوجود للطبيعة بقيد الكلية في الخارج).
توضيح قول المصنف التفتازاني في المتن: ( مفهوم
الكلي يُسمى ( كلياً منطقيا)
إنّ المراد من قوله مفهوم الكلي ( هو ما لا يمنع
نفس تصوره عن وقوع الشركة فيه وهذا هو الكلي المنطقي المبحوث عنه عند المناطقة) والمراد
بقوله ( ومعروضه (طبيعيا) ) أي ما تعرض الكلية له يُسمى ( كليّاً طبيعيا) .
وهنا لابد من التفريق بين المفهوم ( وهو الكلي
المنطقي) وهو ما لا يمنع نفس تصوره عن وقوع الشركة فيه , وبين (المعروض) وهو
(الكلي الطبيعي) وهو ما تعرض له الكلية كالحيوان والإنسان مثلا , أي أنه يمكن حمل
الكلي على الحيوان فنقول : الحيوان كلي : والإنسان كلي: فيكون المجموع من المفهوم
(الكلي المنطقي) والمعروض(الكلي الطبيعي) ( كليا عقليا ),وهذا هو معنى عبارة
المصنف في المتن (( والمجموع عقليا)) :أي: أنّ مفهوم الكلي يُسمى كليا منطقيا لأنّ
المنطقي إنما يبحث عنه ومعروضه يُسمى( كليا طبيعيا).
لأنه طبيعة من الطبائع والمجموع المركب منهما
(المفهوم / المعروض) = ( الكلي العقلي) لعدم
تحققه إلاّ في العقل.
( توضيح قول المصنف ) ( وكذا الأنواع الخمسة)
أي : وكذا أنواع الكلي الخمسة من الجنس والنوع
والفصل والخاصة والعرض العام.
فيُعتَبَر فيها الأمور الثلاثة وهي (( المنطقي
والطبيعي والعقلي)).
فمفهوم الجنس : وهو المقول على الكثرة
المُختلفة الحقيقة في جواب ما هو يُسمى
( جنسا منطقيا) ومعروض (الجنس المنطقي) أي ما
تعرض له الجنسية المنطقية كالحيوان مثلا يُسمى ( جنسا طبيعيا) والمجموع المركب
منهما أي ( الجنس المنطقي والجنس الطبيعي) = جنسا عقليا , وعلى هذا قسْ بقية
الأنواع.
( توضيح قول المصنف) ( والحق :أنّ وجود الطبيعي
بوجود أشخاصه) .
إنَّ هذه العبارة جاءت لبيان مختار المصنف
التفتازاني في النزاع الذي حصل حول
( هل أنّ الكلي الطبيعي موجود في الخارج بوجود
أفراده أو لا؟ )
لذا قال المصنف مختاره في النزاع في المتن: (
والحق أنّ وجود الطبيعي بوجود أشخاصه) لكن لا بمعنى وجوده مستقلا بنفسه بل بمعنى
وجود أشخاصه وأفراده فإنّ أفراده إذا كانت موجوده في الخارج وهو جزء منها فيكون
موجودا في الخارج ضمنا وتبعا لوجود أفراده
وهذا يعني أنه لا أنّ كل طبيعي موجود الخارج إذ
من الكليات الطبيعية ما هو ممتنع الوجود في الخارج كشريك الباري مثلا وما هو معدوم
ممكن كالعنقاء /مثلا.
( بحثٌ في التعريف)
___________________
قال المصنف في المتن :( مُعَرِّف الشيء
ما يُقال عليه لإفادة تصوره)
( التوضيح)
_________
لما فرغ المصنف من مباحث مبادئ التصورات وهي
(الكليات الخمسة ) شرع في بيان المقاصد فابتدأ ببحث التعريف باعتبار أنّ التعريف
به يُعرَفُ صحة أو فساد المجهولات التصورية .
إنّ معنى (ما يُقال عليه) :أي ما يُحمَل على
الشيء تعريفه حملاً حقيقياً لغرض تصوره بالكنه (الذاتيات) كما في التعريف بالحد
التام أو بالعرض.
وإنّ معنى قوله ( لإفادة تصوره) هو التصور
بالكنه (الذاتيات) أو بالتمييز عن جميع المغايرات للمعرَّف, وهذا إنّما يكون بالحد
التام (فإنه تصور بالكنه) (جنس فصل).
أو بالتمييز عن جميع ما عداه (كما في الحد
التام والرسم والجنس والعرض العام)
(توضيح : شروط التعريف)
_______________________
قال المصنف في المتن :
( ويُشترط أنْ يكونَ مساوياً وأجلى) هذه هي (الشروط الوجودية)
1: الشرط الأول: (أنْ يكون المُعَرِّف مساويا
للمُعَرَّف) في التعريف بمعنى يصدق كل منهما على ما يصدق عليه الآخر وهذا هو معنى
المساواة .
كقولك: الإنسان حيوان ناطق : فالإنسان يصدق
مفهوماً على جميع أفراد الحيوان الناطق وكذا العكس.
2:الشرط الثاني : (أنْ يكونَ المُعَرَّفُ أجلى
من المُعَرَّف) في التعريف أي أكثر ظهوراً ووضوحاً في المفهومية من المُعَرَّف
المطلوب تعريفه بالنسبة إلى السامع لا إلى غيره.
(توضيح الشروط العدمية للتعريف )
____________________________
قال المصنف : ( فلا يصح التعريف بالأعم والأخص
والمساوي معرفةٍ و الأخفى )
1:الشرط الأول :(عدم جواز التعريف بالأعم )
وذلك لأنّ المطلوب من التعريف
هو بيان حقيقة المُعَرَّف (أي معرفته بكنهه
وبذاته) تصورا , وهذا البيان لا يتحصَّل بالتعريف بالأعم لأنّ الأعم لا يُبيِّن
تصورا كنه المُعَرِّف , كقولك في تعريف الإنسان بالأعم /إنه حيوان/ أعم والأعم
(الحيوان) يشمل الإنسان وغيره من الذوات الأخرى.
والتعريف بالأعم فضلا عن عدم إفادته لتصور
المُعَرَّف بكنهه وتمام ذاته لا يُميِّز المُعَرَّف عن جميع ما عداه وذلك لأنّ بعض
الأعم هو غير ما مطلوب تعريفه.
2: الشرط الثاني : (عدم جواز التعريف بالأخص من
المُعَرِّف)
وذلك لأنّ الأخص أقلُ وجوداً في العقل أي في
التصور وما يكون أقلُ وجودا ً في التصور عند العقل يكون أخفى عند التعريف وشأن
المُعرِّف أن يكون أعرف من المعَرَّف وبعبارة أخرى إنّ التعريف بالأخص لا يكون
جامعاً لذاتيات المُعَرَّف كتعريف الإنسان بأنه (حيوان متعلم) فإنه ليس كلما صدق
عليه الإنسان هو متعلم فبعض أفراد الإنسان غير متعلمين .
3: (الشرط الثالث) :(عدم جواز التعريف بالمساوي
معرفة ً و الأخفى مفهوما )
إنما لم يجز التعريف بالمساوي معرفة لأنّ
المُعرَّف يجب أن يكون أقدم معرفة من المعرفَّ وما يُساوي الشيء (المعرَّف) في المعرفة والجهالة لا يكون
أقدم معرفة
فلا تعرف الحركة بما ليس بسكون لتساوي الحركة
والسكون معرفةً وجهالةً .
فإن من عرَفَ أحدهما عرف الآخر ومن جهل أحدهما
جهل الآخر.
ولما لم يصح التعريف بالمساوي معرفة وجهالة فمن
باب أولى عقلا لا يصح التعريف بالأخص معرفة, كقولهم النار جوهر شبيه بالنفس /مثلاً
فإنه تعريف بالأخص مفهوما لأنّ نفس المعرِّف(الجوهر
شبيه النفس) يحتاج إلى معرفة فضلا عن عدم
إفادته لتصور المُعرَّف وتعريفه.
(فائدةُ ) : (إنّ المصنف
ترك ذكر التعريف بالمُباين وذلك لخروجه عن المعرِّف باعتبار عدم صحة حمل المباين
على المباين ولأنّ الحمل يستدعي الاتحاد بين الموضوع والمحمول وهذا مالا يوجد في
المباين)
( أقسام التعريف )
___________
القسم الأول:
التعريف بالحد التام ( الفصل القريب و الجنس القريب) مثلا تقول
ما الإنسان : حيوان ناطق .
القسم الثاني: التعريف بالحد الناقص (بالفصل
القريب لوحده أو بالجنس البعيد)
مثلا/ ما الإنسان : ناطق: فصل قريب لوحده أو ما الإنسان: حيوان حساس متحرك بالإرادة
:جنس بعيد .
القسم الثالث: التعريف بالرسم التام : (جنس و خاصة) مثلا ما الإنسان :حيوان ضاحك .
القسم الرابع : التعريف بالرسم الناقص: (بالخاصة
والجنس البعيد أو بالخاصة لوحدها) مثاله: ما الإنسان : حيوان ماشٍ.
(توضيح قول المصنف: (ولم يعتبروا بالعرض العام)
أي : أنّ العرض العام غير صالح وغير معتبر في أن يكون معرِّفاً وذلك لقصور عن
إفادة التعريف والاطلاع على الكنه (ذاتيات المعرَّف) فلذا لا فائدة من ضمه مع
الخاصة أو الفصل في التعريف.
(إيراد) : لقائل أنْ يقولَ إذا كان العرض العام
ساقطاً عن الاعتبار في التعريف فلماذا ذكره المصنف في باب الكليات الخمس ؟
(الجواب) : إنما ذكره المصنف لأجل استيفاء
البحث في أقسام الكلي في مقام الحصر العقلي.
توضيح قول المصنف: ( وقد اُجيزَ في الناقص أن
يكون أعم كاللفظي وهوما يٌقصَد به تفسير مدلول اللفظ).
إنّ تعبير المصنف هنا( ب اُجيزَ ) صيغة الفعل
الماضي المبني للمجهول مُشعِرةٌ بتضعيف قول المجوِّز للتعريف في الناقص بالأعم
كتعريف الإنسان بالحيوان أو
بالعرض العام كالماشي مثلا.
(استيضاح ) : لقائل أن يقول إذا اُجيزَ في
التعريف الناقص كون المعرِّف أعم كذلك اُجيزَ أن يكون أخص فلماذا لم يتعرض المصنف
لذلك؟
(الجواب):لأنهم إذا جوزوا التعريف بالأعم
فتجويزهم التعريف بالأخص من باب أولى متحقق فلهذا ترك المصنف ذكر ذلك اعتمادا على
فهم المتعلم واختصاراَ للعبارة ,هذا أولاً , وثانياً إنما ترك المصنف جواز التعريف بالأخص في الناقص
لعدم اعتداده بقول المجوزين في التعريف في
الناقص بالأعم كما هو الحال في ظاهر عبارة المصنف.
فالمتحصل أنّ التعريف بالأعم جائز في التعريف
بالناقص كما هو عند المتقدمين فهو كالتعريف اللفظي على ما ذكره المصنف في عبارة
المتن.
ومعنى التعريف اللفظي :: هو تفسير المعنى بلفظ
أوضح منه دلالة على ذلك المعنى المجمل(غير المتضح الدلالة) كقولنا في : ما الغضنفر
: نقول: الأسد(تعريف لفظي)
وهو معنى الترادف اللفظي , فالتعريف اللفظي
لا يُفيد تحصيل صورة المعرَّف بل يفيد تميزها ليُعلَم أنّ اللفظ موضوع
بإزائها .
( المقصد الثاني :في التصديقات ) ( مبحث
القضايا )
__________________________________
أهم المبادئ التصورية للبحث: 1: تعريف القضية 2: بيان انحصارها في الحملية والشرطية باعتبار النسبة 3:بيان أقسام الحملية باعتبار الموضوع .
لمّا فرغ المصنف من بيان مباحث التعريف شرع في
بيان مباحث التصديقات وابتدئها بمباحث القضايا (التصديقات ) وأقسامها وأحكامها وما
يتبعها من القياس والحجة والغرض من ذلك هو التمهيد لبحث الأقيسة والتي تتوقف على
القضايا وأحكامها.
1:تعريف القضية: وذلك متضح في قول المصنف في
المتن : ( القضية: قول يَحتمل الصدق
والكذب)
والمراد بالقول هنا هو اللفظ المركب أو المفهوم
العقلي المركب فيكون لفظ القول في تعريف القضية جنسا يشمل القضية وغيرها من
المركبات التقييدية و الإنشائية والخبرية المشكوكة , ولكن بقول المصنف (يحتمل
الصدق والكذب) يكون هذا فصلا يُخرج ما عدا القضية من القضية الخبرية المشكوكة
لأنها عارية عن الحكم فلا تحتمل الصدق و الكذب .
((إيراد)):إذا كانت القضية الخبرية المشكوكة
خارجةٌ عن تعريف القضية ولا تحتمل الصدق والكذب فلماذا اٌطلِقَ عليها (الخبر)؟
(الجواب): إنّ توصيف القضية الخبرية المشكوكة
بالخبر هو توصيف مجازي وليس حقيقي , أو لأنّ صورة القضية المشكوكة في صورة الخبر
وليس بخبر حقيقة .
أما خروج المركبات التقييدية فلعدم
احتمالها لصدق أو كذب فقولك( زيد العالم ) مركب تقييدي توصيفي لا إشعار فيه من حيث
هو هو بوقوع نسبة
أو لا وقوعها.
أما خروج المركبات الإنشائية فلأنه لا خارج ولا
واقع لها حتى تحكي عنه فتطابقه أو لا تطابقه صدقا أو كذبا.
وإنّ معنى الصدق في تعريف القضية هو مطابقة
النسبة للواقع , وأما الكذب فهو عدم مطابقة النسبة للواقع فلا يرد على التعريف
إشكال الدور المشهور (وخاصة على مذهب من يقول بمرادفة القضية للخبر)
(تقرير إشكال الدور على تعريف المشهور للخبر)
( بأنَّه ما يحتمل الصدق والكذب ثم أخذوا
الخبر في تعريف الصدق والكذب
فقالوا الصدق هو مطابقة الخبر للواقع والكذب
هو عدم مطابقة الخبر للواقع , وهذا دور مُصرّحٌ به وذلك لتوقف معرفة الخبر
على معرفة الصدق والكذب لكونه عُرّفَ بهما وتوقف الصدق والكذب على معرفة الخبر
لكونهما عُرِّفا به ( بالخبر) ) .
( الجواب) : إنّ هذا الدور يرتفع بأدنى
مغايرة وهي أنّ المراد بتعريف الصدق هو مطابقة النسبة للواقع والكذب هو عدم مطابقة
النسبة للواقع فلا يتوقفان في معرفتهما على معرفة الخبر فلا دور .
(بحث في اقسام القضية أولاً باعتبار النسبة
وحصرها في الحملية والشرطية)
______________________________________________
1: (القضية الحمليَّة): فقد عرفها المصنف بقوله:(هي ما كان
الحكم فيها بثبوت شيء لشيء أو نفيه عنه) كقولنا
: الإنسان كاتب :قضية حملية موجبة أو زيد ليس بعالم :قضية حملية سالبة .
وهنا لابد من بيان معرفة الحكم و إطلاقاته
(أي استعمالاته) فالحكم يُطلق في أربعة معانٍِ وهي: جزء القضية أي وقوع
النسبة أو لا وقوعها و المحكوم به(المحمول)
والقضية من حيث اشتمالها على ربط أحد المعنيين
بالأخر أو سلب الربط .
والتصديق أي الإذعان وهو المراد هنا بالحكم في
عبارة المصنف في تعريف القضية الحملية.
(اقسام القضية الحملية باعتبار الكيف (الإيجاب
أو السلب)
_____________________________________
ويتضح ذلك في قول المصنف في المتن:
1: (
فحملية : موجبة أو سالبة ويسمى المحكوم عليه(موضوعا) والمحكوم به(محمولا) والدال
على النسبة (رابطة) وقد اُستعير لها (هو))
أي أنَّ القضية حملية وهي إما موجبة وهي ماحكم
فيها بثبوت شيء لشيء وإما سالبة وهي ما حكم فيها بنفي شيء عن شيء.
ثم إنّ القضية الحملية موجبة كانت أو سالبة
لابد لها من ثلاثة امور وهي :
1: (المحكوم عليه )(الموضوع) وإنما سُميَ
الموضوع موضوعاً لأنه وضِعَ ليحمل عليه , أو يحكم عليه.
2: (المحكوم به)(المحمول) وسُميَ محمولاً وذلك
لحمله على الموضوع والحكم به على المحكوم عليه .
3: ( النسبة الحكمية بين الموضوع و المحمول )
وتسمى بالرابطة أو هو
وسميت النسبة بالرابطة لأنها تربط
المحمول بالموضوع , والرابطة أداة قد تكون
في صورة الاسم ك (هو ) في القضية الحملية (زيد هو عالم) أو قد تكون في قالب
الكلمة (الفعل) كقولنا (زيد كان عالما) .
فمن هنا عبّرَ المصنف التفتازاني بالدال على
النسبة (رابطة) وقد استعيرَ لها ب(هو)
ووجه الاستعارة
هنا : لأنّ لفظة هو وكان ليستا رابطة حقيقية بل اُستعيرتا للرابطة
فإنّ الدال على النسبة (الرابطة) هو معنى
غير مستقل بالمفهومية في حد ذاته بل وظيفته محضة في خصوص الربط بين الموضوع
والمحمول فحسب فهي أشبه بالمعنى الحرفي في اللغة.
2 : (القضية الشرطية) حيثُ قال المصنف : (
وإلاّ فشرطية ويسمى الجزء الأول (مقدما ) والثاني (تاليا )
(التوضيح)
________
أي وإن لم يكن الحكم في القضية بالثبوت أو
النفي المذكورين فالقضية (شرطية)
فالقضية الشرطية هي ما حكم بها
بغير ذلك , أي هي ما حكم بها بثبوت نسبة أو نفيها على تقدير نسبة أخرى إن كانت
متصلة وتنافي نسبتين أو لا تنافيهما إن كانت منفصلة, فإذاً القضية الشرطية
تنقسم بدورها إلى متصلة ومنفصلة فالقضية
الشرطية المتصلة :هي ماحكم فيها بثبوت نسبة أو نفيها على تقدير نسبة أخرى
والقضية الشرطية المنفصلة : هي ما
حكم فيها بتنافي نسبتين أو لا تنافيهما
ثم إنّ وجه تسمية الجزء الأول في القضية
الشرطية بالمقدم وذلك لتقدمه ذكرا أو طبعا ولا مانع من تأخره في الذكر في القضية
الشرطية كقولك (النهار موجود إن كانت الشمس طالعة ) فأصلها : إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود .
وإنما سمي التالي تاليا وذلك لتلوه في الذكر أو
الترتب في التلازم الشرطي للقضية
فالمُقدّم في القضية الشرطية بمنزلة
الشرط في عرف النحاة .
( بحثٌ
في أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع)
________________________________
ويتبيَّن ذلك في قول المصنف في المتن :
(والموضوع إنْ كان مُشخصاً سُميتْ القضيةُ
شخصية ومخصوصة وإن كان نفس الحقيقة فطبعية وإلاّ فإن بين كمية افراده كلاً أو بعضا
فمحصورة كلية أو جزئية وما به البيان سور وإلاّ فمهمله وتلازم الجزئية)
(التوضيح)
______
1: (القضية الحملية الشخصية ) :كزيد عالم
: زيد ليس بحجر , ومعنى شخصنة الموضوع هو
كونه جزئيا حقيقيا لا يقبل الصدق على كثيرين .
2: (القضية الحملية الطبيعية) كقولك الحيوان
جنس : الإنسان نوع
فالموضوع فيها هو نفس حقيقة الماهية لا أفرادها
, فالحكم بالجنسية على الحيوان أو بالنوعية على الإنسان ليس هو حكم على الأفراد بل
هو حكم على نفس حقيقتها وطبيعتها.
3: (القضية الحملية المحصورة) وتنقسم إلى كلية(
بُيِّنَ فيها كمية أفرادها كلاً) وجزئية( بُيِّنَ فيها كمية أفرادها بعضا) موجبة
وسالبة .
4: (القضية الحملية المهملة) وإنما سميت مهملة لإهمالها
بيان كمية أفراد الموضوع كلا أو بعضا ومثال ذلك ( إنّ الإنسان لفي خسر) .
توضيح قول المصنف (وما به البيان سور) أي أن
اللفظ الذي يحصل به بيان كمية أفراد الموضوع كلفظة كل او بعض في الموجبة الكلية و
الجزئية يسمى سورا
(فائدة) :إنّ المصنف قد صرح في شرحه للرسالة
الشمسية من أنّ السور قد يكون بغير اللفظ كوقوع النكرة في سياق النفي
والذي يفيد العموم فإذاً على مبنى المصنف
التفتازاني لا ينحصر البيان باللفظ فحسب بل قد يحصل بغير اللفظ وإلى ذلك أشار
بقوله ( وما به البيان سور) أي أنّ البيان يكون بما هو أعم لفظا أكان أم غير لفظ.
وإنما سمي (ما به البيان سور) لأنه يحصر
الأفراد ويُحيط بها كما انّ سور البلد يحصر البلد ويحيط بها.
توضيح قول المصنف : (وإلاّ فمهملة وتلازم
الجزئية)
أي وإن لم يبين في القضية كمية الأفراد لا كلاً
ولا بعضا مثل (الإنسان كاتب)
و( الإنسان ليس بكاتب) فمهملة , ومعنى التلازم بين المهملة والجزئية في القضية
الحملية هو أنه إذا صدق الأنسان كاتب :مهملة: صدق بعض الإنسان كاتب :جزئية.
وبالعكس أي إذا صدق بعض الإنسان كاتب :جزئية: يصدق
الأنسان كاتب: مهملة.
(فائدة) : بناءً على ما تقدم يتضح لك أنّ
القضايا الطبيعية غير معتبرة في العلوم لأنّ مسائل العلوم قوانين كلية لابد من انطباقها
على جزئيات موضوعها والطبيعية لا تنفع في ذلك فكذلك يكون حال القضية الشخصية فإنها
غير نافعة في العلوم وإنّما تبحثُ إجمالا واطرادا.
( بحث
في أقسام القضية الحملية الموجبة باعتبار وجود الموضوع )
_________________________________________
قال المصنف في المتن : (ولابد في الموجبة من وجود الموضوع : إما محققا
وهي (الخارجية) أو مقدرا (فالحقيقية) أو ذهناً (فالذهنية))
أي أنّ القضية الحملية الموجبة تستدعي وجود
الموضوع وذلك لأنّ الحكمَ على الشيء فرع ثبوت المُثبَت له(الموضوع) فمن هنا قال
المصنف بلا بديِّة تحقق الموضوع أولاً ثم الحكم عليه ثانيا وهذا هو معنى القاعدة
العرشيَّة ( العرش ثم النقش)
1: ( القضية الخارجية ): وهي ما كان الحكم فيها
على كل افراد الموضوع المحققة في الخارج الموجودة فيه كقولنا (كل انسان
حيوان ناطق) قضية حملية موجبة خارجية أي كل انسان موجود فعلا وحقيقة في
الخارج فهو حيوان ناطق في الخارج .
2:(القضية الحقيقية ) :وهي ما كان الحكم فيها
لا على الأفراد الموجودة في الخارج بل يكون منصبا على الأفراد المقدرة الوجود في
الخارج .
مثلا (كل إنسان حيوان ناطق ) أي كل ما لو وجد إنسان
فعلا في الخارج كان على تقدير وجوده خارجا حيوان ناطق.
3: (القضية الذهنية): وهي ما كان الحكم
فيها مقصورا على الأفراد الموجودة في الذهن فقط , وهذا الحكم معتبر في الموضوعات
التي ليست لها افراد ممكنة التحقق في الخارج (كقولنا: شريك الباري ممتنع الوجود أي
معدوم)
فإنّ أفراد الموضوع (شريك الباري) ليست موجودة
في الخارج ولا مقدرة فيه (لامتناعها عقلا) ولكن موجودة بحسب الافتراض الذهني
المحض.
(فائدة) : إنّ القضايا الذهنية أيضا غير معتبرة
في العلوم لأنها نادرة الوقوع وقواعد العلوم عامة وكلية وبحسب الطاقة الإنسانية
بخلاف الافتراضيات الذهنية المحضة فهي غير نافعة في العلوم.
( بحثٌ في العدول والتحصيل في القضايا )
___________________________
وهذا البحث عقده المصنف في المتن بقوله : ( وقد
يُجعَل حرف السلب جزءاً من جزءٍ فيها فتسمى (معدولة ) وإلاّ ( فمحصلة)) .
إنّ القضية باعتبار تحصيل الموضوع والمحمول
وعدولهما تُقسمُ إلى :معدولة ومحصّلة .
1: القضية المعدولة: وهي ما كان موضوعها أو
محمولها أو كلاهما (معدولا) أي داخلاً عليه حرف السلب (كلا أو ليس وغيرهما )
سواء كانت موجبة أو سالبة وتسمى معدولة
الموضوع أو معدولة المحمول أو معدولة الطرفين بحسب دخول حرف السلب على أحد طرفيها
أو كليهما.
(التوضيح بالأمثلة): مثال: معدولة
الطرفين :كل لا حيوان لا إنسان: موجبة
كل غير مجد ليس هو بغير مخفق في الحياة : سالبة
.
مثال : معدولة المحمول محصلة الموضوع: الهواء
هو غير فاسد: موجبة حمل السلب
الهواء ليس هو غير فاسد: سالبة .
مثال: معدولة الموضوع محصلة المحمول: غير
العالم مُستهان به: موجبة
غير العالم ليس هو بسعيد: سالبة .
2: (القضية المُحصّلة) :هي ما كان موضوعها و محمولها
مُحصَّلا (أي غير داخل عليه حرف السلب) مثال: الإمام معصوم : موجبة: محصلة
الطرفين.
:المؤمن ليس هو ضعيفا : سالبة محصلة المراد هنا
سلب الحمل لا حمل السلب كما في معدولة المحمول.
(فائدةٌُ) : إنّ معنى كون جزء القضية
(الموضوع أو المحمول ) معدولا هو ما عُدِلَ به عن موضوعه الأصلي وهو سلب الحكم
فتوصيف القضية بالمعدولة وصفاً للشيء بحال جزئه وهو حرف السلب.
( بحثٌ في الموجهات : البسائط والمركبات)
___________________________
قال المصنف في المتن :( وقد يُصرّحُ بكيفية
النسبة (فموجهة) و ما به البيان جهة)
إنّ المراد بكيفية النسبة هو مادة وعنصر
القضية في نفس الأمر والواقع سواء كانت القضية سالبة أو موجبة , أو كانت
مادة القضية الوجوب أو الإمكان أو الامتناع , ومن دون مادة القضية يمتنع
وجود القضية , ومعنى التصريح بكيفية النسبة إما ذكرها لفظاً أو ملاحظةً فعلى
ذكرها لفظا أو ملاحظتها تكون القضية
(موجهة) أي لها جهة مُتلفظٌ بها أو ملحوظةٌ .
ومعنى قول المصنف (وما به البيان جهة) أي
إنّ الذي يحصل به بيان الكيفية في نفس الأمر هو جهة للقضية , فإنْ كانتْ القضية
ملفوظة فجهتها لفظ الكيفية
وإن كانت القضية معقولة فجهتها حكم العقل بأنّ
النسبة مكيفة بكيفية كذا .
ثم إنّ القضايا الموجهة التي يبحث عنها وعن
احكامها من العكس والتناقض خمسة عشر/ منها بسائط ومنها مركبات , أما
البسائط: وهي التي يكون معناها إما إيجابا أو سلبا , وأما المركبات: وهي التي يكون
معناها مركب من إيجاب وسلب .
(بحثٌ
في أقسام البسائط) وهي ثمان:
________________________
1: (القضية الضرورية المطلقة) وقد
ذكرها المصنف في المتن : ( وهي ما كان الحكم فيها بضرورة النسبة مادام ذات
الموضوع موجودا )
وإنَّما سُميَّتْ ضرورية لاشتمالها على
(الضرورة) أي جهة القضية وسُميَّتْ مُطلَقة لأنّ الحكم فيها غير مقيد بوصف
أو وقت.
مثالها :كل إنسان حيوان بالضرورة : ولا شيء من
الإنسان بحجر بالضرورة .
والمقصود بالضرورة هنا هو استحالة انفكاك
المحمول عن الموضوع عقلا فيكون ثبوت المحمول للموضوع لزومي عقلي.
2: ( المشروطة العامة ) :( وهي ما كان الحكم
فيها بضرورة النسبة مادام وصف الموضوع موجودا) : أي بشرط الوصف العنواني
(ذات الموضوع وصف عنواني ) (إنسانٌ متصف
بالكتابة) كقولنا بالضرورة :كل كاتب متحرك الأصابع مادام كاتبا .
وبالضرورة لا شيء من الكاتب بساكن الأصابع
مادام كاتبا , فإنّ ثبوت تحرك الأصابع للكاتب وسلب السكون عنه ليس ضروريا مادامت
ذاته موجودة بل يكون ذلك ضروريا بشرط الوصف العنواني بالكتابة فعلا وحقيقة.
والمراد بالوصف العنواني : هو مفهوم الموضوع لا
ذات الموضوع وإنما سُميَ وصفُ عنواني لأنّ به تعرف ذات الموضوع كما يُعرفُ الكتابُ
بعنوانه.
وإنما سميت مشروطة لاشتمالها على شرط الوصف
العنواني لذات الموضوع وسُميَّتْ عامة لأنها أعم من المشروطة الخاصة التي سنذكرها
في المركبات لاحقا.
3: ( الوقتية المطلقة) :(وهي ما كان الحكم فيها
بضرورة النسبة مادام ذات الموضوع موجودا في وقت معين)
مثالها: بالضرورة كل قمر منخسف وقت حيلولة
الأرض بينه وبين الشمس
ولا شيء من القمر بمنخسف وقت التربيع .
وإنما سميت القضية بالوقتية لاعتبار تعين الوقت
فيها , وسميت مطلقة :لعدم تقييدها بقيد اللادوام أو للاضرورة , وإذا قُيدت الوقتية
باللادوام حذف الإطلاق عنها فكانت (وقتية) كما سيأتي في المركبات.
4: (المنتشرة المطلقة) :وهي ما كان الحكم فيها
بضرورة النسبة في وقت غير معين .
مثال: بالضرورة كل إنسان متنفس في وقت ما (أي
في وقت غير معين) :موجبة منتشرة .
بالضرورة لا شيء من الإنسان بمتنفس في وقت ما :
سالبة .
وإنما سُميت (منتشرة) لاحتمال الحكم فيها
في كل وقت فيكون الحكم منتشرا أي ساريا في جميع الأوقات , وسميت مطلقة
:لأنها غير مقيدة باللادوام أو للاضرورة.
5: (الدائمة المطلقة) :وهي ماحكم فيها بدوام
النسبة مادام ذات الموضوع موجودا وإنما سُميَت (دائمة) لاشتمالها على قيد الدوام ,
وسميت مطلقة لأنّ الدوام فيها غير مقيد بوصف أو وقت .
مثال: كل إنسان حيوان دائما :موجبة
لا شيء من الإنسان بحجر دائما: سالبة.
(فائدةُ): هناك فرقٌ بين الدوام
والضرورة وهو أنّ الضرورة تستلزم الدوام ولا عكس , (أي أنّ الدوام لا يستلزم
الضرورة لاحتمال الانفكاك فيه(في الدوام).
6: (العرفية العامة):وهي ما كان الحكم فيها
بدوام النسبة مادام وصف الموضوع موجودا , مثال:
نفس ما مر في المشروطة العامة (رقم/2)
والفرق بين العرفية العامة والمشروطة العامة هو
كالفرق بين الدائمة المطلقة والضرورية المطلقة , وإنّما سُميَّت (عرفية) لأنّ
العرف يفهم أنّكَ إذا قلتَ مثلا: عند عدم ذكر الجهة , لا شيء من النائم بمستيقظ :
ولم تذكر جهة القضية (مادام نائما)
يفهم العرف أنّ سلب الاسيتقاظ عن ذات النائم
ليس دائما بل مادام نائما
وأما سبب تسميتها (عامة) لأنها أعم من العرفية
الخاصة في المركبات.
7: (المطلقة العامة) :وهي ما كان الحكم فيها
بفعلية النسبة أي بتحققها فعلا وواقعا في أحد الأزمنة الثلاثة.
مثال: كل إنسان متنفس بالإطلاق العام : موجبة .
لا شيء من الإنسان بمتنفس بالإطلاق العام
:سالبة.
فإنّ ثبوت التنفس للإنسان وسلبه عنه ليس ضروريا
ودائما بل هو بالفعل أي أنّ المحمول ثابت للموضوع , أو مسلوب عنه في الجملة (بنحو
الموجبة الجزئية)
لا بالجملة , وإنما سُميَّت (بالمطلقة ) لأنّ
القضية إذا أطلقت أي اُستعملت من غير تقييد باللادوام أو اللاضرورة يُفهَم منه (فعلية
وتحقق النسبة)
وسميت (عامة) لأنها أعم من الوجودية اللادائمة
واللاضرورية (مركبات).
8: (الممكنة العامة): وهي ما كان الحكم فيها
بعدم ضرورة خلاف النسبة
(أي النسبة الموجودة في القضية إيجابا أو سلبا)
مثال: كل نار حارة بالإمكان العام :ممكنة عامة
موجبة: فحُكِمَ فيها بعدم ضرورة السلب إذ السلب خلاف النسبة المذكورة في القضية
(أعلاه) والتي هي موجبة ولولم يكن عدم ضرورة السلب لم يكن الإيجاب ممكنا.
مثال: لا شيء من الحار ببارد بالإمكان العام
:ممكنة عامة سالبة.
فحُكِمَ فيها بعدم ضرورة الإيجاب إذ الإيجاب
خلاف النسبة المذكورة في القضية الممكنة العامة السالبة , ولولم يكن عدم ضرورة
الإيجاب لم يكن السلب ممكنا .
فإذاً :معنى الموجبة:1: أنّ سلب الحرارة عن
النار ليس بضروري (غير مستحيل)
ومعنى السالبة:2: أنّ إيجاب البرودة للحار ليس
بضروري .
وإنما سُميَّت الممكنة العامة ممكنة لاشتمالها
على معنى الإمكان : جهة اقضية
وسُميَّت (عامة) لكونها أعم من الممكنة الخاصة
في المركبات.
(بحثٌ في القضايا :المركبات ) السبع :
_________________________
ومعنى (القضية المركبة) ( هي ما تكون حقيقتها
مركبة من الإيجاب والسلب بشرط أن يكون الجزء الثاني فيها مذكورا بعبارة مستقلة)
وبعبارة اخرى :أنّ القضية المركبة هي قضية
بسيطة مشتملة على جهة واحدة ولكنها مقيدة بقيد اللادوام واللاضرورة .
(أقسام
المركبات)
___________
1:( المشروطة الخاصة)(وهي المشروطة العامة
(البسيطة)والمقيدة باللادوام الذاتي )
مثال: كل كاتب متحرك الأصابع بالضرورة مادام كاتبا
لا دائما .
ولا دائماً قيدٌ ينحل إلى مطلقة عامة سالبة
وصورته( لا شيء من الكاتب بمتحرك الأصابع بالفعل) , وإنما قيدت المشروطة العامة
بقيد اللادوام الذاتي وذلك لعدم صحة تقييدها باللادوام الوصفي في المشروطة العامة.
2: (العرفية الخاصة):( وهي العرفية العامة
(البسيطة) المقيدة باللادوام الذاتي )
مثالها: كل زنجي اسود دائما مادام زنجيا لا دائما
.مثال : بالدوام لا شيء من الكاتب بساكن الأصابع مادام كاتبا لا دائما , ولا دائما
تنحل إلى(أي كل كاتب ساكن الأصابع بالفعل).
3: (الوقتية) : وهي الوقتية المطلقة (البسيطة)
المقيدة باللادوام الذاتي
مثالها : كل قمر منخسف بالضرورة وقت الحيلولة
لا دائما: أي (لا شيء من القمر بمنخسف بالفعل).
4:(المنتشرة): وهي المنتشرة المطلقة البسيطة
المقيدة باللادوام الذاتي.
مثالها :لا شيء من الإنسان بمتنفس بالضرورة وقت
ما _لا دائما (أي كل إنسان متنفس بالفعل).
5: ( الوجودية اللاضرورية): هي المطلقة
العامة البسيطة المقيدة باللاضرورة الذاتية , وأما معنى المطلقة العامة فقد مر
ذكره في البسائط وأما تسميتها بالوجودية فلأنّ النسبة فيها متحققة وموجودة بالفعل
.
وأما معنى (اللاضرورة الذاتية) هو أنّ النسبة المذكورة
في القضية ليست ضرورية مادا م ذات الموضوع موجودة فيكون مفاد اللاضرورية الذاتية
ممكنة عامة مخالفة للأصل في الكيف وموافقة للأصل في الكم , مثالها: كل إنسان
ضاحك بالفعل :لا بالضرورة , أي لا شيء من الإنسان بضاحك بالفعل بالإمكان العام
و لا شيء من الإنسان بضاحك بالفعل لا بالضرورة
, لأنّ السلب في المطلقة العامة إذا لم يكن ضروريا ,كان هناك ممكنة عامة ,وهي
كل إنسان ضاحك بالإمكان العام.
6: (الوجودية اللادائمة): (وهي المطلقة العامة
(البسيطة) المُقيّدة بقيد اللادوام الذاتي )
:مثال: كل إنسان ضاحك بالفعل :لا دائما .
لا شيء من الإنسان بضاحك بالفعل :لا دائما .
7: (الممكنة الخاصة) : (وهي الممكنة
العامة(البسيطة) والتي حكم فيها بلا ضرورة الجانب المخالف للنسبة وقد تٌقيّد
البسيطة بلا ضرورة الجانب الموافق للنسبة أيضا حتى يكون الحكم بلا ضرورة
الجانبين(المخالف والموافق)).
بمعنى آخر أنّ الممكنة الخاصة تتركب من ممكنتين
عامتين احدهما موجبة والأخرى سالبة.
مثال :كل إنسان كاتب بالإمكان الخاص :موجبة.
لا شيء من الإنسان بكاتب بالإمكان الخاص: سالبة.
ومعنى ذلك أنّ ثبوت الكتابة للإنسان ليس ضروريا
فيكون الحكم في الممكنة الخاصة بلا ضرورة الجانبين (السلب والإيجاب) .
قال المصنف التفتازاني في المتن: ( وهذه مركبات
لأنّ اللادوام إشارة الى مطلقة عامة واللاضرورة إشارة الى ممكنة عامة مخالفتي
الكيفية وموافقتي الكمية لما قُيّدَ بها)
(التوضيح)
______
في قوله(هذه مركبات) إشارة منه الى ما تقدم في
عبارة المتن من ذكر القضايا المركبات السبع والتي مر ذكرها أعلاه.
ومعنى قوله(مخالفتي الكيفية وموافقتي الكمية)
المراد به صفتان للمطلقة العامة والممكنة العامة.
وقد اتضحَ لك فيما مر من أنّ (الكيفية) يُراد
بها السلب والإيجاب.
والكمية يُراد بها الكلية والجزئية فاحفظ.
أما المراد بقوله(لما قُيّدَ بهما) :أي للقضية
التي قُيّدت بهما أي باللادوام واللاضرورة.
وخلاصة القول: أنّ القضايا السبع التي مر ذكرها
هي مركبات لكونها مقيّدة باللادوام واللاضرورة.
(فصلٌ في أقسام القضية الشرطية وأحكامها) (بحثٌ في تعريف القضية الشرطية المتصلة وأقسامها)
(فصلٌ في أقسام القضية الشرطية وأحكامها) (بحثٌ في تعريف القضية الشرطية المتصلة وأقسامها)
__________________________________________________________________
1: (القضية الشرطية المتصلة) وقد عرّفها المصنف
في المتن بقوله:
(وهي ما حُكِمَ فيها بثبوت نسبة على تقدير أخرى
أو نفيها)
أ: (القضية الشرطية المتصلة الموجبة) : (وهي ما
حكم فيها بثبوت نسبة على تقدير أخرى) مثالها: إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود.
ب: (القضية الشرطية المتصلة السالبة) ( وهي ما
حكم فيها بنفي نسبة على تقدير اخرى) مثالها :ليس كلما كانت الشمس طالعة كان
الليل موجودا.
ثم إنّ الشرطية المتصلة موجبة كانت أو سالبة
لها قسمان هما:
1: (الشرطية اللزومية)( وهي ما حُكِمَ فيها بالاتصال
أو سلبه لعلاقة بين المقدّم والتالي توجب ذلك الاتصال أو سلبه)
والمراد بالعلاقة هنا :ما بسببه يستلزم المقّدم
التالي كما في المثال المتقدم :إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود , فترى
المقدم علّة للتالي.
2: (الشرطية الاتفاقية) (وهي ما لم يحكم فيها
بالاتصال أو سلبه لعلاقة واقعية بين المقدم والتالي بل كان لمجرد اتفاق (صدفة
نسبية) بين المقدم والتالي بسحب الخارج , مثال :إن كان الأنسان ناطقا فالحمار ناهق
.
إذ لا علاقة بين نطق الإنسان ونهق الحمار بل
لمجرد اتفاق الطرفين وصدقهما في الخارج لأنهما وجدا كذلك.
مثال: الشرطية الاتفاقية :ليس البتة إذا كان
هذا أسود فهو كاتب. وهنا سلب تفاق بين
المقدم والتالي.
(بحثٌ في تعريف الشرطية المنفصلة وأقسامها)
_____________________________
1: المنفصلة الحقيقية 2: مانعة الجمع 3: مانعة الخلو.
1: (المنفصلة الحقيقية) وقد عرّفها المصنف في
المتن:
( وهي ما حكم فيها بتنافي النسبتين أولا
تنافيها صدقا وكذبا معاً)
مثال (للمنفصلة الحقيقية الموجبة) :هذا
العدد إما زوج أو فرد
فإنّ زوجية العدد وفرديته متنافيان في الصدق
والكذب معا أي لا يجتمعان معا على العدد ولا يرتفعان معا عنه , فلا يخلو حال
العدد إما هو زوج أو فرد حقيقية.
مثال(للمنفصلة الحقيقية السالبة) (وهي ما حكم
فيها بعدم تنافي النسبتين معا في الصدق والكذب) : ليس البتة إما أن يكون هذا
أسود أو كاتب , فإنّ الأسود والكاتب يصدقان معا على شخص هو اسود وكاتب , ويكذبان
معا في شخص لا هو اسود ولا كاتب , ولا منافاة بينهما صدقا وكذبا.
(فائدةٌ) : إنما سُميَّت المنفصلة بالحقيقية
لأنّ حقيقة الانفصال أن يكون التنافي بين الجزئيين في الصدق والكذب معا.
2: (مانعة الجمع)( وهي ما حُكِمَ فيها بتنافي
النسبتين أو عدم تنافيهما في الصدق فقط)
مثال لمانعة الجمع الموجبة( وهي التي حكم فيها
بتنافي الجزئيين في الصدق فقط)
:هذا الشيء إما شجر أو حجر : فإنّهما لا يصدقان
ولكن يكذبان بأن يكون هذا الشيء إنسانا مثلا.
مثال مانعة الجمع السالبة(وهي ما حكم فيها بعدم
تنافي الجزئيين في الصدق فقط)
ليس إما أن يكون هذا الشيء لا شجرا ولا حجرا.
فإنهما يصدقان (أي يجتمعان) ولا يكذبان وإلاّ
لكان هذا الشيء شجرا وحجرا معا.
3: (مانعة الخلو)(وهي ما حكم فيها بتنافي
النسبتين أو عدم تنافيها في الكذب فقط)
مثال لمانعة الخلو الموجبة(وهي ما حكم فيها
بتنافي الجزئيين في الكذب فقط)
:زيد إما في البحر أو لا يغرق .
ومعنى ذلك أنّ الوجود أي الكون في البحر مع عدم
الغرق يصدقان ولا يكذبان وإلاّ لغرق في البر.
مثال لمانعة الخلو السالبة( وهي ما حكم فيها
بعدم تنافي الجزئيين في الكذب)
ليس إما أن يكون هذا الشيء شجرا أو حجرا , أي
وإلاّ لكان شجرا أو حجرا معا.
(بحثُ في أقسام الشرطية المنفصلة الثانوية)
_________________________
قال المصنف التفتازاني في المتن:
( وكل منها عنادية إن كان التنافي لذاتي الجزئين
وإلاّ فاتفاقية)
1: (الشرطية المنفصلة العنادية)
(وهي ما كان التنافي فيها لذاتي الجزئيين لا لمجرد اتفاقهما) , كتنافي
الزوجية والفردية في الاجتماع على العدد.
2: (الشرطية المنفصلة الاتفاقية) (وهي ما حكم
فيها بالتنافي لا لذات الجزئيين بل لمجرد أن أتفق في الخارج أن يكون بينهما
منافاة)
مثال: تقول للأسود اللاكاتب: إما أن يكون
هذا اسود أو كاتب .
فإنه لا منافاة بين مفهومي الأسود والكاتب لكن
اتفق تحقق السواد وانتفاء الكتابة فلا يصدقان لانتفاء الكتابة و لا يكذبان
لوجود السواد.
(بحثٌ في أقسام الشرطية باعتبار الأحوال والأزمان
التي يقع فيها الحكم باللزوم أو العناد)
______________________________________________
وهذا البحث عقده المصنف بقوله في المتن:
(ثم الحكم في الشرطية إن كان على جميع تقادير
المقدّم فكلية أو بعضها فجزئية أو معينا فشخصية وإلاّ فمهملة)
(التوضيح)
______
1: ( الشرطية الكلية)( وهي ما كان الحكم فيها
على جميع تقادير المقدم من الأزمان والاوضاع ثابتا) مثال: كلما كان زيد إنسانا فهو
حيوان.
فالحكم بلزوم الحيوانية للإنسان ثابت على جميع
التقادير من الأزمان والاوضاع الممكنة الاجتماع مع المقدم (زيد إنسان) .
2: (الشرطية الجزئية)(وهي ما لم يكن الحكم فيها
ثابتا على جميع التقادير من الأزمان والاوضاع بل يكون ثابتا على بعض
التقادير(مطلقا) أي من غير تعيين.)
مثال: قد يكون إذا كان الشيء حيوانا كان إنسانا
, فإنّ الحكم باللزوم ليس على جميع الأزمان والاوضاع بل على بعضها مطلقا (من غير
تعيين)
3: (الشرطية الشخصية)(وهي ما كان الحكم فيها على بعض معين من الازمان والاوضاع) مثال:إنْ جئتني اليوم أكرمتك.
3: (الشرطية الشخصية)(وهي ما كان الحكم فيها على بعض معين من الازمان والاوضاع) مثال:إنْ جئتني اليوم أكرمتك.
(فائدةٌ): إنّ الاوضاع والازمان في الشرطية
بمنزلة الأفراد في الحملية.
4: (الشرطية المهملة)(وهي ما لم يُبيّن فيها
كمية الزمان جميعه أو بعضه)
مثال: إذا كان الشيء إنسانا كان حيوانا, فهنا
لم يُبين فيها ثبوت الحيوانية على جميع تقادير الإنسانية أو على بعضها.
(فائدةٌ): إنّ ما به بيان الكمية في
الشرطيات يُسمى سوراً كما في الحمليات.
فسور الموجبة الكلية في الشرطية المتصلة هو
كلما :مهما : متى.
وسور الموجبة الكلية في الشرطية المنفصلة هو:
دائما, وسور السالبة الكلية منها(المتصلة والمنفصلة)هو ليس البتة, وسور ا لموجبة
الجزئية منها أيضا هو قد يكون وسور السالبة الجزئية هو قد لا يكون أما سور الشرطية
المهملة فهو /لو / إنْ .
قال المصنف في المتن:
(وطرفا الشرطية في الأصل قضيتان حمليتان أو
متصلتان أو منفصلتان أو مختلفتان)
(التوضيح)
______
أي أنّ طرفا الشرطية وهما المقدم والتالي كانا
في الأصل قبل التركيب بينهما قضيتان , إما حمليتان :مثال: كلما كان هذا
الشيء إنسان فهو حيوان .والأصل: هذا هو إنسان :هو حيوان, أو متصلتان :مثال: كلما
إن كان هذا الشيء إنساناً فهو حيوان
أو منفصلتان :مثال :كلما كان دائما إما أن يكون
العدد زوجا أو فردا.
فدائما إما أن يكون العدد منقسما بمتساويين أو غير منقسم , أو مختلفتان في الحمل والاتصال والانفصال. بأن يكون طرفاها(الشرطية) إما حملية أو متصلة أو حملية ومنفصلة أو متصلة ومنفصلة , فتأمل ذلك بالمثال.
فدائما إما أن يكون العدد منقسما بمتساويين أو غير منقسم , أو مختلفتان في الحمل والاتصال والانفصال. بأن يكون طرفاها(الشرطية) إما حملية أو متصلة أو حملية ومنفصلة أو متصلة ومنفصلة , فتأمل ذلك بالمثال.
توضيح قول المصنف في المتن: (إلاّ أنهما خرجتا بزيادة أداة الاتصال والانفصال
عن التمام)
أي أنّ طرفي الشرطية من المقدم والتالي وإن
كانا قبل التركيب بينهما قضيتين تامتين إلاّ أنهما خرجتا عن التمام بزيادة
أداة الاتصال أو الانفصال عليها.
مثال: الشمس طالعة :قضية حملية تامة
الإفادة.
لكن إذا زدنا أداة الاتصال عليها وقلنا (إنْ
كانت الشمسُ طالعةً )خرجتْ عن كونها قضية تامة فصارت بتلك الزيادة بالأداة مقدم لا
يصح السكوت عليه وهكذا الحال في مثال الانفصال: بقولنا (العدد زوج) قضية تامة
الفائدة وبزيادة أداة الانفصال(إما) عليها تخرج عن التمام.
(فصلٌ في أحكام القضايا) (بحثٌ في التناقض)
_______________________________
بعد ما أتم المصنف بيان تعريف القضايا وأقسامها
شَرعَ في بيان أحكام القضايا وابتدأ ببحث التناقض تعريفا وبيانا لشروطه.
فقال في المتن :مُعرِّفا التناقض :( هو اختلاف
القضيتين بحيث يلزم لذاته من صدق كل منها كذب الأخر وبالعكس)
(التوضيح)
______
التناقض لغةً : إنّ أصل النقض لغة هو الحل ثم
نُقِلَ الى مُطلقِ الإبطال ولما كان كل من النقيضين يبطل حكم الآخر أُطلقَ عليه
مادة النقيض وكل منهما (مُناقض)للآخر فلذلك عُبِّرَ بصفة التفاعل (التناقض) بين
الطرفين.
التناقض اصطلاحا: هو الاختلاف والتمانع بين
الأمرين .
والمصنف بقوله(اختلاف القضيتين) أراد أن يُخرج اختلاف
المفردين أو اختلاف المفرد والقضية, ثم إنّ هذا الاختلاف والتمانع قد يكون بحيث
يلزم لذاته من صدق كل من القضيتين كذب الأخرى, وهذا هو معنى قول المصنف(والعكس).
وخرج المصنف بقوله(لذاته أي لذات الاختلاف) الاختلاف الذي لا يلزم منه التناقض , كالاختلاف الذي بين قولنا مثلا: زيد ساكن : زيد ليس بمتحرك.
وخرج المصنف بقوله(لذاته أي لذات الاختلاف) الاختلاف الذي لا يلزم منه التناقض , كالاختلاف الذي بين قولنا مثلا: زيد ساكن : زيد ليس بمتحرك.
فإنه لا يوجب التناقض لصدق كل من القضيتين , ويخرج
أيضا الاختلاف الذي بين الموجبة والسالبة الكليتين أو الجزئيتين , فإنّ الاختلاف
فيها لا لذات الاختلاف بل لخصوص مادة القضية . فتأمل:
(فائدةٌ): (إنّ المصنفَ وإنْ خرّجَ في تعريف
التناقض اختلاف المفردين إلاّ أن ذلك لا يعني أنه لا تناقضا بين المفردات بل أنّ مقصوده إنما هو تناقض القضايا ولكون الكلام في
أحكام القضايا لا في تناقض المفردات.)
(بحثٌ في شروط التناقض)
_________________
قال المصنف في المتن:( ولابد فيه من الاختلاف
في الكم والكيف والجهة والاتحاد فيما عداها)
(التوضيح)
______
1: (شرط الاختلاف في الكم) والمقصود به هو الاختلاف
في الكلية و البعضية (الجزئية) والذي لابد
منه إن كانتا القضيتان محصورتين .
وذلك لصدق الجزئيتين وكذب الكليتين في كل مادة
يكون الموضوع فيها أعم من المحمول :مثال : بعض الحيوان إنسان: بعض الحيوان
ليس بإنسان.
و كل حيوان إنسان. :لا شيء من الحيوان بإنسان.
2: (شرط الاختلاف في الكيف): أي أنّ القضيتين
إن كانتا شخصيتين فلا بد من الاختلاف في الكيف(الإيجاب والسلب) بأن تكون إحداهما
موجبة والأخرى سالبة.
لأنّ الموجبتين والسالبتين قد تجتمعان في الصدق
والكذب.
3: (الشرط الثالث) (لابديِّة الاختلاف في
الجهة).
أي وإن كانتا القضيتين موجهتين فلابد أيضا من الاختلاف
في الجهة (أي الضرورة والإمكان والدوام وغيرها من الجهات التي مر ذكرها) وذلك لصدق الممكنتين وكذب الضرورتين في مادة
الإمكان الخاص.
وأما الممكنتان فيصدقان في مادة الإمكان الخاص
لأنّ إمكان السلب لا يرفع إمكان الإيجاب : مثال: كل إنسان كاتب بالإمكان : ليس كل إنسان كاتبا بالإمكان
وأما الضرورتان :مثال: كل إنسان بالضرورة كاتب
: ليس كل إنسان كاتب بالضرورة.
فإنهما يكذبان لأنّ إيجاب الكتابة (ثبوتها)
لشيء من أفراد الإنسان ليس بضروري ولا سلبها عنه أيضا.(ليس بضروري) .
قال المصنف في المتن:( والاتحاد فيما عداها)
(التوضيح)
_______
ويقصد المصنف بأنه لابد في التناقض من اختلاف واتحاد
بمعنى اختلاف في الكيف والكم والجهة واتحاد فيما عدا ذلك, وينحصر الاتحاد في وحدات
ثمان وهي:
1: الموضوع 2: المحمول 3: الزمان 4: المكان 5:الإضافة 6: الشرط 7:القوة والفعل 8 :الجزء والكل.
مثال :زيد قائم.... لا يتناقض وعمر ليس بقائم .
لاختلاف الموضوع.
مثال: زيد قائم.....زيد ليس بقاعد ..لاختلاف
المحمول. وعلى ذلك قس بقية الوحدات.
(فائدةُ) : إنّ هذه الوحدات الثمان التي يشترط
فيها الاتحاد في التناقض هي على مبنى قدماء المناطقة.
أما عند متأخري المناطقة فيكفي وحدتان وهما
(وحدة الموضوع)و(وحدة المحمول) والوحدات الباقية مندرجة فيها أي في وحدة الموضوع
ووحدة المحمول.
فوحدة الشرط والجزء والكل مندرجة في وحدة
الموضوع.
ووحدة الزمان والمكان والإضافة والقوة والفعل
مندرجة في وحدة المحمول.
(بحثٌ في نقائض البسائط والمركبات)
_______________________
وهوما ذكره المصنف بقوله في المتن:
( والنقيض للضرورية (الممكنة العامة) وللدائمة
(المطلقة العامة ) وللمشروطة العامة (الحينية الممكنة) وللعرفية العامة (الحينية
المطلقة) وللمركبة (المفهوم المردد بين نقيضي الجزئين) ولكن الجزئية (بالنسبة الى
كل فرد فرد))
(التوضيح)
_______
(تناقض الموجهات)
____________
إنّ كيفية التناقض في القضايا الغير موجهة
معلومة بمجرد الاختلاف في الكيف والكم , وأما القضايا الموجهة فلا يُعلَم حالها
بمجرد الاختلاف في الكيف والكم والجهة لأنّ الجهات كثيرة لا يُعرف أن هذه الجهة
مثلا تناقض أي جهة فلهذا بيّن المصنف التفتازاني حال القضايا الموجهة دون غيرها.
فقال في المتن(والنقيض للضرورية (الممكنة
العامة)) وذلك لأنّ إثبات الضرورة في جانب
الإيجاب وهو مفهوم الضرورية الموجبة مناقض لسلب الضرورة عن جانب الإيجاب وهو مفهوم
السالبة الممكنة.
وكذلك إثبات الضرورة في جانب السلب وهو مفهوم
الضرورية السالبة مناقض لسلب الضرورة عن جانب السلب وهو مفهوم الموجبة الممكنة.
مثال :كل إنسان حيوان بالضرورة /يناقضه/
بعض الإنسان ليس بحيوان بالإمكان العام. فإنّ معناه سلب الضرورة عن الجانب
المخالف وهو الإيجاب (كل إنسان حيوان بالضرورة)
فيكون المعنى أنه لا ضرورة في ثبوت الحيوانية
لبعض الإنسان وهو يناقض قولنا كل إنسان حيوان بالضرورة.
هذا تمثيل في جانب الإيجاب :بالضرورة , أما
مثال: إثبات الضرورة في جانب السلب.
تقول: لا شيء من الإنسان بكاتب بالضرورة /يناقض
/ بعض الإنسان كاتب بالإمكان العام.
بيان قول المصنف (والنقيض للدائمة (المطلقة
العامة)
إنّ سبب هذا التناقض هو أنّ الإيجاب في كل
الاوقات وهو مفهوم الدائمة الموجبة يُنافي السلب في بعض الاوقات وهو مفهوم المطلقة
السالبة.
وكذلك السلب في كل الأوقات وهو مفهوم الدائمة
السالبة يُنافي الإيجاب في بعض الأوقات وهو مفهوم المطلقة الموجبة.
مثال : كل إنسان كاتب دائما يُنافي قولنا : ليس بعض الإنسان بكاتب بالإطلاق العام.
مثال : كل إنسان كاتب دائما يُنافي قولنا : ليس بعض الإنسان بكاتب بالإطلاق العام.
بيان قول المصنف: (والنقيض للمشروطة العامة
(الحينية الممكنة))
ولتعقل مفهوم (المشروطة العامة) راجع تعريفها
في البسائط التي مر ذكرها.
وإليكَ المقصود ب(الحينية الممكنة) وهي التي
حُكِمَ فيها بسلب الضرورة بحسب الوصف عن الجانب المُخالف للحكم وهي قضية بسيطة لم
تذكر في البسائط فاحتيج إليها في نقيض (المشروطة العامة) ونسبتها الى المشروطة العامة كنسبة( الممكنة
العامة) الى (الضرورية الذاتية) , فكما أنّ الضرورة الذاتية تنافي الإمكان الذاتي
, كذلك الضرورية الوصفية تنافي الإمكان الوصفي.
مثال: كل كاتب حيوان بالضرورة بشرط كونه كاتبا
/ نقيضها/ ليس بعض الكاتب بحيوان بالإمكان حين هو كاتب.(حينية ممكنة).
بيان قول المصنف : (والنقيض للعرفية العامة
(الحينية المطلقة))
والمقصود ب(الحينية المطلقة) : (هي التي حُكِمَ
فيها بفعلية النسبة أي تحققها في بعض اوقات وصف الموضوع ) ونسبتها الى العرفية
العامة كنسبة المطلقة العامة الى الدائمة.
فكما أنّّّّ الدوام الذاتي يُنافي الإطلاق
الذاتي كذلك الدوام الوصفي يُناقض الإطلاق الوصفي .
وبعبارة أخرى يعني كما أنّ النسبة بين المطلقة
العامة والدائمة هي العموم والخصوص المطلق فكذلك النسبة بين الحينية المطلقة في
العرفية العامة بمنزلة المطلقة العامة من الدائمة والسلب في جميعها (جميع الاوقات) يُناقض الإيجاب في بعضها.
مثال: بالدوام كل كاتب متحرك الأصابع ما دام
كاتبا :عرفية عامة
نقيضها :ليس بعض الكاتب بمتحرك الأصابع حين هو
كاتب بالفعل :حينية مطلقة.
(بحثٌ في نقائض المركبات)
__________________
وذكره المصنف في قوله في المتن:
( والنقيض للمركبة الكلية (المفهوم المردد بين
نقيض الجزئين) ولكن في المركبة الجزئية (بالنسبة الى كلِّ فردٍ فرد من أفراد الموضوع))
(التوضيح)
=======
ويقصد المصنف بالمفهوم المردد بين نقيض الجزئين
هو المنفصلة مانعة الخلو مركبة من نقيض الجزئين
أما طريقة أخذ نقيض المركبة وهي أن تحلل
المركبة الى الجزئين وتأخذ لكل جزء نقيضه ويركب من نقيض الجزئين منفصلة مانعة
الخلو.
وهنا نحتاج الى فهم حقائق المركبات ونقائض
البسائط التي مر ذكرها.
فإذا أردنا مثلا أن نأخذ نقيض المركبة فلننظر
الى (المشروطة الخاصة ) المركبة من (مشروطة عامة) موافقة لأصل القضية في
الكيف(الإيجاب والسلب) /الجزء الأول.
ومن (مطلقة عامة) مخالفة لأصل القضية في
الكيف/الجزء الثاني.
فإنّ نقيضها إما (الحينية الممكنة) المخالفة أو
الدائمة الموافقة.
لأنّ نقيض الجزء الأول أي المشروطة العامة
الموافقة هو(الحينية الممكنة المخالفة)
وقد مر علينا ذلك في نقيض (المشروطة العامة)
الحينية الممكنة.
مثال: إذا قلنا بالضرورة كل كاتب متحرك الأصابع
ما دام كاتبا لا دائما
فنقيضها: إما ليس بعض الكاتب بمتحرك الأصابع
بالإمكان الحيني
وإما بعض الكاتب بمتحرك الأصابع دائما.
وهذه هي المنفصلة المانعة الخلو المركبة من
نقيض الجزئين.
(فائدةُ)
: إنّ إطلاق النقيض على هذا المفهوم
المردد باعتبار أنه لازم مساوٍ للنقيض لا باعتبار أنه نقيض حقيقة إذ أنّ نقيض
الشيء الحقيقة هو رفع ذلك الشيء.
والقضية المركبة لما كانت عبارة عن مجموع
قضيتين مختلفتين بالإيجاب والسلب فنقيضها رفع ذلك المجموع , والمفهوم المردد ليس
نفس الرفع لكنه لازم مساوٍ له.
وهذا هو نقيض المركبة الكلية.
وأما المركبة الجزئية فقال المصنف :في المتن:
(ولكن في المركبة الجزئية بالنسبة الى كلِّ فردٍ
فرد من أفراد الموضوع)
(التوضيح)
_______
يعني لا يكفي في نقيض المركبة الجزئية ما ذكره
المصنف من المفهوم المردد بل المقصود في نقيضها أن يُردد بين نقيضي الجزئيين
بالنسبة الى كلِّ فردٍ فرد من أفراد الموضوع.
وسبب عدم كفاية المفهوم المردد في نقيض المركبة
الجزئية هو لجواز كذب الجزئية والمفهوم المردد معاً.
ولنمثل لذلك بمادة (الوجودية اللادائمة) ويكون
القياس عليها لما سواها .
فنقول من الجائز أن يكون المحمول ثابتا دائما
لبعض أفراد الموضوع مسلوبا دائما عن بعض الأفراد الأُخَر.
كالحيوان مثلا فإنه ثابت دائما لبعض أفراد
الجسم مسلوبٌ دائما عن بعض آخر
ففي هذه المادة أي(الوجودية اللادائمة) :تكذب
الجزئية اللادائمة والمفهوم المردد معاً.
أما وجه(كذب الجزئية اللادائمة) أي قولنا (بعض
الجسم حيوان لا دائما)
فلأنّ مفهوم الجزئية اللادائمة هو أن يكون بعض
أفراد الموضوع بحيث يثبت له المحمول تارة ويسلب عنه اخرى.
ولا شيء من أفراد الموضوع في المادة
المفروضة(الجزئية اللادائمة) كذلك.
إذ ليس شيء من الجسم بحيث يثبت له الحيوان تارة
ويُسلب عنه أخرى فتكذب (الجزئية اللادائمة)
أما وجه (كذب المفهوم المردد) فلكذب الموجبة
والسالبة الكليتين اللتين تركب المفهوم المردد منهما.
أما وجه(كذب الموجبة الكلية)أي(كل جسم حيوان
دائما) فلأنّ المحمول مسلوب دائما عن بعض أفراد الجسم فكيف يكون ثابتا لجميعها.
وأما وجه (كذب السالبة الكلية) أي( لا شيء من
الجسم بحيوان دائما) فلأنّ المحمول ثابت دائما لبعض أفراد الجسم فكيف يكون مسلوبا
عن جميعها.
وإذا كذبت الموجبة والسالبة الكليتان كذب
المفهوم المردد قطعا لأنه مركب منها.
فلذلك لا يكفي المفهوم المردد في نقيض المركبة
الجزئية.
بل الذي يكفي في نقيضها هو الترديد بين نقيضي
الجزئين لكل واحدة من افراد الموضوع. فيقال في مادة(الوجودية اللادائمة) .
مثال: كل فرد من أفراد الجسم إما حيوان دائما
أوليس بحيوان دائما
وهذا هو نقيض المركبة الجزئية.
أي قولنا(بعض الجسم حيوان لا دائما) لأنّه إذا
لم يصدق أنّ بعض أفراد الجسم يثبت له المحمول تارة ويُسلب عنه اخرى صدق أنّ كل
واحد من افراد الجسم إما أن يثبت له الحيوان دائما أو يُسلب عنه دائما.
(فصلٌ
في العكس المستوي)
_________________
وقد عرّفَ المصنف العكس المستوي في المتن فقال
بأنه ( تبديل طرفي القضية مع بقاء الصدق
والكذب والكيف)
(التوضيح)
______
العكس :لغةً: هو رد آخر الشيء الى أوله وهو أعم
من أن يكون قضية أو غيرها.
وأراد المصنف هنا بالتبديل (نفس المعنى
المصدري) حقيقة لا مجازاً (أي لا القضية الحاصلة من التبديل)
بمعنى أنّ العكس المستوي عند المصنف هو نفس
عملية التبديل لطرفي القضية لا مُبدَّل(اسم مفعول) طرفي القضية.
وإنما سُمي العكس المستوي بذلك الاسم إما
تشبيهاً له بالطريق الواضح والمستوي فإنه لا خفاء فيه ولإيضاحه بخلاف عكس النقيض
فإنه فيه ما يعوج الذهن .
أو سُميَ بذلك لمساواة القضية المعكوسة بالعكس
المستوي مع الأصل في الصدق والكيف , وتتحقق صورة التبديل في العكس المستوي بجعل
الموضوع محمولا وجعل الموضوع محمولا في القضايا الحمليات. أو بجعل المُقدّم تاليا
وجعل التالي مُقدّما في الشرطيات.
مثال للحملية : في العكس المستوي: كل إنسان
حيوان: موجبة كلية
عكسها المستوي: بعض الحيوان إنسان.
مثال للشرطية: كلما كانت النار موجودة كانت
الحرارة موجودة
عكسها المستوي: قد يكون إذا كانت الحرارة
موجودة كانت النار موجودة.
(شروط
العكس المستوي)
________________
1:(بقاء الصدق) 2:(بقاء الكيف)
1: (بقاء الصدق) : ومعنى ذلك أنّ الأصل
أي القضية المراد عكسها إذا كان صادقا كان العكس صادقا لأنّ العكس لازم القضية المعكوسة
فلو فُرِضَ صدق القضية لَزِمَ صدق العكس لها وإلاّ أي وإن لم يلزم الصدق بين الأصل
وعكسه للزمَ صدق الملزوم (الأصل) من دون اللازم(العكس).
(فائدةٌ): لم يعتبر المصنف هنا في شرط العكس المستوي (بقاء
الكذب) لأنه لا يلزم من كذب الملزوم (الأصل) كذب اللازم(العكس)
مثال: كل حيوان إنسان: كاذبة. مع صدق عكسها (بعض الإنسان حيوان) صادقة.
2:(بقاء الكيف): وهو أنّ الأصل (القضية المراد
عكسها) لو كان موجبا كان العكس أيضا موجبا , وإن كان الأصل سالبا كان العكس سالبا
(وذلك أمر واضح فتأمل)
(بحثٌ
في مسائل العكس المستوي) (بيان العكس المستوي بحسب الكم والكيف)
______________________________________________
وإلى ذلك أشار المصنف بقوله في المتن :
(والموجبة كلية كانت أو جزئية إنما تنعكس
(جزئية) وإنما لم تنعكس كلية(لجواز عموم المحمول أو التالي في بعض مواد القضايا)
(التوضيح)
_____
إنّ وجه ونكتة انعكاس الموجبة (كلية أو جزئية)
بالعكس المستوي الى جزئية وعدم انعكاسها الى كلية هو لجواز عموم المحمول أو التالي
في بعض مواد القضايا.
ومثال ذلك 1: كل إنسان حيوان: حملية :موجبة كلية:
2: وكلما كانت النار موجودة كانت الحرارة
موجودة : شرطية :موجبة كلية:
فلو أردنا أن نعكس القضية:1: إلى كليتين لزم
حمل الأخص على كل أفراد الأعم في الحملية , مثلا: كل إنسان حيوان: نعكسها بالعكس
المستوي الى موجبة كلية فتكون :كل حيوان إنسان , ويلزم من ذلك حمل الأخص(الإنسان)
على كل أفراد الأعم(الحيوان) في الحملية وهو محال و المحالية واضحة في المثال
فتدبر:
:2: أما في الشرطية :الموجبة الكلية فلاستلزام
الأعم الأخص (وهو محال)
ووجه المحالية هنا , فلأنّه لو أستلزم الأعم
الأخص لزم أن يوجد الأخص كلما وجد الأعم وذلك بين البطلان(وذلك لانقلاب الأعمية
والأخصية الى التساوي) وهو باطل.
وإذا ثبت عدم انعكاس الموجبة الى الكلية في
مادة واحدة يثبت عدم انعكاسها الى الكلية مطلقا.
(بيان انعكاس السالبة الكلية بالعكس المستوي
الى سالبة كلية)
___________________________________
والى ذلك أشار المصنف بقوله في المتن: (والسالبة
الكلية تنعكس(كلية) وإلاّ لزم سلب الشيء عن نفسه)
( التوضيح )
______
بيَّنَ المصنفُ سبب انعكاس السالبة الكلية الى
سالبة كلية لأنّه إذا لم تنعكس س ك الى س ك يلزم سلب الشيء عن نفسه. مثال: إذا صدق لا شيء من الإنسان بحجر: س ك , وجب
أن يصدق لا شيء من الحجر بإنسان :س ك .
وإلاّ أي وإن لم يصدق ذلك لصدق نقيض السالبة
الكلية وهي (الموجبة الجزئية)
وهو بعض الحجر إنسان فتضمه الى الأصل(لا شيء من
الإنسان بحجر)
فينتج قياس من الشكل الاول صورته كالتالي: :ص: بعض
الحجر إنسان
:ك: لا شيء من الإنسان بحجر
:ك: لا شيء من الإنسان بحجر
النتيجة: بعض الحجر ليس بحجر: وهو محال
وهذا هو ما يستلزم سلب الشيء عن نفسه.
فالمحاليّة هنا ناتجة من نقيض العكس فإذاً عكس
السالبة الكلية بالعكس المستوي سالبة كلية وهو الحق منطقيا.
(بيان عدم وجود عكس للسالبة الجزئية بالعكس
المستوي أصلاً)
_____________________________________
والى ذلك أشار المصنف بقوله في المتن: (والجزئية لا تنعكس أصلا لجواز عموم الموضوع أو
المقدم)
(التوضيح)
______
صرّحَ المصنف التفتازاني في المتن بأنّ السالبة
الجزئية لا تنعكس أصلا بالعكس المستوي لا إلى السالبة الكلية ولا الى السالبة
الجزئية وبرّرَ ذلك بجواز عموم الموضوع أو عموم المُقدّم في بعض المواد.
مثال: ليس بعض الحيوان بإنسان: سالبة جزئية , فإنّ
الموضوع فيها أعم (الحيوان) فلو انعكست لزم انتفاء العام(الحيوان) من
الخاص(الإنسان) وهو محال
أي(ليس بعض الإنسان بحيوان) لأنه صدقٌ للخاص من
دون العام وهو محال.
(بحثٌ في صور العكس المستوي للقضايا بحسب
الجهة)
__________________________________
عَقدَ المصنف هذا البحث بقوله في المتن:
( وأما بحسب الجهة فمن الموجبات تنعكس
الدائمتان والعامتان الى(حينية مطلقة): وتنعكس الخاصتان الى (حينية لا دائمة):
والوقتيتان والوجوديتان والمطلقة العامة الى (مطلقة عامة): ولا عكس للممكنتين: ومن السوالب: تنعكس الدائمتان الى (دائمة
مطلقة) : والعامتان الى(عرفية عامة) :والخاصتان الى (عرفية لا دائمة) في البعض: والبيان
في الكل أنّ نقيض العكس مع الأصل ينتج المحال ولا عكس للبواقي بالنقض)
(التوضيح)
______
(بيان في عكس القضايا الموجَّهات (الموجبات
والسوالب))
__________________________________
(عكس الموجبات)
1: (تنعكس الدائمتان والعامتان الى (حينية
مطلقة))
ويقصد المصنف بالدائمتين أي الضرورية والدائمة
وبالعامتين أي المشروطة والعرفية , واللتان عكسهما هو(الحينية المطلقة) .
(بيان نكتة العكس بالمثال)
________________
لأنه إذا صدق كل ج ب بإحدى الجهات الأربع أي
بالضرورة أو دائما أو مادام ج وجب أن يصدق بعض ب ج مادام ب ونضمها الى الأصل
فنقول:
كل ج ب- الأصل بإحدى الجهات المذكورة.
ولا شيء من ب ج ما دام ب فينتج لا شيء من ج ج
بالضرورة أو دائما أو ما دام ج وهو محال.
والمحاليّة هنا ناشئة عن نقيض العكس فإذن تنعكس
الدائمتان والعامتان من الموجبات الى(حينية مطلقة).
2: (انعكاس الخاصتان(المشروطة والعرفية) بالعكس
المستوي الى (حينية لا دائمة)
أي(حينية مطلقة لا دائمة) .
لأنه إذا صدق بالضرورة أو دائما كل ج ب ما دام
ج لا دائما
صدقَ بعض ج حين هو ب لا دائما.
وأما (الحينية المطلقة) وهي بعض ب ج حين هو ب
فوجه صدقها لكونها لازمة للمشروطة والعرفية
العامتين ولازم العامتين (المشروطة والعرفية) لازم للخاصتين.
وأما وجه صدق اللادوام (لا دائما) وهو بعض ب
ليس ج بالإطلاق.
فلأنه لو كَذِبَ لصدق كل ب ج دائما ونضمها صغرى
الى الجزء الأول من الأصل
وهو قولنا (بالضرورة أو دائما كل ج ب ما دام ج)
.
فينتج كل ب ب دائما ثم نضمها صغرى الى الجزء
الثاني من الأصل وهو قولنا:
(لا شيء من ج ب بالإطلاق العام) فينتج لا شيء
من ب ب بالإطلاق فيلزم اجتماع النقيضين وهو محال.
3: (انعكاس الوقتيتان والوجوديتان والمطلقة
العامة الى(مطلقة عامة))
لأنه إذا صدق كل ج ب بإحدى الجهات الخمس
المذكورة أي(الوقتيتان والوجوديتان والمطلقة العامة)
فبعض ب ج بالإطلاق , وإلاّ فلا شيء من ب ج دائما وهو مع الأصل(كل ب
ج) ينتج لا شيء من ج ج دائما وهو محال.
4: (ولا عكس للممكنتين) بالعكس المستوي.
(بيان ذلك) :
يقصد المصنف بالممكنتين أي (الممكنة العامة والممكنة الخاصة) لأنه يُشترط
في وصف الموضوع بأن يكون ثابتا للموضوع بالفعل فعلى هذا يكون مفهوم كل ج ب
بالإمكان : أنّ كل ما هو ج بالفعل هو ب بالإمكان , ومن الجائز أن يكون ب بالإمكان
ولا يخرج من القوة الى الفعل أصلا , فلا يصدق في الممكنة بعض ما هو ب بالفعل هو ج
بالإمكان , (وهذا هو مختار المصنف لمذهب الشيخ ابن سينا في عدم انعكاس الممكنتين ).
وأما على مذهب الفارابي فجائز انعكاس الممكنتين
كنفسيهما لأنّ الفارابي لم يشترط في و صف الموضوع ثبوته للموضوع بالفعل بل
يكتفي(الفارابي) بالإمكان.
فيكون مفهوم كل ج ب :أنّ كل ما هو ج بالإمكان
هو ب بالإمكان وتنعكس الى بعض ما هو ب بالإمكان الى هو ج بالإمكان.
(بيان صور عكس الموجهات السوالب بالعكس
المستوي)
__________________________________
1: (انعكاس الدائمتين الى (دائمة مطلقة).
إنّ وجه انعكاس الدائمتين الى(دائمة مطلقة)
لأنّه إذا صدق بالضرورة أو دائما لا شيء من ج ب
فدائما لا شيء من ب ج.
وإلاّ أي وإن لم تنعكس الدائمتان السالبتان الى
دائمة مطلقة .سالبة.
يلزم أن يكون بعض ب ج بالإطلاق وهو مع
الأصل(لا شيء من ب ج) ينتج بعض ب ليس ب وهو محال.
2: (انعكاس العامتين الى عرفية عامة)
لأنه إذا صدق بالضرورة أو دائما لا شيء من ج ب
ما دام ب صدق لا شيء من ب ج مادام ب . وإلاّ فبعض ب ج هو حين ب وهو مع الأصل(لا شيء
من ج ب)
ينتج بعض ب ليس ب وهو محال لأنه سلبٌ للشيء عن
نفسه.
3: (انعكاس الخاصتين(المشروطة الخاصة والعرفية
الخاصة) الى (عرفية لا دائمة) في البعض) (بيان ذلك) : إنّ معنى العرفية اللادائمة في البعض هو قضية
مركبة من عرفية عامة كلية ومطلقة عامة جزئية.
أما العرفية العامة في الجزء الأول فهي عرفية
عامة كلية , وأما المطلقة العامة الجزيئة فهي مفهوم اللادوام في البعض أي الجزئية.
ويمكن فهم ذلك: بأن نقول أنّ الخاصيتين تنعكسان إلى العرفية
العامة المقيدة باللادوام في البعض.
لأنه إذا صدق بالضرورة أو دائما : لا شيء من ج
ب ما دام ج لا دائما
صدق لا شيء من ب ج ما دام ب لا دائما في
البعض.
فأمّا وجه صدق العرفية العامة( وهي : لا شيء من
ب ج ما دام ب) , فلكونها لازمة للعامتين ولازم العام لازم الخاص.
وأمّا وجه صدق اللادوام في البعض فلأنّه لو لم
يصدق بعض ب ج بالفعل لصدق لا شيء من ب ج دائما وينعكس إلى لا شيء من ج ب
دائما وقد كان كل ج ب بالفعل بحكم لا دوام الأصل.
(فائدةٌ) : إنّ وجه عدم انعكاس العامتين
والخاصتين إلى العرفية المقيدة باللادوام في الكل: لأنه اللادوام في السالبتين الكليتين
إشارة إلى مطلقة عامة موجبة كلية والموجبة الكلية تنعكس إلى جزئية (فتدبّر).
توضيح قول المصنف: ( والبيان في الكل أنّ نقيض
العكس مع الأصل يُنتج المحال)
ويقصد المصنف بالبيان في الكل :أي بيان انعكاس
جميع القضايا المذكورة في الموجبة والسالبة والمٌسمى (بالخُلف) :وهو إثبات المطلوب
بإبطال نقيضه:
على ما سنذكره في القياس وحاصل ذلك :
هو أنه لو لم يصدق العكس لصدق نقيضه وهو مع
الأصل ينتج المحال كما مرّ ذلك علينا غير مرّة والمحال ناشئ من نقيض العكس فيلزم
صدق العكس.
توضيح قول المصنف: (و لا عكس للبواقي بالنقض)
أي ولا عكس للبواقي من القضايا السوالب وهي :الوقتيتان
: والوجوديتان: والممكنتان: والمطلقة العامة:
وإنما لم تنعكس هذه القضايا بالنقض أي بسبب
النقض الوارد على الانعكاس وذلك لأنّ الوقتية أخص تلك القضايا المذكورة وهي لا
تنعكس فلا تنعكس القضايا المذكورة لأّنه إذا لم ينعكس الأخص لا ينعكس الأعم.
(بيان وجه عدم انعكاس الوقتية) وهي التي أخص القضايا:
مثال: أما أنها لا تنعكس لصدق قولنا : لا شيء
من القمر بمنخسف وقت التربيع لا دائما. مع
كذب بعض المُنخسف ليس بقمر بالإمكان العام وهو أعم الجهات.
(فائدة):
أما أنه إذا لم ينعكس الأخص لم ينعكس الأعم فلأنّه لو انعكس الأعم لأنعكس الأخص
لأنّ العكس لازم للقضية ولازم الأعم لازم للأخص.
(فائدةٌ) :
إنّ القضايا الموجبة كلية كانت أو جزئية تنعكس إلى موجبة جزئية إلاّ
الممكنتين فإنهما لا ينعكسان على مذهب الشيخ(ابن سينا) كما مر عليك سالفا.
وأما القضايا السوالب: فإن كانت كلية فستٌ منها
تنعكس وهي:
الدائمتان: والعامتان : والخاصتان , وسبعٌ منها
لا تنعكس وهي: الوقتيتان: والوجوديتان والممكنتان والمطلقة العامة:
وإن كانت جزئية فلا تنعكس منها إلاّ المشروطة
والعرفية الخاصتان فقط فإنهما تنعكسان إلى (عرفية خاصة).
(فصلٌ
في عكس النقيض) (تمهيدٌ في البحث)
_____________________________________
يُطلقُ عكس النقيض على المعنى المصدري من :
تبديل نقيضي الطرفين: وكذلك يُطلق ايضا على القضية الحاصلة من عكس النقيض , والمصنف
هنا ذكر تعريفين لعكس النقيض أحدهما:
على طريقة القدماء: وهو: تبديل نقيضي الطرفين
مع بقاء الصدق والكيف:
والثاني: على طريقة المتأخرين: وهو جعل نقيض
الثاني أولاً مع مخالفة الكيف:
وطريقة القدماء في عكس النقيض هي المعتبرة في
العلوم والمستعملة فيها ولذا قدَّمها المصنفُ وبين أحكام عكس النقيض عليها .
أما سبب عدول المتأخرين عن طريقة القدماء في
التعريف: لأنهم لما رأوا أنّ القدماء يستدلون على انعكاس الموجبة الكلية
كنفسها اعترضوا عليهم بأنّ نقيض العكس هو قولنا: (ليس بعض ما ليس ب ج)
والقول سالبة جزيئة
فلا تنعكس بالعكس المستوي ولا تصلح أن تكون
صغرى في الشكل الأول لانتفاء الإيجاب ولا كبرى لانتفاء الكلية فلا صورة لما ذكروه
في القياس المنظم في هيئة الشكل الأول.
والقول بأنّ : بعض ما ليس ب ج لازم لقولنا ليس
بعض ما ليس ج ممنوع
لأنّ السالبة المعدولة المحمول لا تستلزم
الموجبة المحصلة المحمول
لجواز أن يكون الموضوع معدوما فلا يصح الإيجاب
لا بطريق التحصيل ولا بطريق العدول لأنّ كلا منهما يقتضي وجود الموضوع ولما
اعتقدوا بحقيقة اعترافهم هذا غيّروا التعريف ولذا ذكره المصنف ثانيا.
(توضيح تعريف القدماء لعكس النقيض) : عرَّف
المصنف عكس النقيض على طريقة القدماء وذلك في قوله في المتن:
(عكس النقيض: هو تبديل نقيض الطرفين مع بقاء
الصدق والكيف) ويتحقق التبديل هنا بجعل نقيض الجزء الأول من الأصل ثانيا وجعل نقيض
الجزء الثاني أولاً مع بقاء الصدق والكيف. مثال: كل ج ب :الأصل
ينعكس بعكس النقيض عند القدماء إلى: كل ما ليس ب ليس ج.
أما على طريقة المتأخرين فذكر المصنف تعريفهم
في قوله: (جعل نقيض الثاني أولاً مع
مخالفة الكيف)
(التوضيح)
_____
أي جعل نقيض الجزء الثاني من الأصل أولاً في
العكس وعين الأول ثانيا في العكس , مع مخالفة الكيف( الإيجاب والسلب) وبقاء الصدق.
مثال: كل ج ب:الأصل , ينعكس بعكس النقيض عند المتأخرين إلى:
لا شيء مما ليس ب ج:
أما معنى بقاء الصدق والكيف في تعريف القدماء
في عكس النقيض فقد تقدم بيانه في العكس المستوي فلا حاجة لإعادته (فراجع) .
وأما معنى (مخالفة الكيف) في تعريف المتأخرين
لعكس النقيض :
(فهو أنّ الأصل إن كان موجبا كان العكس سالبا) (وإن كان الأصل سالبا كان العكس موجبا)
توضيح قول المصنف في المتن:
( وحكم الموجبات ها هنا :حكم السوالب في
المستوي وبالعكس) :
يعني حتى أنّ الموجبة الكلية في عكس النقيض
تنعكس موجبة كلية والجزئية لا تنعكس مطلقا : والسالبة الكلية والجزئية تنعكس
جزئية:
توضيح قول المصنف: (والبيان هو البيان)
يعني البيان في انعكاس القضايا بعكس النقيض هو
البيان المذكور في انعكاسها بالعكس المستوي من غير فرق.
وهذا هو معنى قول المصنف (النقض هو النقض) أي
النقض الوارد على انعكاس القضايا في العكس النقيض هو النقض الوارد على انعكاسها
بالعكس المستوي.
فكل قضية تنعكس في العكس المستوي بدليل تنعكس
هذه القضية في عكس النقيض بعين ذلك الدليل , وكل قضية لم تنعكس بالعكس المستوي
بسبب نقض لم تنعكس بعكس النقيض هنا أيضا.
توضيح قول المصنف:
(وقد بُيّنَ انعكاس الخاصتين من الموجبة
الجزئية ها هنا ومن السالبة الجزئية ثم إلى العرفية الخاصة بالافتراض )
يعني المصنف بذلك أنّ بيان انعكاس الخاصتين من
الموجبة الجزئية ومن السالبة الجزئية إلى العرفية الخاصة هو بيان آخر غير البيان
المذكور في العكس المستوي.
وبعبارة أوضح:
أنه تبين انعكاس الخاصتين من الموجبة الجزئية
في عكس النقيض وانعكاس الخاصتين من السالبة الجزئية في العكس المستوي إلى العرفية
الخاصة لكن البيان في انعكاسهما غير البيان الذي ذكره المصنف في العكس المستوي
وهو(الخُلف) بل البيان هنا هو (الافتراض).
( بيان ذلك الافتراض في العكس المستوي أولاً ثم
في عكس النقيض ثانيا)
التوضيح بمثال: إذا صدق بالضرورة أو دائما ليس بعض ب ج ما دام
ج لا دائما صدق دائما ليس بعض ب ج ما دام ب دائما.
لأنّا نفرض الموضوع وهو (بعض ج د فد ج وهو ظاهر
ود ب بحكم لا دوام الأصل لأنّ مفهوم اللادوام أن بعض ج ب بالفعل.
وليس د ج ما دام ب وإلاّ لكان د ج حين هو ب
فيكون ب حين هو ج وقد كان ليس ب مادام ج ) هذا خلف.
وإذا صدق ب و ج على د وتنافيا فيه : أي متى كان
ج لم يكن ب متى كان ب لم يكن ج صدق (ليس بعض ب ج ما دام ب) وهو الجزء الأول في
العكس.
ولمّا صدق على دال أنه ج بالفعل صدق بعض ب ج
بالفعل : وهو مفهوم اللادوام فيصدق العكس بجزئيه , هذا في انعكاس الخاصتين من
السالبة الجزئية بالعكس المستوي.
أما (انعكاسهما من الموجبة الجزئية بعكس النقيض
)
فبيانه بالطريق المذكور :تقول مثلا: إذا
صدق بالضرورة أو دائما بعض ج ب ما دام ج لا دائما فبعض ما ليس ب ليس ج
ما دام ليس ب لا دائما , لأنّا
نفرض الموضوع (د فد ليس ب بالفعل) بحكم اللادوام الأصل.
لأنّ مفهوم اللادوام أنّ بعض ج ليس هو ب بالفعل
وقد فرضنا ذلك البعض د فد ليس ب بحكم اللادوام.
ود ليس ج ما دام ليس ب وإلاّ لكان ج حين هو ليس ب.
فيكون ليس ب مادام ج وقد كان ب مادام ج (هذا
خلف)
ود ج بالفعل وهو ظاهر.
وإذا صدق على د أنه ليس ب وأنه ليس ج ما
دام ليس ب صدق بعض ما ليس ب ليس ج مادام ليس ب: وهذا هو الجزء الأول من
العكس النقيض .
ولما صدق على د أنه ج بالفعل فبعض ما ليس ب ج
بالفعل : وهو مفهوم اللادوام فيصدق العكس بجزئيه.
(بحثٌ في باب الحجة وهيئة تأليفها وأقسامها
الثلاثة :القياس :الاستقراء :التمثيل:)
________________________________________________
فصلٌ في القياس: في بيان تعريفه/ بيان أنواعه/ بيان
أشكاله .
(تمهيد في البحث) إنّ الحجة على ثلاثة أقسام وهي: القياس: الاستقراء:
التمثيل:
ودليل ذلك التقسيم هو أنّ الاستدلال إما أن يكون
من حال الكلي على حال الجزئي أو بالعكس أي من حال الجزئي على حال الكلي أو من حال
الجزئي على حال الجزئي الآخر بشرط أن يكونا داخلين تحت كلي واحد.
فالقسم الأول :أي: الاستدلال من حال الكلي على
حال الجزئي: يُسمى القياس
والقسم الثاني :أي :الاستدلال من حال الجزئي
على حال الكلي: يُسمى الاستقراء.
والقسم الثالث: أي: الاستدلال من حال الجزئي
على حال الجزئي الآخر المُندرجين تحت كلي واحد: يُسمى بالتمثيل:
فلذلك قدّم المصنفُ في مقام البحث القياسَ على
مبحث الاستقراء والتمثيل وذلك لكون القياس العمدة في الإيصال لإفادة اليقين دون
أخويه من الاستقراء والتمثيل.
(بيان تعريف القياس) القياس :لغةً: هو تقدير مثال على مثال آخر.
القياس: اصطلاحا: على ما ذكره المصنف في المتن
هو ( قولٌ مُؤلفٌ من قضايا يلزمه لذاته قول آخر) .
(التوضيح)
______
إنّ المقصود بالقول: هو المفهوم المركب العقلي
أو اللفظي فبذلك يكون القول جنسا يشمل القياس وغيره من القضية البسيطة والمركبة والاستقراء
والتمثيل وقياس المساواة.
أما مقصود قول المصنف(مؤلف من قضايا) فهو إخراج
ما ليس بمؤلف من قضايا كالقضية البسيطة المستلزمة لعكسها أو عكس نقيضها فإنها ليست
مؤلفة.
وأما معنى قوله( يلزمه لذاته قول آخر) فهو
إخراج الاستقراء غير التام والتمثيل فإنهما وإن كانا مؤلفين من القضايا لكن لا
يلزمهما(قول آخر) لكونهما ظنيين وسيأتي توضيح ذلك في مبحث الاستقراء والتمثيل.
وبقيد (يلزمه لذاته) أخرج المصنف قياس المساواة
وذلك لعدم إنتاجه مُطّردا واختلافه بحسب اختلاف مواده.
وقياس المساواة: هو ما يتركب من قضيتين متعلّق
محمول أولاهما يكون موضوع الأخرى كقولنا:
أ مساوٍ ل ب وب مساوٍ ل ج فإنّه أن يكون
أ مساوٍ ل ج لكن لا بذاته بل بواسطة مقدمة عقلية خارجية وهي(كل مساوي المساوي
مساوي)
والمراد ب(القول الآخر) : هو النتيجة و المطلوب
من تشكيل القياس بصورته الفنية من الصغرى والكبرى:
(بحثٌ في أقسام القياس باعتبار الهيئة)
_______________________
قال المصنف في المتن بخصوص ذلك:
(فإن كان مذكورا بمادته وهيئته (فاستثنائي)
وإلاّ (فاقتراني) :إما حملي أو شرطي.
وموضوع المطلوب من الحملي يُسمى أصغر و محموله
أكبر والمتكرر أوسط وما فيه الأصغر :الصغرى وما فيه الأكبر الكبرى)
أي: فإن كان القول الآخر أي النتيجة مذكورة في
القياس بمادتها أي طرفيها(الموضوع والمحمول) والهيئة أي صورتها التأليفية فاستثنائي.
وحاصل مراد المصنف التفتازاني :
أنّ النتيجة إن كانت مذكورة أي موجودة في
القياس بطرفيها(الموضوع والمحمول) والنسبة التفصيلية بينهما سواء كانت عين النسبة
في النتيجة من الوقوع أو اللاوقوع أو نقيضها وإن لم تكن متعلقا للإيقاع أو الانتزاع
فالقياس استثنائي.
فإذاً(القياس الاستثنائي)
: هو ما تكون النتيجة فيه مذكورة بعينها أو بنقيضها وإنما سمي استثنايئا لاشتماله
على كلمة الاستثناء (لكن).
(توضيح صورة القياس الاستثنائي بالمثال) : إن
كانت الشمس طالعة فالنهار موجود لكن الشمس طالعة فالنهار موجود .
فالقول الآخر(النتيجة) وهو النهار موجود موجود
ومذكور في ضمن القياس الاستثنائي بمادته(الموضوع والمحمول) وهيئته (ترتيبه بالفعل)
القسم الثاني من القياس: هو القياس الاقتراني:
وهو ما لم يكن القول الآخر مذكورا فيه بمادته وهيئته:
مثال ذلك: ص: العالم متغير
:ك: كل متغير حادث
النتيجة: العالم حادث .
وإنما سُميَ اقترانيا لاقتران حدود القياس من
الأصغر والأكبر والأوسط أي عدم انفصال بعضهما عن البعض بشيء آخر كما في المثال
أعلاه.
(فائدة): إنما سُميّت الحدود بذلك: لأنها واقعة
في طرف القضية
والحد :لغة: هو الطرف: أي حافة الشيء وحرفيته:
(بحثٌ في أقسام القياس الاقتراني)
____________________
1:القياس الاقتراني: الحملي: وهو ما يتركب من
القضايا الحمليات.
كما في المثال المذكور أعلاه.
(فائدة ): إنّ كل قياس اقتراني حملي لابدّ من
أن يشتمل على مقدمتين يشتركان في شيء وينفردان في آخر كما في المثال:
العالم متغير: فالمقدمتان تشتركان في التغيِّر
وتفترقان في الحادث.
وذلك لأنّ نسبة محمول المطلوب (الأكبر) إلى
الموضوع(الأصغر)
مجهولة فلا بد من أمر ثالث وهو الحد الأوسط
ليكون واسطة العلم بتلك النسبة
أما الثاني (أي الانفراد في آخر) فلضرورة
التغاير بين الموضوع والمحمول.
2: القياس الاقتراني الشرطي: وهو مالم يكن
مركبا من الحمليات بل يتركب من الشرطيات المتصلات أو المنفصلات أو من
حملية ومتصلة أو منفصلة أو من متصلة ومنفصلة:
مثال: ما يتركب من الشرطيات المتصلات:
كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود وكلما كان
النهار موجودا فالعالم مضيء
فكلما كانت الشمس طالعة فالعالم مضيء.
مثال: ما يتركب من الحملية والشرطية :
كلما كان هذا الشيء إنسانا كان حيوانا وكل
حيوان جسم فكلما كان هذا الشيء إنسانا كان جسما.
توضيح قول المصنف: (وموضوع المطلوب من الحملي
يُسمى(أصغر) و محموله يُسمى(أكبر) )
أما وجه تسمية موضوع المطلوب من الحملي بالحد
الأصغر وذلك لأنّه في الغالب أقل أفراداً من المحمول وهو الأكبر ويٌقصَد بالأقليّة
هنا أي الأخصيّة بالنسبة للأعم(المحمول).
وأما وجه تسمية محمول المطلوب بالحد الأكبر
لأنّه في الغالب أكثر أفراداً من الموضوع.
والمراد بقول المصنف(والمتكرر أوسط) :
أي الحد الأوسط وهو المكرر بين المقدمتين
الصغرى والكبرى في القياس
وإنما سمي بالأوسط لتوسطه بين طرفي المطلوب
(الموضوع والمحمول)
ولأنّه رابطة بين الموضوع والمحمول في نقل
الحكم.
والمراد بقول المصنف( وما فيه الأصغر(الصغرى) :
إشارة منه إلى وجه تسميتها بالصغرى لأنّها ذات
الحد الأصغر وصاحبته.
فالصغرى تسمية للشيء بوصف جزئه.
والمراد بقول المصنف( وما فيه الأكبر
(كبرى) : لأنها ذات الأكبر.
( توضيح أشكال القياس الأربعة )
____________________
1: الشكل الأول من القياس: وقد ذكره المصنف بقوله في المتن
(والأوسط إما محمول في الصغرى وموضوع في الكبرى
فهو الشكل الأول)
وإنما سُميَ الشكل بهذا الاسم تشبيهاً للمعقول
بالمحسوس : أي تشبيهاً للشكل بالهيئة الجسمية .
فالترتيب هنا يكون بوضع الحد الأوسط محمولا في الصغرى وموضوعا في الكبرى . وهذا
هو معنى الشكل. أما لماذا سُمي الشكل
الأول :
وذلك لتقدّمه وسبقه على بقية الأشكال في
الإنتاج البديهي بخلاف الأشكال الأُخر فإنّ إنتاجها نظري (كسبي) .
مثال: الشكل الأول: ص:العالم متغير
:ك: كل متغيّّر حادث
:النتيجة: العالم حادث.
2:الشكل الثاني: فقد ذكره المصنف في المتن
بقوله ( وهو ما كان الحد الأوسط فيه محمولا في الصغرى ومحمولا في الكبرى)
:مثال :ص: كل إنسان حيوان
:ك: لا شيء من الإنسان بجماد.
النتيجة: لا شيء من الإنسان بجماد.
3:الشكل الثالث: وقد ذكره المصنف في المتن
بقوله ( وهو ما كان الحد الأوسط فيه موضوعا في الصغرى والكبرى)
:مثال: ص: كل إنسان حيوان
:ك: كل إنسان ناطق
النتيجة: بعض الحيوان ناطق.
4:الشكل الرابع: وقد ذكره المصنف بقوله في
المتن (أو عكس الأول فالرابع )
أي وهو ما كان الحد الأوسط فيه عكس الشكل الأول
فيقصد المصنف بأن يكون الحد الأوسط موضوعا في الصغرى ومحمولا في الكبرى.
مثال: ص: كل إنسان حيوان
:ك: كل ناطق إنسان
:النتيجة: بعض الحيوان ناطق.
(فوائد في البحث )
__________
1: إنّما وقعتْ هذه الأشكال الأربعة على هذا
الترتيب لأنّ الشكل الأول بديهي الإنتاج وأقرب إلى الطبع من سائر الأشكال الأخرى.
ومعنى أقربيّة الشكل الأول الى الطبع: هو سهولة
الانتقال فيه من الأصغر الى الاوسط ومن الأوسط الى الاكبر فلا يتغير الأصغر
والأكبر عن حالهما في النتيجة .
2: إنّما أُخّرَ الشكل الثاني لمشاركته الشكل
الأول في أشرف مقدمتيه وهي الصغرى المشتملة على موضوع المطلوب(النتيجة) الذي هو
أشرف من المحمول .
3: ثمّ جيء بالشكل الثالث لمشاركته الشكل الأول
في أ خسن مقدمتيه وهي الكبرى (وإنما كانت هذه المقدمة (الكبرى) أخس لعدم اشتمالها
على موضوع المطلوب بل تشتمل على محموله وهو أخص من موضوع المطلوب)
4: إنما أُخّرَ الشكل الرابع لعدم اشتراكه مع
الشكل الأول أصلاً بل أُخّر لمخالفته إياه (أي الشكل الأول)فوضِعَ في المرتبة
الرابعة لأنه عكسه)
(بحثٌ في شروط أشكال القياس الأربعة)
_________________________
1: شروط الشكل الأول من القياس:
وقد ذكره المصنف في المتن وقال:
(ويُشتَرط في الأول إيجاب الصغرى وفعليتها مع
كلية الكبرى لينتج الموجبتان مع الموجبة الموجبتين ومع السالبة الكلية السالبتين
بالضرورة)
التوضيح
________
ويقصد المصنف بإيجاب الصغرى بحسب الكيف أي كون
الصغرى موجبة لأنّها لو كانت سالبة لم يندرج الأصغر تحت الأوسط فلا يتعدى الحكم
بالأكبر على الأوسط إلى الأصغر.
ويقصد المصنف أيضا بفعلّية الصغرى بحسب الجهة
:أي بأن تكون غير الممكنتين لأنّ الكبرى تدل على أنّ كل ما يثبت له الأوسط بالفعل
فهو محكوم عليه بالأكبر
وأما إذا كانت الصغرى ممكنة فإنما تدل على أنّ
الأصغر مهما ثبت له الأوسط بالإمكان فيجوز أن لا يخرج إلى الفعل فلا يتعدى
الحكم إليه .
وهذا هو مبنى الشيخ الرئيس ابن سينا :الذي اعتبر
في صدق الموضوع على أ فراده بالفعل: فلا إنتاج عنده إن كانت الصغرى ممكنة والمصنف
تبعه في ذلك فقال (بفعلية الكبرى).
ويقصد المصنف :بكليّة الكبرى: بحسب الكم بأن
يكون موضوعها كليا لينتج من وضع الشكل الأول والاشتراط في صغراه وكبراه أن
ينتج الصغريتان الموجبتان الكلية والجزئية مع الكبرى الموجبة الكلية النتيجتين
:الموجبتين كلية وجزئية.
وبعبارة أوضح: إنّ الصغرى حال كونها
موجبة كلية مع الكبرى حال كونها موجبة كلية تنتج الموجبة الكلية:
مثال: كل أ ب :ص:
:كل ب ج :ك:
ينتج كل أ ج .
(توضيح قول المصنف: ومع السالبة الكلية تنتج
السالبتين بالضرورة)
_________________________________________
وهنا عطف المصنف على قوله (مع الموجبة) أي
الصغريتان الموجبتان ..إما مع الكبرى الموجبة الكلية: فالأول ينتج الموجبتين كلية
وجزئية كما تقدم .
والثاني: أي: مع الكبرى السالبة الكلية
ينتج السالبتين الكلية والجزئية.
ويقصد المصنف بالضرورة: والتي هي جار ومجرور
متعلّق بقوله (ينتج) أي أنّ الإنتاج في هذا الشكل الأولي ضروري (بديهي) لا يحتاج
الى دليل بخلاف سائر الأشكال.
:التوضيح بالمثال: إنّ الصغرى الموجبة الكلية
مع الكبرى السالبة الكلية ينتج سالبة كلية. مثال:
:ص: كل ج ب
:ك: لا شيء من ب أ
النتيجة: لا شيء من ج أ
إنّ الصغرى الموجبة الجزئية مع الكبرى السالبة
الكلية ينتج سالبة جزئية
مثال:
:ص: بعض ج ب
:ص: بعض ج ب
:ك: لا شيء من ب أ
النتيجة: بعض ج ليس أ
(بيان شروط الشكل الثاني)
________________
وقد ذكرها المصنف في المتن بقوله:
( وفي الشكل الثاني اختلافهما في الكيف وكليّة
الكبرى مع دوام الصغرى أو انعكاس السالبة الكبرى وكون الممكنة مع الضرورية أو كبرى
مشروطة لينتج الكليتان (سالبة كلية) والمختلفتان في الكم أيضا (سالبة جزئية) بالخُلف
أو عكس الكبرى أو الصغرى ثم الترتيب ثم عكس النتيجة)
التوضيح
_______
أي ويُشتَرط في الشكل الثاني بحسب الكيف اختلاف
الصغرى والكبرى بأن تكون إحداها موجبة والأخرى سالبة.
وأيضا يُشتَرَط بحسب الكم كلية الكبرى بأن يكون
موضوعها كليّاً
ويُشتَرط بحسب الجهة في الشكل الثاني شرطان كل
واحد منهام أحد الأمرين
1:الشرط الأول: بأن تكون الصغرى ضرورية أو
دائمة أو انعكاس السالبة الكبرى من القضايا المنعكسة السوالب وهي ستة: الدائمتان:
والعامتان : والخاصتان.
2: الشرط الثاني: وهو كون الممكنة مستعملة إما
مع الضرورية أو مع كبرى مشروطة عامة أو خاصة.
فالممكنة إن كانت صغرى لا تستعمل إلاّ مع
ضرورية أو مشروطة عامة أو خاصة
وإن كانت الممكنة الكبرى لا تستعمل إلاّ مع
ضرورية فقط , وذلك ينتج من الصغرى والكبرى الكليتان الموجبة والسالبة(سالبة كلية )
:توضيح بالمثال: نقول في الصغرى الموجبة الكلية
مع الكبرى السالبة الكلية.
:ص: كل ج ب
:ك: لا شيء من أ ب
:ك: لا شيء من أ ب
النتيجة: لا شيء من ج أ وهذا هو الضرب الأول من الشكل الثاني.
ونقول في الصغرى السالبة الكلية مع الكبرى
الموجبة الكلية
:ص: لا شيء من ج ب
:ك: كل أ ب
:ك: كل أ ب
النتيجة: لا شيء من ج أ وهذا هو الضرب الثاني من الشكل الثاني.
:توضيح قول المصنف في المتن: (والمختلفتان في الكم أيضا(سالبة جزئية) بالخلف
أو عكس الكبرى أو الصغرى ثم الترتيب ثم عكس النتيجة)
وهنا عطف المصنف قوله (والمختلفتان) على قوله
(الكليتان) وقوله(سالبة جزئية) عطفٌ على قوله(سالبة كلية) .
والحاصل : أنّ الصغرى والكبرى إما متفقتان بحسب
الكم أي بأن يكونا كليتين أو مختلفتان بحسب الكم بأن تكون إحداهما كلية والأخرى
جزئية
فإن كانتا (الصغرى والكبرى) متفقتين فالنتيجة
سالبة كلية .
وإن كانتا(الصغرى والكبرى) مختلفتين فالنتيجة
سالبة جزئية.
:توضيح ذلك بالمثال: تقول في الصغرى الموجبة الجزئية مع الكبرى
السالبة الكلية
:ص: بعض ج ب
:ص: بعض ج ب
:ك: لا شيء من أ ب
النتيجة: بعض ج ليس أ وهذا هو الضرب الثالث من الشكل الثاني.
وأما الضرب الرابع في الشكل الثاني فتكون صورته
هكذا
صغرى: سالبة جزئية مع الكبرى موجبة كلية.
:ص: بعض ج ليس ب
:ك: كل أ ب
:النتيجة: بعض ج ليس أ
ثم إنّ هذه الضروب إنما تنتج (بالخُلف) أو عكس
الكبرى أو عكس الصغرى
أو عكس الترتيب ثم عكس النتيجة : هذا ما
قاله المصنف في المتن:
أما صورة الإنتاج بالخلف في هذا الشكل الثاني
فتكون هكذا
:بأن يُؤُخَذ نقيض النتيجة ويُجعل صغرى القياس
فيُنتَظمُ قياس من الشكل الأول منتج لما يناقض الصغرى: مثال: في الضرب الأول من الشكل الثاني:
لو لم يصدق لا شيء من ج أ لصدق نقيضه وهو بعض ج
أ لأنّ نقيض السالبة الكلية موجبة جزئية.
فنجعل هذا النقيض :بعض ج أ صغرى فنضمها الى
كبرى القياس صورته هكذا
:ص: بعض ج أ
:ك: لا شيء من أ ب
النتيجة: بعض ج ليس ب شكل أول.
وقد كانت الصغرى كل ج ب في الضرب الأول من
الشكل الثاني وهذا خُلفٌ
وهو يلزم نقيض النتيجة فيكون محالا : فالنتيجة
حق:
وأما إنتاج الضروب في الشكل الثاني من عكس
الكبرى أو الصغرى ثم الترتيب ثم عكس النتيجة.
فصورة ذلك الإنتاج هكذا: تتم بعكس الكبرى لترتد
الى الشكل الأول فتنج بديهة كما يُقال في الضرب الأول من الشكل الثاني:
:ص: كل ج ب
:ك: لا شيء من ب أ.......هذا عكس الكبرى في
الضرب الأول من الشكل الثاني
:النتيجة :من الشكل الأول: لا شيء من ج أ وهو
المطلوب.
وأما صورة الإنتاج في الشكل الثاني بعكس
الترتيب فتكون بأن تعكس الصغرى ثم تُجعَل كبرى وتعكس كبرى القياس صغرى.
فينتظم قياس من الشكل الأول فينتج لما ينعكس
الى المطلوب كما يُقال في الضرب الثاني من الشكل الثاني.
(صورة عكس الترتيب بالمثال) :ص: كل أ ب.......كبرى ألأصل
:ك: لا شيء من ب ج صغرى الأصل.
النتيجة: لا شيء من أ ج وتنعكس الى :لا شيء
من ج أ:عكس النتيجة: وهو المطلوب. وهذا العكس الأخير للنتيجة هو معنى عكس
النتيجة.
(بيان
شروط الشكل الثالث)
__________________
وقد ذكرها المصنف في المتن بقوله:
(وفي الشكل الثالث : إيجاب الصغرى وفعليتها مع كلية أحديهما لينتج الموجبتان مع الموجبة الكلية أو بالعكس (موجبة جزئية) ومع السالبة الكلية أو الكلية مع الجزئية (سالبة جزئية) بالخُلف أو عكس الصغرى أو الكبرى ثم الترتيب ثم عكس النتيجة)
(وفي الشكل الثالث : إيجاب الصغرى وفعليتها مع كلية أحديهما لينتج الموجبتان مع الموجبة الكلية أو بالعكس (موجبة جزئية) ومع السالبة الكلية أو الكلية مع الجزئية (سالبة جزئية) بالخُلف أو عكس الصغرى أو الكبرى ثم الترتيب ثم عكس النتيجة)
التوضيح
______
ولنبدأ أولاً : بتوضيح الضرب الأول من الشكل
الثالث:
الصغرى :موجبة كلية مع الكبرى سالبة كلية
مثال: :ص: كل ب ج
:ك: لا شيء من ب أ
النتيجة: بعض ج ليس أ .
:مثال الضرب الثاني من الشكل الثالث:
الصغرى موجبة جزئية مع الكبرى سالبة كلية
:ص: بعض ب ح
:ك: لا شيء من ب أ
النتيجة: بعض ج ليس أ
:مثال الضرب الثالث من الشكل الثالث:
الصغرى موجبة كلية مع الكبرى سالبة جزئية
:ص: كل ب ج
:ك: بعض ب ليس أ
النتيجة: بعض ج ليس أ .
(فائدةٌ) : إنّ ضروب الشكل الثالث بحسب الواقع
ستة والقياس يقتضي ستة عشر ولكن اشتراط إيجاب الصغرى وكلية إحدى المقدمتين (الصغرى
أو الكبرى)
أسقط ما عدا الستة.
ثم إنّ الضروب الستة إنما تنتج في الشكل الثالث
بالخلف أو عكس الصغرى أو الكبرى أو عكس الترتيب ثم عكس النتيجة.
أما إنتاج الخلف في هذا الشكل الثالث فهو أن يؤخذ
نقيض النتيجة ويجعل كبرى وصغرى القياس لإيجابها تبقى صغرى فينتظم منهما قياس
من الشكل الأول منتج لما يُنافي الكبرى.
:توضيح ذلك بالمثال: أي الإنتاج بالخلف: لو لم
يصدق بعض ج أ لصدق لا شيء من ج أ .
:ص: كل ب ج
:ك: لا شيء من ج أ
النتيجة: لا شيء من ب أ وقد كانت كبرى القياس:
كل ب أ هذا خُلفٌ .
أما الإنتاج بصورة عكس الصغرى فهو أن تنعكس
الصغرى ليرتد الى الشكل الأول فينتج النتيجة الأولى المطلوبة بداهةً.
مثال: :ص: بعض ج ب
:ك: كل ب أ
النتيجة : بعض ج أ
أما صورة الإنتاج بعكس الترتيب: في هذا الشكل
الثالث فهو أن تنعكس الكبرى أولاً ثم تُجعل الكبرى صغرى والصغرى كبرى , فينتظم
قياس من الشكل الأول منتج لما ينعكس الى النتيجة:
:ص: بعض ا ب
:ك: كل ب ج
النتيجة: بعض أ ج وتنعكس الى بعض ج أ وهو عكس
النتيجة.
(بيان شروط الشكل الرابع)
________________
وقد ذكرها المصنف في المتن بقوله:
(وفي الشكل الرابع: إيجابهما مع كلية الصغرى أو
اختلافهما في الكيف مع كلية أحديهما لينتج(الموجبة الكلية) مع الأربع
والجزئية مع السالبة الكلية
والسالبتان مع الموجبة الكلية
وكلتيهما مع الموجبة الجزئية (جزئية موجبة) إن لم يكن سلب. وإلا فسالبة بالخلف أو
بعكس الترتيب ثم عكس النتيجة أو بعكس المقدمتين أو بالرد إلى الثاني بعكس الصغرى
أو الثالث بعكس الكبرى)
التوضيح
_______
مثال:1: الصغرى: موجبة كلية مع الكبرى :موجبة
كلية :تنتج : موجبة جزئية
:ص: كل ب ج
:ك: كل أ ب
النتيجة: بعض ج أ وهذا الضرب الأول من
الشكل الرابع.
2:الصغرى:موجبة كلية مع الكبرى موجبة جزئية
ينتج موجبة جزئية
:ص: كل ب ج
:ك: بعض أ ب
النتيجة: بعض ج أ وهذا الضرب الثاني من
الشكل الرابع.
3: الصغرى: موجبة كلية مع الكبرى :سالبة
كلية :ينتج سالبة جزئية
:ص: كل ب ج
:ك: لا شيء من أ ب
النتيجة: بعض ج ليس أ وهذا الضرب الثالث من
الشكل الرابع.
4: الصغرى :موجبة كلية مع الكبرى سالبة جزئية
:تنتج سالبة جزئية.
:ص: كل ب ج
:ك: بعض أ ليس ب
النتيجة: ج ليس أ هذا الضرب الرابع من الشكل الرابع.
النتيجة: ج ليس أ هذا الضرب الرابع من الشكل الرابع.
وهذه أربعة ضروب تُفهم من قول المصنف في
المتن:( لينتج الموجبة الكلية مع الأربع).
وأما الضروب الباقية المنتجة فأربعة أيضا
تفهم من قول المصنف في المتن (والجزئية مع السالبة الكلية والسالبتان مع الموجبة
الكلية والسالبة الكلية مع الموجبة الجزئية)
توضيح ذلك
________
الضرب الخامس من الشكل الرابع:
الصغرى: موجبة جزئية مع الكبرى سالبة كلية ينتج
سالبة جزئية
:مثال: ص:بعض ب ج
:ك: لا شيء من أ ب
النتيجة: بعض ج ليس أ.
الضرب السادس من الشكل الرابع:
الصغرى :سالبة جزئية مع الكبرى موجبة
كلية تنتج سالبة جزئية.
:ص: بعض ب ليس ج
:ك: كل أ ب
:ك: كل أ ب
النتيجة: بعض ج ليس أ.
الضرب السابع من الشكل الرابع:
الصغرى: سالبة كلية مع الكبرى موجبة كلية تنتج
سالبة كلية
:ص: لا شيء من ب ج
:ك: كل أ ب
النتيجة: لا شيء من ج أ.
:الضرب الثامن من الشكل الرابع:
:ص: سالبة كلية
:ك: موجبة جزئية ......تنتج سالبة جزئية .
:ص: لا شيء من ب ج
:ك: بعض أ ب
النتيجة: بعض ج ليس أ.
:توضيح قول المصنف: في المتن:
( إن لم يكن سلب وإلاّ فسالبة بالخُلف أو بعكس
الترتيب ثم عكس النتيجة أو بعكس المقدمتين أو بالرد إلى الثاني بعكس الصغرى أو
الرد إلى الثالث بعكس الكبرى)
يعني: إن
لم يكن سلبٌ في المقدمتين الصغرى أو الكبرى وإلاّ أي وإن كان في المقدمتين الصغرى
أو الكبرى سلب فسالبةٌ أي ينتج سالبة إما كلية أو جزئية:
ويقول المصنف إنّ هذه الضروب الثمانية المتقدمة
إنما تنتج بالخلف .
وصورة الإنتاج بالخلف بأن تُؤخَذ نتقيض النتيجة
ويُضم إلى إحدى المقدمتين (صغرى أو كبرى) لينتج ما ينعكس إلى نقيض المقدمة الأخرى
في بعض الضروب ويُجعَلُ نقيض النتيجة كبرى وصغرى القياس صغرى لينتج ما ينافي
الكبرى
وفي بعض الضروب يُجعل النقيض للنتيجة صغرى وكبرى
القياس كبرى لينتج ما ينافي الصغرى.
والإنتاج هنا بالخلف: إنما يجري في الضرب الأول والثاني والثالث
والخامس والسادس والسابع ولا يجري في الرابع والثامن لصيرورة كبرى الشكل الأول
جزئية والحال أنها مشروطة بالكلية.
ففي الضرب ألأول والثاني مثلا يجعل نقيض النتيجة
لكليتها كبرى القياس وصغرى القياس لإيجابها صغرى ينتج ما ينعكس إلى ما ينافي
الكبرى .
وتكون صورة الإنتاج(بعكس الترتيب) هنا في الشكل
الرابع ليرتد الى الشكل الأول ثم عكس النتيجة:
مثال: ص: كل أ ب
:ك: كل ب ج
النتيجة: كل أ ج وينعكس إلى المطلوب وهو
:بعض ج أ .
وتكون صورة الإنتاج (بعكس المقدمتين) بأن تنعكس
الصغرى ثم الكبرى بالعكس المستوي ليرتد الشكل الرابع إلى الشكل الأول وينتج
المطلوب
مثال: ص: بعض ج ب
:ك: لا شيء من ب أ
النتيجة: بعض ج ليس أ.
:توضيح قول المصنف: في المتن: ( أو بالرد إلى الشكل الثاني بعكس الصغرى)
ومعنى ذلك:
أن تنعكس الصغرى فقط بالعكس المستوي ليرتد إلى
الشكل الثاني وينتج المطلوب
مثال: ص: بعض ج ليس هو ب
:ك: كل أ ب
النتيجة: بعض ج ليس أ.
:توضيح قول المصنف :في المتن: ( أو بالرد إلى
الشكل الثالث بعكس الكبرى فقط)
مثال: ص:كل ب ج
:ك: بعض ب ليس هو أ
:ك: بعض ب ليس هو أ
النتيجة: بعض ج ليس هو أ .
(توضيح
ضابطة شرائط الأشكال الأربعة في القياس)
______________________________
وعقد المصنف التفتازاني هذا البحث بقوله في
المتن:
(وضابطة الأشكال الأربعة أنه :لابد: إما من
عموم موضوعية الأوسط مع ملاقاته للأصغر بالفعل أو حمله على الأكبر.
وإما من عموم موضوعية الأكبر مع الاختلاف في
الكيف ومع منافاة نسبة وصف الأوسط إلى وصف الأكبر لنسبته إلى ذات الأصغر)
وهنا ذكر المصنف أمراً مهما يجب مراعاته والاهتمام
به في تشكيل كل قياس اقتراني حملي مشتمل على الشروط التي مرّ ذكرها.
توضيح الضابطة الأولى لشرائط الأشكال الأربعة
______________________________________
وهي قوله في المتن:
(أنه لابد إما من عموم موضوعية الأوسط مع
ملاقاته للأصغر بالفعل أو حمله على
الأكبر)
يعني: حتى يكون القياس مُنتجاً يجب توافر أحد
الضابطتين المذكورتين في متن المصنف.
ويقصد المصنف(بعمومية موضوعية الأوسط):
بأنْ لا يختص الموضوع ببعض أفراد الحد الأوسط
دون بعض بل يكون شاملا لجميع أفراده فيكون جميع أفراده موضوعاً وهذا هو معنى كلية
القضية أي أن يكون موضوع كل قضية (الأوسط) كليا كما في الكبرى في الشكل الأول
والتي شرطها أن يكون الأوسط كليا.
ويقصد المصنف بقوله (مع ملاقاته للأصغر
بالفعل):
هو اجتماع الأوسط مع الأصغر في قضية فعلية
موجبة سواء كان الحد الأوسط موضوعا أو محمولا كما في صغرى الشكل الأول
فالأوسط محمولٌ فيها بالفعل.
ويقصد المصنف بقوله (أو حمله على الأكبر) أي
حمل الحد الأوسط على الحد الأكبر إيجابا لأنّ الحمل حقيقة هو الحمل الإيجابي
, وأما الحمل السلبي فهو سلب الحمل حقيقة , والمصنف أراد بالحمل هنا معناه
اللغوي الذي هو الإيجاب فقط. لا الحمل الاصطلاحي الذي هو أعم من الإيجاب والسلب.
توضيح الضابطة الثانية في شرائط أشكال القياس
الأربعة
_________________________________
قال المصنف في المتن على سبيل الترديد يعني ب أو:
(ولا بد من عموم موضوعية الأكبر مع الاختلاف في
الكيف ومع منافاة نسبة وصف الأوسط إلى وصف الأكبر لنسبته إلى ذات الأصغر)
ومعنى هذه الضابطة: هو أن تكون الكبرى كلية
حيثُ يكون الأكبر موضوعا فيها في أي مورد كان مع اختلاف الصغرى والكبرى بحسب الكيف
أي الإيجاب والسلب وتلك الضابطة واضحة في جميع ضروب الشكل الثاني لاشتراطه بكلية
الكبرى واختلاف المقدمتين في الكيف.
أما مفاد قول المصنف (ومع منافاة نسبة الحد
الأوسط إلى وصف الحد الأكبر لسنبته إلى ذات الأصغر)
بأنّ هذا القيد (مع منافاة) مختص بالشكل الثاني
لأنّ المصنف فرض نسبتين :وصف الأكبر. أي
أنّ الأوسط منسوب إلى كل من الأكبر والأوسط
والمراد بالنسبة أن تكون بطريق الحمل.
وحاصل الضابطة الثانية: هو أنه حتى يكون القياس
منتج إذا اشتمل على الضابطة عند المصنف وهي عموم موضوعية الأكبر مع اختلاف
المقدمتين في الكيف حال كون الحد الأوسط منسوبا أي محمولا في كلتا مقدمتي القياس
وهو واضح في الشكل الثاني إذا اشترط فيه أن يكون الحد الأوسط محمولا في مقدمتيه مع
منافاة نسبة وصف الأوسط المحمول في الصغرى إلى وصف الأكبر الموضوع في الكبرى لنسبة
وصف الأوسط المحمول في الصغرى إلى ذات الأصغر الموضوع في الصغرى.
( فصلٌ في القياس الشرطي الاقتراني)
______________________
وعقده المصنف في المتن بقوله:
(الشرطي من الاقتراني: إما أن يتركب من متصلتين
أو منفصلتين أو حملية ومتصلة أو حملية ومنفصلة أو متصلة ومنفصلة
وتنعقد فيه الأشكال الأربعة وفي تفصيلها طول :أي تطويل)
التوضيح
______
من المعلوم أنّ القياس الاقتراني ينقسم إلى
حملي وشرطي لأنّه إن تركبَ من الحمليات المحضة فحملي:
وإن لم يتركب من الحمليات بأن تركب من الشرطيات
المحضة أو من الشرطيات والحمليات فشرطي.
فلذا شرع المصنف بعد الفراغ من بيان الحملي في
بيان أقسام الشرطي من القياس الاقتراني .
فأفاد المصنف في المتن بأنّ الشرطي من الاقتراني
ينقسم إلى خمسة أقسام وهي كما يلي:
1: القسم الأول: وهو المُتركِّب من متصلتين .
:مثال: إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود
وكلما كان النهار موجود فالأرض مُضيئة فينتج إن كانت الشمس طالعة فالأرض مضيئة.
2: القسم الثاني: وهو المتركِّب من منفصلتين:
مثال: كل عدد إما زوج أو فرد وكل زوج إما زوج
الزوج أو زوج الفرد فكل عدد إما فرد أو زوج الزوج أو زوج الفرد.
3: القسم الثالث: وهو المتركِّب من حملية
ومتصلة.
مثال: كلما كان هذا الشيء إنسانا فهو حيوان وكل
حيوان جسم ينتج كلما كان هذا الشيء إنسانا فهو جسم.
4: القسم الرابع: وهو الشرطي المتركِّب من
حملية ومنفصلة:
مثال: كل عدد إما زوج أو فرد وكل زوج فهو منقسم
بمتساويين ينتج كل عدد إما فرد أو منقسم بمتساويين.
5: القسم الخامس :وهو الشرطي المتركِّب من
متصلة ومنفصلة :
مثال: كلما كان هذا الشيء إنسانا فهو حيوان وكل
حيوان إما أبيض أو أسود ينتج
كلما كان هذا إنسانا فهو إما أبيض أو أسود.
:توضيح قول المصنف: ( وتنعقد فيه الأشكال
الأربعة وفي تفصيلها طول :أي تطويل).
أي كما أنّ القياس الاقتراني الحملي تنعقد فيه
الأشكال الأربعة على ما مرّ ذكرها مفصلا كذلك الأمر في القياس الاقتراني الشرطي
فتنعقد فيه الأشكال الأربعة ولكن في بيان ذلك وذكره تطويل: وهذا هو مراد المصنف:
(فائدة): إنّ سبب ترك المصنف لبيان انعقاد
الأشكال الأربعة في القياس الاقتراني الشرطي لأنّ معرفة الاقترانات الحملية تُغني
عن ذلك التطويل:
( فصلٌ في القياس الاستثنائي وأقسامه)
________________________
قال المنصف في شأن ذلك في المتن:
(الاستثنائي ينتج مع المتصلة(وضع المقدّم ورفع
التالي) ومع الحقيقية (وضع كل) كمانعة الجمع ورفعه كمانعة الخلو . وقد يختص
باسم (قياس الخُلف) وهو ما يقصد به إثبات المطلوب بإبطال نقيضه ومرجعه إلى استثنائي
واقتراني)
التوضيح
______
القياس الاستثنائي ينقسم إلى قسمين هما: :1: القياس
الاستثنائي الاتصالي
:2: القياس الاستثنائي الانفصالي.
:1: القياس الاستثنائي الاتصالي:
وهو ما يتركب من الشرطية المتصلة ووضع المقدّم
أي إثباته أو من الشرطية المتصلة ورفع التالي أي نفيه:
:مثال: إن كان هذا إنسان :فهو حيوان: لكنه
إنسان فهو حيوان.
ورفع التالي ينتج رفع المقدم كقولنا في المثال:
لكنه ليس بحيوان فهو ليس بإنسان.
فالمنتج من القياس الاستثنائي الاتصالي(وضع
المقدم)(إثباته) ورفع التالي(نفيه.)
وهذا هو معنى قول المصنف (الاستثنائي ينتج مع
المتصلة المثبتة فيه إثبات المقدم ورفع التالي)
ومعنى ذلك: أي ينتج عن المتصلة الموضوعة في
القياس الاستثنائي وضع المقدم ورفع التالي ولكن وضع المقدم ينتج وضع التالي.
ورفع التالي ينتج رفع المقدم ولا عكس في شيء
منهما أي ولا ينتج وضع التالي وضع المقدم ولا رفع المقدم رفع التالي لجواز كون
التالي أعم من المقدم فلا يلزم من وضع التالي وضع المقدم إذ لا يلزم من وجود الأعم
وجود الأخص وكذا لا يلزم من رفع المقدم رفع التالي إذا لا يلزم من عدم الأخص عدم
الأعم.
2: القياس الاستثنائي الانفصالي :
فهو إما أن يتركب من منفصلة حقيقية (وقد مرّ
تعريفها) ووضع أحد الجزئيين أو رفعه(التركب الأول)
وإمّا أن يتركب من منفصلة مانعة الجمع ووضع أحد
الجزئيين (التركب الثاني)
وإما أن يتركب من منفصلة مانعة الخلو ورفع أحد
الجزئيين (التركب الثالث)
ففي(التركب الأول):
فوضع (إثبات) كل واحد من الجزئيين يُنتج رفع
الآخر(نفيه)
ورفع كل واحد من الجزئيين ينتج وضع الآخر.
وأما في (التركب الثاني):
فوضع كل واحد من الجزئين ينتج رفع الآخر.
وأما في (التركب الثالث):
فوضع كل واحد من الجزئين ينتج وضع الآخر
وهذا هو معنى قول المصنف في المتن( ومع
الحقيقية (وضع كل) أي كل من الجزئيين)
والحاصل من ذلك أنّ القياس الاستثنائي ينتج من
الشرطية المتصلة الموضوعة فيه وضع المقدم ورفع التالي.
ومن المنفصلة الحقيقية الموضوعة فيه ينتج وضع
كل واحد من الجزئين ورفع الآخر.
ففي قول المنصف ( كمانعة الجمع) ينكشف أنّ وضع
كل واحد من جزئيها ينتج رفع الآخر .
وفي قوله(ورفعه) عطف على قوله( وضع كل) في
المتن:
أي : المنفصلة الحقيقية كما تنتج وضع كل من
جزئيها رفع الآخر كذلك ينتج رفع كل من جزئيها(وضع الآخر) وهو معنى قوله(كمانعة
الخلو) فإنّ رفع كل جزئيها ينتج وضع الآخر, فيكون للمنفصلة الحقيقية أربع نتائج: اثنتان
باعتبار الوضع
:واثنتان باعتبار الرفع:
:مثال: للمنفصلة الحقيقية باعتبار الرفع:
إما أن يكون هذا العدد زوج أو فرد لكنه زوج
فليس بفرد لكنه فرد فليس بزوج لكنه ليس بزوج فهو فرد لكنه ليس بفرد فهو زوج.
:مثال: للمنفصلة الحقيقية باعتبار الوضع :مانعة
الجمع:
إما أن يكون هذا الشيء شجر أو حجر لكنه شجر فهو
ليس بحجر لكنه حجر فليس بشجر .
مثال: للمنفصلة الحقيقية مانعة الخلو: باعتبار
الرفع:
هذا الشيء إما ليس بحجر أو ليس بشجر لكنه حجر
فهو ليس بشجر لكنه شجر فهو ليس بحجر.
توضيح قول المصنف في المتن:
( وقد يختص باسم (قياس الخلف) وهو ما يُقصَد به
إثبات المطلوب بإبطال نقيضه ومرجعه إلى استثنائي واقتراني )
_________________________________________________
إنّ قياس الخلف هو قياس مركب من الاستثنائي والاقتراني
لذلك أرجعه المصنف في عبارة المتن إلى استثنائي واقتراني .
فيكون مقصود المصنف أنّ من أقسام الاستثنائي
(قياس الخلف) وهو القياس الذي يُقصد فيه إثبات المطلوب بإبطال نقيضه وإنما سُميَ
(خُلفٌ) لأنه يثبت المطلوب من خلفه أي ورائه حيث يُثبته من جانب نقيضه وقيل إنما
سمي القياس بالخلف لأنه يؤدي إلى الخلف أي المُحال على تقدير عدم حقانيّة المطلوب.
:توضيح قياس الخلف بالمثال: مثلاً إذا صدق كل ج ب بالفعل وجب أن يصدق عكسه
وهو(بعض ب ج) بالفعل فهذا مطلوبنا ويستدل على إثباته بقياس الخلف وهذه صورته:
لولم يصدق مع الأصل مطلوبنا أي: بعض ب ج:
بالفعل.
لصدق مع الأصل نقيض المطلوب :أي لصدق لا شيء من
ب ج :دائما:
وكلما صدق نقيضه مع الأصل صدق لا شيء من ج ج
دائما .
فهذا قياس اقتراني مركب من متصلتين ينتج لو لم
يصدق مع الأصل مطلوبنا لصدق لا شيء من ج ج دائما.
لكن التالي باطل فالمقدم مثله في البطلان ,
وإذا بطل صدق نقيض المطلوب مع الأصل يثبت
صدق المطلوب مع الأصل
فهذا هو معنى إثبات المطلوب بإبطال نقيضه( وهو
قياس الخلف)
(فصلٌ في الاستقراء )
__________________
قال المصنف في المتن ( الاستقراء: هو تصفح
الجزئيات لإثبات حكم كلي)
:التوضيح:
_______
هذا هو القسم الثاني من أقسام مباحث الحجة .
وإنّ معنى التصفح: لغةً هو النظر والتأمل في
شيء بعد شيء
أما معناه اصطلاحا: فهو تتبع حال الجزئيات
لإثبات حكم كلي
فعلى هذا يكون تعريف الاستقراء اصطلاحا: هو
الحجة التي يستدل فيها من حكم أكثر الجزئيات على حكم كليها:
فالاستقراء الذي يكون حجة هو ما إذا كان نتيجة
نفس الاستقراء والتتبع والذي يُسمى بالمعلوم التصديقي :التصفح الجزئي: الموصل إلى
مجهول تصديقي :الحكم الكلي:
لا ما إذا كان نفس عمل المُستقري أي الشخص الذي
يستقرأ الجزئيات وذلك لعدم كون نفس عمل المستقري معلوما تصديقيا يوصل إلى كشف
المجهول وهو الحكم الكلي.
وينقسم الاستقراء: إلى قسمين هما:
1: الاستقراء التام:(وهو التتبع لحال الجزئيات
بأسرها)
ويرجع ذلك التتبع إلى القياس المُقسِّم الذي هو
من أقسام القياس الاقتراني وهذا الاستقراء التام يفيد اليقين:
:مثال: كل حيوان إما ناطق أو غير ناطق وكل ناطق
من الحيوان حساس وكل غير ناطق من الحيوان حساس :ينتج كل حيوان حساس( وهو حكم
كلي مطلوب)
2: الاستقراء الناقص: (وهو تتبع حال أكثر
الجزئيات) ولا يفيد هذا الاستقراء إلاّ الظن:
مثال: إذا تتبعنا أفراد الحيوان فوجدناها تحرك
فكها الأسفل عند المضغ فحكمنا
(بأنّ كل حيوان يحرك فكه الأسفل عند المضغ) حكم
كلي لأكثر الجزئيات
وسبب عدم إفادته اليقين هو لجواز وجود فرد لم
يُستقرأ ويكون حكمه مُخالفا لبقية الأفراد.
( فصلٌ في التمثيل)
____________
قال المصنف في المتن :
( التمثيلُ: هو بيان مشاركة جزئي لجزئي آخر في
علّة الحكم ليثبت فيه والعمدة في طريقه الدوران والترديد)
:التوضيح:
______
أي أنّ التمثيل هو إثبات حكم واحد في جزئي
لثبوته في جزئي آخر لمعنى مشترك بينهما.
والفقهاء يُسمونه (قياسا) والجزئي الأول: فرعا:
والجزئي الثاني أصلا: والمشترك بين الفرع والأصل يُسمى علة وجامع:
كما يُقال: العالم مؤلف فهو حادث كالبيت لأنه
مؤلف وهذه العلة: التأليف: موجودة في العالم فيكون العالم حادثا.
وصورة إثبات المشترك :العلة: تتم بوجهين هما
على ما ذكره المصنف في المتن :الدوران والترديد:
فالدوران: هو اقتران الشيء بغيره وجودا وعدما :
كما يُقال الحدوث دائر مع التأليف :العلة:
وجودا وعدما.
أما وجودا ففي البيت والعالم مثلا:
وأما عدما ففي الواجب تعالى فإنه غير حادث أي
أنه قديم ذاتا:
إذاً معنى الدوران هو كون المدار :علة: فيكون
التأليف علة الحدوث كما في المثال أعلاه.
ويمكن توضيح التمثيل بمثال فقهي كما يقال:
النبيذ مُسكرٌ فهو حرام كالخمر: يعني الخمر
حرام لأنه مسكر والإسكار علة موجودة في النبيذ فيكون النبيذ حراما.
فإذاً النبيذ الجزئي مشارك لجزئي آخر وهو الخمر
في العلة: الإسكار: والإسكار علة الحكم بالحرمة على الخمر.
(فائدةٌ): التمثيل يفيد الظن على ما ذكره المحقق
نصير الدين الطوسي حيث قال:
( إنه ظن لا يلزم منه شيء)
أما صورة الترديد: فهو إيراد أوصاف الأصل
التي تحتمل العليِّة عقلا لإبطال عليّة بعضها لتنحصر العلة في الباقي كما يقال علة
الحرمة في الخمر إما الإسكار أو إما السيلان والثاني باطل , لأنّ الماء
سيّال أيضا وليس بحرام فتعيّن الإسكار وهو على التحريم.
( فصلٌ في الصناعات الخمس )
____________________
أقسام القياس باعتبار المادة: مواد الأقيسة:
__________________________
قال المصنف في المتن :( القياس إما
برهاني يتألف من اليقينيات وأصولها
( الأوليات والمشاهدات والتجريبيات والحدسيات
والمتواترات والفطريات) ثم إن كان الأوسط مع عليته للنسبة في الذهن علة لها في
الواقع (فلمّي) وإلاّ (فإنّي) وإما جدلي: يتألف من المشهورات والمسلمات وإما
خطابي: يتألف من المقبولات والمظنونات وإما شعري: يتألف من المخيلات وإما سفسطي
يتألف من الوهميات والمشبهات)
:التوضيح:
______
بعد ما أتم المصنف البحث عن صور الأقيسة شرع في
بيان موادها وهي القضايا التي تتركب منها الأقيسة فلا بد من معرفتها حتى لا يتطرق
الغلط من جهة المادة في القياس .
(القياس البرهاني) :وهو ما يتألف من اليقينيات
:
والمقصود باليقين هنا: هو اعتقاد بالشيء اعتقاداً
مطابقا لنفس الأمر غير ممكن زواله.
أما أصول اليقينيات فهي ستة كالآتي:
1:الأوليات: وهي القضايا التي يحكم
فيها العقل بمجرد تصور الطرفين ولا يتوقف على واسطة كقولنا الواحد نصف الأثنين
والكل أكبر من الجزء .
2: المشاهدات أو المحسوسات: وهي القضايا التي
يحكم فيها الحس كقولنا الشمس مشرقة .
3: التجريبيات: وهي القضايا التي يحتاج العقل
فيها للجزم بها إلى تكرير المشاهدة عدة مرات. مثال: السمفونيا مسهل للصفراء:
4: الحدسيات: وهي القضايا التي يحكم فيها العقل
بواسطة لا لمجرد تصور الطرفين كقولنا نور القمر مستفاد من ضوء الشمس فإنّ هذا
الحكم يتم بواسطة مشاهدة تشكلات القمر المختلفة بحسب اختلاف أوضاعه من الشمس قربا
وبعدا.
ومعنى :الحدس: هو سرعة انتقال الذهن من المبادئ
إلى المطالب: وهذا الانتقال الذهني يكون دفعيا لا تدريجيا .وهذا ما ذكره المصنف
التفتازاني في شرح الرسالة الشمسية.
(فائدة): هناك فرقٌ بين الحدس والفكر: ففي
الفكر يتدرج الذهن بعد تصور المطلوب في تحصيل المبادئ فيحصِّل قضايا ثم يأخذ منها
مما يناسبه فيرتبها تدريجيا فيحصِّل المطلوب: عقيبه دفعة , بخلاف الحدس فإنه انتقال
ذهني دفعي لا تدريجي كما عرفت.
5:المتواترات: وهي القضايا التي يحكم فيها
بواسطة النقل : والسماع: عن جمع كثير لا يُجوّز العقل توافقهم على الكذب , كقولنا:
الإمام المهدي (عليه السلام) حيٌّ موجود: قد ولِدَ:
6: الفطريات: وهي القضايا التي يتم الحكم فيها
بواسطة حاضرة في الذهن كقولنا
:الأربعة زوج وهو الانقسام بمتساوين وهو أمر
حاضر في الذهن.
(
أقسام القياس البرهاني)
________________
وقد ذكرها المصنف في المتن بقوله:
(ثم إن كان الأوسط مع عليته للنسبة في الذهن
علة لها في الواقع (فلمّي) وإلاّ (فإنّي) )
:التوضيح:
______
1: البرهان اللمّي: وهو ما كان فيه الحد الأوسط
كاشفاً عن ثبوت الحد الأكبر للأصغر على أن تكون علاقته بالحد الأكبر علاقة العلة
بالمعلول فيكون البرهان اللمي بذلك واسطة ثبوتية وواسطة إثباتية في آن واحد وبهذا
يتضح بأنّ الوصول للنتيجة في البرهان اللمي يتوقف على إحراز (علّية الحد الأوسط
للحد الأكبر)
وهذا ما يكون واقعا موقع الكبرى في القياس
البرهاني.
كما يتوقف على إحراز وجود الحد الأوسط والذي هو
العلة للأكبر وهذا ما يكون في موقع صغرى القياس البرهاني.
مثال: :ص: زيدٌ متعفن الأخلاط
:ك: كل متعفن الأخلاط محموم
:النتيجة: زيد محموم .
فالحد الأوسط وهو :متعف الأخلاط: علة لثبوت
نسبة المحمول: محموم: إلى زيد في الذهن وهو كذلك علة لثبوت :محموم: إلى زيد في
الخارج أيضا.
(فائدة) :إنما سُميَ البرهان لُمّي: نسبةً
للِمَ :أي ما يُسأل به عن العلة؟
وهو معنى اللميّة: أي إعطاء السبب في التصديق
في الذهن والخارج.
2:البرهان الإنّي: وهو ما لا يكون علة للنسبة
إلاّ في الذهن فقط:
فهو الحد الأوسط والذي تكون علاقته بالحد
الأكبر علاقة المعلول بعلته فالمعلول هو الحد الأوسط وعلته هي الحد الأكبر فيكون
دور الحد الاوسط واسطة في الإثبات وكاشفا عن ثبوت الحد الأكبر للحد الأصغر فهو
برهان يُفيد النسبة المتحققة في الذهن فقط.
كما في المثال التالي:
:ص: زيد محموم:
:ك: كل محموم متعف الأخلاط
النتيجة: زيد متعف الأخلاط.
فإنّ الحد الأوسط وهو محموم وإن كان علة لثبوت
تعفن الأخلاط في الذهن إلاّ أنه ليس علة لها في الخارج.
والقياس الجدلي: هو ما يتألف من المشهورات والمسلّمات:
والمراد بالمشهورات: هي قضايا تشتهر فيما بين
الناس بالتسليم بها كقولنا العدل حسن وتختلف المشهورات بحسب اختلاف الأزمنة
والأمكنة والأقوام
فلكل قوم مشهورات بحسب عاداتهم كقبح ذبح البقرة
عند أهل الهند دون غيرهم.
والمراد من المُسلّمات: هي القضايا التي
تُسلَّم عند الخصم فيُبنى عليها الكلام لإلزام الخصم سواء كانت مسلمة فيما بينهما
خاصة أو بين العامة والغرض من المسلمات هو إقناع القاصر عن درك البرهان.
:القياس الخطابي: وهو ما يتألف من المقبولات
والمظنونات:
والمراد بالمقبولات هي القضايا المأخوذة ممن
يُعتَقَد فيه كنبي أو وصي لا يُحتاج معها إلى دليل لصدق وصحة قولهم .
والمظنونات: هي القضايا التي يُعتَقََد فيها اعتقادا
راجحا كقولنا
:كل حائط ينتثر من التراب فهو منهدم:
والغرض من القياس الخطابي :هو ترغيب الناس فيما
ينفعهم من تهذيب الأخلاق وأمر الدين والدنيا كما يفعله الخطباء فإنّهم في خطبهم
حجة موجبة للظن بالنتيجة.
:القياس الشعري: وهو ما يتألف من المُخيّلات:
والمراد بالمخيلات هي القضايا التي تُتَخيّل
فتتأثر النفس منها إما قبضا فتنفر أو بسطا فترغب النفس فيها.
والغرض من القياس الشعري: هو انفعال النفس
بالترغيب والترهيب ولا يوجد في القياس الشعري إذعان نفسي بقضاياه .
كما في المثال: إذا قيل العسل حلو لذيذ الطعم
:تنبسط النفس وترغب به
وإذا قيل: السم قاتل: تنقبض النفس منه وتنفر.
:القياس السفسطائي : وهو ما يتألف من الوهميات
والمشبهات:
إنّ معنى السفسطة هو التلبيس أو الحكمة
الموهمة:
والمراد بالوهميات: القضايا الكاذبة التي يحكم
بها الوهم في غير المحسوسات:
مثال: كل موجود يُشار إليه: قضية وهمية :العقل
يحكم بكذبها:
مع أنه من الموجودات ما هو غير محسوس فلا يمكن
إنكاره بعدم الإشارة إليه كالحق مثلا سبحانه (فإنه موجود غير مُشارٍ إليه حسّاً)
وأما المراد بالمُشبّهات: فهي القضايا الكاذبة
الشبيهة بالحق
:إما من حيث الصورة: كقولنا: لصورة الفرس
المنقوشة على الجدار أنّها فرس
وكل فرس صهّال ينتج أنّ تلك الصورة صهّالة .
:أو الشبيهة بالحق من حيث المعنى: كقولنا: كل
إنسان فرس فهو إنسان
وكل إنسان وفرس فهو فرس ينتج أنّ بعض الإنسان فرس.
والشبهة هنا هو أنّ موضوع الصغرى و الكبرى ليس
بموجود إذ لا يوجد شيء يصدق عليه أنه إنسان وفرس.
(
خاتمةٌ في أجزاء العلوم )
_______________
وهي ثلاثة
1: الموضوعات 2:
المبادئ 3: المسائل
قال المصنف في المتن:
( أجزاء العلوم ثلاثة : الموضوعات :وهي التي
يُبحَثُ في العلم عن أعراضها الذاتية:
:المبادئ: وهي حدود الموضوعات وأجزائها
وأعراضها ومقدمات بينة أو مأخوذة يبتني عليها قياسات العلم:
:المسائل: وهي قضايا تُطلب في العلم وموضوعاتها
إما موضوع العلم أو نوع منه أو عرض ذاتي له أو مركب و محمولاتها أمور خارجة
عنها لاحقة لذواتها:
وقد يُقال المبادئ: لما يُبدأ به قبل المقصود.
والمقدمات لما يتوقف عليه الشروع على وجه
الخبرة وفرط الرغبة كتعريف العلم وبيان غايته وموضوعه )
التوضيح
______
ويقصد المصنف هنا بالعلوم :العلوم المدونة:
كعلم المنطق مثلا: ثم شرع المصنف في بيان أجزاء العلوم الثلاثة .
والأول منها: الموضوعات: وهي التي يبحث فيها في
العلوم عن أعراضها الذاتية كالتصور والتصديق لهذا العلم فإنه يُبحثُ في المنطق عن
أعراضهما الذاتية كما تقدم في بداية الكتاب.
والمراد: من المبادئ وهي إما تصورات أو تصديقات
وأما التصورات فهي حدود الموضوعات أي تعاريفها كتعريف الكلمة مثلا: باللفظ الموضوع
للمعنى المفرد:
أو المبادئ : هي تعريفات أعراض الموضوعات
كتعريف ما يعرض الكلمة من الإعراب و البناء وغيرهما مثلا , وهذه هي المبادئ
التصورية في العلوم.
وأما المبادئ التصديقية: فقد عرّفها المصنف في
المتن :بأنها مقدمات بيّنة أي واضحة شديدة الوضوح بنفسها أو هي مقدمات مأخوذة أي
مقبولة ممن يُعتَقَد فيه غير بينة في نفسها يُذعِن المتعلم بها بحسن الظن ويُبتنى
عليها قياسات العلم:
وأما المسائل: فقد عرّفها المصنف: بأنها قضايا
تُطلب في العلم أي أنها قضايا مطلوبة مُبرهن عليها في العلم كالمسائل الواقعة في
المنطق والنحو وغيرهما من العلوم وهذه المسائل لها موضوعات ومحمولات يُطلبُ فيها
إثبات نسبة المحمولات إلى الموضوعات من قبل الباحث.
وأما موضوعات المسائل: فهي إما موضوع العلم
كقولنا في علم النحو :الكلام موضوع علم النحو:
أو أنّ موضوعات المسائل: هو نوع من موضوع العلم
كقولنا : كل اسم إما معرب أو مبني في علم النحو مثلا: فالاسم نوع من الكلمة والتي
هي موضوع علم النحو.
أو أنّ موضوعات المسائل: هو عرض ذاتي للعلم
, أي أنّ موضوعات المسائل هو عرض ذاتي
لموضوع العلم كقولنا البناء: إما بسبب المشابهة لمبنى الأصل أو بسبب عدم التركيب ,
فإنّ البناء عرض ذاتي للكلمة والتي هي موضوع علم النحو مثلا.
أو أنّ موضوعات المسائل: هو ما يتركب من موضوع
العلم وعرضه الذاتي
كقولنا كل كلمة مُعربة إما منصرفة أو غير
منصرفة فالكلمة موضوع العلم وقد أُخِذَ في هذه المسألة مع الإعراب الذي هو عرض
ذاتي للكلمة.
أو أنّ موضوعات المسائل: هو ما يتركب من نوع
موضوع العلم وعرضه الذاتي.
كقولنا الاسم نوع من موضوع العلم وقد أُخِذَ في
المسألة مع كونها معرباً والإعراب عرض ذاتي للاسم.
(تنبيه): إنّ هذا التمثيل لمفهوم المصطلحات
مجرد للتوضيح إذ قد لا يلزم منه المطابقة مع الواقع فلا مشاحة ومناقشة في المثال.
توضيح قول المصنف في المتن: (و محمولاتها أمور
خارجة عنها لاحقة لذواتها)
أي : أنّ محمولات مسائل العلم هي أمور خارجة عن
موضوعاتها لأنه لو كانت أجزاء لموضوعات المسائل لم يحتج في ثبوتها لها إلى برهان لامتناع
أن يكون جزء الشيء مطلوبا بالبرهان.
ويقصد المصنف بقوله(لاحقة) أي عارضة لموضوعات
المسائل والعارض للشيء هو ما يكون محمولا عليه خارجا عنه كالتعجب اللاحق للإنسان
بواسطة أنه إنسان أو ما يعرض للشيء لأمر خارج عنه مساوٍ له كالضحك العارض للإنسان
بواسطة التعجب.
توضيح قول المصنف:
(وقد يُقال المبادئ لما يُبدأ به قيبل المقصود
والمقدمات لما يتوقف الشروع على وجه الخبرة وفرط الرغبة كتعريف العلم وبيان غايته
وموضوعه)
وهنا إشارة من المصنف إلى بيان اصطلاح آخر في
تعريف المبادئ : وهو ما يُبدأ به قبل المقصود(تُقال على المقدمات) لما يتوقف عليه
الشروع على وجه الخبرة البصيرة وفرط الرغبة كتعريف العلم وبيان الحاجة إليه وبيان
منفعته وغرضه.
توضيح قول المصنف: (وكان القدماء يذكرون ما
يُسمونه الرؤوس الثمانية)
1:الرأس الأول: (الغرض): لئلا يكون النظر فيه
عبثا .
2:الرأس الثاني: (المنفعة) وهي ما يتشوقه الكل
طبعا لينشط بالطالب ويتحمل المشقة.
3: الرأس الثالث:(السِمة) وهي العلم: عنوان
ليكون عنده اجمال ما يفصله.
4: الرأس الرابع: (المؤلف) ليسكن قلب المتعلم.
5: الرأس الخامس( أنه من أيِّ علمٍ هو ليطلب
فيه ما يليق به)
6: الرأس السادس (أنه في أي مرتبة هو ليُقدّم
على ما يجب ويُؤخَر عما يجيب)
7: الرأس السابع:(القسمة) ليطلب في كل باب ما
يليق به .
8: الرأس الثامن (الأنحاء التعليمية) وهي:
:أ: التقسيم: أي التكثير من فوق.
:ب: التحليل: وهو عكسه .
:ج: التحديد: أي فعل الحد.
:د: البرهان: أي الطريق إلى الوقوف على الحق
والعمل به وهذا بالمقاصد أشبه) (نص المتن)
:التوضيح:
______
أي كان القدماء يذكرون في بداية كتبهم رؤوسا
ثمانية على أنها من المقدمات أو من المبادئ العامة وهذه الرؤوس الثمانية وهي:
1:(الغرض) :وهو الترتيب الباعث للفاعل على صدور
الفعل عنه لئلا يكون النظر في العلم عبثا.
2:(المنفعة): هو المُتَرَتَب الحاصل عند حصول
الفعل مطلقا سواء كان باعثا للفاعل أم لا.
(فائدةٌ): إنّ المصنف إنما ذكر تعريف الغرض
وتعريف المنفعة لبيان التغاير بينهما بحسب الذات في الجملة ولدفع ما يتوهم في هذا
المقام من أنّ الغرض والمنفعة متحدان بالذات مفهوما ومتغايران بالاعتبار فلا يصح
جعل أحدهما مقابلا للآخر كما فعله المصنف التفتازاني.
3:(السمة) والمراد بها الاسم وهو أنّ المباحث
المعقولية مسماة بالمنطق وهذا هو مفاد قول المصنف في المتن(وهي عنوان العلم)
وقوله( ليكون عنده إجمال ما يفصله)
4:(المؤلف):إنّ ذكر المؤلف هنا إنما هو باعتبار
حال المُبتدئين الذين ليس لهم تمييز الصحيح من الفاسد في البحث وأما غير المبتدئين
فلا احتياج لهم إليه لتمييزهم الصحيح من الفاسد.
ولهذه النكتة قال المصنف( ليسكن قلب المتعلّم)
أي المتعلِّم المُبتَدأ دون الناظر المتمكن من البحث.
5: (أنه من أي علم هو ليطلب فيه ما يتعلق
به):متن:
وهنا إشارة للمتعلم المُبتدأ أنه يجب عليه أن
يعرف حال العلم الذي يشرع فيه من أي جنس من أجناس العلوم هو : أهو من العلوم
العقلية أو النقلية أو الحكمية
وإذا فُسِّرَتْ (الحكمة) (بالعلم بأحوال أعيان
الموجودات على ماهي عليه في نفس الأمر بحسب الطاقة البشرية) , فعلم المنطق لا يدخل
في الحكمة على أساس هذا التعريف.
إذ ليس البحث في علم المنطق عن الأعيان
الخارجية بل البحث فيه عن المفهومات والموجودات الذهنية الموصلة إلى التصور
والتصديق المجهولَين .
وأما إذا حُذِفَ من تعريف الحكمة لفظ الأعيان
فعلم المنطق يدخل تحتها ويكون من أقسام الحكمة النظرية إذا البحث فيها عن أحوال
الموجودات التي ليس وجودها بقدرتنا واختيارنا.
وحينئذٍ إما أن يكون علم المنطق أصلا من أصول
الحكمة النظرية أو داخلا في فروع الحكمة الإلهية.
6: (أنه في أي مرتبة هو ليُقدَّم على ما يجب
ويُؤخَّر عما يجب)
أي كما يقال إنّ مرتبة المنطق أن يُشتغل به بعد
تهذيب الأخلاق وتقويم الفكر ببعض الهندسيات إذ كان من المعهود أن يُدرَّس علم
المنطق بعد التزود بالعلوم الأدبية المدونة باللغة العربية.
7:(القسمة): (ليطلب في كل باب ما يليق به)
أي يجب أن يعلم المتعلّم قسمة العلم أو الكتاب
إلى أبوابه كما هو الحال في دراسة كتاب علم المنطق بحسب أبوابه.
8:(الأنحاء التعليمية): الأنحاء: جمع نحو وهو
الطريق
وقسّمَ المصنف الأنحاء إلى أربعة كما هو في
المتن وهي:
1: التقسيم: وعرّفه المصنف:( بالتكثير من فوق):
أي: والمقصود بالتكثير هنا: هو تكثير المقدمات
من الموضوعات والمحمولات أخذاً من فوق أي من النتيجة لأنها المقصد الأقصى بالنسبة
إلى الدليل.
بمعنى لما كانت المقدمات هي المقصد الأقصى إلى
القياس يُسلَك إليها منه كانت بمنزلة المرتبة الفوق التي يُقصد إليها من السفل.
فالحاصل: أنّ التقسيم يُطلق ويراد به تركيب
القياس المنتظم من مقدمات مشتملة على موضوعاتها ومحمولاتها ولها أفرادها.
والغرض من التقسيم: هو تحصيل التصديق بنسبة
الأفراد إلى موضوعاتها أو محمولاتها.
2:النحو الثاني: التحليل: وهو عكس التقسيم أي تكثير المقدمات إلى فوق وهو
النتيجة لأنها المقصد الأقصى بالنسبة إلى الدليل .
ويُلجأ إلى عملية التحليل لمعرفة القياس على أي
شكل من الأشكال ويتم ذلك بعكس الترتيب فيحصل المطلوب: النتيجة: وهذا لا يتسنى
إلاّ للفطن العالم بالقواعد المنطقية.
فالذي يريد أن يمارس عملية التحليل ينظر إلى
القياس المنتج له فإن كان فيه مقدمة تشارك المطلوب: النتيجة: بكلا جزئيه فالقياس استثنائي(كما
عرفتَ فإنّ النتيجة فيه مذكورة بهيئتها في المقدمات)
وإن كانت المقدمة مشاركة للمطلوب: النتيجة:
بأحد جزئيه فالقياس اقتراني كما مرّ.
ثم ينظر المُحلّل
إلى موضوع المطلوب ومحموله فإن وجدَ الموضوع في مقدمة فهي الصغرى ووجد الجزء
الآخر: المحمول: من تلك المقدمة فهو الأوسط ثم يمكنه تكرير الأوسط وضمه إلى محمول
المطلوب فتكون كبرى فيتم القياس.
لأنّ الحد الأوسط إن كان محكوما عليه في
النتيجة فهي الصغرى.
أو كان محكوما به فهي الكبرى ثم من ذلك يُشكّل
القياس ويُعرف حال وشكل القياس المنتج.
3: النحو الثالث: التحديد: أي فعل الحد.
ويعني به بيان أخذ الحد: التعريف: مطلقا سواء
كان بالحد أو الرسم وقد مرّ بيان ذلك وتوضيحه في باب التعريف وأقسامه وشرائطه. فراجع:
4:النحو الرابع :البرهان:
أي الطريق إلى الوقوف على الحق والعمل به وهذا
بالمقاصد أشبه.
بمعنى أنّ المطلوب إما أن يكون علماً نظريا أو
علما عمليا وعلى كون المطلوب علما نظريا يُكتفى بالبرهان بحيث يُفيد الوقوف فقط
دون العمل بالنظري.
وأما إذا كان المطلوب علما عمليا فلابد مع
البرهان أن يفيد الوقوف على العمل به.
:توضيح قول المصنف:(وهذا بالمقاصد أشبه):
يعني وهذا الرأس الثامن(البرهان) أشبه بمقاصد
الفن منه بمقدماته أي أنّ الرأس الثامن وخاصة البرهان منه هو الأولّى ذكره في
مقاصد الفن لا في المقدمات بخلاف الرؤوس السبعة الباقية التي هي مقدمات الفن لا
مقاصده)
أو أنّ المراد بقوله(وهذا بالمقاصد أشبه) يعني
العمل به أشبه بمقاصد الإنسان وأهدافه من العلم بلا عمل.
___________________________________________________
هذا والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله خاتم النبيين وعلى أهل بيته
المعصومين الطاهرين .
سائلين اللهَ تعالى أنْ يتقبّل منا هذا القليل
بقبولٍ حسن.
مع الاعتذار الشديد عن التقصير والهفوات، فإنّ
العصمةَ لأهلها ومن الله التوفيق.
كتبه : مرتضى علي الحلّي - النجف الأشرف .
25 صفر 1430 للهجرة النبوية الشريفة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق