((القولُ المُعتَبَر في شرح الباب الحادي عشر ))







 ((القولُ المُعتَبَر في شرح الباب الحادي عشر ))
   
للعلامة الحلي( أبو منصور جمال الدين الحسن بن يوسف)) ( قد )
المولود سنة /648 للهجرة
المتوفى سنة / 726/للهجرة






إعداد  وتحقيق : مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :


















                               
((مقدمة  الإعداد ))
------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد أشرفُ الممكنات وسيد عالمها وقطب رحى وجودها وعلى آله المعصومين أوتاد البسيطة وأركانها وسفن النجاة فبهم نعتصم وبمنهجهم نلتزم .

وبعدُ فهذه إطلالة علمية ومعرفية عَقدية وفنية على كتاب (( الباب الحادي عشر )) للعلامة الحلي /قد/
تجمعُ في طياتها لغة الفن العقدي المتأرجحة بين الأصالة والحداثة
نحاولُ فيها إفادة القُُرّاء الأعزاء بما ينفعُ ويثمُر.
ونسأل من الله تعالى التوفيق لنا ولصالح عُشاق العلم والمعرفة الواعية .
وألله تعالى من وراء القصد.





مرتضى علي الحلي
18/شهر رمضان /1429 ه











                                       











(مولد  العلامة الحلي   ونشأته )
اتفقت المصادر على أنّ ولادته في شهر رمضان المبارك من سنة 648 للهجرة في مدينة الحلة رامزة العلم والمعرفة في وقته .
والده هو الأمام الفقيه سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الأسدي
أما والدته فهي اخت المحقق الحلي /قد/صاحب كتاب( شرايع الأسلام). فهي من بني سعيد اسرة عربية الأصل.
ترعرع العلامة الحلي في أحضان والده وخاله المحقق الحلي فكان له بمنزلة الأب الشفيق.
عاش رحمه الله في محيط مملوء بالتقوى وصفاء القلب وبين اسرتين علميتين من أبرز اسر الحلة علما ألا وهما أسرتا بني المطهر وبني سعيد.




((رعاية المحقق الحلي للعلامة الحلي))
---------------------------------------
كان المحقق الحلي للعلامة بمنزلة الوالد الرحيم والمثقف الكريم وقد طال إختلاف العلامة الحلي الى خاله المحقق في تحصيل العلوم والمعارف والمعالي وتردده لديه في تعلم أفانيين الشرع والأدب والفنون الأخرى  وكان تتلمذ العلامة على يد خاله المحقق بحسب الظاهر أكثر منه على غيره من الأساتذة.



((أساتذة العلامة الحلي ))

1// خاله المحقق الحلي (أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي ) صاحب كتاب ( شرايع الأسلام)

2// المحقق الطوسي (محمد بن محمد بن الحسن الجهرودي القمي) صاحب كتاب ( تجريد الأعتقاد)

3// ابن عم والدته الشيخ ( نجيب الدين يحيى بن سعيد الحلي) صاحب كتاب( الجامع للشرايع)

4// الشيخ كمال الدين ميثم بن علي البحراني // صاحب الشروح الثلاثة على نهج البلاغة //

5// السيد جمال الدين أحمد بن علي بن موسى بن طاووس الحسيني صاحب كتاب( الشبري) أخذ عنه الفقه.

6// السيد رضي الدين علي ن موسى بن طاووس الحسيني صاحب كتاب( الأقبال )
7// السيد غياث الدين عبد الكريم بن طاووس صاحب كتاب (فرحة الغري)




(( بعض تلامذة العلامة الحلي ))/ قد/
-------------------------------------

  وأما تلامذته فكثير مما يصلُ عددهم الى (400 ) مجتهد في وقته حتى صارت مدينة الحلة في وقته محورا مركزيا للعلم والمعرفة وحاضنة للشيعة .
فقرأ على العلامة الحلي وروى عنه جمع من العلماء الأفذاذ ومنهم..

1// ولده  فخرالدين محمد // وروى عنه الحديث
2// ابن اخته السيد عميد الدين عبد المطلب الحسيني الأعرجي الحلي
3// ابن اخته السيد ضياء الدين عبد ألله الحسيني الاعرجي الحلي
4// السيد النسابة تاج الدين محمد بن القاسم الحلي
5// الشيخ زين الدين ابو الحسن علي بن احمد
6// علاء الدين أبو الحسن علي بن زهرة .

إنظر/إرشاد الأذهان/العلامة الحلي/ج1/ص45.


) ابرز مؤلفات العلامة الحلي /قد/)

ألف العلامة الحلي كتبا كثيرة قيّمة كان ولازال لها الدور العلمي في المؤسسات المعرفية واهمها
1// كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد / كتاب معتمد عليه حاليا في الدرس العلمي
// 2 //كتاب الباب الحادي عشر / كتاب كلامي / يدرس آلان/
// 3//كتاب تذكرة الفقهاء / كتاب فقهي استدلالي مشهور آلان ويعتمد عليه في الابحاث العالية /  
// 4 // تبصرة المتعلمين في احكام الدين /كتاب فقهي يدرس في مرحلة المقدمات العلمية
/ 5 /تهذيب الوصول الى علم الاصول /
/6 / كشف المقال في معرفة الرجال /كتاب يبحث في قواعد علم الرجال /
/ 7 //القواعد الجلية في شرح الرسالة الشمسية /كتاب منطقي /
8 /الاشارات الى معاني الاشارات /9 / تحرير الاحكام الشرعية على مذهب الامامية / 9 / ارشاد الاذهان الى احكام الايمان /
10 /الاسرار الخفية في العلوم العقلية ./ وهناك الكثير من مؤلفاته اعرضنا عن ذكرها للاختصار/// توفي العلامة الحلي /قدس سره/ في سنة 726 للهجرة ودفن بجوار امير المؤمنين علي ع //
                 
رتب العلامة الحلي ( قد) هذا الباب الحادي عشر على مقدمة وخمسة اصول وخاتمة ونحن نلتزم بالمنهج الفني للكتاب.



((المقدمة))
-----------
(في بيان وجوب معرفة إصول الدين)
----------------------------------
وتتوفر على إمور اربعة وهي كالآتي :

(الأمر الأول)
========
(في بيان وجه تسمية هذا الكتاب ومعاني الوجوب _ والأصول والدين)

قال العلامة الحلي /قد/ في المتن(( الباب الحادي عشر فيما يجب على عامة المكلفين من معرفة إصول الدين ))

(الشرح))
=====
يُنقَل إنما سُمي هذا الباب بالحادي عشر لأنّ المصنف العلامة الحلي إختصر في كتاب( مصباح التهجد) الذي ألفه الشيخ الطوسي في العبادات والأدعية ورتب ذلك المختصر على عشرة أبواب وسماه كتاب ( منهاج الصلاح في مختصر المصباح) ولما كان ذلك الكتاب في فن العمل والعبادات والدعاء إقتضى ذلك إلى معرفة المعبود والمدعو وهو الحق تعالى أولاً وبالذات فأضاف العلامة الحلي إلى الأبواب العشرة الباب الحادي عشر هذا في اصول الدين .




والنكتة اللطيفة في سبب تأليف العلامة الحلي للباب الحادي عشر هو للوقوف على الأصل وهومعرفة الله تعالى ثم العمل بتكاليفة والإلتزام بدينه وإلاّ فمن غير المعقول وغير المقبول
أن نعمل وندعو لمن لانعرفه معرفة يقينية صحيحة فأضاف هذا الباب لغرض تكميل المنظومة المعرفية العقدية والشرعية لدى المُكلَّف المسلم ولتتميم بنائه الفقهي والأخلاقي على احسن صورة ممكنة.


               


                                               


                قال العلامة الحلي في المتن (( فيما يجب على عامة المكلفين من معرفة أصول الدين))

((الشرح))
--------
ويقصد العلامة الحلي بالوجوب هنا هو الوجوب  العقلي العيني الثابت في ذمة كل فرد فرد من المكلفين عامة بلا إستثناء أي أنّ هذا الوجوب العيني لايسقط بقيام البعض به عن البعض الآخر التارك لمعرفة أصول الدين .
فلذا يُعاقب تارك الواجب العيني وإنطلاقا من ذلك الوجوب العيني يترشح امرٌ أخر وهو عدم وجوب التقليد لأهل الإختصاص والمعرفة في أصول الدين ولكن هذا لايمنع من الإنتفاع والأخذ بتحقيقاتهم العلمية السليمة في مجال علم العَقَديّات(علم الكلام) أخذاً علميا ومعرفيا بنحو الإستعانة بهم كأهل خبرة وإختصاص والمستند في ذلك الجري العملي للسيرة العقلائية في ذلك.

والمقصود من المكلّف في عبارة المتن هو الإنسان الحي البالغ العاقل القادر الواصل إليه التكليف شرعا .
وأما (أصول الدين) فهي مجموعة من القواعد والضوابط المبتناة على الأدلة العقلانية والنقلية القويمة والتي تستند إليها الشريعة الأسلامية في منظومتها العقدية والتي أهما هي معرفة الله تعالى وتوحيده وصفاته وعدله ونبوة الأنبياء والإقرار بهم وخاصة خاتمهم النبي الأكرم محمد/ص/ وإمامة الأئمة الأثني عشر والمعاد.

وأما سبب تسمية هذا الفن بأصول الدين لأنّ سائر العلوم الدينية من الحديث والفقه والتفسير
مبنية عليه فإنها متوقفة على صدق الرسول/ص/ وصدق الرسول متوقف على ضرورة ثبوت المرسِّل ووصفاته وعدله.


((الأمرُ الثاني) من  إمور المقدمة
-------------------------------
((في بيان دليل العقل والنقل على وجوب معرفة اصول الدين))
==================================

قال العلامة الحلي في المتن ((أجمع العلماء كافة على وجوب معرفة الله تعالى وصفاته الثبوتية والسلبية وما يصح عليه وما يمتنع عنه والنبوة والإمامة والمعاد))

((الشرح))
======
ويقصد العلامة هنا بالإجماع هو الإجماع العقلائي  والإتفاق المعرفي عند أهل الخبرة والإختصاص من رجالات علم الكلام (العقديات) والمعرفة والفلسفة في العصر الأول من الأسلام والإجماع حجة إتفاقا بلا خلاف.

أما عندنا نحن الإمامية الأثناعشرية فوجه وسبب حجيته هو للقطع بدخول المعصوم /ع/ فيه
فيكون الإجماع كاشفا عقلائيا وعقلانيا عن رأي المعصوم السديد في هذا الإتفاق المعرفي والمعقولي على وجوب معرفة الحق تعالى.
أما وجه حجية الإجماع عند غيرنا من المذاهب الإسلامية الأخرى فلقول الرسول /ص/
((لاتجتمع أمتي على خطأ))
 فروى ابن ماجة في سننه 2 / 1303 عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال :
(( إن أمتي لا تجتمع على ضلالة . . .))
 ولم يوجد في كتب الحديث للسنة ما يشتمل على لفظ الخطأ . نعم هو مذكور في كتب الاستدلال . عندهم
 وإن أمكن التأمل في هذا المدرك ولكن نتركه للإختصار.

واضافة لذلك الإجماع يوجد دليلٌ عقلي ونقلي على وجوب معرفة أصول الدين وهذا الدليل العقلي والنقلي بحد ذاته يُعتبر سندا قويا للإجماع المذكورأنفا.

أما الدليل العقلي/ فيرتكز على دعامتين أساسيتين : هما

/1/ (الدعامة الأولى) / إنّ معرفة اصول الدين دافعة ومزيلة للخوف الحاصل للإنسان المكلف نتيجة الأختلاف الفكري والمعرفي الموجود بين الناس عامة





ودفع وإزالة هذا الخوف هو واجب عقلي لأنّ الخوف ألمُ نفساني ووجداني يمكن دفعه وإزالته والتخلص منه فيحكم العقل  النظري   لدى المكلف بوجوب دفع الخوف الحاصل في نفسه فيجب دفعه عقلا.
ويمكن صياغة الدعامة الأولى بقياس منطقي من الشكل الأول فنيا.

الصغرى/ ص/ إنّ معرفة اصول الدين دافعة للخوف
الكبرى/ك/ دفع الخوف واجب عقلا
النتيجة/ إنّ معرفة اصول الدين واجب عقلا

/2/ (الدعامة الثانية)/ من الدليل العقلي على وجوب معرفة اصول الدين

إنّ شكر المُنعِم (وهوالله تعالى) واجب عقلا ولايتم شكره حقيقة إلاّ بمعرفته سبحانه أما وجه وجوب شكر المنعم فلإستحقاق الذم عقلائيا عند ترك شكر المنعم.
وأمّا أنه لايتم الشكر إلاّ بمعرفة المنعم فلآنّ الشكرحقيقة إنما يكون بما يناسب حال المشكور
المنعم
فالشكر يجب أن يكون مسبوق بمعرفة المنعم المشكور عقلا وإلاّ لم يكن شكرا
فقد يشكر المكلف من دون المعرفة غير المنعم لخطأ في معرفته.
والله تعالى هو المنعم الحقيقي والواقعي على الإنسان فيجب شكره عقلا فيجب معرفته لأنّ الشكر متوقف عقلا على معرفة المنعم
ولذا لما كان التكليف واجبا عقلا في الحكمة الألهية على المكلفين في معرفة اصول الدين
والألتزام بشريعة الأسلام الخاتم وجب أيضا معرفة مبلغ التكاليف الألهية وهو الرسول الأكرم/ص/ وحافظ الكتاب والتكاليف من بعده خلفائه الأئمة المعصومين /ع/ ومعرفة المعاد وذلك لإستلزام التكليف الألهي وجوب الجزاء من الثواب والعقاب عقلا.




                            

                             أما الدليل النقلي (الروائي السمعي) على وجوب معرفة اصول الدين.
--------------------------------------------------------------
فيقوم على عدة امور أهمها :
/1/قوله تعالى ((فإعلم أنه لاإله إلاّالله ))/19/ سورة محمد.

والأمر هنا في صيغة إفعل (إعلم) للوجوب العقلي الإرشادي وهو حقيقة في الوجوب العقلي الإرشادي بحسب مباني علم الأصول أي يجب وبنحو الإرشاد العقلي من الله تعالى لضرورة معرفته سبحانه وتوحيده
/2/ قد ورد في تفسير قوله تعالى لما نزلت الآية ((إنّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب)) 190/ آل عمران.
أنّ النبي محمد/ص/ قال ((ويلٌ لمن لاكها بين لحييه ولم يتدبرها)) /مجمع البحرين/ الطريحي/ ج4/ ص154.
/لحييه/ فكيّه/
فرتب النبي/ص/ الذم والعذاب على تقدير عدم تعقل ومعرفة الآيات الأفاقية الكونية لله تعالى
أي أنّ عدم الأستدلال والتعرف بماتضمنته الآية الشريفة اعلاه من ذكر الآيات الأفاقية
لله تعالى في كونه عظيم وواحد لاشريك له لما تملك تلك الآيات الكونية من آثار صنع الواحد المتفرد الحق سبحانه ودليل قدرته المطلقة والواعية وعلمه المطلق فيكون النظر أي التفكر والتعقل والأستدلال واجبا عقلا وهو المطلوب.


((الأمر الثالث))
   ((في بيان وجوب معرفته تعالى بالدليل لا بالتقليد))
============================
قال المصنف العلامة الحلي/ في المتن (( يجب معرفته تعالى بالدليل لا بالتقليد))

 ((التوضيح))
=========
    ويقصد العلامة الحلي هنا بالدليل الدليل العقلي وهو المرشد عقلا لمعرفة الواجب سبحانه وتعالى.
والدليل إصطلاحا / هو ما يلزم من العلم به العلم بشيء آخر.
كأن يعتمد المُستدل على مقدمات قياس فنية ليشكل أحد أشكال القياس فمن معرفة المقدمات القينية يعلم النتيجة القينية قطعا .
مثلا يُشكّل المكلف المستدل على معرفة الله تعالى قياسا من الشكل الأول بالصورة ادناه.

الصغرى/ العالم متغير/أي متجدد الأحوال ومتبدلها:

الكبرى / كل متغير حادث  / أي مسبوق بالعدم أو هو المخلوق.
فالنتيجة تحصل بعد حذف الحد الأوسط (متغير) فتكون العالم حادث تحت كبرى عقلية مركوزة في ذهن المستدل وهي أنّ لكل حادث مُحدِث أي خالق.

وبعد اليقين بوجوب معرفة أصول الدين وجب أن تكون هذه المعرفة بالنظر والأستدلال العقلي لأنّ المعرفة هنا ليست بديهية أي ليست متيسرة لكل أحد إذ لو كانت كذلك لكانت معرفة اصول الدين بديهية للكل ولما إختلف الناس في المعرفة العقدية لإصول الدين.
لأنّ المعلوم بالبداهة لايختلف فيه العقلاء بل يحص العلم به بأدنى توجه وإلتفات من العقل والأحساس به كالحكم بأنّ الواحد نصف الأثينين وأنّ النار حارة وغير ذلك .


ومعنى عدم بداهة المعرفة العقدية هنا أي أنها ليست من القضايا اليقينية الستة المعروفة في علم المنطق والتي يحص العلم بها بأدنى إلتفات وتوجه عقلي إليها .
والمعرفة هنا ليست حسية أي لاتنالها الحواس البشرية
فيتعين أن تكون المعرفة نظرية (كسبية) وذلك لأنّ العلم منحصر في البديهي والكسبي
فيكون النظر والمعرفة العقلية والأستدلال واجبا عقلا
لأنّ ما لايتم معرفة الحق تعالى إلاّ به وكان ممكنا ومقدورا عليه فهو واجب عقلا.
لأنه إذا لم إذ لم يجب ما يتوقف عليه معرفة الواجب تعالى وهو(المعرفة النظرية الكسبية)
فإما أن يبقى الواجب تعالى على وجوبه أو لايبقى .
فمن الأول( أي بقاء الواجب على وجوبه) يلزم التكليف بما لايطاق وهو ممتنع عقلا ومحال.

وعلى الثاني(أي ما يلزم من عدم بقاء الواجب تعالى على وجوبه المطلق غير المشروط بالمعرفة الواجبة ) يلزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا وهو محال أيضا.

(ملاحظة)/ المقصود (بالنظر) اصطلاحا هو ترتيب امور معلومة للتأدي إلى أمر أخر أي للتوصل إلى أمر مجهول / والنظر هنا هو المعرفة بالله تعالى.

ومعنى التقليد / في عبارة المتن / هو قبول قول الغير من غير دليل يطلع عليه المُقَلِّد (المُتبع)
وقد صرح العلامة المقداد السيوري الحلي في كتابه اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية بقوله( والحق إنّ أول الواجبات هو المعرفة بالله تعالى وماعداها مقدمة لها)) ص 83/

وهنا نكتة لطيفة جدا يجب التنبه لها وهو أنّ الدليل على وجوب العلم واليقين بإصول الدين الإسلامي الخمسة وعدم جواز التقليد فيها.
هو أنّ الإنسان المكلف إذا رأى الناس مختلفين في الإعتقادات فإما أن يأخذ بجميع إعتقاداتهم فيلزم منه جمع المتنافيات لأنّ الناس مختلفون في أفكارهم وعقايدهم الدينية فمنهم مؤمن ومنهم كافر والجمع بين المتنافيات غير ممكن
وإما أن يأخذ الإنسان المكلّف بالبعض من الإعتقادات الموجودة عند الناس بلا مرجح عقلي فيلزم الترجيح بلا مرجح وهو محال عقلا.



وإما أن يأخذ بالبعض مع المرجح وليس هذا إلاّ العلم لأنّ الترجيح مع الظن حاله حال الشك
هنا
وإما أن يترك الإنسان المكلَّف جميع الأعتقادات ويطرحها أرضا فهو غير جائز عقلا لوجوب المعرفة بالله عقلا.
فبذلك يبطل التقليد في الأعتقادات .
لأنّ التقليد في اصول الدين كالشك والشاك في اصول الدين كافر هذا من الجانب العقلاني.

أما من الجانب الشرعي النقلي / فما ورد عن الأئمة المعصومين/ع/
من التأكيد القطعي واليقيني والتحريض على وجوب معرفة الله تعالى وأصول الدين الحق
فقد نقل الشيخ الأعظم المفيد /قد/ في كتابه الإرشاد /مايلي نصه/

((إنّ مما حُفِظَ عن الإمام الصادق/ع/ في وجوب المعرفة بالله تعالى وبدينه قوله/ع/ ( وجدتُ علم الناسِ كلهم في أربع : أولها أن تعرف ربّك   : والثاني/ أن تعرف ما صنع بك  :والثالث / أن تعرف ما أراد منك / والرابع / أن تعرف ما يُخرِجَك من الدين))

ثم قال الشيخ المفيد في شرحه لتلك الكلمات الجامعات المانعات :
(( وهذه أقسام تُحيط بالمفروض من المعارف الألهية لأنّ أول مايجب على العبد معرفة الله تعالى فإذا علِمَ أنه له إلها وجبَ أن يعرف صنعه إليه فإذا عرف صنعه إليه عرف به نعمته
فإذا عرفَ به نعمته وجب عليه شكره  فإذا أراد تأدية شكره وجب عليه معرفة مراده ليطيعه بعقله وإذا وجبت عليه طاعته وجب عليه معرفة ما يخرجه عن دينه ليتجنبه فيخلص به طاعة ربه وشكر إنعامه))ج/2/ ص203/الإرشاد/











                                                             









                                                         

                                                          ((الأمر الرابع ))
=========
((في بيان وجوب معرفته سبحانه على المسلمين))
============================

قال العلامة الحلي/قد/ في المتن(( فلابدَّ من ذكر مالا يمكن جهله على أحد من المسلمين ومن جهَلَ شيئا من ذلك خرج عن ربقة المؤمنين واستحق العقاب الدائم))

/الشرح/
=====
هنا يشيرُ المصنف العلامة إلى نكتة لطيفة جدا وهي التفريق بين المسلم والمؤمن في الإصطلاح المفهومي بل وحتى المصداقي فليس كل مسلم مؤمن وإنما كل مؤمن مسلم

والمسلم هو من أقرّ واعترف بالشهادتين (لاإله إلاّ الله / محمد رسول الله/)
والمؤمن هو الإنسان المسلم الذي عرف الله تعالى بالنظر الأستدلال لا بالتلفظ بالأقوال فقط لسانا دون برهان,.
ومن هنا يجب معرفة الله تعالى على كل مسلم ليصير بالمعرفة العقلية مؤمنا .
وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في قوله تعالى

((قالت الأعرابُ آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمانُ في قلوبكم )) 14/الحجرات.
فنفى الله تعالى عن الأعراب الإيمان مع كونهم مسلمين ومعنرفين بالله وبرسوله /ص/ وذلك بسبب عدم اعتمادهم في إقرارهم هذا على النظر والإستدلال على معرفة الله تعالى.
وحيث أنّ الثواب مشروط بالإيمان والإيمان هنا يُقصَد به الإعتراف بالله وبرسوله/ص/
والأئمة المعصومين/ع/ قلبا وعقلا والنصوص صريحة بذلك.
لذا كان الجاهل بهذه المعارف الألهية من اصول الدين الخمسة مستحقا للعقاب لأنّ كل من لايستحق الثواب أصلا مع كونه مكلفا فهو مستحقا للعقاب إجماعا.
وإلى ذلك أشار الحديث  عن الإمام محمد الباقر/ع/
((أنّ الإيمان ما استقر في القلب وأفضى به إلى الله عز وجل وصدقه العمل بالطاعة لله والتسليم لأمر الله ))/ شرح اصول الكافي/المازندراني /ج8/ ص47/.

((الربقة))/ هي حبلٌ مستطيل فيه عُرى تٌربط فيها الُبهم (جمع بهيمة) فإستعار المصنف العلامة هذه الكلمة إستعارة تخيلية للحكم الجامع للمؤمنين وهو استحقاق الثواب الدائم والتعظيم.


                                          






((الأصول الخمسة في الدين الإسلامي العزيز)
===============================
/الأصل الأول/ وفيه فصول :
/الفصل الأول/ في توحيد الله تعالى / وفي إثبات واجبية الوجود لذاته تعالى / وفيه مقصدان .؟
(المقصد الأول) / (في بيان خواص الواجب والممكن )
=============================
قال العلامة في المتن(( وقد رتبتُ هذا الباب أي الباب الحادي عشر على فصول منها /الفصل الأول في إثبات الوجود لذات الله تعالى / فنقول إنّ كل معقول إما أن يكون واجب الوجود في الخارج لذاته وإما ممكن الوجود لذاته وإما ممتنع الوجود لذاته )

/التوضيح/
=========
  إنّ إثبات الصانع تعالى هو المطلب الأقدس في علم الكلام(العقديات) فلذلك إبتدأ المصنف به وقدّم لبيانه مقدمة في تقسيم الأمر المعقول لتوقف الدليل الأني على بيانها .

وتقرير المقدمة في إثبات واجب الوجود لذاته تعالى يكون بهذه الصورة الآتية :

وهو أنّ كل أمر معقول هو صورة حاصلة ومدرَكةٌ في العقل
فإذا نسبنا إليه الوجود الخارجي فإما أن يصح اتصافه بالوجود لذاته أو لايصح اتصافه بالوجود لذاته .
فإن لم يصح اتصاف المعقول بالوجود لذاته فهو ممتنع الوجود لذاته كشريك الباري إفتراضا فهو ممتنع الوجود لذاته.
فإن صح اتصاف المعقول بالوجود لذاته فإما أن يجب اتصافه بالوجود لذاته أو لايجب .



فالأول/ (أي الأمر المعقول الذي يجب اتصافه بالوجود لذاته )
وهو الواجب الوجود لذاته وهوالله تعالى لاغير

والثاني/ (أي الأمر المعقول الذي لايجب اتصافه بالوجود لذاته ) وهو ممكن الوجود لذاته وهو ما عدا الواجب تعالى من الموجودات الآخرى ,.

والمقصود بالممكن الوجود لذاته/ هو ماتساوت نسبة الوجود والعدم في ذاته فيحتاج إلى علة لترجيح أحد الطرفين (الوجود أوالعدم) على الآخر
وإنما قيّد المصنف العلامة (الواجب الوجود ) بقيد(لذاته) احترازا من  الممتنع لغيره كإمتناع  وجود المعلول عند عدم علته وهذان القسمان داخلان في قسم الممكن أي أنّ الواجب لغيره والممتنع لغيره هما من أقسام الممكن.

وأما الممكن فلايكون وجوده لغيره فلا فائدة في تقييده بكونه لذاته إلاّ لبيان أنه لايكون كذلك لا للأحتراز عن غيره .
وأردف العلامة المقداد السيوري الأسدي الحلي هذا البحث في شرحه للباب الحادي عشر بذكر فائدتين تتوقف عليها المباحث التالية فلا بأس باتلتعرض لها وشرحها يإيجاز:/

1/الفائدة الأولى / في خواص الواجب الوجود لذاته وهي خمسة
/1/(الخاصية الآولى )/ (أنه لايكون وجود الواجب الوجود لذاته ولغيره معا وإلاّ لكان وجوده مرتفعا عند ارتفاع وجود ذلك الغير فلا يكون واجبا لذاته وهذا خلف الفرض بأنه واجب الوجود لذاته)

(شرح الخاصية الآولى)/إنّ سبب عدم كون (واجب الوجود لذاته) واجب الوجود لذاته ولغيره معا على نحو الإجتماع الوجودي لأنه يلزم منه انقلاب واجب الوجود لذاته إلى ممكن الوجود وهو خلاف الفرض فوجود واجبية الوجود لغيره يرتفع ويزول بإرتفاع وزوال وجود ذلك الغير)





/2/(الخاصية الثانية)/ (أنه (واجب الوجود لذاته ) لايكون وجوده ووجوبه زائدين عليه وإلا لأفتقر إليها فيكون ممكنا)

(شرح الخاصية الثانية)/ أي أنّ واجب الوجود لذاته لايكون وجوده ولاوجوبه زائدين عليه لأنه إذا كان كذلك كان الوجود والوجوب صفة له فيفتقر إليها فيكون ممكنا وهو خُلف مافُرض من كونه واجب الوجود لذاته أي أنّ وجوب وجوده عين ذاته لاشيء زائدا عليه.

ومن المعلوم عقليا أنّ نوع الواجب تعالى منحصراً في شخص واجب الوجود لذاته أي لايوجد منه في  الواقع إلاّ شخص واحد.
لأنّ طبيعته وحقيقته وواقعيته تقتضي ذلك

/3/(الخاصية الثالثة)/ ((أنه لايكون صادقا عليه التركيب لأنّ المركب مفتقر إلى أجزائه المغايرة له فيكون ممكنا والممكن لايكون واجبا لذاته))

(شرح الخاصية الثالثة)/ إنّ عدم كون واجب الوجود لذاته مركبا لأنه بسيط الحقيقة من جميع الجهات فلا يُتعقل في حقه تركب الذات من اجزاء حقيقية أو خارجية أو حتى اعتبارية
لأنّ تلك الأجزاء غيره وهي بنفسها تُثبت إفتقار الواجب إليها فلايكون واجبا بالذات وهو خلف ما فرض من كونه واجب الوجود لذاته .

/4/(الخاصية الرابعة)/((إنّ واجب الوجود لذاته لايكون جزءاً من غيره وإلاّ لكان منفعلا عن ذلك الغير فيكون ممكنا))

(شرح الخاصية الرابعة)/ ومعنى ذلك أنّ واجب الوجود لايكون جزءاً من ماهية بين اجزائها فعل وانفعال وإلاّ أي لو كان الواجب الوجود لذاته جزءاً من مركب آخر لكان منفعلا عنه فيكون متغيّرا وهذا خلف المفروض والمطلوب عقلا.


/5/((الخاصية الخامسة))(( أنه تعالى لايكون صادقا على اثنين ))

(توضيح الخاصية الخامسة)/ إنّ عدم صدق الواجب الوجود لذاته على اثنين بالعدد هو للزوم التمانع والفساد في الأرادات والكون بين الأثنين.


/الفائدة الثانية/
 // في خواص الممكن الوجود//
=================
وهي ثلاث/

/1/(الخاصية الأولى)( إنّ ممكن الوجود لايكون أحد طرفيه (الوجود أو العدم) أولى به من الآخر بل هما معا متساويان بالنسبة إليه في ذاته فإن ترجح أحدهما على الآخر إنما يكون بالسبب الخارجي عن ذات الممكن لأنه لوكان الوجود أو العدم أولى به من الأخر فإما أن يمكن وقوع الآخر أو لايقع .
فإن كان الوجود أولى بالممكن لذاته من العدم لم تكن الأولوية كافية في الترجيح وإن كان العدم ممكن وقوعه أو يمتنع وقوعه كان المفروض أولى به واجبا له فيصير الممكن إما واجبا من طرف الوجود الذي هو أولى به حسب الفرض أو ممتنعا من طرف العدم وهو محال.)

/2/(الخاصية الثانية)(إنّ الممكن محتاج إلى المؤثر لأنه لما استوى الطرفان الوجود والعدم بالنسبة لذاته استحال ترجيح احدهما على الآخر بلا مرجح والعلم به بديهي بمعنى أنّ الممكن لذاته لكي يترجح احد طرفيه على الآخر فأنه يحتاج إلى المؤثر حقيقةً )

/3/(الخاصية الثالثة)( إنّ الممكن الباقي محتاج إلى المؤثر وذلك لأنّ الإمكان لازم لماهية الممكن ويستحيل رفعه عنه وإلاّ لزم انقلاب الممكن إلى الواجب أو الممتنع وقد ثبت أنّ الأحتياج لازم للإمكان والإمكان لازم لماهية الممكن ولازم اللآزم لازم فيكون الإحتياج لازما لماهية الممكن وهو المطلوب .

(توضيح هذه الخاصية)/ إنّ الممكن لذاته كما يحتاج في إيجاده (حدوثه) إلى المؤثر فكذلك هو محتاج في بقائه وديمومته الوجودية إلى المؤثر ومعلوم أنّ من خواص الممكن الحاجة إلى المؤثر (العلة التامة) حدوثا وبقاءاً.





                            






((المقصد الثاني)) من الفصل الأول/الأصل الآول
========================================
((في إثبات الصانع تعالى وله طريقان))


/1/(الطريق الأول)/ في بيان أنّ وجود الأثر دليل على وجود المُؤثّر.
وهذا العنوان هو بحد ذاته دليلٌ واقعي وحقيقي على وجود الصانع لأنّ وجود المعلول والأثر هو أدلُ دليلٍ على وجود العلة والمؤثر.

قال العلامة الحلي /في المتن
((ولاشك في أنّ هنا موجودا بالضرورة فإن كان الوجود واجبا لذاته فهو المطلوب وإن كان ممكنا إفتقر إلى موجد يوجده بالضرورة فإن كان الموجد واجبا لذاته فالمطلوب :
وإن كان ممكنا افتقر الى موجد آخر فإن كان الأول دار وهو باطل بالضرورة وإن كان ممكنا آخر تسلسل وهو باطل أيضا.
لأنّ جميع آحاد تلك السلسلة الجامعة لجميع الممكنات تكون ممكنة بالضرورة فيكون واجبا بالضرورة وهو المطلوب))

((الشرح))
==========

 إنّ في قول العلامة الحلي ((ولاشك في أنّ هنا موجودا بالضرورة )) نصا واضحا منه لتأييد مذهب الواقعية والحقيقة الذي يؤمن بحقيقة الموجودات في عالمنا الإمكاني ورفضا منه لمذهب السفسطة المتمثل بالشكاكين والمنكرين لأصل واقعية الوجود.
فبعد القطع واليقين والبداهة عقلا بوجود الموجودات فلا يخلو هذا الوجود من إما أن يكون واجبا لذاته وهو المطلوب
وإما أن يكون ممكنا فيفتقر في وجوده الى الواجب الوجود ليوجده بالبداهة
فإن كان الموجد ممكنا افتقر الى موجد آخر يوجده فإن كان الموجد الآخر هو الممكن الاول لزم الدور وهو باطل بالضرورة وإن كان ممكنا آخر لزم التسلسل وهو باطل أيضا.
لأنّ جميع آحاد تلك السلسلة الجامعة لجميع الممكنات تكون ممكنة بالضرورة فتشترك
في امتناع الوجود لذاتها فلا بد لها من موجد خارج عنها بالضرورة فيكون الموجد لها الخارج عنها واجبا وهو المطلوب.


ولعلماء العقديات(علماء الكلام والفلسفة) في اثبات الصانع طريقان هما::

/1/(الطريق الأول) هو الأستدلال بالآثار الكونية والآفاقية والنفسية المحوجة الى السبب الى موجدها.
كما شار القرآن الكريم الى ذلك بقوله تعالى
((سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق))/فصلت/53.

وهذا طريقُ النبيُ ابراهيم/ع/ فإنه استدل بالأفول الذي هو الغيبة المستلزمة للحركة المستلزمة للحدوث المستلزم للصانع تعالى.
وهذا الأستدلال يُسمى برهانا إنيا يُنتقل فيه من العلم بوجود المعلول الى العلم بوجود العلة


وأيضا هناك ادلة عقلية مهمة جدا لابأس بالأشارة إليها زيادة في البرهان ومنها::


/1/بعد ماثبت من حدوث العالم (أي مخلوقيته) وأنه صنع صانع فإنّ الضرورة أي البداهة قاضية بإفتقار مالم يكن ثم كان الى فاعل حتى أنّ ذلك  مركوز في جبلة (فطرة) كل ذي ادراك .

/2/ماذكره المحقق الطوسي في كتابه (الفصول النصيرية) وهو دليل مهم جدا

(تقرير الدليل)
  (لولم يكن الواجب موجودا لم يكن لشيء من الممكنات وجودا اصلا واللازم باطل فالملزوم مثله)

(بيان الملازمة)
  (إنّ الموجود يكون حينئذ منحصرا في الممكن وليس له وجود من ذاته كما تقدم بل من غيره فإن لم يُعتبر ذلك الغير لم يكن للممكن وجود واذا لم يكن للممكن وجود لم يكن لغيره عنه وجود لأنّ ايجاده لغيره فرع على وجوده لإستحالة كون المعدوم موجدا)


وبعبارة اوضح// أنه إذا افترضنا عدمية الواجب لذاته فاللازم لذلك عدم وجود الممكنات اصلا واللازم باطل (وهو عدم وجود الممكنات اصلا) لوجودها واقعا ونحن منها يقينا فيكون الملزوم (إي افتراض عدمية الواجب الوجود لذاته) باطل أيضا
فيثبت وجود الواجب الوجود بالملازمة العقلية القطعية لأنه إذا وجب اللازم وجب ملزومه قطعا:


                                        










                                       
                                        ((الطريق الثاني)) في اثبات وجود الصانع تعالى.
=============================
قال العلا مة الحلي في المتن((وهو أن يُنظَر في الوجود نفسه ويُقسم الى الواجب والممكن حتى يشهد القسمة بوجود واجب صدر عنه جميع ما عداه من الممكنات واليه الأشارة والتنزيل بقوله تعالى (( أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ))ذيل آية/53/فصلت.



(الشرح)
======
ذكر المصنف الحلي في هذ الباب الكريقين معا فاشار الى الأول:عند إثبات كونه تعالى قادرا وسيأتي لاحقا
وأما الثاني :فهو المذكور هنا وتقريره بالصورة الآتية:

(تقرير الطريق الثاني)
===============
كما ذكره المقداد السيوري الحلي
وهو((أنه لولم يكن الواجب تعالى موجودا لزم إما الدور أو التسلسل واللازم باطل بقسميه فالملزوم مثله0وهو عدم وجود الواجب مثله في البطلان))

فيُحتاج هنا الى بيان امرين ؟ هما:

/1/ الأمر الآول/ بيان صورة لزوم الدور والتسلسل

/2/الأمر الثاني /بيان كيفية بطلانها (الدور +التسلسل)

/1/(الآمر الأول)(بيان لزوم الدور والتسلسل)

وهو أنّ ها هنا في الواقع والحقيقة ماهيات متصفة بالوجود الخارجي  بالضرورة أي هناك حقيقة أشخاص ومصاديق وجودية في الخارج .
فإن كان الواجب الوجود معها فهو المطلوب(بمعنى إن كان وجوده الواقعي في نفس الأمر موجودا ومتحققا فهو المطلوب)
فمصطلح الوجود الخارجي هو أعم من الوجود الذهني والحسي .
وإن لم يكن الواجب الوجود موجودا معها يلزم اشتراكها أي الماهيات المتصفة بالوجود الخارجي بجملتها بالإمكان إذ لاواسطة بينهما فلابد للماهيات الإمكانية من مؤثر حينئذ بالضرورة فمؤثّرها إن كان واجبا فهو المطلوب
وإن كان ممكنا افتقر الى مؤثر اخر يوجده
فمؤثره وموجده الإمكاني الأخر إن كان ما فرضناه أولاً أي ممكنا أولاً لزم الدور
وإن كان ممكنا آخر غيره يلزم التسلسل.


/2/((الأمر الثاني))/(بيان بطلان الدور والتسلسل)
===========================
أما الدور فهو عبارة عن توقف الشيء على ما يتوقف عليه كما يتوقف أ على ب وب على أ وهو باطل بالضرورة.

إذ يلزم من الدور والتوقف هنا أن يكون الشيء الواحد موجودا ومعدوما معا
في آن واحد وهو محال لأنه يستلزم إجتماع النقيضين  وهو محال
وذلك لأنه إذا توقف أ على ب كان أ متوقفا على ب وعى جميع ما يتوقف عليه ب ومن جملة ما يتوقف عليه ب هو أ نفسه فيلزم توقفه على نفسه
والموقوف عليه متقدم على الموقوف فيلزم توقفه على نفسه والمتقدم من حيث  انه متقدم يكون موجودا قبل المتأخر فيكون ا حينئذِ موجودا قبل نفسه فيكون موجودا ومعدوما معا وهو محال.

أما التسلسل /فهو ترتيب علل ومعلولات بحيث يكون السابق علة في وجود اللاحق وهو هكذا أيضا باطل.
لأنّ جميع آحاد تلك السلسلة الجامعة لجميع الممكنات تكون ممكنة لإتصافها بالإجتماع وهو عنوان الإمكان فتشترك بجملتها في الإمكان فتفتقر إلى مؤثر فمؤثرها إما نفسها
(أي نفس الممكنات) أو جزئها أو الخارج عنها والأقسام كلها باطلة قطعاً.

أما وجه بطلان الأول (وهو كون العلة نفس آحاد السلسلة)
فلإستحالة تأثير الشيء في نفسه وإلاّ يلزم تقدّم الشيء على نفسه وهو باطل .

أما وجه بطلان الثاني(وهو كون العلة جزؤها أي أحد أفراد السلسلة اللامتناهية)

لأنه لوكان المؤثر في الممكنات أي فرد من أفراد السلسلة اللامتناهية لزِمَ أن يكون الشيء مؤثرا في نفسه لأنّ الجزء من جملة الشيء وفي علله أيضا أي مؤثر في علته فيلزم تقدم الجزء على نفسه وهو باطل ايضا.

أما وجه بطلان الثالث(أي كون المؤثر خارج عن السلسلة الجامعة لجميع الممكنات وذلك لأنه يلزم أن يكون الخارج عن السلسلة واجبا إذ الغرض إجتماع جملة الممكنات في تلك السلسلة فلا يكون موجودا خارجا عنها إلاّ الواجب الوجود إذ لا واسطة بين الواجب والممكن فيلزم المطلوب وهو وجوب وجود واجب الوجود.












((الفصل الثاني))
=============
(في صفات واجب الوجود تعالى الثبوتية)
======================
وهي ثمانية:
(الصفة الأولى) (أنه تعالى قادر مختار)
==========================
وفي هذا الفصل مقصدان:
(المقصد الأول) (في بيان أنه تعالى  قادر مختار)
===========================
قال العلامة الحلي في المتن:
(( الصفة الأولى /أنه تعالى قادر مختار لأنّ العالم مُحدّث لأنه جسم (أي العالم) وكل جسم لاينفك عن الحوادث (أي عن الحركة والسكون) وهما حادثان لإستدعائهما المسبوقية بالغير.
وما لاينفك عن الحوادث فهو مُحدّث بالضرورة فيكون المؤثر فيه وهو الله تعالى قادرا مختارا
لأنه لو كان موجبا(أي مجبورفي فعله) لم يتخلف أثر عنه بالضرورة فيلزم من ذلك إما قدم العالم او حدوث الله تعالى وهما باطلان )عقلا.



(الشرح)
=====
بعدما أتم العلامة الحلي بحث إثبات ذات واجب الوجود تعالى شرع في إثبات الصفات  وقدم الصفات الثبوتية للذات الألهية المقدسة على غيرها لأنها وجودية وواقعية وحقيقية.

بخلاف الصفات السلبية فإنها عدمية والصفات الوجودية أشرف من الصفات العدمية
وإبتدأ  العلامة الحلي بالصفة الثبوتية الأولى وهي كونه تعالى قادرا مختارا
لإستدعاء القدرة للصنع فكل مصنوع وراءه صانع قدير ومختار.



((بيان معاني مفردات واصطلاحات البحث))
======================
/1/(القادر المختار) / هو الذي إن شاء أن يفعل فعل وإن شاء أن يترك ترك مع وجود قصد وإرادة تجاه فعله او تركه.
وصفة القدرة الذاتية للواجب  تعالى تقتضي التأثير في المقدورات وفق إرادته تعالى.
فتكون منحفظة في الذات الألهية المقدسة بمعنى أنها ثابتة في ذاته تعالى ومتقدمة على الفعل المقدور لا أنها تحصل حال الفعل أو مع الفعل أو تركه خلافا للإشاعرة
فعندهم القدرة صفة تتحقق مع الفعل المقدور لا متقدمة عليه.

/2/ (القادر الموجَب)/ أو(الفاعل الطبيعي) وهو القادر على التأثير الغير مختار في فعله كالشمس في إعطائها للضوء والحرارة فهي قادرة على إعطائها لكنها غير مختارة في فعلها بل هي مقهورة على ذلك وفاقدة للشعور والأرادة في صفة التأثير.

وهنا يمكن ذكر عدة فروق بين القادر المختار والقادر الموجَب::


/1/إنّ القادر المختار يمكنه الفعل والترك معا بالنسبة إلى شيء واحد
و(الموجب) هو الذي لايمكنه الفعل والترك معا بالنسبة إلى شيء واحد.

فالموجب إما أن يفعل أو لايفعل لابنحو الإجتماع بل على نحو التفكيك

/2/ إنّ فعل القادر المختار مسبوق بالعلم والقصد والإرادة والشعور الذاتي بصفة التأثير

أما الموجب ،/ففعله وأثره غير مسبوق بالعلم والقصد والشعور والأرادة
بل هو محض طبيعة كالنار فطبيعتها الإحراق فلا شعور ولاقصد ولا إرادة

/3/إنّ فعل القادر المختار يجوز تأخره عنه لأنه يمتلك الإختيار العلمي والشعوري والحكمي بالفعل أو الترك فله أن يفعل أو يترك متى ما شاء
والموجب/لاينفك عنه فعله كالشمس في إشراقها
لأنّ الموجب فاقد للإختيار القدرتي والتأثير فهو مجبول بفعله وأثره.


  (العالَم)/ هو كل موجود سوى الله تعالى ويشمل عالم الإمكان وعالم الملائكة والجن والسموات والأ رض وغيرها


(المُحدّث)/ وهو الذي وجوده مسبوق بالغير أو العدم.

(القديم)/ وهو الذي وجوده غير مسبوق بالغير أو بالعدم
(الجسم)/ هو المتحيّز الذي يقبل القسمة في الجهات الثلاث (الطول والعرض والعمق)
كالجسم التعليمي مثلا.

(التحيّز والمكان)/ وهما شيء واحد وهو الفراغ المتوهم الذي تشغله الأجسام بالحصول فيه

/(الحركة)/ هي حصول الجسم في مكان بعد مكان آخر.

(السكون)/هو حصول ثانٍ في مكان واحد.

فبعد توضيح معاني مفردات هذا البحث.
نبين تقرير الدعوى الأولى وهي
 (( كون العالم مُحدَثا))

بصورة القضية الشرطية :
وهي(كلما كان العالم محدثا كان المؤثر فيه وهو الله تعالى قادرا مختارا)

فهنا دعويان يجب إثباتها إستدلالا:
/1/(الدعوى الأولى)( أنّ العالم مُحدَث)
/2/(الدعوى الثانية)(أنه تعالى قادر مختار بحكم كونه صانعا)

فبما أنّ القضية الشرطية لاتثبت صدق طرفيها فيجب الأستدلال على صدق المقدم والتالي وبيان الملازمة بينهما.


أما بيان الدعوى الأولى(أنّ العالم محدث) إستدلالا:
==============================

فلأنّ المراد من العالم عند المتكلمين هو الحادث كالسموات والآرض وما فيهما وما بينهما
وذلك الذي في السموات والآرض وما بينهما إما أجسام أو أعراض وكلاهما حادثان(مخلوقان)
أما الإجسام فلأنها لاتنفك عن الحركة والسكون الحادثين
وكل ما لاينفك عن الحوادث فهو حادث (أي العالم حادث)
أما أنّ الإجسام لماذا لاتنفك عن الحركة والسكون ؟
فلأنّ كل جسم لابد له من مكان ضرورة وحينئذ إما أن يكون الجسم لابثا في المكان وهو الساكن أو يكون الجسم منتقلا عن المكان وهو المتحرك إذا لا واسطة بينهما بالضرورة

وأما أنهما حادثان أي الحركة والسكون فلأنهما مسبوقان بالغير ولاشيء من القديم بمسبوق بالغير فالنتيجة لاشيء من الحركة والسكون بقديم
فيكونان حادثين إذ لا واسطة بين القديم والحادث.

أما أنهما(الحركة والسكون) مسبوقان بالغير أي حادثان فلأنّ الحركة : وهي عبارة عن الحصول الأول في المكان الثاني فيكون الحصول الأول للحركة مسبوقا بالمكان الأول بالضرورة,.

و(السكون) هو عبارة عن الحصول الثاني في المكان الأول فيكون مسبوقا بالحصول الأول الضرورة.

وهذه هي أدلة إثبات الصغرى (أنّ الأجسام لاتخلو أو تنفك عن الحركة والسكون الحادثين)

أما إثبات أدلة الكبرى وهي
 (كل ما لايخلو من الحوادث فهو حادث)

فتتم من خلال الصورة الفنية للدليل الآت


إنّ ذاك الذي لاينفك عن الحوادث لو لم يكن حادثا لكان قديما وحينئذ إما أن يكون مع القديم في قدمه أو لايكون مع القديم في قدمه

فإن كان مع القديم في قدمه لزم إجتماع القدم والحدوث معا في شيء واحد وهو محال عقلا
وإن كان الذي لاينفك عن الحوادث لا مع القديم في قدمه يلزم بطلان ما عُلِمَ بالضرورة
وهو امتناع انفكاك الحوادث عنه وهو محال عقلا
لأنه في صورة عدم كونه مع القديم في قدمه انفكك عن الحوادث وهو خلاف المفروض أي امتناع انفكاكه عن الحوادث
أما الأعراض /فلأنها محتاجة في وجودها الى الأجسام والمحتاج الى المُحدَث أو لى بالحدوث
أي أنّ الأعراض وهي الأمور الوجودية التي إذا وجدت في الخارج وجدت في موضوع
وهو الإجسام والتي ثبت لها الحدوث
فمن باب اولى يثبت الحدوث لأعراض الأجسام في الخارج.


أما بيان الدعوى الثانية وهي:
((كون المُحدِّث قادرا مختارا))
==================

فهو أنّ المُحدَّث لما اتصفت ماهيته بالعدم تارة وبالوجود اخرى كان ممكنا
والممكن مفتقر في وجوده وتحققه إلى المؤثر الفعلي والحقيقي فيه
فإن كان هذا المؤثر الحقيقي والفعلي في الممكن مختارا فهو المطلوب
وإن كان المؤثر موجبا لم يتخلف أثره عنه فيلزم قدم أثر الموجب ولكن ثبت حدوثه
(أي حدوث الموجب) فيلزم حدوث مؤثره للتلازم بين المؤثر والأثر
وكلا الأمرين محال.

ويقصد بالأمرين هو أنّ المؤثر موجبا واثره قديم
ولأنه قد عُلِمَ وانكشف أنه لوكان الحق تعالى (المؤثر) موجبا لزم
إما قدم العالم أو حدوث الله تعالى عن ذلك علوا كبيراوهما باطلان
(قدم العالم+ حدوث الله تعالى )
فيثبت أنه تعالى قادر مختار وهو المطلوب.

                                                            




                                                


((المقصد الثاني))
==========
((في بيان أنّ قدرته تعالى تتعلق بجميع المقدورات))
============================
قال المصنف العلامة الحلي/قد/ في المتن
((وقدرته تتعلق بجميع المقدورات لأنّ العلة المُحوجةَ إليه هي الإمكان ونسبة ذاته الى الجميع واحدة بالسوية فتكون قدرته عامة))

(التوضيح)
=======
بعدما بين المصنف الحلي أنّ الله تعالى قادرٌ مختار شرع في بيان عموم قدرته وتعلقها بجميع المقدورات بنحو الموجبة الكلية أي أنه تعالى (قادر على كل شيء )

وقد حصل نزاع كلامي في عموم قدرته تعالى  وسعة تعلقها بجميع المقدورات
فقال الحكماء(أنه واحد لايصدر عنه إلاّ واحد) وهذه قاعدة فلسفية خلافية بين الحكماء والمتكلمين حيث نفاها المتكلمون وأثبتها الفلاسفة والحديث عنها طويل يُطلَب من المطولات.

وزعم الثنوية (أنه لايقدر على الشر)
والثنوية فرقة مجوسية قديمة مشركة وتؤمن بإلهين للخير والشر فإله الخير عندهم يمثل بالنور وإله الشر يمثل بالظلمة.

وقال النظام( معتقدا انه لايقدر على القبيح)

والنظام/هوابو اسحاق بن سيار البصري من أئمة المعتزلة ومتكلميها توفي سنة 231/للهجرة./
انظر/هدية الأحباب/المحدث القمي/ ص 273.


ومنع البلخي (قدرته تعالى على مثل مقدورنا)

والبلخي هو ابو القاسم من زعماء المعتزلة أيضا.
وأحال الجبائيان(قدرته على عين مقدورنا)

والجبائيان هما/ابو علي علي بن محمد بن عبد الوهاب بن ابان مولى عثمان بن عفان وابنه ابي هاشم عبد السلام بن محمد وكلاهما من رؤو ساء المعتزلة  
انظر/الكنى والألقاب/القمي/ج2/ص 142.

إلاّ أنّ الحق خلاف ذلك كله لما استدل عليه العلامة السيوري في شرحه على الباب الحادي عشر
حيث قال رحمه الله (إنّ الدليل على أنّ قدرته تعالى تتعلق بجميع المقدورات )
هو انتفاء المانع بالنسبة الى ذاته تعالى وانتفاء المانع بالنسبة الى المقدور فيجب تعلق قدرته تعالى بجميع المقدورات بعد انتفاء المانع ووجود المقتضي للقدرة الإلهية.


(توضيح دليل العلامة السيوري)
==================
/1/ (بيان انتفاء المانع بالنسبة الى ذاته تعالى)
---------------------------------------------
وذلك لأنّ المقتضي لكونه تعالى قادرا هو ذاته المتصفة بالقدرة الذاتية وجودا وواقعا وحقيقةً ونسبة قدرته الذاتية الى جميع مقدوراته متساوية في إعمال القدرة
ولأنّ الذات الألهية  متجردة فتكون واحدة بالقدرة وتطبيقها بالنسبة لجميع المقدورات
فيكون مقتضى القدرة الذاتية لذات الحق تعالى متساوي النسبة
وإضافة لذلك  إن ّ ملاك وحاجة المقدورات هو امكانها الوجودي بالنسبة لذات الواجب الوجود تعالى فتكون مقدورة له بشكل عام دون أي مانع.


/2/(بيان وجوب التعلق العام لقدرته تعالى بجميع المقدورات)
==================================
وكما مرّ أعلاه أنّ المقتضي لكون الشيء مقدورا له تعالى هو امكانه (أي امكان وحاجة المقدورات وجوديا للواجب الوجود تعالى )
والإمكان امر واقعي تشترك فيه كل وجميع المقدورات فتكون صفة المقدورية(أي القدرة الذاتية لله تعالى) أيضا متشركة بين الممكنات (المقدورات) وهو المطلوب.

والنتيجة إذا انتفى المانع بالنسبة الى القادر تعالى وبالنسبة الى المقدور (الممكن الوجود) وجب التعلق العام للقدرة بجميع المقدورات وهو المطلوب.

((تنبيه))
=====
قال العلامة السيوري بعد ما اثبت المطلوب وهو وجوب التعلق العام للقدرة الذاتية للحق تعالى بجميع المقدورات قال( واعلم أنه لا يلزم من التعلق العام للقدرة بجميع المقدورات الوقوع أي تحقق المقدورات خارجا في عالم الإمكان بل الواقع أي المتحقق خارجا بقدرته تعالى هو البعض أي بعض المقدورات وإن كان سبحانه وتعالى قادرا على كل مقدوراته
إلاّ أنّ الأشاعرة وافقوا الإمامية في عموم تعلق قدرته بالمقدورات لكن ادعوا مع التعلق العام الوقوع فمن هنا قالوا بالجبر وهو مذهب كلامي باطل عقلا وشرعا.

بينما مذهبنا نحن الإمامية الكلامي بالقدرة الذاتية لله تعالى هو أن يفعل سبحانه كلّ ما يُريد وهو الحق .
بخلاف الإشاعرة في مذهبهم الناص على أنه تعالى يفعل كل مايستطيع ففرق بين المذهبين.



(الصفة الثانية)
  من الصفات الثبوتية لله تعالى.
((أنه تعالى عالم))
  وفيه مقصدان ؟

/1/المقصد الأول/قال العلامة الحلي/قد/ في المتن:
(( الصفة الثانية/ أنه تعالى عالم لأنه فعل الأفعال الُمحكمة المُتقنة وكل من فعل ذلك فهو عالم بالضرورة))

((التوضيح)
=======
قبل البدء بتقريب الأدلة على كونه تعالى عالما لابد من بيان مفهوم ومعنى العالمية ثبوتا كصفة ذاتية لله تعالى .
فمعنى كونه تعالى عالما أي أنّ العلم عين ذاته المقدسة فهو عالم بذاته ومُدرِك لها وجودا وواقعا وبما أنّ العلم بالذات من الكمالات الوجودية لذاته تعالى اللامتناهية فيكون علمه تعالى لا متناه هذا بالنسبة لذاته.

أما بالنسبة لمخلوقاته ومصنوعاته تعالى فعلمه بها علما سرمديا لأنّ علمه تعالى متقدما وجودا على وجود مخلوقاته قبل خلقها .


وقد ذكر العلامة السيوري معنى العالمية بشكل آخر فقال
((والعالِم هو المتبين له الأشياء أي المنكشفة له انكشافا تاما وواقعيا بحيث تكون الأشياء حاضرةً عنده غير غائبة عن احاطته العلمية بها))



((الأستدلال الفني على دعوى(أنه تعالى عالم)))الصغرى:
===============================
ويمكن تشكيل قياس فني من الشكل الأول بهذه الصورة الفنية

الصغرى/أنه تعالى عالم لأنه فعل الأفعال المتقنة.
الكبرى/كل من فعل الأفعال المتقنة فهو عالم بالضرورة.
النتيجة/بعد حذف الحد الأوسط (فعل الأفعال المتقنة) تكون (أنه تعالى عالم)

بيان دليل الصغرى/(أنه تعالى عالم)
--------------------------------
هو برهان يقيني الأنتاج مؤلف من صغرى وكبرى ونتيجة يقينية جزما صورته الفنية هي
/ص/انه مختار
/ك/ كل مختار عالم
النتيجة/ أنه عالم.

أما دليل الصغرى(أنه مختار) فلأنه قادر والأختيار ملازم للقدرة الذاتية كما مر سابقا
وأما دليل الكبرى(كل مختار عالم) فلأنه فعل المختار تابع لقصده وإرادته الواعية والشاعرة ويستحيل عقلا وعرفا قصد شيء من دون العلم به فيكون تعالى عالما بعد اختياره وقصده.


(بيان دليل الكبرى)(كل من فعل الأفعال المتقنة والمحكمة فهو عالم بالضرورة)
============= ===========================

لأنه تعالى فعل واقعا وحقيقيٌة الأفعال الحكيمة وكل من فعل ذلك فهو عالم بالضرورة والأدلة الحسية والوجدانية تثبت حكمة واتقان الله تعالى في عالم الممكنات.

أما صورة ومجالات الأفعال الألهية المحكمة والمتقنة فالأديان السماوية والأرضية متكفلة بالأعتراف بها وهي واضحة لمن تدبرها بأقل تدبير
وهذا الإنسان خيرُ شاهد ودليل على ما اتقن الله تعالى فيه من صنعه فعله فالأنسان بحد ذاته جرم صغير فيه انطوت معالم العالم الأكبر.

                                                              

                                                               (المقصد الثاني)
======
(في بيان أنّ علمه تعالى يتعلق بكل معلوم)
========================

قال المصنف العلامة الحلي  في المتن:
( وعلمه تعالى يتعلق بكل معلوم لتساوي نسة جميع المعلومات بالنسبة إليه تعالى لأنه حيٌ وكل حيٍ يصح أن يعلم بكل معلوم فيجب له ذلك لإستحالة افتقاره إلى غيره)

(التوضيح)
=======
إنّ هذه الصغرى (أنه علمه تعالى يتعلق بكل معلوم ) أثبتها القرآن الكريم سمعا بقوله تعالى ((إنه بكلِّ شيءٍ عليم)) الشورى/12.
وصورة إثباتها عقلا كالآتي
:إنّ معنى كون علمه تعالى يتعلق بكل معلوم أي أنه عالم بكل ما يصح أن يكون معلوما له تعالى من جميع مخلوقاته .
خلافا للحكماء حيث منعوا من علمه تعالى بالجزئيات على وجه جزئي لتغيرها المستلزم لتغير العلم الذاتي لذاته حسب زعمهم .
والذي مضمونه أنّ علمه تعالى بالجزئيات أي الزمانيات المتغيرة يلزم منه تغير العلم الذاتي وانفعاله بها وهو (أي علمه تعالى ثابت لا متغير بثبات ذاته المقدسة )
وهذا الزعم مردود لأنّ الذي يتغير والمتغيّر حقيقة هو التعلق الإعتباري لا العلم الذاتي
بمعنى آخر إنّ علمه تعالى بالمعلومات وحتى الجزئيات منها لا يلزم منه التغير في علمه بفعل انفعاله بها كجزئيات متغيرات.
وإنما التغير يحصل بالتعلق الإعتباري بين العالِم والمعلوم لا التعلق الحقيقي للعلم الذاتي
ولا محذور عقلي في أن يكون التغير في التعلق لأنه أمر اعتباري
ثم إنه ثبت عقلا أنه يصح أن يعلم العالِم وهو الحق تعالى بكل معلوم:
ودليل أو وجه صحة علمه تعالى بكل معلوم لأنّ العالِم (الحق تعالى) حيٌّ
وكل حيٍّ يصح منه أن يعلم ونسبة هذا العلم الى جميع ما عداه تعالى نسبة متساوية فتتساوى نسبة جميع المعلومات إليه تعالى أيضا.



وأما أنه إذا صح له تعالى أن يعلم بجميع المعلومات وجب له العلم الذاتي لأنّ العلم صفة ذاتية ثبوتية له تعالى.
والصفة الذاتية (العلم) متى صحت وثبتت له وجبت وإلاّ إن لم تصح وتثبت لم تجب لذاته فيكون مفتقرا في اتصافه الذاتي  بالعلم الى الغير فيكون تعالى مفتقرا في علمه الى غيره وهو محال عقلا
فإذن العلم له تعالى صفة ذاتية ثابته وواجبة وتتعلق بجميع المعلومات وهو المطلوب.




((الصفة الثبوتية الثالثة))
================
((أنه تعالى حيٌّ))
========
قال المصنف العلامة الحلي في المتن/
(( الصفة الثالثة/ أنه تعالى حيٌّ لأنه قادرعالِم فيكون حيّاً بالضرورة))


/التوضيح/
   إنّ المقصود من توصيف تعالى بالحياة هو فعّاليّته ودرّاكيّته تعالى وشعوره بذاته المقدسة وواهبيته للحياة لأنّ معطي الشيء لايكون فاقدا له .



الأقوال في معنى صفة الحي لله تعالى:
=====================

/1/ قال الحكماء وابو الحسن البصري(إنّ حياته تعالى عبارة عن صحة اتصافه بالقدرة والعلم)
/2/ وقال الأشاعرة (هي صفة  زايدة على ذاته مغايرة لها)



وما تبناه العلامة الحلي والشارح المقداد السيوري من أنّ مبنى الحكماء والبصري هو الحق والذي يؤمن بأنّ حياته تعالى هو صحة اتصافه بالقدرة والعلم لأنّ الأصل عدم زيادة الصفات على الذات المقدسة .
وقد ثبت أنّ الله تعالى هو القادر العالم فيكون حيّا بالضرورة وهو المطلوب
وبعبارة اخرى إنّ معنى حياة الباري تعالى هو تحقق وصف ذاتي لذاته المقدسة وكمال  وجودي واقعي وحقيقي في ذاته تعالى وهي تختلف تماما عن مفهوم الحياة بالنسبة لغيره تعالى.

والدليل على أنه تعالى (حيٌّ) بعد ما عرفنا أنّ الحياة هي من جملة الكمالات الوجودية التي يتصف بها تعالى لذاته فمن المستحيل عقلا أن يكون تعالى وهو العلة الحقيقية المانحة للوجود فاقدا لكمال أي الحياة التي قد أفاضها تعالى على ما سواه من المخلوقات فكيف لاتثبت له؟



((الصفة الرابعة))
=========
((أنه تعالى مُريدٌ وكاره))
============
قال العلامة الحلي في المتن:
((أنه تعالى مُريد وكاره لأنّ تخصيص الأفعال بإيجادها في وقت دون آخر لابد له من مخصص وهو الإرادة ولأنه تعالى أمر ونهى وهما يستلزمان الإرادة والكراهة بالضرورة))

/التوضيح/
=======
اتفق المسلمون على اتصاف  الله تعالى بالإرادة ولكنهم اختلفوا في معناها:


وسنعرض هذه الإختلافات في معنى الإرادة ثم نبين معناها الحق حسب مبنى العلامة الحلي/قد/.

/1/ إنّ معنى الإرادة عند أبي الحسن البصري(رجل كلامي مشهور)
 (هو عبارة عن علمه تعالى بما في الفعل من المصلحة الداعية إلى إيجاده)

/2/ أما (النجّار)وهوابو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الله النجار الرازي رأس الفرقة النجارية ومن المعتزلة ومن متكلمي المجبرة توفي سنة 220 للهجرة/انظر،/ الأعلام/ الزركلي/ ج2/ص 276.

 فقال( إنه تعالى غير مغلوب ولامكروه فمعنى الإرادة عنده معنىً سلبيا لأنه أخذ لازم الشيء في مكانه (أي مكان نفس الشيء الملزوم)
بمعنى أوضح إنّ الذي قال بهذا المعنى عرّف الإرادة بلازمها لانفس حقيقتها
فعدم الغلبة والإكراه في الفعل هو لازم للإرادة لانفس الإرادة وهذا هو معنى أخذ لازم الشيء في مكانه أي التعريف باللآزم لابالذاتيات.

/3/مبنى البلخي  )متكلم معتزلي)
ففصل في معنى الإرادة عند الحق تعالى فقال ( الإرادة في أفعال الله تعالى هو علمه بها (أي بالأفعال)
ومعنى الإرادة في أفعال غيره هو أمره بها.

وناقشه العلامة المقداد السيوري بهذه الصورة فقال
: إن أراد البلخي في معنى علمه بالإرادة العلم المطلق فهو ليس بإرادة
وإن أراد العلم المقيّد بالمصلحة فهو نفس تعريف أبي الحسن البصري لمعنى الإرادة كما مر ذكره
وأما معنى أمره بالإرادة فهو مستلزم للإرادة لانفسها فيكون الأمر بالإرادة  لازم الإرادة لا نفسها .


/4/ قالت الأشاعرة والكرامية وجماعة من المعتزلة
/إنّ الإرادة صفة زائدة على الذات المقدسة  مغايرة للقدرة والعلم مخصصة للفعل ثم اختلفوا في ذلك .
فقالت الأشاعرة /إنّ ذلك الزائد (أي الإرادة) معنىً قديم
وقالت المعتزلة والكرامية  (هو معنى حادث) أي أنّ الإرادة بحسب اعتقادهم مسبوقة بالعدم الزماني وتحتاج الى محل توجد فيه.
 وفي ذلك اختلفوا أيضا
فقالت الكرامية /الإرادة معنى حادث قائم بذاته تعالى
وقالت المعتزلة /هي معنى حادث قائم لا في محل.

وسياتي بطلان الزيادة (أي أنّ الأرادة صفة زائدة على ذات الحق تعالى ) قول باطل

فالحق هو ما قاله ابو الحسن البصري والدليل على ثبوت الأرادة من وجهين سنذكرهما لاحقا.
وهذا هو مبنى العلامة الحلي حيث وضح ذلك في شرحه المسألة الرابعة ( في  أنه تعالى مريد) في كتابه الموسوم (بكشف المراد في تجريد الإعتقاد) للخواجة الطوسي.

وإليك نص ذلك التوضيح::
(قال العلامة الحلي / وتخصيص بعض الممكنات بالإيجاد (أي الخلق لها) في وقت دون آخر يدل على إرادته تعالى لها .
ونقل العلامة اتفاق المسلمين اجماعا على أنه تعالى مريد
ولكنهم اختلفوا في معنى المريد
فالبصري جعله نفس الداعي على أنّ معنى علمه تعالى بما في الفعل من مصلحة داعية له إيجادا هو المُخصص والأرادة.
وقال النجار/أنه معنى سلبي أي كونه تعالى غير مغلوب ولا مستكره
وذهب الكعبي/ الى أنّ معنى الأرادة راجع الى انه تعالى عالم بأفعال نفسه أو افعال غيره.
وذهب الأشاعرة والحنابلة الى انه صفة زائدة على العلم.





والدليل/على ثبوت الصفة مطلقا (صفة الأرادة له تعالى) هو أنه تعالى أوجد بعض الممكنات دون بعض مع تساوي نسبتها الى القدرة فلا بد من مخصص غير القدرة التي شأنها الإيجاد مع تساوي نسبتها الى الجميع وغير العلم التابع للمعلوم وذلك المخصص هو الأرادة.
وأيضا بعض الممكنات مخصص بالإيجاد في وقت دون ما قبله وبعده مع التساوي فلا بد
 من مرجح غير القدرة والعلم) انتهى نص العلامة الحلي.

وأيضا ذكر المقداد السيوري صاحب كتاب/اللوامع الألهية في شرح المباحث الكلامية/
وجهين على ثبوت الإرادة لله تعالى :

/1/الوجه الأول/إنّ تخصيص الأفعال بالإيجاد في وقت دون آخر على وجه دون وجه آخر مع تساوي الأوقات والأحوال بالنسبة الى الفاعل (الله تعالى) والقابل (الممكن) لابد له من مُخصص فذلك المُخصص إما القدرة الذاتية للحق تعالى وهي متساوية النسبة فليست صالحة للتخصيص ولأنّ من شأنها التأثير والإيجاد من غير ترجيح.
ومعنى ذلك أنّ قدرة الله تعالى الذاتية والتي هي عين ذاته المقدّسة واحدة متساوية في كل مقدوراتها.
فليست القدرة هي التي تخصص الإيجاد في وقت دون آخر للممكنات بل هناك أمر آخر غير القدرة.
وأما العلم المطلق فذلك تابع لتعيين الممكن وتقدير صدوره فليس مخصصا وإلاّ  لكان متبوعا.
أي أو أنّ العلم هو الذي خصص وجود عالم الممكنات دون الاخر فمعنى ذلك أنّ نفس العلم  تابع للمعلوم وهو الممكن فليس من شأن العلم تخصيص إيجاد الممكن في وقت دون آخر وهو معنى قوله( فذلك تابع لتعيين الممكن وتقدير صدوره)
فليس العلم المطلق مُخصصا.

وأما باقي الصفات الألهية للذات المقدسة فظاهرها أنها ليست صالحة للتخصيص (أي ايجاد الممكن في وقت دون آخر )





فالنتيجة إذن إنّ المُخصص هو علم خاص مقتضٍ لتعيين الممكن ووجوب صدوره عن الحق تعالى وهو العلم بإشتماله على مصلحة لاتحصل إلاّ في ذلك الوقت الذي يوجد فيه الممكن وذلك المخصص هو الأرادة.

2/الوجه الثاني/على ثبوت الأراة للحق تعالى :
أنه تعالى أمر بقوله سبحانه((أقم الصلاة)) الإسراء/78.
ونهى بقوله تعالى (ولاتقربوا الزنا) الإسراء/31.

ومن المعروف أنّ الأمر بالشيء يستلزم إرادته ضرورة
والنهي عن الشيء يستلزم كراهته ضرورةً.
فإذن الباري تعالى مُريد وكاره وهو المطلوب.






((الصفة الخامسة))
=========
((أنه تعالى مُدرِك))(سميع بصير)
______________________
قال العلامة الحلي في المتن:
((الصفة الخامسة/ أنه تعالى مُدرِك لأنه حيٌ فيصح أن يُدّرِك وقد ورد القرآن بثبوته له فيجب إثباته له))

((التوضيح))
=======
 ذكر العلامة الحلي/قد/ الصفة الخامسة وهي عبارة عن صغرى (أنه مُدرِك تعالى) ودليلها حياته سبحانه.
بمعنى بما أنه تعالى حيٌ فهو مُدرِك
فصورة القياس تكون كالآتي
الصغرى/أنه تعالى مُدرِك لأنه حيٌ
الكبرى/كل حي مُدرِك
النتيجة/أنه مُدرك
فدليل العلامة الحلي مُلفّق من من دليلين عقلي ونقلي (قرآني) فالقرآن الكريم نص على أنه تعالى مُدرِك حيث قال تعالى
{لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الأنعام103

أما الدليل العقلي /على صحة اتصافه تعالى بالإدراك فهو ما دل على كونه عالما سبحانه بكل المعلومات وكونه متصفا بالحياة فيصح أن يُدرِك والقرآن الكريم القطعي الصدور والدلالة شهد بذلك للحق تعالى
فيجب إثبات الإدراك له تعالى
فإذن إدراكه هو علمه تعالى بالمُدرَكات وهو المطلوب.
                                                          ((الصفة السادسة))
===========
((أنه تعالى قديم ذاتا وأزلي وباقٍ وأبدي))
=======================
قال العلامة الحلي في المتن:
((الصفة السادسة /انه تعالى قديم أزلي باقٍ أبديٌ لأنه واجب الوجود فيستحيل عليه العدم السابق واللاحق عليه))


/التوضيح/
 من المعلوم أنّ هذه الصفات الآربع لازمة لوجوب وجود الله تعالى
وقبل إثبات تلك الصفات لذات الباري تعالى شرع العلامة الحلي في بيان معانيها أولاً
وفي إثابتها ثانيا.

وهي كالآتي:/اولاً/

/1/(معنى القديم والأزلي)
   وهوأنه تعالى مُصاحبٌ ومُقارنٌ بوجوده لمجموع الأزمنة المُحققة والمُفترضة والمقدّرة بالنسبة الى جانب الماضي منها أي من الأولية الوجودية لا الزمنية فوجود الحق تعالى لا يخلو منه زمان ما ولم يُسبق بعدم أبدا وهذا هو معنى كونه قديما ذاتا ووجودا لا زمنا .

/2/(معنى الباقي))
  وهو المستمر والدائم الوجود والمُصاحب لجميع الأزمنة كافة
و((الأبدي)) هو المصاحب وجودا لجميع الأزمنة التي تحققت والتي مُقدّر لها أن تتحقق في جانب المستقبل وجودا.

((والسرمدي))
    وهو صفة تعمُّ الجميع أي تضم في طياتها وكنهها الأزلية والأخرية والأبدية .


/ثانيا/في إثباتها/
 والدليل على ثبوت تلك الصفات للباري تعالى وهو أنه تعالى واجب الوجود فيستحيل عليه العدم مطلقا أي من جانب الزمان الماضي أو من جانب  المستقبل القادم .
بمعنى أنه لم يسبقه عدم من جانب الماضي ولن يلحقه العدم في جانب المستقبل وإذا استحال عليه العدم في جانب الماضي والمستقبل فيثبت قدمه تعالى وأزليته في جانب الماضي وبقاؤه وأبديته في جانب المستقبل وهو المطلوب.




((الصفة السابعة))
==========
((أنه تعالى مُتكلّم))
==========
قال العلامة الحلي في المتن::
((الصفة السابعة أنه تعالى متكلم بالإجماع والمراد بالكلام الحروف والأصوات المسموعة المنتظمة ومعنى   أنه تعالى متكلم أنه يُوجد الكلام في جسم من الأجسام وتفسير الأشاعرة غير معقول))

/التوضيح/
  (بيان معنى الكلام)
  إنّ الكلام في الإستعمالات العرفية بشريا هو عبارة عن لفظ يدل على معنىٍ معين متفق عليه بشريا ويستعمله المتكلم لإفهام الآخرين لقصوده

 ولازم ذلك أن تكون للمتكلم حنجرة وأوتاروصوتية وفم وإخراج الهواء من هذه المجاري الصوتية ووجود وضع وإتفاق سابق وهذا غير موجود قطعا في الباري تعالى
ويستحيل عليه أن يتصف بذلك عقلا ونقلا.




ويمكن أن يكون إيجادالمعنى في ذهن المُخاطَب لونا من ألوان الكلام أو في جسم من الأجسام كما ذكره المصنف العلاّمة الحلي في متنه.

وأجمع المتكلّمون على أنه تعالى (مُتكلّم) ولكن اختلفوا بعد ذلك في مقامات أربعة ::هي ::
(المقام الأول))
========

اختلفوا في الطريق الى ثبوت هذه الصفة(كونه تعالى متكلّم) :
فقالت الأشاعرة الطريق هو العقل.

قالت المعتزلة الطريق هو السمع(النقل)
 ومستندهم في ذلك هو قوله تعالى
((وكلّم الله موسى تكليما)) النساء /166.
وقول المعتزلة هو الحق في هذا المقام لعدم وجود الدليل العقلي وما ذكره الأشاعرة كدليل عقلي على ثبوت صفة التكلم له تعالى فليس بتام.
ومَدرَك الدليل النقلي (السمعي) على كونه تعالى متكلما هو اجماع الأنبياء /ع/ على ذلك واجماعهم حجة قطعا وثبوت نبوتهم غير متوقف على الإجماع
وهذا دفعٌ للدور لإمكان الأستدلال على النبة بغير القرآن الكريم من المعجزات أو بالقرآن لا من حيث أنه كلام بل من حيث أنه معجز ولاشك في تغاير المُعجزَين فيجب إثبات الكلام له تعالى.

وصورة الدور المحتمل إيراده في هذا المقام وهو أنّ صدق النبي /ص/ متوقف على تكلم الله تعالى وتكلم الله تعالى متوقف على صدق النبي فيلزم الدور
وينحل هذا الدور بإيجاد أدنى مغايرة بين الطرفين وهو أنّ صدق النبي غير متوقف على تكلم الله تعالى لإمكان تحقق صدق النبي بالمعجز من غير القرآن الكريم أو بالمعجز القرآني لا من حيث أنه كلام يل من حيث أنه معجز إلهي .












(المقام الثاني)
========
في ماهية الكلام الألهي (أي حقيقة تكلمه تعالى))
--------------------------------------------------
فزعم الأشاعرة أنّ الكلام معنى قديم قائم بذاته تعالى يُعبّر عنه بالعبارات المختلفة المتغيرة مغايرة للعلم والقدرة وليس بحرف ولا صوت ولا أمر ولا نهي ولا خبر ولا إستخبار وغير ذلك من أساليب الكلام.

وقالت المعتزلة والكرامية والحنابلة :
الكلام هو الحروف والأصوات المركبة تركيبا مفهما
والحق هو القول الأخير (قول المعتزلة والكرامية والحنابلة)
وذلك لوجهين::

(الوجه الأول)
=======
إنّ المتبادر لأفهام العقلاء من الكلام هو الحروف والأصوات المركبة تركيبا مفهما والتبادر أمارة الحقيقة.
وكذلك فالعقلاء لايصفون بالكلام مَن لم يتصف بذلك كالساكت والأخرس.

(الوجه الثاني)
=======
إنّ ما ذكره الأشاعرة غير متصورفإنّ المتصور إما القدرة الذاتية التي تصدر عنها الحروف والأصوات وقد قالوا هو غيرها أي الكلام عندهم هو غير القدرة حسب مبانهم الكلامي العقَدي.
أو العلم وقد قالوا العلم غير الكلام وباقي الصفات ليست صالحة لمصدرية ما قالوه أي لصدور الكلام عنها
وإذا لم يكن الكلام متصورا صدوره من هذه الصفات لم يصح إثباته إذا التصديق مسبوق بالتصور عقلا.













((المقام الثالث))
=======

اختلفوا فيما تقوم به تلك الصفة(صفة المتكلم) أو التكلّم :
أما الأشاعرة فقالوا إنّ صفة الكلام معنى قائم بذاته تعالى

وأما القائلون بالحروف والصوت فقد اختلفوا

فقالت الحنابلة والكرامية إنه قائم بذاته تعالى  فعندهم هو المتكلم بالحروف والصوت

وقالت المعتزلة والإمامية (العدلية) وهو الحق
إنه (الكلام) قائم بغيره لا بذاته تعالى
كما أوجد تعالى الكلام في الشجرة أي قالوا بنظرية (حدوث الكلام وخلقه)
لا قدمه كما آمن الآخرون.
ومعنى أنه متكلم عند العدلية أنه فعل الكلام لا قام به
والدليل على ذلك (أنه أمر ممكن) أي فعل الكلام أمر ممكن والله تعالى قادرٌ على كل الممكنات (مخلوقاته ومقدوراته) فيكون الكلام فعل الله تعالى .

 وأما ماذكره الأشاعرة والكرامية والحنابلة فممنوع وسند المنع من وجهين ؟

(الوجه الأول)/ أنه لوكان المتكلم من قام به الكلام لكان الهواء الذي تقوم به الحروف والصوت متكلما وهو باطل لأنّ أهل اللغة والعقلاء لايسمون المتكلم إلاّ من فعل الكلام لا من قام به الكلام  كالهواء مثلا.
ولهذا كان الصدى غير متكلم أي لايصح توصيفه بالمتكلم لأنه ترجيع للصوت  لافعل للصوت.



(الوجه الثاني)/ إنّ الكلام إما المعنى وقد بان بطلانه أو الحروف والصوت ولا يجوز قيامهما بذاته تعالى وإلاّ لو قام المعنى أو الحرف و الصوت بذاته تعالى لكان ذا حاسة
لتوقف وجودهما على وجود آليتهما ضرورة
فيكون الباري ذا حاسة وهو باطل.










(المقام الرابع)
 (النزاع في قِدم الكلام وحدوثه)
==========================  


وقد وضح العلامة الحلي /قد/ هذا المطلب في كتابه /نهج الحق وكشف الصدق/ص63.

فقال:
الكلام في حدوثه : العقل والسمع متطابقان على أن كلامه تعالى محدث ليس بأزلي ،

 لأنه مركب من الحروف والأصوات ، ويمتنع اجتماع حرفين في السماع دفعة واحدة ،

 فلا بد أن يكون أحدهما سابقا على الآخر ،

والمسبوق حادث بالضرورة ، والسابق على الحادث بزمان متناه حادث بالضرورة ،

وقد قال الله تعالى : "(( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث " ))آية/ 2 /سورة الأنبياء.

. وخالفت الأشاعرة جميع العقلاء في ذلك ،

 فجعلوا كلامه تعالى قديما لم يزل معه ، وأنه تعالى في الأزل يخاطب العقلاء المعدومين . وإثبات ذلك في غاية السفه والنقص في حقه تعالى ،

 فإن الواحد منا لو جلس في بيت وحده منفردا ،

 وقال : يا سالم قم ، ويا غانم اضرب ، ويا سعيد كل ، ولا أحد عنده من هؤلاء ، عده كل عاقل سفيها ، جاهلا ، عادما للتحصيل .

 فكيف يجوز منهم نسبة هذا العقل الدال على السفه ، والجهل ، والحماقة إليه تعالى ؟ . وكيف يصح منه تعالى أن يقول في الأزل : "(( يا أيها الناس اعبدوا ربكم ")) ( 1 )

ولا مخاطب هناك ، ولا ناس عنده ؟ .

 ويقول : " يا أيها الذين آمنوا " ( 2 ) و " أقيموا الصلاة " ( 3 ) . و " لا تأكلوا أموالكم " ( 4 ) " ولا تقتلوا أولادكم " ( 5 ) " وأوفوا بالعقود " ( 6 )  



فقالت الأشاعرة بقدم المعنى
وقالت الحنابلة بقدم الحرف
وقالت المعتزلة بالحدوث(أي خلق الكلام) وهو الحقُ لوجوه:::

(الوجه الأول)/إنه لو كان الكلام قديما لزم تعدد القدماء وهو باطل لأنّ القول بِقَدم غير الله تعالى كفر بالإجماع ولهذا كفرت النصارى لإثباتهم قِدَم الأقانيم الثلاثة (الأب +الأبن+الزوجة)

(الوجه الثاني)/إنّ الكلام مركب من الأصوات والحروف التي يُعدَم السابق منها بوجود لاحقه والقديم لايجوز عليه العدم فلو كان الكلام قديما لزِِمَ عليه العدم.


(الوجه الثالث)/إنّ الكلام لو كان قديما لزم الكذب على الباري تعالى واللازم باطل (كذب الباري تعالى) فالملزوم مثله في البطلان.

(بيان الملازمة)/ إنّ الله تعالى أخبر بإرسال الرسل كنوح/ع/في الأزل بقوله تعالى
((إنّا أرسلنا نوحا الى قومه ))/نوح/1.

فهذه الآية الشريفة عبارة عن كلام الله تعالى ولوكان كلامه سبحانه قديما لزِمَ أن يكون النبي نوحا مُرسَلاً الى قومه منذ الأزل(القِدَم)
والحال أنه لم يك مرسلا من قبل الله تعالى منذ الأزل لأنه لاسابق وجودي على الأزل فيكون الإخبار على القِدَم بقدم الكلام كذبا وحاشاه تعالى عن ذلك
وإذا ثبت بطلان اللازم وهولزوم الكذب على الله تعالى فيبطل الملزوم وهو كون الكلام قديما.

(الوجه الرابع)/إنه يلزم منه العبث في قوله تعالى
((وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة))/البقرة/43.
ووجه لزوم العبثية على القول بقدم الكلام في هذه الآية هو أنه لا تكليف ولا مكلّف في الأزل (القِدَم) والعبث قبيح على الله تعالى فيمتنع عليه (العبث) فيلزم من ذلك الإمتناع بطلان القول بقِدَم الكلام.

(الوجه الخامس)/ هو قوله تعالى


{مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ }الأنبياء2
والذكر /هو القرآن الكريم لقوله تعالى
((إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنا له لحافظون))/الحجر/9/
وبما أنّ الله تعالى وصف كتابه الحكيم بالحدوث(أي بالخلق) فلايكون كلامه تعالى قديما
فلذلك قال المصنف العلامة الحلي/
(وتفسير الأشاعرة غير معقول الى ماثبت من حدوث كلامه تعالى بالأدلة النقلية والملازمات العقلية )




((الصفة الثامنة))
========
(أنه تعالى صادق)
==========
قال العلامة الحلي/في المتن(( الصفة الثامنة أنه تعالى صادق لأنّ الكذب قبيح بالضرورة والله تعالى متنزه عن القبيح لإستحالة النقص عليه))

(التوضيح)
======
 إنّ من صفات الله تعالى الثبوتية الذاتية هي الصادقيّة ومعنى كونه تعالى صادقا هو إخباره المطابق لنفس الأمر والواقع والحقيقة لأنه تعالى لو لم يكن صادقا لكان حشاه كاذبا وهو باطل(أي كونه تعالى وحاشاه كاذبا)
لأنّ الكذب قبيح عقلا عليه تعالى
والكذب يُمثّل النقص والباري تعالى كامل ومتنزه عن النقص فيكون سبحانه صادقا وهو المطلوب.






((الفصل الثالث))
========
(في صفات الواجب الوجود سبحانه السَلبيَّة)
========================
/1/ الصفة الأولى/(إنه تعالى ليس بمركب)
---------------------------------------
قال العلامة الحلي في المتن (( الفصل الثالث : في صفاته السلبية وهي سبع :الصفة الأولى(أنه تعالى ليس بمركب وإلاّ لكان مفتقرا الى أجزائه والمفتقر ممكن)))


/التوضيح/
======
بعد ما أتم المصنف العلامة الحلي/قد/ الكلام عن الصفات الثبوتية شرع في الكلام عن الصفات السلبية أي التي يجب نفيها وسلبها عنه تعالى عقلا وشرعا وعدم توصيفه بها أبدا.
ولذلك يُطلَق على الصفات السلبية الصفات الجلالية أو التنزيهية بمعنى أنه تعالى متنزه عنها وغير متصف بها واقعا.
وتعرض العلامة الحلي في كتابه /كشف المراد في شرح تجريد الأعتقاد/ لنفي التركيب عنه تعالى
 فقال رحمه الله/(لو كان الواجب مركبا لكان ممكنا وهذا خلف ما أثبتناه من كونه واجب الوجود وواجبية وجوده تعالى تقتضي نفي التركيب عنه بكل اصنافه )

وقال رحمه الله أيضا/ واعلم أنّ التركيب قد يكون عقليا أي تركيب من الجنس والفصل وقد يكون تركيبا خارجيا كتركيب الجسم من المادة والصورة وغيرها من انواع التركيب فجميع هذه التراكيب منتفية عنه تعالى لأنّ كل المركبات مشتركة في افتقارها الى الأجزاء المغايرة لها وبذلك تثبت بساطة الواجب تعالى (أي كونه غير مركب) لأنّه إذا بطل الشيء ثبت نقيضه
بمعنى أنه تعالى أنه إذا ثبت بطلان التركيب للواجب تعالى وهو كذلك يثبت بساطة الواجب الوجود تعالى وهو المطلوب)انظر/كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد/العلامة الحلي/ص 179.










((الصفة الثانية))من  الصفات السلبية
=================== 
 قال العلامة الحلي في المتن::
( الصفة الثانية /أنه تعالى ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر وإلاّ لإفتقر الى المكان ولإمتنع إنفكاكه عن الحوادث فيكون حادثا وهو محال)

/التوضيح/
  إنّ المصنف العلامة الحلي/قد/ في بحثه هذا قد ردّ على المذاهب الكلامية التي تقول بالتجسيم لله تعالى سبحانه عن ذلك علوا كبيرا.
وقبل بيان الدليل على نفي تلك الصفات السلبية عنه تعالى لابد من بيان المبادىء التصورية للبحث وهي كآتي :
/1/ معنى (الجسم) وهو كل ماله طول وعرض وعمق.
/2/(العَرَض) وهو كل ما يحتاج في وجوده وتحققه الى موضوع (جوهر) كعروض البياض  على الحائط مثلا.
/3/(الجوهر)/ وهو ما لايحتاج في وجوده الى موضوع بل هو قائم بنفسه وجوديا كالجسم.


  
(بيان الدليل على انه تعالى ليس بجسم ولا عرض)
==========================
وهنا وجهان:
/الوجه الأول/ أنه تعالى لو كان جسما أو عَرَضا لكان ممكنا (مخلوقا) واللازم باطل فالملزوم مثله في البطلان.

(بيان الملازمة)
    إنّا نعلم بالضرورة أنّ كل جسم فهو مفتقر وجودا الى المكان وكل عرض فهو مفتقر وجودا الى المحل(الموضوع الذي يقوم به العرض)
والمكان والمحل غير الجسم والعرض فيفتقران (الجسم والعرض) الى غيرهما (المكان والمحل) والمفتقر الى غيرم ممكن.
فلوكان الباري تعالى جسما أو عرضا لكان ممكنا وكونه ممكنا باطل لما ثبت من كونه تعالى واجب الوجود . فالملزوم باطل(أي كونه حاشاه جسما أو عرضا)

/(الوجه الثاني) أنه تعالى لو كان جسما لكان حادثا وهو محال عقلا.

(بيان الملازمة)
   إنّ كل جسم فهو لايخلو من الحوادث (أي المخلوقية) وكل ما لايخلو من الحوادث  فهو حادث (مخلوق ومسبوق بالعدم)
وقد تقدم ثبوت قدمه تعالى وعدم حدوثه فلو كان جسما لكان حادثا لكنه قديم فيجتمع النقيضان (القدم والحدوث) والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان فيثبت المطلوب وهو قدمه تعالى وعدم كونه جسما (حادثا).





                                                            (البحث الثاني)
------------
((في بيان عدم جواز كونه تعالى في محل أو في جهة))
=============================
قال العلامة الحلي /في المتن:( ولايجوز أن يكون في محل وإلاّ لإفتقر إليه ولا في جهة وإلاّ لإفتقر إليها)

(التوضيح)
=======
بيان المبادىء التصورية للبحث وهي كآلآتي :
(الحلول)/ ومعناه هو وجود الشيء في أخر على نحو التبعية الوجودية لأنّ الحال  يفتقر الى المحل وجودا.

(الجهة)/ وهي ما يُشار إليها حسا وما يستقر عندها المتحرّك.

(بيان البحث)
-----------
ذكر العلامة الحلي هذين الوصفين السلبيين (أي عدم كونه في محل أو في جهة) ردا وخلافا للنصارى وجمع من المتصوفة الذين زعموا ذلك.

والذي يُفهَم عقلا ويُتَصَوّر من الحلول هو قيام موجود بموجود آخر على سبيل التبعية الوجودية فإنّ أراد النصارى والمتصوفة  هذا المعنى فهو باطل لأنه لو كان الباري تعالى كذلك (أي كونه حال في محل أو كائنا في جهة) لزم إفتقاره للمحل أو الجهة وتعالى عن ذلك علوا كبيرا وهو محال عقلا.

وإن أراد النصارى والمتصوفة غير هذا المعنى المذكور أعلاه للحلول فلابد من تصور ذلك المعنى أولا ثم الحكم عليه بالنفي أو الإثبات لأنّ الحكم على الشيء فرع تصوره والشيء مالم يُتصور لايمكن الحكم عليه.

                 
وهناك اقوال اخرى شاذة كزعم الكرّامية الذين قالوا أنه تعالى (بالجهة الفوقية) ومقصودهم السماء بحسب فهمهم الساذج لما تصوروه من الظواهر النقلية(أي بناءً على ظواهر ألفاظ السور القرآنية والروايات) وهو باطل لأنه لو كان الباري في الجهة لكان إما مع إستغنائه عنها فلا يحل فيها لأنه غني فلا يحتاج الى غيره من جهة أو محل.
أو لوكان تعالى في الجهة مع افتقاره إليها فيكون ممكنا  وهو خلاف ما ثبت من وجوب وجوده تعالى.
ثم إنّ لظواهر القرآنية والروائية لها تأويلات ومحامل مذكورة في مواقعها لغوية كانت أو عقلية أو تفسيرية أخرى ولا يمكن بأي حال الجمود على الظواهر اللفظية من جهة أو مكان أو غير ذلك لأنّ القرآن الكريم حمّال ذو وجوه.

ولأنه قد ثبت بالدليل العقلي امتناع كونه تعالى جسما  وامتناع ما يلحق الجسمية عليه كالجهة أو المكان أو غيرها.
فيجب عقلا تأويل الظواهر القرآنية لإستحالة العمل بها حال كونها  تعارض العقل القويم والفهم السليم.
فمع الأخذ بظواهر القرآن لفظا يلزم إجتماع النقيضين  وهو كونه تعالى  مثلا جسما بحسب الظواهر اللفظية القرآنية وعدم كونه جسما بحسب ما ثبت بالدليل العقلي أو يلزم الترك للظواهر القرآنية والدلائل العقلية فلا خيار لنا إلاّ العمل بالعقل أي الأخذ بفهم الأخذ بمعيار الدليل العقلي القويم وتأويل النقل السليم دفعا للتناقض.




((البحث الثالث))
===========
( في بيان أنه تعالى لايصح عليه اللذة والألم)
========================
قال المصنف الحلي/في المتن( ولايصح عليه تعالى اللذة والألم لإمتناع المزاج عليه تعالى)

(التوضيح )
  من المعلوم بداهة أنّ الألم والذة أمران وجدانيان فلا يحتاجان الى تعريف لأنهما من المعاني الحضورية التي تُدرّك بالعلم الحضوري ولكن قد يُعرّفان من باب شرح الأسم واللفظ .

((فاللذة ))
  هي إدراك الملائم للطبع والمزاج من حيث هو ملائم.

((والألم))
 إدراك المنافي للمزاج من حيث هو منافٍ
والألم واللذة قد يكونان حسيين وقد يكونان عقليين بحسب إلأدراك
فإن كان الإدراك حسيا فهما حسيان وإن كان الأدراك عقليا فهما عقليان.

فأجمع العقلاء على إستحالة الألم على الباري تعالى إذ لامُنافي له تعالى بمعنى لا يوجد ما  يؤثر في الباري تعالى حتى يكون مـتألما (تعالى عن ذلك)

(أما اللذة)/ فإن كانت لذة حسيّة فهي مستحيلة عليه عقلا لأنها من توابع وخصائص المزاج والمزاج مستحيل عليه تعالى لأنه لو كان الباري تعالى له مزاج لكان جسما وهو باطل.
(أما اللذة العقلية ) فقد أثبتها الحكماء له تعالى وذكر ذلك صاحب كتا (الياقوت) من علماء مذهب الإمامية وعللّ ذلك أي إثبات اللذة العقلية للباري تعالى بأنه سبحانه متصف بكماله اللائق به لإستحالة النقص عليه ومع ذلك فهو تعالى مُدرِك لذاته وكماله فيكون أجلّ مُدرِك لأعظم مُدرَك بأتم إدراك وهذا هو معنى اللذة العقلية.


وأما المتكلمون فقد قالوا بنفي اللذة عليه تعالى مطلقا حسيّة كانت أم عقلية ومنهم المصنف العلامة الحلي /قد/ حيث تحفّظَ على توصيف الله تعالى ب(المُلتَذ) وقال إنّ توصيفه بالملتذ يستدعي الأذن الشرعي وقد صرّح العلامة الحلي بهذا الأمر في شرحه(كشف المراد في تجريد الإعتقاد)
ودليل المتكلمين في ذلك هو عدم ورود مصطلح (الألتذاذ العقلي) في الشرع الحنيف ولأنّ صفات الباري توقيفية (أي مسماة من قبل الشرع) فلا يجوز لغير الباري توصيفه بها إلاّ بإذن الله تعالى
ولكن للمقداد السيوري رأياً في لك نصه((هذا وإن كان لا مانع عقلا من توصيف الباري تعالى بغير الصفات والأسماء التوقيفية لكنه ليس من الأدب مع الله تعالى لجواز أن يكون ذلك التوصيف غير جائز من جهة لا نعلمها))
.




((البحث الرابع)) في الصفات السلبية:
=====================
(في بيان أنه تعالى لا يتحد بغيره)
------------------------------
قال العلامة الحلي في المتن))ولا يتحد بغيره لإمتناع الأتحاد مطلقا))


(التوضيح)

 قبل الشروع في بيان إستحالة الإتحاد عليه  تعالى عقلا ونقلا نوضح معنيان للإتحاد:: على ما ذكره المقداد السيوري::
فقال للإتحاد معنيان هما::
/1/الأتحاد المجازي:
/2/الإتحاد الحقيقي:

((أما الأتحاد المجازي))
  فهو صيرورة أوتحول الشيء شيئا آخر بالكون (أي بالوجود) والفساد(أي بالعدم)
إما من غير إضافة شيء آخر غيرهما كقولهم صار الماء هواء وصار الهواء ماء أو مع إضافة شيء آخر كما يقال صار التراب طينا بإنضياف الماء إليه.

وأما (الأتحاد الحقيقي )  فهو صيرورة  أو تحول الشيئين الموجودين شيئا واحدا موجودا.
وإذا تبين ذلك المعنيان للإتحاد فيكون الأتحاد المجازي مستحيل عليه تعالى قطعا لإستحالة الكون والفساد على الواجب تعالى .
أما(الأتحاد الحقيقي)/فقد قال به بعض النصارى (إنه إتحد بالمسيح) فإنهم قالوا إتحدت لاهوتية الوجود المجرد (الباري تعالى) عن ذلك علوا كبيرا مع ناستوتية (الوجود المادي لعيسى بن مريم)







وهناك قول شاذ للمتصوفة (بأنه تعالى إتحد بالعارفين) وهو باطل.
فالنتيجة الأتحاد بكلا نوعيه (المجاز والحقيقي) مستحيل عليه تعالى.
لأنّ الإتحاد مستحيل عقلا في نفسه فيستحيل إثباته لغيره من باب أولى.


(بيان وجه الإستحالة للإتحاد عقلا ونقلا)
=====================
/1/(دليل الإستحالة العقلية)/ إنّ المُتحَدَين بعد إتحادهما إن بقيا موجودين فلا إتحاد لإنها إثنان وجودا لا واحد(إتحاد)
وإن عُدِما معاً فلا إتحاد أصلا بل وجد ثالث.
وإن عُدِمَ أحدهما أي أحد المتحدين وبقي الآخر فلا إتحاد  أيضا لأنّ المعدوم لا يتحد بالموجود.

/2/(وجه الإستحالة القرآنية)/ فقد ورد النص القرآني الصادق والمعصوم بذلك فقال الله تعالى:


{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }المائدة72

وقوله تعالى:
{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }المائدة73
وقوله تعالى :

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء171


(بحثٌ في أنه تعالى ليس محلا للحوادث))
========================

قال العلامة الحلي في المتن))أنه تعالى ليس محلا للحوادث لإمتناع إنفعاله عن غيره وإمتناع النقص عليه))

((التوضيح))
==== ==  

بيان مفهوم الصغرى (أنه ليس محلا للحوادث) :
أي هو لايقوم به شيءٌ من الحوادث لأنه لو كان محلاً للحوادث لكان منفعلا عن الغير وهو محال عقلا.
فمثلاً أنه تعالى ليس محلا للقدرة المتصف بها هو بذاته تعالى وغيرها من الصفات الذاتية بل إنّ صفاته عين ذاته المقدسة.

ولمعرفة صفات الباري تعالى لابد من ذكر إعتباريين؟

/1/(الإعتبار الأول)/ بالنظر الى نفس الصفة الذاتية بما هي هي.

/2/(الإعتبار الثاني)/ بالنظرالى تعلق تلك الصفة الذاتية بمقتضاها كتعلق القدرة مثلا بالمقدور والعلم بالمعلوم.

فالصفات الذاتية بالإعتبار الثاني لانزاع في كونها امور اعتبارية إضافية متغيرة بحسب تغير المتعلقات وتغايرها.

وأما بالإعتبار الأول (أي بالنظر الى نفس الصفة الذاتية)

فزعمت الكراميّة أنها حادثة متجددة بحسب تجدد متعلقات الصفات فقالوا إنه تعالى لم يكن قادرا في الأزل ثم صار قادرا أي اصبح محلا للقدرة ولم يكن عالما ثم صار عالما أي محلا للعلم.


والحق خلاف ذلك كله::
لأنّ المتجدد فيما ذكروا هو التعلق الإعتباري للصفة لا حدوث الصفة فإن قصدوا ذلك (أي التعلق الإعتباري للصفة) فهذا مسلّم بالإعتبار الثاني (الذي ينص على أنّ متعلقات ومقتضيات الصفات الذاتية امورا اعتبارية اضافية متغيرة بحسب تغير المتعلقات)

وإن لم يقصدوا ذلك فذلك باطل لجهتين (أي أنّ الكرامية إن قصدوا(حدوث الصفات) فذلك باطل لأمرين؟

/1/(الأمر الأول)/ أنه لوكانت صفات الباري تعالى حادثة متجددة (مسبوقة بالغير لزم إنفعاله وتغيره تعالى عن ذلك واللازم باطل فالملزوم مثله في البطلان لقاعدة إذا بطل اللازم بطل ملزومه عقلا.

(وجه بطلان اللازم)/(أي أنّ الإنفعال والتغير في ذات الواجب تعالى باطل)عقلا.

(بطلان الملزوم)/(أي حدوث الصفات الذاتية وتجددها باطل) عقلا.

(بيان الملازمة)
=========
  وتتم من خلال بيان امرين ؟

الأمر الاول/من المعلوم والمقطوع به عقلا أنّ صفات الباري ذاتية (عين ذاته) المقدسة فتجددها يستلزم تغير الذات الالهية وانفعالها.

الامر الثاني/ إنّ حدوث الصفة (أي خلقها) يستلزم حدوث قابليته سبحانه في المحل لها (أي للذات الالهية ) وحدوث قابليته في المحل مستلزم لإنفعال المحل وتغيره ولكن تغيرماهية الباري تعالى (أي حقيقته) بالمعنى الأعم وإنفعالها محال عقلا.

فإذن لاتكون صفات الباري تعالى حادثة وهو المطلوب.




/2/(الأمر الثاني)/ لبطلان حدوث الصفة : إنّ صفات الباري تعالى كمال لإستحالة النقص عليه فلو كانت حادثة متجددة لزم خلوه تعالى من الكمال والخلو من الكمال نقص تعالى عنه وهو سبحانه منزه عن النقص فلا تكون صفاته حادثة.














 (الصفة الرابعة) من الصفات السلبية.
(أنه يستحيل عليه الرؤيا البصرية)
-----------------------------------

قال العلامة الحلي في المتن:
((الصفة الرابعة :إنه يستحيل عليه الرؤية البصرية لأنّ كل مرئي ذو جهة ولأنه إما مقابل أو في حكم المقابل بالضرورة فيكون جسما وهو محال ولقوله تعالى ((لن تراني)) الأعراف/142. ولن تفيد النفي المؤبّد))


(التوضيح)
======= 
استعراض الاقوال في المقام بنفس ما ذكرها العلامة السيوري في شرحه على المتن مع تصرف بسيط في فن العبارة للإيضاح.

/1/ ذهب الحكماء والمعنزلة الى استحالة رؤيته بالبصر الحسي لتجرده سبحانه عن ما يدركه الحس وجودا.

/2/ ذهب المُجسمة (القائلون على الله بالتجسيم ) وتنزه تعالى عن ذلك. والكراميّة الى جواز رؤيته تعالى عن ذلك بالبصر الحسي مع الجهة (وهو باطل عقلا ونقلا)



/3/ وأما الأشاعرة /فإعتقدوا بتجرد الباري تعالى وقالوا بصحة رؤيته وخالفوا جميع العقلاء وتحذلق بعضهم أي استخدم الذوق والفن الادبي والعلمي في الدفاع  عن مبناهم  هذا.

حيث قالوا :ليس مرادنا بالرؤية التي تصح على الباري الإنطباع أو خروج الشعاع بل مرادهم الحالة التي تحصل من رؤية الشيء بعد حصول العلم به .

وقال بعض الاشاعرة إنّ معنى رؤيته تعالى هو أن ينكشف الباري تعالى للعباد المؤمنين في الآخرة انكشاف البدر المرئي.

والحق إنهم (الأشاعرة) إن قصدوا بذلك الكشف التام(أي العلم التام به تعالى) فهو صحيح ومسلم عقلا.
فإنّ المعارف تصير يوم القيامة ضرورية وإن لم يقصدوا بذلك الكشف العلم التام به تعالى فلا يتصور من ذلك الكشف إلاّ الرؤية الحسية عندهم وهو باطل عقلا ونقلا.




                                


                                 (وجه البطلان العقلي للرؤية البصرية الحسية للباري تعالى )
================================
لأنه لو كان الباري تعالى مرئيا لكان في جهة فيكون جسما والجسمية مُحال عليه كما تقدم
وكل مرئي فهو إما مقابل أي أمام الرائي(المُبصِر) أو في حكم المقابل كالصورة في المرآة وذلك ضروري.
وكل مقابل أو ما في حكمه فهو في جهة.
فلو كان الباري تعالى مرئيا لكان في جهة وهو باطل كما تقدم.



(وجه البطلان النقلي السمعي للرؤية البصرية للباري تعالى)
===============================

/1/ جواب الباري تعالى لكليمه موسى /ع/ ب(لن تراني) حينما سأله الرؤية بلسان حال قومه الذين طلبوا منه ذلك.
ولن: تفيد النفي المؤبد لغةً
وإذا لم يره موسى/ع/ لم يره غيره بطريق اولى حتى في الآخرة.

(فائدة مهمة جدا)
===========
إنّ النبي موسى/ع/ لم يطلب الرؤية الحسية من الباري لذاته بل طلبها بلسان قومه الذين طلبوا منه ذلك فقالوا:

{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً }النساء153


{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ }البقرة55

وذلك لعلم النبي موسى /ع/ القاطع بإستحالة رؤيته حسا ولو تنزلنا بكون الطلب للرؤيا طلب من موسى /ع/ فيكون معناه الرؤيا القلبية والتي عادة يصعب تحملها حتى على المعصوم/ع/ نفسه بدليل قوله تعالى ((ولكن إنظر الى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني)




وقد وقع التجلي الألهي للجبل فدُّكَ به دكا وصُعِقَ موسى /ع/ ولووقع التجلي الألهي لموسى/ع/ أيضا لدُكّ به فكيف بموسى /ع/ الذي خر صعقا عندما شاهد التجلي الألهي للجبل نفسه لا له/ع/.

/2/ قوله تعالى :


{لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الأنعام103

أي لاتحط به حساً.

/3/ إنه تعالى استعظم طلب رؤيته حسا من قبل بني اسرائيل زرتب الذم عليه والوعيد فقال تعالى بشأن ذلك::

{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً }النساء153

أي::

يسألك اليهود -أيها الرسول(محمد/ص/) - معجزة مثل معجزة موسى تشهد لك بالصدق:

بأن تنزل عليهم صُحُفًا من الله مكتوبةً, مثل مجيء موسى بالألواح من عند الله,

 فلا تعجب -أيها الرسول- فقد سأل أسلافهم (أي بني اسرائيل)  موسى -عليه السلام-

ما هو أعظم: سألوه أن يريهم الله علانيةً (حسا)  فَصُعِقوا بسبب ظلمهم أنفسهم حين سألوا أمرًا ليس من حقِّهم.

وبعد أن أحياهم الله بعد الصعق, وشاهدوا الآيات البينات على يد موسى القاطعة بنفي الشرك, عبدوا العجل من دون الله, فعَفونا عن عبادتهم العجل بسبب توبتهم, وآتينا موسى حجة عظيمة تؤيِّد صِدق نُبُوَّتِه.
                                            








                                             (الصفة الخامسة من الصفات السلبية)
=========================
(نفي الشريك عنه تعالى)
---------------------
قال  العلامة الحلي في المتن:
((الصفة الخامسة: في نفي الشريك عنه تعالى للسمع وللتمانع فيفسد نظام الوجود ولإستلزامه التركيب لإشتراك الواجبين في كونهما واجبي الوجود فلابد من مائز))


((التوضيح))
========
إتفق المتكلمون والحكماء على سلب الشريك عن الباري سبحانه لوجوه أهمها::

/1/(الوجه الاول) : قيام الدلائل النقلية والعقلية على سلب الشريك عنه سبحانه وتعالى وإجماع الأنبياء /ع/ وإجماعهم حجة لعدم توقف صدقهم على ثبوت الوحدانية لله تعالى .

ولقائل أن يقول يلزم من هذا الدور وصورته كآلاتي :
إنّ صدق الأنبياء متوقف على وحدانية الباري تعالى ووحدانيته متوقفة على صدق الأنبياء ويرتفع هذا الدور بعدم توقف صدق الأنبياء على ثبوت وحدانية الباري تعالى لأنّ صدق الأنبياء يتوقف على الاتيان بمعجز سماوي أو أرضي وقد يحصل صدق الأنبياء من دون الحاجة لثبوت الوحدانية للباري تعالى.
فلا دور في المقام.

/2/(الوجه الثاني)/ويُسمى بدليل التمانع وهو مأخوذ من قوله تعالى :

{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ }الأنبياء22
أي:
(لو كان فيهما) أي السموات والأرض (آلهة إلا الله) أي غيره (لفسدتا) خرجتا عن نظامهما المُشاهد
 لوجود التمانع بينهم على وفق العادة عند تعدد الحاكم من التمانع في الشيء وعدم الاتفاق عليه (فسبحان) تنزيه (الله رب) خالق (العرش) الكرسي (عما يصفون) الكفار الله به من الشريك له وغيره


(تقرير دليل التمانع والفساد)
================
إنّ المقصود من التمانع هنا هو تعارض وتخالف الإرادتين بين الألهة على فرض التعدد في الألوهية.
وإنه لوكان مع الواجب سبحانه وتعالى شريك للزم فساد نظام الوجود تكوينيا وتشريعيا وهو باطل وذلك لعدم وجود فساد في الكون والتشريع مطلقا بل الموجود هو النظام الأتم والأكمل والأحسن وجودا.


ثم إنّ التمانع يظهر فيما لو تعلقت إرادة أحد الألهة المفروضة التعدد بإيجاد جسم متحرك مثلا فلا يخلو الأمر إما أن يكون للأله الأخر إراة سكونه (أي سكون الجسم المراد إيجاده متحركا)
أو لا يُريد سكونه  فإن أمكن وقوع الأرادتين معا وجودا فلا يخلو الأمر إما أن يقع مرادهما معا فيلزم إجتماع المتنافيين وهو باطل أو لايقع مرادهما معا فيلزم خلو الجسم المراد ايجاده عن الحركة والسكون أو يقع مراد احدهما ففيه فسادان: هما::
/1/ الترجيح بلا مرجح.
/2/ عجز الأله الأخر المفروض إذا وقعت إرادة الأله أ دون الأله ب والمفروض أنهما واجبا الوجود.
والترجيح بلا مرجح باطل وعجز الأله باطل فيلزم فساد النظام الوجودي وهو محال لماثبت واقعا وحقيقة من حسن النظام التكويني والتشريعي واتساقه.



                              /3/(الوجه الثالث)/ ((دليل الحكماء على سلب الشريك عن الباري تعالى)
----------------------------------------------------------------------
(تقرير الدليل)
=======
أنه لو كان في الوجود واجبا الوجود لزم امكانهما وذلك لأنهما حينما يشتركان في وجوب الوجود فلا يخلو الأمر إما أن يتميزاحدهما عن الاخر أو لايتميز .
فإن لم يتميز احدهما عن الآخر لم تحصل الأثنينية على فرض التعدد الألهي
وإن تميزا يلزم تركب كل واحد منهما مما به المشاركة (وجوب الوجود) ومما به الممايزة (الفصل) وكل مركب ممكن فيكونان ممكنين وهذا خلف ما ثبت من بساطة واجب الوجود وعدم تركبه.


                                                       (الصفة السادسة)(في نفي المعاني والأحوال عنه تعالى)
                        =================================
قال العلامة الحلي: في المتن(( الصفة السادسة :في نفي المعاني والاحوال عنه تعالى لأنه لوكان قادرا بقدرة وعالما بعلم وغير ذلك لإفتقر في صفاته الى تلك المعاني فيكون ممكنا وهذا خلف))

(التوضيح)
====
استعراض المذاهب في المقام:

/1/ ذهبت الأشاعرة إلى أنه تعالى قادرٌ بقدرة وعالم بعلم وحي بحياة الى غيرذلك من الصفات وهي معانِ قديمة زائدة على ذاته قائمة بها (بحسب مبناهم).

/2/ذهبت (البهشمية)(أتباع أبي هاشم) وهو أبو هاشم بن أبي بكر البصري الجبائي ، وهو وأبوه من رؤساء المعتزلة ، له آراء تفرد بها ، وتبعته فرقة من المعتزلة فسميت البهشمية نسبة إليه ، توفي سنة 321 ه‍ /إنظر /هامش المسائل السروية/المفيد/ص 57.

ذهبت الى أنه تعالى مساوٍ لغيره من الذوات وومتاز عنها بحالة الألوهية وتلك الحالة توجب له أحوالاً أربعة وهي القادرية والعالمية والحياة والموجودية.
و(الحال) عند البهشمية صفة لموجود ولاتوصف بالوجود ولا بالعدم والباري قادر بإعتبار تلك القادرية وعالم بإعتبار تلك العالمية الى غير ذلك.

وبطلان دعوى (البهشمية) ضروري (بديهي) لأنّ الشيء إما موجود أو معدوم إذ لاواسطة (حال) بينهما (الوجود والعدم) عقلا.

/3/  ذهب الحكماء والمحققون من المتكلمين الى انه تعالى قادر لذاته وعالم لذاته الى غير ذلك من الصفات وما يُتصور من الزيادة (أي زيادة الصفة على الذات) من قولنا
ذات عالمة وقادرة فتلك الأمور اعتبارية زائدة في الذهن لا في الخارج والواقع وهو الحق.



((تقرير دليل النقض على مذهب الأشاعرة والبهشمية))
===============================

أنه لو كان (سبحانه وتعالى) قادرا بقدرة أو قادرية وعالما بعلم أو عالمية الى غير ذلك من الصفات لزِمَ افتقارالواجب الوجود في صفاته الى غيره لأنّ تلك المعاني والاحوال مغايرة لذاته قطعا وكل مفتقر الى غيره ممكن فلو كانت صفاته زائدة على ذاته لكان الواجب سبحانه ممكنا وهذا خلف كونه تعالى واجب الوجود.

نعم المفاهيم والصفات متعددة ومتغايرة فيما بينها لكن مصداقها وواقعها واحد وهو الحق سبحانه وتعالى.


                                          ((الصفة السابعة::أنه تعالى غني ليس بمحتاج))
                                   =========================
قال العلامة الحلي::في المتن(( أنه تعالى غني ليس بمحتاج لأنّ وجوب وجوده دون غيره يقتضي استغناءه وإفتقار غيره إليه سبحانه))

((التوضيح))
========
إنّ من صفات الباري تعالى السلبية الجلالية كونه سبحانه ليس بمحتاج وجودا لى غيره مطلقا لا في ذاته ولا في صفاته وذلك لأنّ وجوب الوجود الثابت لذات الواجب تعالى يقتضي إقتضاءاً ذاتيا استغناءه مطلقا في الذات والصفات عن مجموع ما عداه.
لأنّه تعالى لو كان محتاجا في وجوده لزم افتقاره فيكون ممكنا تعالى عن ذلك علوا كبيرا بل هو جلّت عظمته مستغنٍ عن غيره وكل ما عداه رشحة من رشحات وجوده وذرة من ذرات فيضه تعالى.

وقد نص القرآن الكريم على تلك الحقيقة الوجودية له تعالى فقال::


{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }فاطر15

أي:

يا أيها الناس أنتم المحتاجون إلى الله في كل شيء, لا تستغنون عنه طرفة عين,
وهو سبحانه الغنيُّ عن الناس وعن كل شيء من مخلوقاته, الحميد في ذاته وأسمائه وصفاته، المحمود على نعمه؛
 فإن كل نعمة بالناس فمنه، فله الحمد والشكر على كلِّ حال.



((الأصل الثاني من اصول الدين الاسلامي العزيز))
=============================
(الفصل الرابع): في العدل:
==============  وفيه مباحث:
المبحث الأول(في بيان حسن الاشياء وقبحها عند العقل)

قال العلامة الحلي في المتن::
(العقلُ قاضٍ بالضرورة أنّ من الافعال ما هو حسن كرد الوديعة والاحسان والصدق النافع وبعضها ما هو قبيح كالظلم والكذب الضار ولهذا حكم بهما من نفي الشرايع كالملاحدة وحكماء الهند ولأنهما(الحسن والقبح) لو انتفيا عقلا لإنتفيا سمعا لإنتفاء قبح الكذب حينئذ من الشارع)

((التوضيح))
===========
  لما فرغ العلامة الحلي رحمه الله من مباحث التوحيد شرع في مباحث العدل والمقصود من العدل ها هنا هو تنزيه الباري تعالى عن فعل القبيح والإخلال بالواجب.
ولماتوقف ذلك أي معرفة العدل على معرفة الحسن والقبح العقليين قدّم البحث عنهما في هذا المقام:

وهنا يجب ذكر كلمة أمير المؤمنين علي/ع/ الرائعة والوجيزة اللفظ والعظيمة المعنى في تعريف للعدل :
فقال/ع/((العدل أن لا تتهمه)) /إنظر/نهج البلاغة/ج4/ص108.
أي:

واعتقادك بعدله أن لا تتهم الله تعالى  في أفعاله بظن عدم الحكمة فيها

أوبما لايُليق به من القبيح والظلم المنفييَن عنه سبحانه.
والعدل في حقيقته يُمثل مرتبة واقعية وجودية في توحيد الله تعالى
لأنّ العدل حقيقة من حقايق الذات المقدسة .



(تمهيد في حسن الأشياء وقبحها عقلا)
=====================
ذكر العلامة المقداد السيوري أنّ الفعل بديهي التصور فإما أن يكون له  وصف زائد على حدوثه أو لايكون له وصفا زائدا على حدوثه .
فالفعل الذي لايكون له وصف زائد على حدوثه
كحركة النائم والساهي 
وأما الفعل الذي يكون له وصف زائد على حدوثه إما أن ينفر العقل من ذلك الزائد على حدوث الفعل أو لاينفر.
والذي ينفر العقل منه هو القبيح وأما الذي لاينفر العقل منه فهو الحسن
والمباح المتساوي الفعل والترك
والذي يتساوى فعله وتركه فإن ترجح تركه فهو إما مع المنع من النقيض فهو الحرام
وإلا أي وإن لم يترجح تركه فهو المكروه
وإن ترجح فعله فإما ترجيح مع المنع من تركه فهو الواجب
أو ترجيح مع جواز تركه فهو المندوب.




((الأقوال في معاني الحسن والقبح))
===================
/1/(المعنى الأول)/(الحسن) /هو كون الشيء صفة كمال كقولنا العلم حسن

(القبح)/هو صفة نقص في الشيء كقولنا الجهل قبيح /وهذا معنى عقلي:

/2/(المعنى الثاني)/(الحسن) كون الشيء ملائما للطبع البشري /كالمستلذات
(القبح)/كون الشيء منافيا للطبع البشري : كالآلآم
وهذا معنى عقلي أيضا.


/3/   (المعنى الثالث)/(الحسن)/هو ما يستحق على فعله المدح عاجلا والثواب آجلا  
(القبيح) /هو ما يستحق على فعله الذم عاجلا والعقاب آجلا
وهذا معنى عقلائي (أي تجري عليه عامة السيرة العقلائية)

فالمعنى الاول والثاني اتفقت الكلمة على كونهما عقليان بالأعتباران الاوليان
أما المعنى الثالث فإختلف المتكلمون فيه

فذهبت الاشاعرة الى أنه ليس في العقل ما يدل على الحسن والقبح بهذا المعنى بل الشرع هو الدال على التحسين والتقبيح للأشياء
ولادخالة للعقل في ذلك بحسب مبناهم فماحسنه الشرع عندهم فهو الحسن وماقبحه الشرع عندهم أيضا فهو القبيح

وقالت العدلية(المعتزلة+ الإمامية) /أي الذين قالوا بالعدل كأصل ديني
في العقل ما يدل على التحسين والتقبيح للأشياء فالحسن حسن في نفسه والقبيح قبيح في نفسه سواء حكم الشرع بذلك أولم يحكم.
ونبهوا على ذلك بوجوه أهمها:





/1/(الوجه الاول)/ (جواب حلي) (إنّا نعلم بالضرورة (البداهة ) حُسن بعض الافعال كالصدق النافع والانصاف والاحسان وانقاذ الهلكى وغيرها وقبح بعض الافعال كالكذب الضاروالظلم والإساءة الغير المستحقة وغيرها من غير شك في ذلك
ولذلك كان هذا الحكم (بتحسين الأشياء وتقبيحها) مركوز في جبلة الانسان والوجدان مؤيد لذلك؟

/2/ (الوجه الثاني)/(جواب نقضي) على مبنى الاشاعرة
(وهو أنه لوكان مَدرَك الحسن والقبح هو الشرع لا غير لزم أن لايتحققا (أي الحسن والقبح للأشياء) من دون حكم الشرع واللازم باطل فالملزوم مثله في البطلان.

(بيان الملازمة)
========
صورة بطلان اللازم (وهو عدم تحقق الحسن والقبح للأشياء من دون حكم الشرع) أنهما تحققتا خارجا وحقيقة ومن دون حكم الشارع حتى عند من لا يؤمن بالشرايع كالملاحدة وحكماء الهند فإنهم يعتقدون بحسن بعض الأفعال وقبح بعضها من غير توقف في ذلك على الشرع.
فلو كان تحسين الأشياء وتقبيحها مما يتوقف ويثعلم من الشارع لما حكم هولاء به
عقلا.
فيثبت المطلوب به وهو تحسين الأشياء وتقبيحهها من مدركات العقل العملي البشري.


/3/(الوجه الثالث)/ أنه لو انتفى الحسن والقبح العقليان انتفى الحسن والقبح الشرعيان واللازم باطل فالملزوم مثله في البطلان
(بيان الملازمة)
========
إنّ بإنتفاء الحسن والقبح الشرعيان ينتفي الوثوق بحسن ما يخبرنا الشارع بحسنه وقبح ما يخبرنا  بقبحه
والحال أنّ الوثوق  بإخبارات الشارع بحسن الأشياء وقبحها متحقق خارجا وحقيقة فلا إنتفاء للحسن والقبح الشرعيان وكذلك الملزوم مثله(أي عدم إنتفاء الحسن والقبح العقليان)
(لأنّ العقل دوره دور الادراك والتعقل لما هو حسن أو قبيح سواء حكم به الشرع أو لم يحكم)
                           














                            ((المبحث الثاني))(( في بيان أنّ العبد مُختار في جميع أفعاله))
======================================


قال العلامة الحلي/في المتن::
( المبحث الثاني/في أنّا فاعلون بالإختيار والضرورة قاضية بذلك للفرق الضروري بين سقوط الإنسان من سطح ونزوله منه على الدرج وإلاّ لإمتنع تكليفنا بشيء فلا عصيان ولقبح أن يُخلَق الفعل فينا ثم يعذبنا عليه وللسمع)


(التوضيح)
--------
أقوال المذاهب في المقام
----------------------
/1/(مذهب الاشاعرة)/(الإتجاه الجبري)/فذهب زعيمهم (أبو الحسن الأشعري) ومن تابعه الى أنّ الافعال كلها واقعة بقدرة الله تعالى وأنّ العبدَ لا فعل له أصلا.
وفصّل بعض الاشاعرة فقال: إنّ ذات الفعل من الله تعالى والعبد له الكسب(أي تحقيقه خارجا) وفسروا الكسب بأنه كون الفعل طاعة أو معصية .
وقال بعضهم :إنّ معنى فعل العبد أن العبد إذا صمم العزم على الشيء خلق الله تعالى الفعل عقيبه أب بعد تصميم العبد مباشرة.

/2/(مذهب العدليّة)(المعتزلة +الإمامية+الزيدية)(الإتجاه الوسطي القائل بنظرية الإمام جعفر الصادق/ع/(لاجبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين):
بمعنى:
(إنّ الافعال الصادرة من العبد وصفاتها والكسب الذي ذكره الاشاعرة كلها واقعة بقدرة العبد واختياره وانه (العبد) ليس بمجبور على فعله بل له أن يفعل وله أن لا يفعل)
وهو الحقٌ لوجوه::أهمها:

((أهم الوجوه على حقانية المذهب الوسطي المعتدل ))
بنظريته((لاجبر ولا تفويض بل امر بين أمرين))
=========================
/1/(الوجه الاول)/إنّا نجدُ تفرقةً ضرورية (بديهية) بين صدور الفعل منّا تابعا للقصد والداعي كالنزول من السطح على الدرج اختيارا وبين صدور الفعل لا كذلك كالسقوط من السطح قهرا أو غفلةً.
فإنّا نقدر على الترك في النزول الإختياري ولا نقدر على الترك في السقوط القهري وهذا أمرٌ معلوم بالوجدان.
ولو كانت الافعال ليست منا أي(مجبرون عليها) لكانت على وتيرة واحدة من غير فرقٍ  بين الاختيار والقهر.

ولكن الفرق حاصلٌ بالحس والوجدان فيكون صدور الافعال منا إختيارا وهو المطلوب خلافا لمذهب الاشاعرة الجبري.

/2/(الوجه الثاني)/ لو لم يكن العبدُ موجداً لأفعاله لإمتنع تكليفه لأنّ التكليف فرع قدرة المكلّف على الامتثال عقلا والتكليف بغير المقدور محال عقلا ومع جبرية العبد على افعاله لاقدرة تبقى له على الامتثال فلا يصح تكليفه عقلا لأنّه لو كُلّفَ العبد بذلك لكان تكليفا بنا لايطاق وهو باطل عقلا وإجماعا.

/3/(الوجه الثالث)/إنه لو كان العبدُ غير قادرٍ وغير موُجد لفعله لكان الله تعالى وحاشاه ظالما تعالى سبحانه عما يصفون وهو العدل المنزه عن الظلم عز وجل وفعل القبيح .
ولأنّه إذا صدر منه ذلك أي كانت الافعال البشرية كلها غير مقدورة للعبد ومجبور عليها ثم عاقبه عليها لكان سبحانه وتعالى ظالما
والحال أنّ الافعال لم تصدر من العبد بل صدرت منه في صورة الجبر الأشعري
فلا يكون العبد مستحقا للعقاب عقلا لأنّه لم يفعل فعلا قَدِرَ عليه بل كان مجبورا على ذلك.


/4/(الوجه الرابع)/(الادلة السمعية القطعية من القرآن الكريم)
=================================
والتي هي الفارق المعياري بين الحق والباطل فأكثر النصوص القرآنية تُصرح بإضافة الفعل الى العبد وتقول أنّ الفعل واقع بمشيئة العبد.
كقوله تعالى:


{فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }البقرة79
أي:
هلاك ووعيد شديد لأحبار السوء من اليهود الذين يكتبون الكتاب بأيديهم, ثم يقولون:

 هذا من عند الله وهو مخالف لما أنزل الله على نبيِّه موسى عليه الصلاة والسلام; ليأخذوا في مقابل هذا عرض الدنيا.
 فلهم عقوبة مهلكة بسبب كتابتهم هذا الباطل بأيديهم, ولهم عقوبة مهلكة بسبب ما يأخذونه في المقابل من المال الحرام, كالرشوة وغيرها.

وقوله تعالى:

{وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }الأنعام116


{لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }النساء123

وهذا غيض من فيض وإلاّ فهناك المئات من النصوص ما تثبت ذلك من إختيارية العبد وحريته فعلا وعدم جبريته في افعاله.




((المبحث الثالث))
=========
((في بيان إستحالة القبح عليه تعالى))
وفيه مقصدان:
/1/المقصد الاول/(في إستحالة القبح عليه تعالى)
قال العلامة الحلي/في المتن:
((المبحث الثالث/في إستحالة القبح عليه تعالى لأنّ له تعالى صارفا عن القبح وهو العلم بالقبح ولاداعي له سبحانه إلى القبح لأنه إما داعي الحاجة الممتنعة عليه أو الحكمة وهو منتفٍ هنا ولأنه لو جاز صدوره (أي القبيح) عنه حاشاه سبحانه لأمتنع إثبات النبوات))


((التوضيح))
=======
(بيان المذاهب في المقام)
==============
/1/(مذهب المعتزلة)/ قالوا بإستحالة أن يكون الباري فاعلا للقبيح.

/2/(مذهب الاشاعرة)/قالوا هو فاعل الكل حسنا كان أو قبيحا.
/3/(مذهب الامامية)/ ويتفق مع ما ذهب إليه المعتزلة من إستحالة القبح عليه تعالى ولهم على ذلك وجهان:

/1/(الوجه الاول )/ إنّ الصارف والمانع عن القبيح موجود عند الباري تعالى وهو علمه تعالى بالقبح والداعي الى القبح معدوم وممتنع عنده تعالى وكلما كان المانع موجود والداعي معدوم امتنع فعل القبيح عنده تعالى.ضرورة.
أما سبب عدم المحركية والباعثية الى فعل القبيح عند الباري تعالى فلأنه غير محتاج لفعل القبيح فداعي الجاجة لفعل القبيح منتفٍ عنه تعالى
وأما داعي الحكمة الموجودة في القبيح على الفرض وهو محال فمنتفٍ لأنه لا حكمة  في فعل القبيح عقلا.




/2/(الوجه الثاني)/أنه لو جاز على الباري فعل القبيح لإمتنع إثبات النبوات واللازم باطل إجماعا فالملزوم مثله في البطلان .

(بيان الملازمة)
 لأنه حينئذٍ أي بتجويز القبيح على الباري تعالى لا يُقبّح منه تصديق الكاذب ومع ذلك لا يمكن الجزم بصحة النبوة وهو ظاهر لأنه على فرض تجويز القبح عليه تعالى وحاشاه قد يّدعِي مدعٍ النبوة وهو كاذب والباري يجوز عليه القبح بحسب مبنى الاشاعرة فقد لا يقبح منه حاشاه تصديق الكاذب في نبوته ودعوته وهو باطل عقلا.



((المقصد الثاني))من المبحث الثالث(في بيان أنه يستحيل عليه تعالى إرادة القبيح ))
================================================

قال العلامة الحلي في المتن:
((فحينئذٍ يستحيل عليه إرادة القبيح لأنها قبيحة))


((التوضيح))
=======
هذا المبحث الوجيز متفرعٌ عن البحث السابق وهو إستحالة أصل فعل القبيح عليه تعالى فيكون من باب أولى عقلا إستحالة إرادته تعالى للقبيح فيلزم من امتناع فعل القبيح عليه تعالى امتناع إرادته قطعا.

(المذاهب في هذا المقام)
============
/1/(مذهب الاشاعرة)/ ذهبت الاشاعرة الى انه تعالى مُريدُ لمجموع الكائنات (أي الأشياء التي يخلقها) حسنةً كانت أو قبيحة شرا كانت أو خيرا
إيماناً كان أو كفرا لأنه موجد للكل(أي لكل الأشياء) فهو مريدُ له.



/2/(مذهب المعتزلة)/ذهبت المعتزلة الى إستحالة إرادته تعالى للقبيح والكفر (وهو الحق) لأنّ مبنى المعتزلة قائم على أساس إستحالة القبح عليه أصلا فضلا عن إستحالة إرادته له.
ودليلهم على ذلك أنّا نعلم ضرورة أنّ العقلاء كما يذمون فاعل القبيح يذمون مريده والآمر به .
هذا على مستوى الدليل العقلي والعقلائي.
أما الآدلة النقلية القطعية وخاصة القرآنية فمشحونة بالكثير من النصوص النافية للقبح عنه تعالى والمُثبتةُ لكرهه سبحانه للكفر والفسوق والعصيان والمقبوحات.









((المبحث الرابع))
==========
(في بيان أنه تعالى يفعل لغرض) وفيه مطالب:

/1/(المطلب الاول)/(في بيان أنه تعالى يفعل لغرض)

قال العلامة الحلي في المتن:( المبحث الرابع في أنه تعالى يفعل لغرض لدلالة القرآن عليه ولأستلزام نفيه العبث وهو قبيح)

 (التوضيح)
========
تعريف الغرض اصطلاحا/وهو مصلحة وحكمة مترتبة على الأتيان بالفعل وهو أخص من الغاية فيكون الغرض من جهة الفاعل)

(بيان المذاهب في المقام)
==============

/1(مذهب الأشاعرة)/ القائل أنه تعالى لا يفعل القبيح لغرض وإلاّ لكان ناقصا وحاشاه تعالى مستكملا بذلك الغرض.
فالأشاعرة يعتقدون بأنّ أفعاله تعالى يستحيل تعليلها بالأغراض والمقاصد

/2/(مذهب المعتزلة)/ القائل بأنّ أفعال الله تعالى معللة بالأغراض وإلاّ أي وإن لم تكن أفعاله معللة بالأغراض لكان عابثا تعالى سبحانه عن ذلك علوا كبيرا
وهذا هو مذهب الإمامية الحق وهو الحق لوجهين::

/1/(الوجه الاول)/(الدليل النقلي)فدلالة القرآن الكريم ظاهرة في ذلك كقوله تعالى:

{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ }المؤمنون115
أي:

أفحسبتم- أيها الخلق- أنما خلقناكم مهملين, لا أمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب، وأنكم إلينا لا ترجعون في الآخرة للحساب والجزاء؟

فالآية الشريفة نفت العبثية عنه تعالى وفي نفس الوقت والخطاب أثبتت الحكمة والغرض من أفعال الله تعالى .
وقوله تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56
أي:
وما خلقت الجن والإنس وبعثت جميع الرسل إلا لغاية سامية, هي عبادتي وحدي دون مَن سواي.


وقوله تعالى أيضا:

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ }ص27
أي:
وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما عبثًا ولهوًا، ذلك ظنُّ الذين كفروا، فويل لهم من النار يوم القيامة؛ لظنهم الباطل, وكفرهم بالله.

/2/(الوجه الثاني)/(الدليل العقلي)/أنه لولا تعليل أفعال الله تعالى بالأغراض والحكمة للزم أن يكون عابثا حاشاه سبحانه واللازم (أي كونه عابثا) باطل فالملزوم (أي كون أفعاله غير مُعللة بالحكمة والأغراض) مثله في البطلان.

اما بيان بطلان اللازم (كونه عابثا) فظاهر لما ثبت من كونه سبحانه حكيما والقبيح والعبث يتنافى مع الحكمة والحكيم لايفعل القبيح ولا يُفوّت أغراضه فبطلان الملزوم واضح لأنّ الباري تعالى ثبت كونه حكيما والحكيم يفعل لغرض وهو المطلوب.




(بطلان قول الأشاعرة)في (أنه تعالى لايفعل القبيح لغرض وإلا لكان ناقصا مستكملا بذلك الغرض)
----------------- --------------------------------------------------------------
إنه لو كان تعالى فاعلا لغرض لكان مستكملا بذلك الغرض إنما يلزم الإستكمال على مبناهم لو كان الغرض عائداً إليه تعالى ولكنه ليس كذلك أي أنّ الغرض هو غغير عائد الى الله تعالى بل هو عائد إما الى منفعة العبد أو لأقتضاء نظام الوجود وذلك لايلزم منه الإستكمال على الواجب الوجود تعالى فيثبت بطلان مذهب الاشاعرة نقلا وعقلا.




                                                             











((المطلب الثاني من المبحث الرابع))
في
(بيان أنّ غرضه تعالى النفع لا الإضرار)
=======================
قال المصنف العلامة الحلي في المتن:(وليس الغرض الإضرار لقبحه بل النفع)

(التوضيح)
  المقصود من ذلك هو أنّ افعال الله تعالى مُعللّة بالأغراض النفعية لا الأغراض الضررية لما ثبت سالفا أنّ الغرض عائد الى غيره تعالى أي الى خلقه أو الى نظام الوجود وليس غرضه تعالى إضرار خلقه لأنّ ذلك قبيح عند العقلاء.
فإذا لم يكن غرضه تعالى الإضرار تعين أن يكون النفع هو غرضه الأصيل عقلا وهو المطلوب.




                                                      (المطلب الثالث)

(في بيان شرائط حُسن التكليف)
=============== ==
قال العلامة الحلي في المتن:( فلا بد من التكليف وهو بعث مَن يجبُ طاعته على ما فيه مشقة على جهة الإبتداء بشرط الإعلام)

(التوضيح)
========
(بيان معنى التكليف لغةً وإصطلاحا)
====================
التكليف لغة/ مأخوذ من الكُلفة وهي العناء والمشقة.
التكليف إصطلاحا/ومعناه البعث والتحريك نحو الشيء وهو الحمل عليه أي الإقدام عليه من جهة عليا واجبة الطاعة عقلا وشرعا وهو الله تعالى هنا في المقام .
وهذه الجهة العليا الواجبة الطاعة عقلا تكون  الطاعة منحفظة وثابتة لها أولا وبالذات عقلا وهذا هو معنى قول المصنف (على جهة الإبتداء).
فكل طاعة لغير الله تعالى وحث عليها سبحانه فهي متفرعة عن طاعته سبحانه تفرعا طوليا لا عرضيا إستقلاليا كطاعة الرسول محمد/ص/ والأئمة الأطهار/ع/ والوالدين.
ثم إنّ هذا التكليف الحسن والواجب عقلا بحسب مقتضيات الحكمة الألهية والمنظومة الوجودية التكوينية والتشريعية مشروط بإعلام المُكَلّف (الإنسان) بما كُلّفَ به لأنّ التكليف فرع العلم والبيان والأنكشاف عقلا وشرعا.




سس(بيان شرائط حُسن التكليف وهي ثلاثة شرائط)
===========================
(الشرط الاول)/عائد الى التكليف نفسه...وهوأربعة أقسام:

(الاول)/ إنتفاء المفسدة في التكليف لأنّ التكليف المشتمل على المفسدة قبيح عقلا.
(الثاني)/ تقدّم التكليف على وقت الفعل (الأداء والإمتثال)
(الثالث)/إمكان وقوع التكليف خارجا أي إمكان تحققه في ساحة الإمتثال والأداء الوجودي له على يد المُكلّف لأنّ التكليف فرعٌ القدرة عليه عقلا
والتكليف بغير المقدور وجودا مستحيل عقلا.

(الرابع)/ ثبوت صفة زائدة على حسن التكليف إذ لاتكليف بالمباح (يعني أنّ التكليف في نفسه هو حسنٌ ولكن يجب ثبوت شيءٍ من المشقة فيه حتى يكون تكليفا فعلا لذلك اشترط المصنف الحلي قيد (على ما فيه مشقة) في المتن.
لأنّ الافعال المباحة كألاكل والشرب والمنام لا تسمى تكاليف إذ لا مشقة فيها فعلا وإن ورد فيها بعث وتحريك نحوها لكن لا مشقة فيه فيكون قيد (على مافيه مشقة) قيدا احترازيا لأنّ الاصل في القيود الأحترازية.


(الشرط الثاني)/وهو عائد الى المُكلِّف نفسه وهو فاعل التكليف (أي الله تعالى) وهو أربعة أقسام:
(الاول)/علم المُكَلِّف(الله تعالى) بصفات الفعل المُكلِّف به من حيث كونه حسنا أو قبيحا.
(الثاني)/ علمه تعالى بقدر ما يستحقه كل واحد من المكلفين من ثواب وعقاب.
(الثالث)/ قدرته تعالى على إيصال الحق (الثواب) الى مُستحقه( الإنسان) وهنا تعبير مسامحي وإلاّ ليس لأحدٍ حقٌ على الله تعالى فكل ما عندنا وما لنا وما علينا هو تفضل منه تعالى.
(الرابع)/ كونه تعالى غير فاعل للقبيح (وقد ثبت إستحالة ذلك عليه في محله المتقدم)






(الشرط الثالث)/عائد الى المُكلف(وهو الإنسان المؤهل للتكليف عقلا وشرعا)
وهو محل التكليف الألهي : وهوثلاثة أقسام:

(الاول)/قدرة المُكلّف على امتثال أداء الفعل المُكلّف به خارجا لأستحالة التكليف بما لايطاق كتكليف الأعمى بتنقيط المصحف والزَّمِن بالطيران أي الطائر ذو العاهة الملازمة له والمانعة له عن الطيران.
(الثاني)/ علم المُكلّف بما كُلّف به أو إمكان علمه به فالجاهل المتمكن من العلم بالتكليف غير مقدور
(الثالث)/ إمكان آلة الفعل(المُكَلَّف به) خارجا أو حصولها إن كان الفعل ذا آلة.




((بيان متعلّق التكليف))
=============
للعلم إنّ متعلّق التكليف إما هو علم (يقين) أو ظن أو عمل
أي أنّ التكاليف الألهية هي إما تكاليف علمية عقلية كالعلم بمعرفة الله تعالى ومعرفة صفاته وعدله والنبوة والإمامة.
أوأنّ أفعال التكاليف الألهية هي تكاليف شرعية(نقلية) كالعبادات من جهة الإستدلال النظري على أدلتها سمعا.
أوأنّ التكاليف هي تكاليف عملية من جهة التطبيق العملي لها كالعبادات.





                                                                   (المطلب الرابع)
=========
(في وجوب التكليف في الحكمة الألهية)
========================
قال العلامة الحلي(رحمه الله) في المتن:( وإلاّ لكان مُغريا بالقبيح حيث خلق الشهوات والميل الى القبيح والنفور عن الحسن فلا بد من زاجر وهو التكليف)


(التوضيح)
=========


 إنّ هذا البحث هو معطوف على البحث السابق (وهو شرائط حسن التكليف)
لأنّه لو   لم يُكلّف الله تعالى العباد لكان القبيح لازما عليه تعالى وهو محال عقلا.
ثم إنّ المعتزلة ذهبت الى وجوب التكليف في الحكمة الألهية وهو الحق خلافا للأشاعرة فإنهم لم يوجبوا على الله شيئا لاتكليف ولاغيره.

والدليل على وجوب التكليف في الحكمة  لأنه لولا وجوب التكليف لكان الباري حاشاه عن ذلك مغريا بالقبيح واللازم باطل فالملزوم مثله في البطلان

(بيان الملازمة)
_________
إنه تعالى خلق الإنسان وكمّل عقله وخلق فيه شهوة للقبيح ونفرة عن الحسن مع عدم استقلال عقله بمعرفة كثير من الحسن والقبيح ولأنّ العقلاء كما يذمون فاعل القبيح فكذلك يذمون المُغري بالقبيح
فإتضح بذلك بطلان اللازم(وهو الإغراء بالقبيح) لأنّ الاغراء بالقبيح قبيح بالضرورة
فعلى هذا الأساس لابد من التكليف الواجب على العباد لكي لا يقعوا في القبيح ولا في الإغراء به
فإتضح بطلان الملزوم(وهو عدم وجوب التكليف على الله تعالى لعباده)



(المطلب الخامس من المبحث الرابع)
====================
(في أنّ العلمَ بحسن الأشياء وقبحها غير كافٍ)
----------------------------------------------
قال العلامة الحلي في المتن:
(والعلم غير كافٍ لإستسهال الذم في قضاء الوطر)

(التوضيح)
======
إنّ ما في المتن اعلاه هو جواب من العلامة الحلي عن سؤال مقدّرصورته هكذا.
(أنه لِمَ لا يكون العلم عند الإنسان العاقل المكلف بإستحقاق الذم على القبيح إذا أراد ارتكابه زاجرا عن القبيح وكذا لِمَ لا يكون العلم عند الأنسان العاقل بإستحقاق المدح على فعل الحسن داعيا الى صدور الحسن من الإنسان دون الحاجة الى التكليف الواجب لحصول الغرض من دون التكليف)؟

وبعبارة اخرى أنه قد  يكون العلم بالحسن والقبح العقليَين مُغنٍ عن التكليف فأجاب العلامة الحلي في المتن بأنّ نفس العلم بقبح الأشياء وحسنها عقلا غير كافٍ وغير مغنٍ عن التكليف الواجب على العباد .
لأنّه كثيرا ما يستسهل الأنسان الذم على القبيح مع قضاء حاجته من القبيح خاصة مع حصول الدواعي الحسية التي هي في الاكثر مألوفة عند الإنسان أكثر من الدواعي العقلية تبعا لطبيعة الأنسان الوجودية ومقتضاياتها البشرية.

                                                              
(المطلب السادس)
(في بيان جهة حُسن التكليف)
====================
قال العلامة الحلي في المتن:( وجهة حُسن التكليف التعريض للثواب أعني النفع المُستَحَق المقارن للتعظيم والإجلال الذي يستحيل الإبتداء به)

(التوضيح)
=========
إنّ العلامة الحلي (رحمه الله) جعل نكتة حسن التكليف للعباد  هو التعريض من قبل الله تعالى للثواب والتعريض بالثواب معناه عرض الجنة على العباد والترغيب بها وكشف الطرق المؤدية إليها والمُحصِّلة لها.
فإذن ملاك حسن التكليف هو التعريض للثواب لاحصوله فحسب
فالتعريض للثواب هو خطاب عام يشمل المؤمن والكافر.
ولقائل أن يقول إنّ الثواب مقدورا لله تعالى إبتداءً فقد يُحصّل الثواب من دون  تكليف؟

والجواب على ذلك/نعم الثواب مقدورٌ لله تعالى إبتداءٍ وهذا مُسلّم ولكن يستحيل عقلا الإبتداء بالثواب من غير توسط التكليف  بين الله تعالى وعباده لأنّ الثواب مشتمل على التعظيم وتعظيم  مَن لايستحق التعظيم قبيح عقلا.

فلذلك نلحظ العلامة الحلي أخذ القيود الوجودية في موضوعة الثواب حينما عرفه بأنه النفع المستحق المقارن للتعظيم فالنفع يشمل الثواب والتفضل والعوض ولكن بقيد الإستحقاق خرّجَ التفضل إبتداءً وبقيد الإقتران بين الثواب والتعظيم خرّج العوض.




                                   (المبحث الخامس)من الفصل الرابع(مبحث العدل)
============================
(في أنه تعالى يجب عليه اللطف)
==================
قال العلامة الحلي في المتن:( أنه تعالى يجب عليه اللطف وهوما يُقرّب العبد الى الطاعة ويبعده عن المعصية ولا حظّ له في التمكين ولا يبلغ الإلجاء لتوقف غرض المُكلّف عليه فإنّ المُريدَ لفعلٍ من غيره إذا علم أنه لايفعله إلاّ بفعل يفعله المُريدُ من غير مشقة لولم يفعله لكان ناقضا لغرضه وهو قبيح عقلا.))

(التوضيح)
=====
معنى اللطف إصطلاحا/ هوأمرٌ يُحدثه الله تعالى في العباد يكون المُكلّف معه أقرب الى فعل الطاعة وأبعد عن فعل المعصية ولم يكن لهذا اللطف حظ في التفويض ولم يبلغ حد سلب الإختيار وذلك لأنّ التفويض ليس لطفا وسلب الإختيار ينافي التكليف.
ومن المقطوع بع عقلا ونقلا أنّ اللطف هو واجب عقلا على الله تعالى وهو اللطيف بعباده كما ذكر ذلك القرآن الكريم نصا وقال:

{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ }الشورى19

والدليل على أنّ اللطف واجب عقلي على الله تعالى هو أنه باللطف الألهي يُحصّل المكلّف غرضه فيكون اللطف واجبا وإلاّ أي وإن لم يكن اللطف واجبا لزم نقض الغرض

(بيان الملازمة)
==========
إنّ الباري تعالى إذا علم أنّ المكلّف لا يطيع أوامره إلاّ باللطف فلو كلّف الباري تعالى المكلفين من دون اللطف كان حاشاه ناقضا لغرضه كمن دعا غيره الى طعام وهو يعلم أنه لايجيبه إلاّ أن يستعمل معه نوعا من التأدب (اللطف) فإذا لم يفعل الداعي الى ذلك النوع من التأدب (اللطف) كان ناقضا لغرضه
فإذن وجوب اللطف  يستلزم تحصيل الغرض خلافا للإشاعرة التي قالت بعدم وجوبه على الله تعالى.


(أقسام اللطف الألهي)
============
/1/أن يكون اللطف من فعل الله تعالى كإرسال الرسل ونصب الأدلة فهذا يجبُ على الله فعله.
/2/أن يكون اللطف من فعل المُكلَّف فهذا   يجب على الله تعالى أن يُعرّفه إياه (للمكلّف) ويُشعره ويوجبه عليه كطاعة الرسل والأنبياء والأئمة/ع/.
/3/ أن يكون اللطف من فعل غيرهما (أي لا من الله ولا من المكلّف ) فهذا ما يُشتَرَط في التكليف بالمطلوب منه للعلم بأنّ ذلك الغير يفعل اللطف كتبليغ الرسالة الألهية .



(من أحكام اللطف الألهي)
==================
/1/أنه عام للمؤمن والكافر ولايلزم من حصوله للكافر عدم كفره لأنّ اللطف (لطف في نفسه) سواء حصل الملطوف فيه أو لا    أما عدم ارتفاع كفر الكافر مع شموله باللطف الألهي فبسوء إختياره(أي الكافر) للمعاصي.
/2/أنه إذا لم يفعل الله اللطف بعباده لم يحسن عقابهم على ترك الملطوف فيه
قال تعالى:

{وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى }طه134
أي:

لو أنَّا أهلكنا هؤلاء المكذبين بعذاب من قبل أن نرسل إليهم رسولا وننزل عليهم كتابًا لقالوا: ربنا هلاّ أرسلت إلينا رسولا من عندك, فنصدقه, ونتبع آياتك وشرعك, مِن قبل أن نَذلَّ ونَخزى بعذابك.

/3/أن لا يبلغ اللطف الى حد الإلجاء (أي سلب إختيار المُكَلَّف في تكاليفه) وذلك لمنافاته حينئذ للتكليف.



(المبحث السادس)من الفصل الرابع:
====================
 (في أنه تعالى يجب عليه فعل عوض الألم)
=======================
قال العلامة الحلي في المتن:( المبحث السادس /في أنه تعالى يجب عليه فعل عوض الآلام الصادرة عنه ومعنى العوض :هو النفع المُستحَق الخالي من التعظيم والإجلال وإلاّ لكان ظالما تعالى عن ذلك ويجب زيادته على الألم وإلاّ لكان عبثا)


(التوضيح)
=======
بعد ما بين العلامة الحلي وجوب الألطاف والمصالح الألهية بالعباد وهي ضربان :
ألطاف ومصالح في الدين::وألطاف ومصالح في الدنيا(المنافع الدنيوية)
ومصالح الدين إما مضار أو منافع والمضار فيها الألم والأمراض وغيرهما كالآجال والمنافع منها الصحة والسعة في الرزق وغيرها.

فلأجل ذلك شرع العلامة الحلي/قد/ عُقيب بحث اللطف في البحث عن هذه الأشياء (أي وجوب فعل عوض الآلآم عليه تعالى)
وهنا إذا كان الألم صادرا عن الله تعالى على وجه النفع فيجب فيه أمران:
/1/(الأمر الاول)/ (العوض عنه) أي العوض عن فعل الألم بالعبد وإلاّ لكان حاشاه ظالما تعالى سبحانه عن ذلك علوا كبيرا.
ويجب أن يكون العوض زائدا على الألم الى حد الرضا عند كل عاقل لأنه يقبح إيلام شخص لتعويض عوض ألمه من غير زيادة لأشتماله على العبثية

/2/(الأمر الثاني)/اشتمال الألم على اللطف إما للمتألم أو لغيره ليخرج من العبث.


                                                       
(استعراض المذاهب في مقام البحث)
====================
اختلف الناس في قبح الألم وحسنه:
فذهب الثنوية الى قبح جميع الآلآم
وذهبت الجبرية الى حسن جميعها من الله تعالى.
وذهبت العدلية(الشيعة+المعتزلة) الى حسن بعضها وقبح الباقي
واختلف القائلون بحسن بعض الآلم الذي يفعله الله بعباده
فقالت المعتزلة:(أنه يحسن فعل الألم عند شروط أهها:
/1/أن يكون مُستَحقّا
/2/أن يكون في الآلآم نفع عظيم يرقى عليها.
/3/أن يكون في ألآلآم دفع ضرر أعظم منها.


(فوائد في البحث)
==========
/1/لا يجب دوام العوض عن الآلآم
/2/العوض عن الألم لا يجب حصوله في الدنيا للمتألم لجواز أن يعلم الله المصلحة في التأخير عن فعله في الدنيا بل قد يكون العوض حاصلا في الدنيا وقد لايحصل.









                                                                ((مبحث النبوة))
========
(الأصل الثالث من اصول الدين الأسلامي)
======================
(الفصل الخامس في النبوة وفيه مقدمة وخمسة مباحث)
==================================

/المقدمة/(في أنّ النبوة واجبة في الحكمة الألهية)
==============================
قال المصنف العلامة الحلي في المتن:(الفصل الخامس/في النبوة :والنبي /هو الإنسان المُخبر عن الله تعالى بغير واسطة أحد من البشر)

(التوضيح)
========
بعد ما فرغ العلامة من مباحث العدل أردف ذلك بمباحث النبوة لأنها تتفرع على العدل وجودا وتحققا.
فلذلك عرّفَ العلامة مصطلح (النبي) بأنه الإنسام المخبر عن الله تعالى بغير واسطة أحد من البشر فبقيد الأنسان أخرج المَلِك وبقيد المخبر أخرج المخبر عن غيره تعالى وبقيد عدم الواسطة (البشرية) اخرج الإمام والعالم فإنهما مُخبران عن الله تعالى بواسطة بشرية وهي النبي /ص/.

واختلف الناس في حسن البعثة؟
فذهب المسلمون كافة وجميع ارباب الملل وجماعة من الفلاسفة الى حسن البعثة عقلا.
أما البراهمة  وهي فرقة من كفرة الهند - تقدس العقل وترى أنه يغني عن النبوة والمعتزلة - وهي من فرق المسلمين - تقدس العقل وتؤول ما خالفه من الأمور
إنظر/الارشاد/المفيد/ج1/ص341.


  فذهبت الى امتناع وجوب البعثة عليه تعالى.
والدليل على حسن البعثة أنها قد اشتملت على فوائد وخلت عن المفاسد فكانت البعثة حسنة قطعا وعقلا.

(أهم فوائد حسن البعثة عقلا)
=================
/1/ببعثة الأنبياء /ع/ يعتضد العقل بالنقل(النبوة) أي الإخبار عن الله تعالى فيما يدل عليه العقل من الأحكام العقدية كوحدة الصانع تعالى وغيرها.
/2/ إزالة الخوف الحاصل للمكلّف عند تصرفاته فإنه إن قد علِمَ بالدليل العقلي أنه مملوك لغيره وإنّ التصرف في ملك الغير بغير إذنه قبيح فلولا بعثة الأنبياء لم يعلم المكلّف حسن تصرفاته فيحص الخوف عنده بالتصرف وعدمه.

/3/ إنّ بعض الأفعال حسنة وبعضها قبيحة ثم الحسنة منها ما يستقل العقل بمعرفة حسنه ومنها ما لايستقل بمعرفة حسنه وكذا الأفعال القبيحة ومع البعثة يحصل معرفة الحسن والقبح اللذين لا يستقل العقل بمعرفتها.

/4/بالبعثة يحفظ دوام النوع البشري على الآرض وذلك بإقامة نظام التعايش الأنساني والحياتي العام من خلال تبيان النافع لهم والضار لهم بهم وكذا ببيان قانون الحلال والحرام ونفوذه الى يوم القيامة.



 (بيان بطلان شبهة البراهمة)
================
الذين قالوا بعدم وجوب البعثة على الله تعالى عقلا ونفوا النبوات.

(تصوير شبهة البراهمة)
============
احتجت البراهمة على إنتفاء البعثة بأنّ الرسول إماأن يأتي بما يوافق العقول أو يُخالفها فإن جاء الرسول بما يوافق العقول لم يكن بحاجة إليه لأنه تحصيل حاصل بزعمهم ولا فائدة في بعثته .
وإن جاء بما يُخالف العقول وجب ردقوله.
                                                                  

(رد شبهة البراهمة)
=========
وهولِمَ لا يجوز أن يأتي الرسول بما لا تقتضيه العقول ولا تهتدي إليه سبيلا وإن لم يكن مخالفا للعقول بمعنى أنه لا يأتي الرسول بما يقتضي العقل تقبيحه مثل كثير من الشرايع والعبادات التي لا يهتدي العقل الى تفصيلها.




















(المبحث الأول من الفصل الخامس)
في النبوة وخاصة نبوة نبينا (محمد بن عبد الله)(صلى الله عليه وآله وسلم)
------------------------------------------------------------------------
قال العلامة الحلي في المتن:
(البحث الاول: في نبوة نبينا /ص/محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رسول الله وأدلة ذلك:
لأنه ظهرت المعجزة على يده/ص/ كالقرآن وإنشقاق القمر ونبوع الماء من بين اصابعه وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل وتسبيح الحصى في كفه وهي أكثر من أن تُحصى وأدعى النبوة/ص/ فيكون صادقا وإلاّ لزِمَ إغراء المكلفين بالقبيح فيكون محالا)


(التوضيح)
=======
بعد ما ذكر العلامة الحلي الادلة على صحة نبوة نبينا /ص/وخاصة ظهور المعجزة على يده/ص/ فهنا بالإمكان تشكيل قياس منطقي من الشكل الاول وهو:

الصغرى/أنه/ص/ادعى النبوة لأنه ظهرت المعجزة على يده
الكبرى/كل من ظهرت المعجزة على يده فهو نبي حق
النتيجة/إذن النبي محمد/ص/ هو نبي حق.

أما دليل الصغرى (أنه /ص/ادعى النبوة) :فهو ثابت إجماعا عند الناس بحيث لم ينكره أحد وأنه معلوم وبالتواتر القطعي الذي يفيد العلم أنه/ص/ أظهر المعجزات والتي تطابقت مع صدق دعواه/ص/ وأعجزت البشر عن الأتيان بمثلها.

أما دليل الكبرى(كل من ظهرت المعجزة على يديه فهو نبي حق):: لأنه لو لم يكن النبي /ص/ صادقا في دعواه النبوية لكان كاذبا حاشاه عن ذلك وهو باطل إذا يلزم من ظهور المعجزة على يد الكاذب إغراء المكلفين بإتباع الكاذب وذلك قبيح عقلا ولا يفعله الحكيم وهو الحق تعالى.




                                                  









(المبحث الثاني من مباحث النبوة)
(في وجوب عصمته(صلى الله عليه وآله وسلم)
============================
قال العلامة الحلي في المتن:( المبحث الثاني في وجوب عصمته /ص/:والعصمة هي لطف خفي يفعله الله تعالى بالمكلَّف (ويقصد النبي) بحيث لا يكون له داعٍ الى ترك الطاعة وإرتكاب المعصية مع قدرته على ذلك لأنه لولا ذلك لم يحصل الوثوق بقوله فتنتفي فائدة البعثة وهو محال)


(التوضيح)
========
ذكر العلامة الحلي مصطلح اللطف الخفي الخاص بالمعصوم/ع/(نبي أو إمام) في قبال اللطف الجلي العام الظاهر الشامل للعباد عامة.
ثم إنّ المصنف العلامة الحلي عرّفَ (العصمة) بأنها لطف خفي يفعله الله تعالى بالنبي (ص) مُبيناً الإستحالة الوقوعية للذنوب من قبل النبي /ص/ في مقابل إمكان إرتكابها ولكن يمتنع عنها النبي /ص/ بإختياره وبلطف الله تعالى.

فالمصنف العلامة ذكر الدليل على وجوب العصمة في ضمن التعريف الأصطلاحي لها فقال:بأنه لولا عصمة النبي/ص/ مطلقا لم يحصل الوثوق بإخباره عن الله تعالى.
ومع عدم عصمة النبي/ص/ وعدم الوثوق بقوله تنتفي فائدة البعثة للنبي/ص/ وهو محال لماثبت من حسن البعثة عقلا وفائدتها العظيمة.


((آراء المذاهب الكلامية في عصمة النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم))
=============================================
/1/ذهب البعض الى أنّ المعصوم لايمكنه الأتيان بالمعاصي وهو باطل وإلاّ لما إستحق المعصوم مدحا حينئذٍ لو كان مُجبرا على أفعاله.

/2/ ذهب الخوارج تجويز الذنوب على النبي/ص/(وحاشاه عن ذلك) وعندهم كل ذنب كفر.

/3/ذهب الحشوية الى تجويز الإقدام على إرتكاب الكبائر سهوا ومنهم من منعها عمدا لاسهوا وجوّزوا على النبي/ص/ إرتكاب الصغائر.

( الحشوية حشوية لأنهم يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المروية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ، أي يدخلونها فيها وهي ليست منها . وجميع الحشوية يقولون بالجبر والتشبيه .)
إنظر/المسائل السروية/المفيد/ هامش ص47.

/4/وذهبت الأشاعرة الى منع الكبائر على النبي /ص/ مطلقا (أي عمدا أو سهوا) وجوّزوا عليه الصغائر سهوا.
/5/أما الإمامية (الشيعة الأثناعشرية) أوجبوا العصمة المطلقة للنبي محمد/ص/ أي منذ ولادته وحتى وفاته/ص/ وقالوا بعصمة النبي/ص/ كل معصية عمدا أوسهوا وهو القول الحق:
وهنا نذكر وجهين من الوجوه الدالة على عصمة النبي /ص/ مطلقا::

(الوجه الاول)/لولا العصمة لَزِمَ نقض غرض الحكيم تعالى لكم اللازم  باطل(أي نقض غرض الحكيم تعالى) فكذا الملزوم مثله في البطلان (أي عدم وجوب عصمة النبي مطلقا).

(بيان ملازمة الوجه الاول)
==============
أنه بتقدير وقوع المعصية من النبي /ص/ جاز أمر الناس بما فيه مفسدتهم ونهيهم عما فيه مصلحتهم وذلك مُستَلزم لإغرائهم وإضلالهم وهو ضد مراد الحكيم تعالى إذ غرضه تعالى هداية الخلق الى مصالحهم. ونقض الغرض عبث وهو محال عقلا على الحكيم تعالى.

(الوجه الثاني)/لو لم يكن النبي /ص/ معصوما مطلقا(من أول عمره الى آخره) لجاز أن لايؤدي بعض ما أُمِرَ به بل جاز عليه إخفاء الرسالة إبتداءً لكن اللازم باطل إجماعا (أي إخفاء الرسالة إبتداءً أو التقصير في تبليغها)
فكذا الملزوم مثله في البطلان (وهو عدم عصمة النبي مطلقا)
وذلك ظاهر   لأنه /ص/ أعلن الرسالة الأسلامية بكل تفاصيلها وأتمها على أكمل وجه وأحسنه والتأريخ يشهد بذلك.


(المبحث الثالث من مباحث النبوة)
===================
(في أنّ النبي/ص/ معصوم مطلقا من أول عمره الشريف الى آخره)
===================================
قال العلامة الحلي في المتن:(المبحث الثالث في أنه/ص/ معصوم من اول عمره الى آخره لعدم إنقياد القلوب الى طاعة من عُهِدَ في سالف عمره أنواع المعاصي من الكبائر والصغائر وما تنفر النفس منه)

(التوضيح)
========
وهذا الذي في المتن اعلاه هو دليل العلامة الحلي /قد/ على وجوب عصمة النبي /ص/ مطلقا من أول عمره الشريف الى آخره.

(صورة الدليل)
========
أنه لولم يكن النبي /ص/ معصوما من أول عمره الى آخره لما إنقادت القلوب الى طاعته لأنّ القلوب البشرية مجبولة على التنفر من أهل المعاصي والذنوب ولكن إنقادت القلوب الى طاعة النبي /ص/ وأهل بيته/ع/ ولم يُعهَد لهم إرتكاب ذنبٍ أثناء حياتهم قطعا والتأريخ المؤالف والمخالف يشهد بهذه الحقيقة فضلا عن شهادة الله تعالى قرآنيا على عصمة النبي محمد /ص/ وأهل بيته الطاهرين مطلقا.
                                          
                                                             فقال الله تعالى:
 ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً  ))الأحزاب33


                                           ((المبحث الرابع من مباحث النبوة))
======================
(في وجوب أفضلية النبي محمد/ص/ على أهل زمانه)
===============================
قال العلامة الحلي في المتن:( المبحث الرابع: يجب أن أفضل أهل زمانه لقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلا وسمعا فقال الله تعالى:
{قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }يونس35
))
بمعنى:

قل -أيها الرسول محمد/ص /- لهؤلاء المشركين: هل مِن شركائكم مَن يرشد إلى الطريق المستقيم؟
 فإنهم لا يقدرون على ذلك, قل لهم: الله وحده يهدي الضال عن الهدى إلى الحق.

و أيهما أحق بالاتباع: مَن يهدي وحده للحق أم من لا يهتدي لعدم علمه ولضلاله, وهي شركاؤكم التي لا تَهدي ولا تَهتدي إلا أن تُهدَى؟
فما بالكم كيف سوَّيتم بين الله وخلقه؟ وهذا حكم باطل.

                                                          (توضيح المطلَب)
============
البحث هنا عام يشمل نبينا /ص/ وغيره من الأنبياء/ع/ وهنا نكتة لطيفة أشار إليها المصنف العلامة الحلي وهو أنّ النبي /ص/ يجب أن يكون أفضل أهل زمانه أي يجب أن يمتاز النبي /ص/ العلمية والعملية على غيره من البشر حتى يصح إتباعه والنبي/ص/ وبحسب الأصل العقلائي إنسانٌ كامل وفاضل وغير مفضولٍ ومُحتاج الى التكميل
فيقبح تقديم المفضول على الفاضل الكامل عقلا.
والسيرة العقلائية جرت على تقديم الفاضل على المفضول عرفا لنكتة وملاك الإتباع وهو الأفضلية للفاضل في كل مجالات الحياة الأنسانية
والسيرة العقلائية حجة شرعا وخاصة إذا ما أحرزنا معاصرتها لزمن المعصوم/ع/ وكونها ممضاة منه/ع/ وهو كذلك.

فيكون النبي/ص/ افضل أهل زمانه  وهو القائل /ص/

((أنا أشرف البشر))
و
((أنا سيد وِلد آدم))
إنظر/الخصال/الصدوق/ص561.




((المبحث الخامس /من مباحث النبوة))
====================
(في أنّ النبي /ص/ يجب أن يكون مُنزّها )
========================

قال العلامة الحلي/في المتن:(المبحث الخامس:يحب أن يكون/ص/مُنَزّها عن دناءة الآباء وعُهر الإمهات وعن الرذائل الخُلِقية والعيوب الخَلقية لما في ذلك من النقص فيسقط محله من القلوب والمطلوب خلافه)

 (التوضيح)
======
وهنا طرح العلامة الحلي /قد/ بحثا أخيرا في مباحث النبوة وهو النزاهة المطلقة في شخصية النبي /ص/ أي يجب أن يمتاز شخص النبي/ص/ بالنزاهة الذاتية والنفسية والنسبية والحسبية وأن يكون مُبرّءً عن كل رذيلة أخلاقية أو عيب جسمي ظاهري يخلُّ بشخصه أو يجعله ساقطا عن قلوب الناس.
إذ المطلوب أن يكون شخص النبي /ص/ كاملا تاما من سائر الجهات الأخلاقية والنسبية والحسبية حتى يكون مؤهلا للإتباع والوثوق به.
ثم إنّ الإنقياد التام للنبي /ص/ لابد له من ملاك عقلائي حَسن وصحيح حتى يجوز للناس الأخذ بقوله /ص/ والسير على سننه وهذا الملاك هو العصمة المطلقة والنزاهة التامة في كيانية النبي/ص/ فضلا عن كمال العقل والفطنة والكرم والشجاعة والرحمة والتواضع وغيرها

والقرآن الكريم شهد بهذه الحقيقة لنبينا محمد/ص/ وإختزلها بقوله تعالى:

{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم4
أي:
وإنك -أيها الرسول- لعلى خلق عظيم، وهو ما اشتمل عليه القرآن من مكارم الأخلاق؛ فقد كان امتثال القرآن سجية له يأتمر بأمره، وينتهي عما ينهى عنه.

ومن هنا يبدأ الحديثُ عن الذات المحمدية المُستبطنة للحقيقة الأخلاقية وجوديا والتي منها إنطلقت الأصلاحات النبوية الشريفة لتزحف بقيمها الألهية على بساط المجتمع البشري فتغييره بعدما كان غارقا في ظلمات الجهل والفساد والوثنية.

ومن هنا أيضا إنبثقت عصمة الذات المحمدية المقدسة بصورتها الحقوقية والحقيقية لتطرح نفسها وبقوة في شخص الرسول الأكرم محمد /ص/ إسوةً حسنة معصومة للبشرية جمعاء.

وفي متن هذه الأية الوثائقية جاء توصيف الله تعالى لرسوله /ص/ بالخُلق العظيم / كاشفا ومحركا وباعثا على محورية الأخلاق المحمدية التي كانت ولازالت الممون الوحيد للروافد القيمية المتمثلة بالأئمة المعصومين /ع/ في هذه الحياة وهكذا ستبقى أخلاقية محمد /ص/ ممونا معصوما تستقي منها البشرية محاسن الأخلاق ومناهج التربية .

فأخلاق الرسول /ص/ تُمثل تجليا واقعيا وعمليا لأخلاق الله تعالى ولذا أفصح الله تعالى عن هذه الحقيقة العقدية بنفسه تعالى في كتابه الحكيم عندما وصّفَ رسوله /ع/
((بأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم))
في قوله تعالى:
{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }التوبة128
 وهاتان الصفتان هما من الصفات  الحقيقية لله تعالى.
فالأية أعلاه نصت بصراحة قرآنية على استمكان وهيمنةالرسول/ص/ بخُلقه العظيم واشرافه على واقع وحقيقة الذات الأخلاقية والتي منها تولّدت العصمة المطلقة لشخص الرسول /ص/
 وتلك هي من مختصات الأنبياء والأئمة /ع/

ونعني بالعصمة المطلقة في المفهوم العقدي هي الصيانة الذاتية التي يُمارسها المعصوم /ع/ بشخصه وبإرادته الحرة لتجنب الوقوع في الذنب أو الخطأ وبها لايقع المعصوم تحت تأثير الأهواء النفسية أو الخارجية .   
وأخيراً إنّ عصمة النبي محمد /ع/ وكذا الأئمة /ع/ هي التي تجعلنا نعتمد عليهم في حياتنا ومنهجنا صيانة لأنفسنا من الأنحراف عن خط الأستقامة القويمة فتكون بذلك شخصية الرسول /ع/ مؤمِّنا شرعيا وعقليا لأتباع سنته الشريفة.




























((الأصل الرابع من أصول الدين الأسلامي العزيز))
==========================
وهو الإمامة الحقة :
(الفصل السادس:المبحث الأول(في أنّ الإمامة رياسة عامة في أمور الدين والدنيا)
============================================
قال العلامة الحلي في المتن:
( المبحث الاول من الفصل السادس/الإمامة رياسة في امور الدين والدنيا لشخص من الأشخاص نيابة عن النبي /ص/ وهي واجبة   عقلا لأنّّّّ الإمامةَ لطفٌ فإنّا نعلم قطعا أنّ الناس إذا كان لهم رئيس مُرشد مُطاع ينتصف للمظلوم من الظالم ويردع الظالم عن ظلمه كانوا معه الى الصلاح أقرب وعن الفساد أبعد وقد تقدم أنّ اللطف واجب ))


((التوضيح))
=======
عرّف العلامة الحلي الإمامة إصطلاحا في المفهوم العَقدي حيث يعتقد /قد/ وهو من علماء المذهب الحق الأثني عشري بأنّ الإمامة رياسة دينية ودنيوية نيابية عن النبوة الخاتمة ومتفرعة عنها ربانيا بجعل من الله تعالى.
والإمامة بحسب إعتقاد الشيعة الأثني عشرية تستند في شرعيتها وحقانيتها الى النص القرآني والنبوي والوجوب العقلي لذا اشترط العلامة الحلي في تعريف الإمامة (النيابة عن النبي/ص/) والنائب لايكون نائبا إلاّ بإذن المنوب عنه شرعا وعقلا فضلا عن وجوب وتعيين الإمام على الله تعالى وجوبا عقليا.
ووجه الوجوب العقلي على الله تعالى في نصب الإمام المعصوم  للناس هو تحصيل الغرض (أي إرشاد الناس الى الطاعة وإبعادهم عن المعصية)



                                              ((المذاهب الكلامية في الإمامة))
===================
اختلفت المذاهب الكلامية في الإمامة كلٌ بحسب مبناه:

/1/ ذهب بعض المعتزلة وجماعة من الخوارج الى نفي وجوب نصب الإمام.
/2/ذهبت الأشاعرة الى أنّ نصب الإمام واجب سمعا(نقلا) لا واجب عقلا.
/3/ اتفق أبو الحسن البصري والإمامية على أنّ الإمامة واجبة على الله تعالى عقلا ثم اختلفوا في الوجوب العقلي فقالت الشيعة الإمامية أنّ نصب الإمام واجب عقلا على الله تعالى من حيث الحكمة الألهية
وقال أبو الحسن البصري أنّ الإمام واجب النصب على العقلاء لا على الله تعالى.



                            


                             ((دليل العلامة الحلي على وجوب نصب الإمام على الله تعالى عقلا))
==================================
صورة الدليل:
الصغرى/الإمامة لطف من الله تعالى
الكبرى/كل لطف واجب على الله تعالى
النتيجة/إذن الإمامة واجبة على الله تعالى عقلا.

دليل وجوب الإمامة على الله تعالى عقلا لأنّ مع وجود الإمام يكون الناسُ أقرب الى الصلاح وعن الفساد أبعد.
والشواهد التأريخية والحياتية تؤيد تلك الحقيقة قطعا.



                                               ((المبحث الثاني من مباحث الإمامة))
======================
((في وجوب عصمته/ع/(عصمة الإمام)))
==========================
قال العلامة الحلي في المتن:
(المبحث الثاني/يجب أن يكون الإمام معصوما وإلاّتسلسل لأنّ الحاجة الداعية الى الإمام هي ردع الظالم عن ظلمه والإنتصاف للمظلوم منه فلو جازأن يكون غير معصوم لإفتقر الى إمام آخر ويتسلسل وهو محال ولأنه لو فعل المعصية  فإنّ وجب الإنكار عليه سقط محله من القلوب وإنتفت فائدة نصبه وإن لم يجب الإنكارعليه  سقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو محال ولأنه(أي الإمام) حافظ للشرع فلا بد من عصمته ليؤمَّن من الزيادة والنقصان ولقوله تعالى:
  {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }البقرة124))


أي: واذكر-أيها النبي محمد/ص/ - حين اختبر الله إبراهيم بما شرع له من تكاليف, فأدَّاها وقام بها خير قيام.
قال الله له: إني جاعلك قدوة للناس. قال إبراهيم: ربِّ اجعل بعض نسلي أئمة فضلا منك, فأجابه الله سبحانه أنه لا تحصل للظالمين الإمامةُ في الدين.


 ((توضيح المطلب))
===============
(بيان الأدلة العقلانية على عصمة الإمام/ع/بحسب مباني المذهب الإمامي الحق))
====================================

/1/ إنّ الإمام/ع/ لو لم يكن معصوما للزم التسلسل والتسلسل باطل فالمقدم (وهو عدم كون الإمام معصوما) مثل التالي (وهوالتسلسل) في البطلان عقلا.




((بيان الملازمة))
=========
إنّ المقتضي لوجوب نصب الإمام هو تجويز الخطأ على الرعية (أي بمعنى عدم عصمتهم المفروغ عنها عقلا)
فلوكان هذا المقتضي أي جواز الخطأ عليه (أي على الإمام) ثابتا في حق الإمام وجب أن يكون له إمام آخر وهكذا تمتد السلسلة الإحتياجية لوجود الإمام الى ما لانهاية أو ينتهي الأمر الى إمام لايجوز عليه الخطأ فيكون هو الإمام الأصلي وهو المطلوب.


/2/(الدليل الثاني)/إنّ الإمام/ع/ هو حافظ للشرع الألهي فيجب أن يكون معصوما أما وجه إنحصارالحافظية للشرع بالإمام/ع/ وذلك لأنّ الحفظ للشرع ليس هو الكتاب العزيز (القرآن الكريم) لعدم تعرض الكتاب العزيز لجميع الأحكام التفصيلية في الشرع    ولا إجماع الأمة (أي وعدم كون إجماع الأمة حافظا للشرع)  لجواز الخطأ على كل فرد من أفراد المُجمعين على تقدير عدم وجود المعصوم /ع/فيهم.

فلم يبقَ إلاّ الإمام /ع/ فلو جاز الخطأ عليه لم يبقَ وثوق بما تعبّدنا الله تعالى فيه وما كلفنا به سبحانه وذلك يناقض الغرض من التكليف الألهي وهو الإنقياد الى مراد الله تعالى.

/3/(الدليل الثالث)/ أنه لو وقع من الإمام الخطأ لوجب الإنكار عليه (لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن الخطأ) وهذا الأمر أي وقوع الخطأ من الإمام/ع/ لو حصل فعلا فإنّه يُضاد أمر الله تعالى بالطاعة له وذلك في قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
والأمر بالطاعة هنا لله تعالى ولرسوله/ص/ وللإمام/ع/ هو أمرٌ  إرشادي وفيه ملاك المصلحة والتنبيه والتسديد للعباد في حال إطاعتهم للإمام/ع/ ولا يُعقل منه تعالى أن يأمر عباده بطاعة من يرتكبون الخطأ ففي ذلك لو حصل فعلا نقض للغرض العقلائي من طاعة الإمام/ع/.



/4/(الدليل الرابع)/(الدليل السمعي النقلي)/فقد ورد في القرآن الكريم:

((قال لاينال عهدي الظالمين))/البقرة/124.

((توضيح المطلب))
=========
/1/إنّ المراد بالعهد في الأية الشريفة أعلاه هو(عهد الإمامة) بدليل وحدة السياق القرآني الموضوعي فإنّها جاءت بعد قوله تعالى:

((قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي  ))

((قال لاينال عهدي الظالمين))


((.و تفسير العهد كما هو ظاهر مساق الآية بالإمامة والولاية .
ورد في  كلمات الطبرسي وغيره في هذه الآية ،
 وإن العهد الإمامة ، وأنه المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله صلوات الله عليهما ، يعني لا يكون الظالم إماما للناس ، واستدل أصحابنا بهذه الآية على أن الإمام لا يكون إلا معصوما   .
وفي الرواية المفصلة عن المفضل ، عن الصادق ( عليه السلام ) في هذه الآية قال : والعهد عهد الإمامة ، لا يناله ظالم - الخبر ، وفيه بيان أقسام الظلم ، وأن الظالم بجميع معانيه وأنواعه لا يكون إماما  ))
إنظر/مُستدرك سفينة البحار/الشاهرودي/ج7/ص496.


/2/(مَن همٌ الظالمون)؟ في نص الآية الشريفة الذين لاينالون عهد الإمامة الألهية الحقة
وهنا تُطرح إحتمالات ثلاثة في معنى الظالم وهي كما يلي:

/1/ شخص ظالم على مدى العمر.
/2/شخص ظالم أول حياته وغير ظالم آخر حياته
/3/شخص غير ظالم أول حياته وظالم آخر حياته.

وهذه المحتملات الثلاثة كلّها مصداق جلي لمفهوم الظالم فلا يصلح أحد منها لمنصب الإمامة بنص القرآن الكريم.
فينحصر الأمر عقلا وشرعا بشخص رابع غير ظالم لنفسه مدى حياته وهو الإمام المعصوم الحق.
بل يكون مفهوم الظلم في شخصه أمرا عدميا منتفيا فعلا وهذا هو الذي يستحق العهد الألهي لأنّه غير ظالم قطعا.

وهناك أدلة دامغة وقوية تورث القطع واليقين بضرورة عصمة الإمام/ع/ أعرضنا عنها للإختصار فمن شاء التوسع فليُراجع المطولات الكلامية.






                                         





                                          (المبحث الثالث من مباحث الإمامة)
======================
(في أنّ الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه )
-----------------------------------------
قال العلامة الحلي في المتن:( المبحث الثالث: الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه لأنّ العصمة من الأمور الباطنية التي لايعلمها إلاّ الله تعالى فلا بد من نص مَن يَعلم عصمته عليه أو ظهورمعجزة على يده تدل على صدقه)

((التوضيح))
=========
إنّ العلامة الحلي/قد/ تعرّض لهذا المطلب المهم والخطير عقديا والحساس في حياة الناس لغرض فض النزاع الذي دار حول الإمامة وهل هي بالنص أوبالبيعة (أي الإنتخاب البشري للإمام)؟




أو غير ذلك من متبنيات المدارس العقدية الأخرى في الإسلام.

فأكّدَ العلامة الحلي على أنّ طريق تعيين الإمام هو النص لا غير ومستنده في ذلك:
أنّ الإمامة المنصوبة والمعصومة هي أمرٌ إلهي  لايعلم مُستحقيه إلاّ الله تعالى  فلابد من التنصيص الألهي والنبوي والإمامي على إمامة الإمام الحق ربانيا والمعصوم فعليا بعد رسول الله /ص/ أو بعد الإمام/ع/
وإلاّ أي وإن لم يكن النص طريقا الى معرفة الإمام الحق يبقى خيار إظهار المعجزة على يد مَن يدعي الإمامة الحقة إثباتا لصدق دعواه.
وأما التنصيص الألهي على إمامة الأئمة الإثني عشر فثابت عندنا بالقطع واليقين قرآنيا ونبويا وإماميا فهناك العشرات من الآيات القرآنية النّاصة علنا على ضرروة نصب الإمام/ع/ وعصمته فضلاً عن الحادثة التأريخية الشهيرة لتنصيب الإمام علي بن أبي طالب/ع/ والتنصيص على إمامته الحقة وخلافته بعد رسول الله محمد/ص/ في 18/من شهر ذي الحجة الحرام لسنة /10/ للهجرة النبوية الشريفة في حجة الوداع.

والقرآن الكريم أفصح نصا عن تلك الحادثة المهمة في آية التبليغ من سورة المائدة فقال الله تعالى::

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }المائدة67
أي:

يا أيها الرسول محمد/ص/بلِّغ وحي الله الذي أنزِل إليك من ربك في شأن علي/ع/

 وإن قصَّرت في البلاغ فَكَتَمْتَ منه شيئًا, فإنك لم تُبَلِّغ رسالة ربِّك,

والحال أنه قد بلَّغ صلى الله عليه وآله وسلم رسالة ربه كاملة وأخرها هذا الأمر الذي نزل

 فمن زعم أنه كتم شيئًا مما أنزِل عليه, فقد أعظم على الله ورسوله الفرية.

 والله تعالى حافظك وناصرك على أعدائك, فليس عليك إلا البلاغ.
إن الله لا يوفق للرشد مَن حاد عن سبيل الحق, وجحد ما جئت به من عند الله.

أما المذاهب الأخرى وخاصة من أهل السنة التي قالت ببشرية نصب الإمام وتعيينه وقالت بالشورى والبيعة.
فعندهم الإمام هو ذلك الشخص الذي يستولي  بالقوة على سلطة دولة المسلمين كما فعل أبي بكر وعمر وعثمان مما يُسمون بالخلفاء مجازاً وبهذا الاساس عندهم يكون الإمام مجعولا من نفسه لا بجعل من الله تعالى وبإنتخاب الناس له أي إقرارهم القهري بإمامته وهذا ما حصل فعلا في الفترة ما بعد شهادة النبي محمد/ص/ فقد أخذ الخلفاء الثلاثة من بعده/ص/ البيعة من الناس لهم بالقوة.

أما المذهب الزيدي (وهم أتباع زيد بن الإمام علي بن الحسين/ع/)

فعندهم الإمام هو مَن يثوربالسيف ويكون فاطميا من جهة النسب.

والحق خلاف ذلك من وجهين
 / الأول/ : أن الإمامة خلافة عن الله تعالى  ورسوله فلا يحصل إلا بقولهما .أي بالنص القطعي الصدور منها.

/ الثاني/ : أن إثبات الإمامة بالبيعة والدعوى(الإنتخاب)  يفضي إلى الفتنة ،
 لاحتمال أن تبايع كل فرقة شخصا أو يدعي كل فاطمي عالم الإمامة ، فيقع التحارب والتجاذب  بين الناس .





(المبحث الرابع من مباحث الإمامة)
=======================
(في وجوب أفضلية الإمام/ع/ على الرعيّة مطلقا)
=========================
قال العلامة الحلي في المتن(( المبحث الرابع : الإمام يجب أن يكون أفضل الرعية مطلقا لما تقدم في النبي .)

((التوضيح))
========
يعني يجب أن يكون الإمام أفضل أهل زمانه لأنه مقدم على الكل ، فلو كان فيهم من هو أفضل منه لزم تقديم المفضول على الفاضل وهو قبيح عقلا وسمعا ، وقد تقدم بيانه في النبوة .
ومعنى الأفضلية هنا الأفضلية في الكمالات العلمية والعملية والأخلاقية والنفسية بين الناس والتي يجب توافرها في شخص الإمام المعصوم/ع/ .
فيكون بهذه الأفضليات الذاتية في كيانيته أفضل شخص وأرقى إنسان في المجتمع البشري حتى يكون مؤهلا للإئتمام به والسير على نهجه.
وإلاّ أي وإن لم يكن الإمام كذلك لما كان له فضل على غيره فيلزم تقديم المفضول وهو الأدنى منه عليه أي على الفاضل  وهذا أمر قبيه عقلا وعرفا وشرعا إذ لعّله يكون هناك من هو أفضل منه.




((المبحث الخامس من مباحث الإمامة))
=======================
(في إمامة الإمام علي/ع/ وأولاده المعصومين/ع/من الأئمة وفيه مقاصد)
========================================
(المقصد الاول)(في أنّ الإمام/ع/ بعد رسول الله/ص/ هو عليٌ /ع/)
==========================================
قال العلامة الحلي في المتن:
(المبحث الخامس : الإمام بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام للنص المتواتر من النبي ( صلى الله عليه وآله )  
ولأنه أفضل زمانه لقوله تعالى : ( وأنفسنا وأنفسكم ) آل عمران/   61.
 ومساوي الأفضل أفضل ، ولاحتياج النبي ( صلى الله عليه وآله ) إليه في المباهلة ،
 ولأن الإمام ( عليه السلام ) يجب أن يكون معصوما ، ولا أحد من غير ممن ادعي له الإمامة بمعصوم إجماعا فيكون هو الإمام ، ولأنه أعلم لرجوع الصحابة في وقائعهم إليه ولم يرجع هو إلى أحد منهم ،
 ولقوله ( صلى آلله عليه وآله ) : ( أقضاكم علي ( عليه السلام ) ) ) ، والقضاء يستدعي العلم ، ولأنه أزهد من غيره حتى طلق الدنيا ثلاثا ))


((التوضيح))
========
ذكر العلامة الحلي عدة مستندات قطعية تفيد اليقين بمداليلها النصية والظاهرة وأهمها:

 

/1/(المستند الاول)/ النص المتواتر من النبي محمد/ص/ على إمامة علي/ع/ الحقة بعده/ص/ والمقصود هنا بالنص المتواتر هو بعض الآيات القرآنية الخاصة بأهل البيت /ع/ وأميرهم علي/ع/ كآية التبليغ والمباهلة وآية الطهارة وآية الولاية وغيرها من الآيات.
وبعض الأحاديث الشريفة الصحيحة المتن والسند والدلالة المروية عن رسول الله محمد/ص/.



والتي من أهمها ما قاله/ص/:مُخاطباً علياً /ع/:

 (( أنت الخليفة من بعدي ، وأنت قاضي ديني ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وأنت ولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي   ،
(( سلموا عليه بإمرة المؤمنين ، اسمعوا له وأطيعوا   تعلموا منه ولا تعلموه ، من كنت مولاه فعلي مولاه  ))
إنظر/الرسائل العشر/الشيخ الطوسي/ص98.


وكذلك الحوادث التأريخية الشهيرة كحادثة الدار وحادثة غدير خم في حجة الوداع وغيرها من حالات الإستخلاف الفعلي لعلي /ع/ الذي مارسه الرسول محمد/ص/ في حياته الشريفة تمهيدا للإمة لتقبّل إمامة وخلافة علي/ع/ من بعده.

/2/(المُستند الثاني)/إنّ الإمام علي /ع/ هو أفضل أهل زمانه قطعا بعد رسول الله /ص/ فيكون هو الإمام لأنه (أي علي/ع/) مساوٍ ومماثل لنفس رسول الله /ص/ من حيث إختصاصه بمواصفات الإنسان المعصوم القائد ما عدا النبوة الخاتمة فبت ذلك بنص آية المباهلة ((وأنفسنا وأنفسكم))/آل عمران/61.
في قوله تعالى:
{فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ }آل عمران61

أي:

(فمن حاجك) جادلك من النصارى (فيه من بعد ما جاءك من العلم) بأمره (فقل) لهم

(تعالَوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) فنجمعهم (ثم نبتهل)

نتضرع في الدعاء (فنجعل لعنة الله على الكاذبين) بأن نقول:

 اللهم العن الكاذب في شأن عيسى وقد دعا صلى الله عليه وآله وسلم وفد نجران لذلك لما حاجوه به
فقالوا: حتى ننظر في أمرنا ثم نأتيك
فقال ذو رأيهم: لقد عرفتم نبوته وأنه ما باهل قوم نبيا إلا هلكوا فوادعوا الرجل وانصرفوا

فأتوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقد خرج ومعه الحسن والحسين وفاطمة وعلي

وقال لهم: إذا دعوت فأمِّنوا فأبوا أن يلاعنوا وصالحوه على الجزية  

 وعن ابن عباس قال: لو خرج الذين يباهلون لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا ، وروي: لو خرجوا لاحترقوا.
إنظر/ مناقب آل أبي طالب/ابن شهر آشوب/ج3/ص142.


/3/(المستند الثالث)/ إنّ النبي محمد/ص/ في المباهلة دعا علياً/ع/ دون غيره من الصحابة ليُباه لبه نصارى نجران وهذا الأمر بحد ذاته يكشف كشفا لبيا عن أنّ علياً/ع/ أفضل أهل زمانه. يقيناً.

/4/(المستند الرابع) إنّ الإمام يجب أن يكون  معصوما  عن الضلال و المعصية ، والا كان غير مهتد بنفسه والإمام عليٌ /ع/ ممن أُدُعيت وثبتت له العصمة
 فيكون/ع/ هو الإمام بلا خلاف .
وبخلاف غيره ممن أدعى الإمامة وحكم المسلمين ولم يَدّعِ العصمة.


/5/(المستند الخامس)/شهادة الرسول الأكرم /ص/ لعلي/ع/ بالأعلمية المطلقة والواقعية بقوله/ص/:
((أقضاكم عليٌ/ع/))
إنظر/مستدرك الوسائل/الميرزا النوري/ج17/ص242.

ولأنّ القضاء يستدعي أن يكون صاحبه هو الأعلم بعد رسول الله/ص/ المُعلّم الأول لعلي/ع/ وللإمة وهذه الخاصية العلمية والكمالية والتقوائية جعلت من غير علي/ع/ بمسيس الحاجة إليه وكثيرا ما رجع إليه الصحابة في وقته وخاصة أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم في مسائل القضاء والفقه وشؤون الحرب والسلم وغيرها من الحوادث التي وقعت في وقتهم والتأريخ أرخ ذلك ووثقه.

وهذه كلها قرائن بحد ذاتها تكشف عن مدى عظمة علي /ع/ وأهليته الحقة للإمامة المعصومة والمنصوصة بعد رحيل رسول الله محمد/ص/.
ونحن بدورنا القاصر أعرضنا عن التطويل طلبا للإختصار .



((المقصد الثاني))(في بيان بعض الأدلة على إمامة علي/ع/)
===================================
قال العلامة الحلي في المتن(والأدلة على ذلك لا تحصى كثرةً)

(التوضيح)
=======
إنّ العلامة الحلي لم يتعرض هنا في هذا البحث لذكر الأدلة على إمامة الإمام علي/ع/لأنه فصلها تفصيلا موسعا في كتابه الموسوم(بالألفين ) حيث ذكر فيه ألفي دليل على إمامة الإمام علي/ع/ فرأى/قد/  فرأى في  ذلك الكفاية
ولكن الشارح المقداد السيوري (رحمه الله) أشبع هذا البحث في شرحه(النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر) بشكل مفصل تشرفا وتيمناً بذكر فضائل الإمام علي /ع/
ونحن بدورنا القاصر سوف نبوبها بشكل موجز طلبا لرضا المعصومين/ع/ ودفاعا عن حقهم. راجين من الله تعالى القبول والتوفيق.










((أهم الأدلة القطعية على إمامة الإمام علي/ع/))
===========================

/1/ النص القرآني القطعي الصدوروالمتن وهو قوله تعالى:

{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }المائدة55


وقد روى كثير من العامة عن أسلافهم في تأويل قول الله عز وجل :
((إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ))
، أنها أنزلت    في علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وذلك أن سائلا وقف به   وهو راكع فرمى إليه بخاتمه ، والآية فيه ، وفى الأئمة من ولده صلوات الله عليه وعليهم أجمعين .

إنظر/دعائم الإسلام/القاضي النعمان المغربي/ج1/ص16.


وإليك توضيح مفردات الآية الشريفة والتي تدلل على مصداقها الواقعي وهو الإمام علي/ع/ :
إنما/ وهي أداة حصر لغةً
/الولي/ ومعناه الأولى بالتصرف.
/الذين آمنوا/ هو بعض المؤمنين ومصداق هذا البعض هو علي/ع/ بدليل النقل الصحيح وإجماع أكثر المفسرين على أنه /ع/ كان يُصلي فسأله سائل فأعطاه خاتمه الشريف.
وهو راكع ثم إنّ التأريخ لم يذكر لنا مصداقا آخر غير علي/ع / لهذه الأية الشريفة.

                                          

                                           /2/(النص القرآني) في قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59

والمراد بأولي الأمرهنا هم المعصومون/ع/ وعلى رأسهم الإمام علي/ع/ والذي هو أجلى مصداق لها في وقت نزولها ولايُعقل أن يُكلفنا الله تعالى بطاعة غير المعصومين/ع/ ويقرنها بطاعته سبحانه وطاعة رسوله/ص/.


ففي صحيحة أبي بصير المروية في الكافي ، قال :

سألت أبا عبد الله (الإمام جعفر الصادق) عليه السلام عن قول الله تعالى :
(( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) ، - النساء : 59  
 فقال :  /ع/ نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام   .

فقلت له : إن الناس يقولون : فما له لم يُسمِّ عليا وأهل بيته في كتاب الله ؟

 قال عليه السلام :    فقولوا لهم : إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم لهم ثلاثا ولا أربعا ، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر لهم ذلك
إنظر/ الكافي/الكليني/ج 1 /ص 226   .


/3/المستند الروائي الثاني عن رسول الله /ص/أنه قال له/ص/:

((أنتَ مني بمنزله هارون من موسى إلاّ أنه لانبي بعدي))
إنظر/الهداية /الصدوق/157.



قال مصنف هذا الكتاب (أي الشيخ الصدوق)  قدس الله روحه - : في نفس كتابه هذا (الهداية):موضّحاً للحديث أعلاه ما نصه:

((أجمعنا وخصومنا على نقل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام :   ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي  ))

 فهذا القول يدل على أن منزلة علي منه في جميع أحواله بمنزلة هارون من موسى في جميع أحواله إلا ما خصه به الاستثناء الذي في نفس الخبر .

 فمن منازل هارون من موسى أنه كان أخاه ولادة ،
 والعقل يخص هذه ويمنع أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم عناها بقوله لأن عليا لم يكن أخا له ولادة ،
ومن منازل هارون من موسى أنه كان نبيا معه ، واستثناء النبي يمنع من أن يكون علي عليه السلام نبيا ،
ومن منازل هارون من موسى بعد ذلك أشياء ظاهرة وأشياء باطنة ،

فمن الظاهرة أنه كان أفضل أهل زمانه وأحبهم إليه وأخصهم به وأوثقهم في نفسه ،

وأنه كان يخلفه على قومه إذا غاب موسى عليه السلام عنهم ،

وأنه كان بابه في العلم ،
 وأنه لو مات موسى ، وهارون حي كان هو خليفته بعد وفاته .

 والخبر يوجب أن هذه الخصال كلها لعلي من النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

وما كان من منازل هارون من موسى باطنا وجب أن الذي لم يخصه العقل منها كما خص أخوة الولادة فهو لعلي عليه السلام من النبي صلى الله عليه وآله ))/نفس المصدر.


/4/النص الروائي المتواتر في حادثة غدير خم في حجة الوداع الشهير وهو اشهر من نار على علم.

/5/دعوة نفس الإمام علي/ع/للإمامة في حالات المحاججة مع غاصبي الخلافة بعد رسول الله/ص/ وظهور المعجزات الكثيرة على يديه/ع/.

/6/عدم تنصيص الرسول محمد/ص/ على أحدٍ غيرعلي/ع/ ولوكان /ص/ قد نص على خلافة أحدٍ غيره لما أمر/ص/ الأول والثاني والثالث بالخروج مع جيش اسامة بن زيد قبل وفاته /ص/.
/7/ ثم هناك أدلة قاطعة على عدم إمامة غير علي/ع/ لأنّ غير علي/ع/كان غير صالح للإمامة لظلمه لنفسه ولتقدم كفره قبل الإسلام بخلاف علي/ع/ والذي ولدته أمه في جوف الكعبة الشريف ونزل مسلما موحدا ولم يسجد لصنم لم يدين بدين الوثن والشرك   فما بالكَ بغيره؟


((المقصد الثالث))
===========
(في بيان أسامي الأئمة المعصومين/ع/ من بعد علي/ع/))
==============================
قال العلامة الحلي في المتن
(( ثم من بعده ولده الحسن ( عليه السلام ) ثم الحسين ( عليه السلام ) ثم علي بن الحسين ( عليه السلام ) ثم محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) ثم جعفر بن محمد صادق ( عليه السلام ) ثم موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السلام )
 ثم علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ثم محمد بن علي الجواد ( عليه السلام ) ثم علي بن محمد الهادي ( عليه السلام ) ثم الحسن بن علي العسكري ( عليه السلام ) ثم محمد بن الحسن صاحب الزمان صلوات الله عليهم ، بنص كل سابق منهم على لاحقه   والأدلة السابقة))


((التوضيح))
========
بعد ما بيّن العلامة الحلي أدلة إثبات إمامة الإمام علي/ع/ بادر في إثبات إمامة الأئمة المعصومين /ع/ من بعده وذكرهم بحسب التسلسل الزمني والعقدي والنصي واحدا تلو الآخر.
ولابأس بالتعرض ولو بإيجاز لبعض الأدلة على التنصيص على أسماء الأئمة المعصومين/ع/ من قبل النبي محمد/ص/ والأئمة أنفسهم/ع/.


أولاّ فلنذكر النص القرآني الصريح في إمامة وعصمة الأئمة /ع/وهوقوله تعالى:


((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))الأحزاب33/



وهم /ع/مشمولون  قطعا بعنوان (أهل البيت المعصومين/ع/)

فعن ابن عباس قال في خصوص هذا النص القرآني الشريف:


 ( أنها نزلت في علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين عليهم السلام )

ولا يقال : المراد بها (أي بعنوان (أهل البيت) النساء ، لأن صدر الآية ، وعجزها ، دال عليهن . ولأنا نقول : لا يلزم من ذلك ، إرادة النساء ، لأن الكناية صريحة في التذكير ،

وليس يبعد أن يخرج من معناه إلى غيره ، ثم يعود إليه ،

 كما قال ابن عباس : نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة ،


ومع انتفاء الرجس ، يكون ما أفتوا به حقا ، لأن الرجس يقع على كل ما يكره .


هذا على مستوى مشموليتهم /ع/ بنص القرآن الكريم بالعصمة والإمامة المُنحفِظة  لأهل البيت المعصومين/ع/



أما على مستوى السنة النبوية الشريفة

فمنها قول النبي صلى الله عليه وآله :

 ( في كل خلف من أمتي عدل من أهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين ، وأن أئمتكم وقودكم إلى الله عز وجل فانظروا من توقدون في دينكم )









                                                     


وقوله صلى الله عليه وآله :

 ( مثل أهل بيتي ، كمثل نجوم السماء ، فهم أمان لأهل الأرض ، كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم ، طويت السماء ، وإذا ذهب أهل بيتي خربت الأرض ، وهلك العباد )

 وقوله صلى الله عليه وآله :

 ( إني تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وأنهما لن يفترقا ، حتى يردا علي الحوض )

 وقوله : ( يا علي الإمامة فيكم ، والهداية منكم )     



وقوله صلى الله عليه وآله

( من أهل بيتي اثني عشر نقيبا نجباء ، محدثون ، مفهمون ، آخرهم ، القائم بالحق عليه السلام )

 وقوله صلى الله عليه وآله :

( إن الله تعالى اختار من الأيام يوم الجمعة ، ومن الشهور شهر رمضان ، ومن الليالي ليلة القدر ، واختار من الناس الأنبياء ، واختار من الأنبياء الرسل ،

 واختارني من الرسل ، واختار مني عليا ، واختار من علي الحسن ، والحسين ، واختار من الحسين الأوصياء ، وهم تسعة من ولده ، ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ) 

/إنظر/المعتبر/المحقق الحلي/ج3/ص24


وعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال :


(( اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم أخي علي بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم فإذا استشهدنا فابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم ابني الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم فإذا استشهد فابني علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا علي ثم ابنه محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا حسين ))

انظر/ كمال الدين وتمام النعمة /الصدوق /ص270 ،
وكشف النعمة : للإربلي/ص / 298 ، 

وفعلاأدرك الإمام الحسين /ع/حفيده الإمام الباقر/ع/

إذ تذكر الروايات أنه/ع/ولِدَ سنة 57/للهجرة وحضر الطف مع الحسين/ع/ وأبيه زين العابدين.سنة /61/للهجرة.


 وعن الحسين بن علي ( سلام الله عليهم ) أيضا  قال

 : دخلت على جدي رسول الله ( ص ) فأجلسني على فخذه

 وقال لي :
 ((إن الله اختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة تاسعهم قائمهم ، وكلهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء )).

إنظر/ينابيع المودة /البلخي القندوزي/ج2/ص105.




وعن عبد الله بن عباس قال

(( سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :
(( أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون ))
/كمال الدين وتمام النعمة/الصدوق/ص280.


أما من الأدلة والذي جاء متواترا هو ::


/1/(النص المتواتر) عن النبي/ص/ في قوله للحسين/ع/:

((هذا ولدي الحسين إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم))
إنظر/الرسائل العشر/الشيخ الطوسي/ص98.

/2/رواية جابر بن عبد الله الإنصاري (وهو صحابي جليل لرسول الله/ص/ وثقة)
قال:لما قال الله تعالى:
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
قُلتُ:أي جابر/يا رسول الله/ص/ عرفنا الله فأطعناه وعرفناك فأطعناك فَمَن أولوا الأمرالذين أمرنا ألله بطاعتهم؟


قال /ص/(( هم خلفائي يا جابر وأولياء الأمر بعدي وفي نسخة (أئمة المسلمين من بعدي)
أولهم أخي علي/ع/ ثُمّ من بعده الحسن/ع/ولده
ثُمّ الحسين/ع/ ثُمّ علي بن الحسين/ع/
ثُمّ محمد بن علي وستدركه يا جابر فإذا أدركته فأقرأه مني السلام
ثُمّ جعفر بن محمد /ع/ثُمّ موسى بن جعفر
ثُمّ علي بن موسى الرضا
ثُمّ محمدبن علي ثُمّ علي بن محمد ثُمّ الحسن بن علي/ع/
ثُمَّ محمد بن الحسن يملأ الأرض قسطا وعدلا كما مُلِئَت ظلما وجورا))

/إنظر/ كفاية الأثر في النص على الأئمة الأثني عشر/ للشيخ علي بن محمد بن علي الخزار الرازي/والذي يروي عن الشيخ الصدوق:
/ص54/
 



هذا فضلا عن تنصيص نفس الأئمة المعصومين/ع/ على لاحقهم من الأئمة أمام الناس والأصحاب الثقاة وبصورة علنية.
وعندنا نحن الأمامية إجماع مشهوري علمائي على عصمة الأئمة /ع/ فيكونون هم الأئمة حقا.
وأخيرا الحديث النبوي الشهير وهو قوله/ص/:

((من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية))
إنظر/كمال الدين وتمام النعمة/الصدوق/ص409.

لايدع مجال أمام الشك بإمامة الأئمة المعصومين/ع/
وهو متفقٌ تماما مع منطوق النص القرآني الشريف::


 {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً }الإسراء71

أي:
اذكر -أيها الرسول- محمد/ص/  يوم البعث مبشرًا ومخوفًا، حين يدعو الله عز وجل كل جماعة من الناس من كل جيل بشري مع إمامهم المنصوب ربانيا والذي  كانوا يقتدون به في الدنيا،
 فمن كان منهم صالحًا، وأُعطي كتاب أعماله بيمينه، فهؤلاء يقرؤون كتاب حسناتهم فرحين مستبشرين، ولا يُنْقَصون من ثواب أعمالهم الصالحة شيئًا، وإن كان مقدارَ الخيط الذي يكون في شَقِّ النواة.


وفي معنى هذا النص القرآني الشريف ورد::


((عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال : لما نزلت هذه الآية :
  ((يوم ندعو كل أناس بإمامهم  ))

 قال المسلمون : يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين ؟
 قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا رسول الله إلى الناس أجمعين

ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي ، يقومون في الناس فيُكَذبون ، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم ، فمن والاهم ، واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني ، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنا منه برئ .))

إنظر/الكافي/الكليني/ج1/ص215.





















((الفائدة في خاتمة بحث الإمامة الحقة))
======================
((في بيان حياة الإمام الحجة محمد بن الحسن العسكري/ع/وعجل الله فرجه الشريف))
================================================


في البداية لابد من تقرير حقيقة دينية قطعية
وهي
أنّ  الإمام الثاني عشر (الإمام المهدي)/ع/
هوحيٌ موجود من حين ولادته /ع/ وهي سنة
(256)للهجرة
 وإلى آلان وإلى آخر زمان تكليفه /ع/
 في هذه الحياة
لأنّ كل زمان لابد فيه من إمام معصوم  يتمسك به الناس كمرشد ومصلح لإمورهم الدينية والدنيوية

وهذاما نص عليه القرآن الكريم في قوله تعالى ::

(( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)){71}الإسراء.

 
وفي معنى هذه الآية ومفادها

 قال الإمام الصادق /ع/ ::
(إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه)/
إنظر/الكافي /الكليني/ ج1/ 537.

ومعلوم أننا ندعي وبحق وصدق أنّ إمام زماننا اليوم هو الإمام المهدي/ع/
 وليس غيره فيكون/ع/ هو إمام الناس وهاديهم .


وأما سبب خفائه /ع/ ودخوله في الغيبة الكبرى

 فذلك أمرٌ راجع إلى الله تعالى لمصلحة واقعية إستأثرها سبحانه بعلمه

 وليس بالضرورة أن نطلع عليها

وجهلنا بها لايُشكّل خللا في نظام الوجود والتشريع

فنحن نجهل مصالح وحكم كثير من الإمور التكوينية والتشريعية

 ومع هذا نؤمن بها قطعا ولا نعترض عليها لعلمنا
بأنها لاتخلو من مصلحة وحكمة
 وإن جهلناها

فكذلك المفروض يجب أن  يكون تعاطينا مع غيبة الإمام المهدي /ع/ الكبرى.

فهي قضية وجودية تستبطن في كنها ذاتيات غيبية  وتشريعية

 إستأثر الله تعالى العلم بها لوحدة ونحن لاخيار لنا سوى التسليم بهذه الحقيقة

ولامانع من البحث حول أسبابها بحثا عقلانيا هادفا

ولكن ليس لنا أن ننكرها من رأس

 فذلك من الجهل المبين والذي ينكر حقيقة ومعقولية الغيبة الكبرى عليه أن يُبرهن منطقيا وشرعيا بالدليل وجه إنكاره لها

 وإذا لم يتستطع وهوكذلك

 فيجب عليه التسليم بها
وفقا للقاعدة المنطقية العقلانية المتسالم عليها بشريا وهي
((إنّ كذب نقيض القضية الأصل يُثبِت صدق الأصل))

ولتوضيح ذلك بالمثال
وهوأنّ أصل القضية العقلانية المُختلف عليها فكريا
هي
 (الغيبة الكبرى حقيقة دينية وعقلانية))

فيأتي المُنكِر لها ويُحاول إبطالها عقلانيا فيدعي كذبها وهو نقيضها أي يدعي:
أنّ
 ((الغيبة الكبرى مثلا خرافة لاحقيقة دينية ولاعقلانية)

فإن عجز عن البرهنة عن تثبيت صحة مّدعاه هذا
وهو(خرافة الغيبة الكبرى))

 فعليه التسليم بأصلها
 وهو(حقانية ودينية ومشروعية الغيبة الكبرى))

لأنّ ذلك هو المنهج الجدلي الحق والمنطقي المقبول بشريا
 وفقا لقاعدة المناطقة العقلانيين

 ((كذب النقيض يُثبِت صدق الأصل))
ولنا ردا منطقيا على منكري الغيبة الكبرى طبقا

لقياس المساواة المنطقي الأرسطائي
 وهو الذي ينصُ على
 (( أنّ مساوِي المساوِي مساوِ له))

 وهذه مقدمة كبروية منطقية وعقلانية متسالم بها حتى عند منكري الغيبة الكبرى

وتوضيح ذلك
/أولا /إنّ معنى هذه القاعدة(مساوي المساوي مساو له)
 يعني مماثل ومشابه المماثل والمشابه له مماثل ومساوٍ له في الصدق والكذب والحق والباطل وكل لوازمه الوجودية

ونأتي على تطبيق القاعدة بالمثال :

(( وهو أنّ غيبة الإمام المهدي/ع/ الكبرى مساوية ومماثلة في إمكان
وقوعها وتحققها خارجا لغيبة الإنبياء من قبله/ع/
))

 وعلى هذا ألأساس المنطقي العقلاني تأخذ الغيبة الكبرى للإمام المهدي /ع/ وصفا عقلانيا بصدقها وحقانيتها لتحقق مساويها ومناظرها الوجودي وهو غيبة الأنبياء من قبل.

طبقا للقاعدة والقياس المنطقي

 ((مساوي المساوي مساو له))

فلماذا لايُسلّم الخصم الفكري بذلك وهل هذا إلاّ عناد ومكابرة

لاجدل منطقي ممنهج إذ ليس من المعقول أن نلتزم

بقواعد المنطق العقلانية الصحيحة النتيجة في بعض الأمور ونرفضها في بعض وهذا هو عين الخلط والمغالطة.






 ((الأصل الخامس من أصول الدين الأسلامي العزيز))
===============================
الفصل السابع/في المعاد وفيه مباحث ووظيفتان:
----------------------------------------------
(المبحث الأول/في وجوب المعاد البدني)
======================
قال العلامة الحلي في المتن:
(اتفق المسلمون كافة على وجود المعاد البدني ولأنه لولاه لقبح التكليف ولأنه ممكن ، والصادق قد أخبر بثبوته فيكون حقا ، والآيات الدالة عليه وإنكار على جاحده ) .

(التوضيح)
========

   إنّ المعاد هو  زمان العود أو مكانه ، والمراد به هنا الوجود الثاني للأجسام وإعادتها بعد موتها وتفرقها وهو حق واقع خلافا للحكماء ،

والمعاد يكون روحيا وبدنيا بإجماع المسلمين كافة على وجوبه.


والدليل على ذلك من وجوه :

 الأول : إجماع المسلمين على ذلك من غير نكير بينهم فيه وإجماعهم حجة  


 الثاني : أنه لو لم يكن المعاد حقا لقبح التكليف والتالي باطل والمقدم مثله .



 بيان الشرطية :للدليل الثاني:

 أن التكليف مشقة مستلزمة للتعويض عنها ، فإن المشقة من غير عوض ظلم ، وذلك العوض ليس بحاصل في زمان التكليف ، فلا بد حينئذ من دار أخرى يحصل فيها الجزاء على الأعمال ، وإلا لكان التكليف ظلما وهو قبيح تعالى الله عنه .


الثالث:أن حشر الأجسام ممكن والصادق (أي الله تعالى ورسوله والأئمة المعصومين/ع/ )

أخبر بوقوعه فيكون حقا . أما إمكانه : فلأن أجزاء الميت قابلة للجمع وإفاضة الحياة عليها ، وإلا لما اتصف بها من قبل ، والله تعالى عالم بأجزاء كل شخص لما تقدم من أنه عالم بكل المعلومات وقادر على جميعها ، لأن ذلك ممكن والله تعالى قادر على كل الممكنات فثبت أن إحياء الأجسام ممكن     

وأما أن الصادق أخبر بوقوع ذلك فلأنه ثبت بالتواتر أن النبي كان يثبت المعاد البدني ويقول به فيكون حقا وهو المطلوب .



الرابع : دلالة القرآن على ثبوته   وإنكاره على جاحده فيكون حقا .

 أما الأول ( دلالة القرآن على ثبوته):

 فالآيات الدالة عليه كثيرة نحو قوله تعالى :

( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليهم )  يس/78.
أي:

وضرب لنا المُنكِّر للبعث مثلا لا ينبغي ضربه, وهو قياس قدرة الخالق بقدرة المخلوق, ونسي ابتداء خلقه,
وقال: مَن يحيي العظام البالية المتفتتة؟


وهنا في هذه الآية الشريفة نكتة لطيفة جدا ينبغي الإلتفات إليها بدقة وحكمة وهي أنّ الذي أفاض عليك الوجود إبتداءً ولأول مرة وكنتَ من قبل نسيا منسيا ولم تك شيئا مذكورا
هو قادرٌ على أن يفيض عليك الوجود ثانية بعد الموتة الاولى ويحشرك ويُجازيك ولا يتشابه عليه تفرّق وإختلاط أجزاء الأجسام البشرية بعد موتها وتفتتها مهما كانت غابرة في الأزمان بل هو سبحانه وتعالى قادرٌ على تسويتها جزءا جزءا فكل يرجع إلى جسمه
وهذا هو معنى قوله تعالى:
((وهو بكل خلقٍ عليم))



   









((المبحث الثاني من مباحث المعاد))
=================
(في أنّ البعث والإعادة عقلا وسمعا واجب)
===========================
قال العلامة الحلي في المتن:
(وكل من له عوض أو عليه عوض يجب بعثه عقلا وغيره يجب إعادته سمعا )



((التوضيح))
===========
البعث :لغة/ هو التحريك والإحياء أو الإثارة للشيء بعد سكونه أو موته.

البعث:إصطلاحا/هو إحياء الخلائق البشرية وغيرها من المخلوقات الأخرى للحشر والجزاء الأخروي.


  فالذي يجب إعادته على قسمين :

 أحدهما : يجب إعادته عقلا وسمعا وهو كل من له حق من الثواب أو العوض ليصل حقه إليه ، وكل من عليه حق من عقاب أو عوض لأخذ الحق منه .
وهذا هو الغرض الحكيم من البعث والنشور.



وثانيهما : من ليس له حق ولا عليه حق من باقي الأشخاص انسانية كانت أو غيرها من الحيوانات الإنسية والوحشية وذلك يجب إعادته سمعا لدلالة القرآن والأخبار المتواترة عليه . وهذا هو مقتضى عدل الله تعالى وحكمته أيضا.

                                         









                                                             


                                          ((المبحث الثالث/من مباحث المعاد وآلآخرة)
========================
(في أنّ الإقرار بكل ما جاء به النبي محمد/ص/ هو واجب )
---------------------------------------------------------
قال العلامة الحلي/قد/ في المتن:
(ويجب الاقرار بكل ما جاء به النبي ( صلى الله عليه وآله ) فمن ذلك الصراط والميزان     وإنطاق الجوارح وتطاير الكتب لامكانها ، وقد أخبر الصادق بها فيجب الاعتراف بها )


(التوضيح)
=========

    لما ثبت  نبوة  نبينا ( صلى الله عليه وآله ) وعصمته ، ثبت أنه صادق في كل ما أخبر بوقوعه سواء كان سابقا على زمانه ،

كإخباره عن الأنبياء السالفين وأممهم والقرون الماضية وغيرها ، أو في زمانه كإخباره بوجوب الواجبات وتحريم المحرمات وندب المندوبات والنص على الأئمة وغير ذلك من الأخبار ، أو بعد زمانه .

 فأما في دار التكليف كقوله ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) :

(( ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين ))
إنظر/الغدير/العلامة الأميني/ج1/ص47.
   

أو بعد التكليف كأحوال الموت وما بعده ، فمن ذلك عذاب القبر ، والميزان والحساب ، وإنطاق الجوارح ، وتطاير الكتب وأحوال القيامة وكيفية حشر الأجسام وأحوال المكلفين في البعث ، ويجب الاقرار بذلك أجمع والتصديق به لأن ذلك كله أمر ممكن لا استحالة فيه وقد أخبر الصادق بوقوعه فيكون حقا .


وكل الذي تقدم أعلاه هو حقيقة عقدية ودينية يجب التسليم بها ذهنيا وقلبيا وهذه الحقيقة هي محدد الإيمان بالله تعالى وبرسوله محمد/ص/.
وقد نص القرآن الكريم على ذلك:بقوله تعالى:

{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }النساء65
أي:
قسم الله تعالى بنفسه الكريمة أن هؤلاء لا يؤمنون حقيقة حتى يجعلوك حكمًا فيما وقع بينهم من نزاع في حياتك حول كل شيء دار بينهم .ومنها مسائل الآخرة .

 ويتحاكموا إلى سنتك بعد مماتك, ثم لا يجدوا في أنفسهم ضيقًا مما انتهى إليه حكمك وينقادوا مع ذلك انقيادًا تاماً,
 فالحكم بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الكتاب والسنة في كل شأن من شؤون الحياة وآلاخرة وهو من صميم الإيمان مع الرضا والتسليم.


                                              


                                  ((المبحث الرابع من مباحث المعاد والآخرة))
==============================
(في أنّ الثواب والعقاب مما جاء به النبي محمد/ص/)
============================
قال العلامة الحلي في المتن:
(ومن ذلك الثواب والعقاب وتفاصيلهما المنقولة من جهة الشرع صلوات الله على الصادع به ) .

(التوضيح)
=========
إنّ هذا البحث هو تكميلٌ للبحث السابق فلذلك عطف العلامة الحلي المطلب على ما قبله وقال(ومن ذلك الثواب..إلخ)) إشارة منه الى أنّ الإعتراف بالثواب والعقاب هو مما جاء به النبي محمد/ص/ ومما يجب الإقرار به قطعا وبصورة تفصيلية بحسب ما نقلته الشريعة الإسلامية القويمة.

والمراد من الثواب هنا: هو إيصال النفع المُستَحَق المُقارن للتعظيم الى مستحقه
والعقاب:هو الضرر المُستحَق المقارن للإستحقاق.

والثواب يستحقه فاعل الواجب والمندوب والتارك للقبيح.
أما العقاب فيستحقه فاعل الحرام وتارك الواجب.

وفي هذا المطلب المهم نقاط مركزية يجب ذكرها ولو بإيجاز وأهمها:

/1/يمتاز الثواب والعقاب الأخروي بخاصية الدوام والإستمرار لمستحقه
/2/يتوقف استحقاق الثواب بمجرد حصول الشرك والأرتداد عن الدين.
/3/يمكن إرتفاع العقاب الأخروي بواسطة العفو الألهي وفق قوله تعالى:
((ويعفو عن السيئات))الشورى/24.
((ويعفو عن كثير))الشورى/30.
وممكن أيضا أن يتم العفو بواسطة الشفاعة للنبي محمد/ص/ وآله المعصومين/ع/.



وفي هذا البحث في الثواب والعقاب وقع إختلاف بين الفرق الكلامية الأسلامية

     فقد اختُلِفَ في أنهما معلومان عقلا أم سمعا ؟

 أما الأشاعرة فقالوا سعما   (نقلا)

 وأما المعتزلة فقال بعضهم بأن الثواب سمعي إذ لا يناسب الطاعات ولا يكافي ما صدر عنه من النعم العظيمة فلا يستحق عليه شئ في مقابلتها وهو مذهب البلخي ،




وقالت معتزلة البصرة أنه عقلي لاقتضاء التكليف ذلك ولقوله تعالى : ( جزاء بما كانوا يعلمون )  الواقعة/23.



 وأوجبت المعتزلة العقاب للكافر وصاحب الكبيرة حتما ،

 وقد تقدم لك من مذهبنا (الإمامية الشيعة) ما يدل على وجوب الثواب عقلا ،
 وأما العقاب فهو وإن اشتمل على اللطيفة لكن لا يجزم بوقوعه في غير الكافر الذي لا يموت على كفره .


وهنا فوائد :
الأولى : يستحق الثواب والمدح بفعل الواجب والمندوب وفعل ضد القبيح أو الاخلال به ، بشرط أن يفعل الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه ، والمندوب كذلك وكذا فعل ضد القبيح أو الاخلال به لقبحه لا لأمر آخر غير ذلك ، ويستحق العقاب والذم بفعل القبيح والاخلال بالواجب .

الثانية : يجب دوام الثواب والعقاب للمستحق مطلقا كما في حق من يموت على إيمانه ،

ومن يموت على كفره لدوام المدح والذم على ما يستحقان به ، ويحصل نقيض كل واحد منهما لو لم يكن دائما إذ لا واسطة بينهما ويجب أن يكونا خالصين من مخالطة الضد ، وإلا لم يحصل مفهومهما ، ويجب اقتران الثواب بالتعظيم والعقاب بالإهانة ، لأن فاعل الطاعة مستحق للتعظيم مطلقا ، وفاعل المعصية مستحق للإهانة مطلقا .


الثالثة : استحقاق الثواب يجوز توقفه على شرط ، إذ لولا ذلك لكان العارف بالله تعالى مع جهله بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) مستحقا له وهو باطل ، فإذن هو مشروط بالموافاة لقوله تعالى : ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) الزمر/65. 

ولقوله تعالى : ( ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر ، فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار )  البقرة/214.


الرابعة : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم  )

  أولئك يستحقون الثواب الدائم مطلقا ، والذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك يستحقون العقاب الدائم مطلقا ، والذي آمن وخلط عملا صالحا وآخر سيئا ، فإن كان السئ صغيرا فذلك يقع مغفورا إجماعا ، وإن كان كبيرا فأما أن يوافي بالتوبة فهو من أهل الثواب مطلقا إجماعا ، وإن لم يواف بها فإما أن يستحق ثواب إيمانه أو لا ، والثاني باطل لاستلزامه الظلم ،
 ولقوله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )   الزلزال/8.

 ، فتعين الأول ، فأما أن يثاب ثم يعاق وهو باطل بالاجماع على أن من دخل الجنة لا يخرج منها ، فحينئذ يلزم بطلان العقاب أو يعاقب ثم يثاب وهو المطلوب ،




 ولقوله ( عليه السلام ) في حق هؤلاء :

(( يخرجون من النار وهم كالحمم أو كالفحم فيراهم أهل الجنة فيقولون هؤلاء جهنميون   فيؤمر بهم فيغمسون في عين الحيوان فيخرجون ووجوههم كالبدر في ليلة تمامه . ))
إنظر/تفسيرفرات الكوفي/ص156.




وأما الآيات الدالة على عقاب العصاة والفجار وخلودهم في النار فالمراد بالخلود هو المكث الطويل ، واستعماله بهذا المعنى كثير ، والمراد بالفجار والعصاة الكاملون في فجورهم وعصيانهم وهم الكفار ، بدليل قوله تعالى : ( أولئك هم الكفرة الفجرة )  عبس/42.




توفيقا بينه وبين الآيات الدالة على اختصاص العقاب بالكفار نحو قوله تعالى :

 ( إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين )النحل/29.  
 وغير ذلك من الآيات .

ثم اعلم : أن صاحب الكبيرة إنما يعاقب إذا لم يحصل له أحد الأمرين :

 الأول : عفو الله مرجو متوقع ، خصوصا وقد وعد به في قوله تعالى :

 ( ويعفو عن السيئات ، ويعفو عن كثير  )الشورى/24/29.



  ((إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء  ))النساء/51.



 (( إن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم))الرعد/7.  



 ، وخلف الوعد غير مستحسن من الجواد المطلق ، ولتمدحه بأنه غفور رحيم وليس ذلك متوجها إلى الصغائر ولا إلى الكبائر بعد التوبة للإجماع على سقوط العقاب فيهما فلا فائدة في العفو حينئذ فتعين أن يكون للكبائر قبل التوبة   وذلك هو المطلوب .


الثاني : شفاعة نبينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فإن شفاعته متوقعة ، بل واقعة لقوله تعالى : ( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات )  محمد/21.

وصاحب الكبيرة مؤمن لتصديقه بالله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) وإقراره بما جاء به النبي هو الإيمان ، إذ الإيمان في اللغة هو التصديق وهو هنا كذلك ، وليست الآمال الصالحة جز منه لعطفها على الفعل المقتضي لمغايرتها له ،  


 وإذا أمر بالاستغفار لم يتركه لعصمته ، واستغفاره لأمته مقبول تحصيلا لمرضاته لقوله تعالى : ( ولسوف يعطيك ربك فترضى )  /الضحى/5.


هذا مع قوله ( صلى الله عليه وآله ) ((ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ))
إنظر/بحار الأنوار/المجلسي/ج8/ص30.






  واعلم : أن مذهبنا أن الأئمة ( عليهم السلام ) لهم الشفاعة في عصاة شيعتهم كما هو لرسول الله ( صلى الله عليه وآله )
من غير فرق لأخبارهم ( عليهم السلام بذلك مع عصمتهم النافية للكذب عنهم  )


 الخامسة : يجب الاقرار والتصديق بأحوال القيامة وأوضاعها وكيفية الحساب وخروج الناس من قبورهم عراة حفاة ، وكون كل نفس معها سائق وشهيد ، وأحوال الناس في الجنة وتباين طبقاتهم وكيفية نعيمها من المأكل والمشرب والمنكح وغير ذلك ، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ،
وكذا أحوال النار وكيفية العقاب فيها وأنواع آلامها على ما وردت بذلك الآيات والأخبار الصحيحة ، وأجمع عليه المسلمون لأن ذلك جميعه أخبر به الصادق مع عدم استحالته في العقل فيكون حقا وهو المطلوب



















                                                












 ((خاتمة الكتاب في الوظيفتين))
================
قال العلامة الحلي في المتن:(( ووجوب التوبة)):الوظيفة الاولى:

((التوضيح))
========
إنّ وجوب التوبة هو من جملة ما جاء به النبي محمد/ص/ ومما يجب الإقرار به فلذلك عطف المصنف الحلي ((وجوب التوبة)) على مما جاء به النبي /ص/ ومما يجب الإقرار به.
والمراد بالتوبة :هو الندم على المعصية لكونها معصية والعزم على ترك المعاودة إليها في الحال والمستقبل لأنّ ترك العزم النفسي والقلبي يكشف عن نفي الندم في ذات التائب.


((أدلة وجوب التوبة))
===============

/1/(الإجماع) فقد أجمع علماء المسلمين على وجوبها ولكنهم اختلفوا في موضوعها :
فذهب جماعة من المعتزلة الى أنها تجب من الكبائر المعلوم كونها كبائر أو المظنون فيها ذلك.
ولاتجب عنده هذه الجماعة من الصغائر المعلوم منها انها ضغائر.

وذهب آخرون الى أنها لاتجب من ذنوب تاب عنها من قبل.
وقال آخرون إنّ التوبة تجب من كل ضغيرة وكبيرة من المعاصي والإخلال بالواجب سواء تاب عنها من قبل أو لم يتب.

/2/ التوبة دافعة للضرر الذي هو العقاب والخوف المقطوع بتحققه في الدنيا والآخرة ودفع الضررواجب عقلا فتكون التوبة واجبة عقلا.



((أقسام التوبة))
===========
/1/القسم الاول/ وهو ما كان من الذنوب في حق الله تعالى من فعل الحرام والقبيح فالتوبة فيه تكون بالندم والعزم على عدم العودة لإرتكابه.
أو الإخلال بالواجب فصورة التوبة فيه إن كان باقيا فيأتي به كالصلاة مثلا  أو ما يسقط بخروج وقته من الواجبات الأخرى كصلاة العيدين في وقت المعصوم/ع/ وحضوره فالتوبة فيها هو كفاية الندم .
أما ما لايسقط وقته من الواجبات الشرعية فيجب قضائه.

/2/القسم الثاني/ وهو ما كان من الذنوب في حق الناس فالتوبة فيه تكون كلٌ بحسبه فمثلا غصب الحقوق تكون التوبة فيه بإرجاعها الى أصحابها كاملة غير منقوصة وهكذا هلمّ جرا.


((الوظيفة الثانية))
==========
((في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر))
=========================
قال العلامة الحلي/قد/ في المتن:
((والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بشرط أن يعلم الأمر والناهي كون المعروف معروفا والمنكر منكرا وأن يكونا مما سيقعان ، فإن الأمر بالماضي والنهي عنه عبث ، وتجويز التأثير ، والأمن من الضرر ) .


((التوضيح))
===========



  الأمرهو  طلب الفعل من الغير على جهة الاستعلاء  

 والنهي هو طلب الترك على جهة الاستعلاء أيضا  

 والمعروف هوكل فعل حسن اختص بوصف زائد على حسنه  

 والمنكر هو القبيح .

وإذا تقرر هذا فهنا بحثان :

/البحث الأول/ : اتفق العلماء على وجوب الأمر بالمعروف الواجب والنهي عن المنكر

واختلفوا من بعد ذلك في مقامين : هما:

[ المقام الأول ] : هل الوجوب (أي وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) هو وجوب   عقلي أو سمعي؟
 

 فقال الشيخ الطوسي ( ره ) بالأول(أي الوجوب  العقلي)

وقال السيد المرتضى ( ره ) بالثاني  (الوجوب  النقلي (السمعي)
 واختاره المصنف العلامة الحلي.


واحتج الشيخ الطوسي بأنهما (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) لطفان في فعل الواجب وترك القبيح فيجبان عقلا ،
و قيل عليه أن الوجوب العقلي غير مختص بأحد ، فحينئذ يجب عليه تعالى وهو باطل ، لأنه إن فعلهما لزم أن يرتفع كل قبيح ويقع كل واجب ، إذ الأمر هو الحمل على الشئ والنهي هو المنع منه ، لكن الواقع خلافه ، وإن لم يفعلهما لزم إخلاله بالواجب لكنه حكيم وفي هذا الايراد نظر ، وأما الدلائل السمعية على وجوبهما كثيرة  

[ المقام الثاني ] : هل هما واجبان على الأعيان أو الكفاية ،؟

 فقال الشيخ الطوسي بالأول (واجبان على الأعيان)

وقال السيد المرتضى بالثاني (واجبان على الكفاية)

واحتج الشيخ الطوسي بعموم الوجوب من غير اختصاص بقوله تعالى :
 ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) آل عمران/106.

  و احتج السيد المرتضى  بأن المقصود وقوع الواجب وارتفاع القبيح

 فمن قام به كفى عن الآخر في الامتثال ولقوله تعالى :

 ((  ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ))آل عمران/100.



   . [ البحث ] الثاني : في شرائط وجوبهما ، وذكر المصنف هنا شرائط أربعة :

الشرط الأول :/ علم الآمر والناهي بكون المعروف معروفا والمنكر منكرا ، إذ لولا ذلك لأمر بما ليس بمعروف ونهى عما ليس بمنكر .

الشرط الثاني : كونهما مما يتوقعان في المستقبل فإن الأمر بالماضي والنهي عنه عبث ، والعبث قبيح .
الشرط الثالث : أن يجوز الآمر والناهي تأثير أمره ونهيه ، فإنه إذا تحقق عنده أو غلب على ظنه عدم ذلك ارتفع الوجوب .
الشرطالرابع : أمن الآمر والناهي من الضرر الحاصل بسبب الأمر أو النهي ، أما إليهما أو لأحد من المسلمين ، فإن غلب عندهما حصول ذلك ارتفع الوجوب أيضا ، ويجبان بالقلب واللسان واليد ولا ينتقل إلى الأصعب مع إنجاع الأسهل  .


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين

إعداد وتحقيق: مرتضى علي الحلي: النجف الأشرف:







شاركه على جوجل بلس

عن مرتضى علي الحلي

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات: