(
الأساليبُ العقائديّةُ والتربويّةُ والأخلاقيّةُ التي اعتمدها الإمامُ عليُّ الهَادي
عليه السلام في تربية أتباعِه وشيعتِه)
:1:
في إحياء ذكرى استشهاد الإمام علي الهادي عليه السلام لابُدّ مِن أن نستلهمَ
الدروسَ والعِبَرَ والتعرّفَ على أساليبه العقائديّة والتربوية والأخلاقيّة والتي
ربّى عليها أصحابه
وأتباعه والمسلمين – وهي تترّكز على جانبين.
: الجانب
الأوّل : التركيز على الجانب العلمي والعقائدي في بناء الشخصيّة الولائيّة.
:الجانب
الثاني: يترّكز على أهمّية إصلاح النفوس وتهذيبها وتربيتها وفق معارف وعلوم أهل
البيت عليهم السلام.
:2: ولذلك
ورد عن الإمام علي الرضا عليه السلام أنّه قال:( رحمَ اللهُ عبداً أحيا أمرنا . فقلتُ
له : فكيف يحيي أمركم قال : يتعلم علومنا ويعلّمها الناسَ - فإنّ الناسَ لو علموا محاسنَ
كلامنا لاتّبعونا): معاني الأخبار، الصدوق، ص 180.
:3:لقد
حرص الأئمة الأطهار عليهم السلام على تربية أصحابهم وأتباعهم على ضرورة التحصيل
العلمي والعقائدي وأخذ علومهم ومعارفهم من أهل العلم والمقام الديني الذي يُطمَأن
له بالتقوى والصدق والاهتمام بإصلاح النفوس.
:4: تتركّز
أساليب الإمام الهادي التربويّة على ضرورة تشخيص العيوب ومكامن الخلل في شخصية
الإنسان ، وقبول النصح والتوجيه وعدم الغفلة عن إصلاحها أو اعتبار تشخيصها انتقاصا.
:5: ليس
من الصحيح عدم قبول تشخيص أخيك المؤمن لعيوبك وخصوصاً إذا كان ذلك بدقة وحرص وحُسن
نيّة – فهذا يمثّل نحواً من التوفيق والخير للإنسان نفسه – فقد ورد عن الإمام الهادي
عليه السلام :(أنَّ اللهَ إذا أرادَ بعبدٍ خيراً إذا عُوتِبَ قَبِل)
: بحار
الأنوار ، المجلسي ،ج 72 ، ص 65:
وكذلك
في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:(لا يستغني المؤمن عن خصلةٍ ،وبه الحاجةُ
إلى ثلاثِ خصال ، توفيق من الله عز وجل ، وواعظ من نفسه ، وقبول ممن ينصحه):المحاسن
، البرقي ، ج 2، ص 604 .
:6: من
الكواشف عن الله تعالى بأنّه يريد بكَ خيراً وصلاحاً إذا عاتبك أخوك المؤمن وشخّصَ
لكَ عيوبكَ فقبلتها وأصلحتها – لأنّه رفضها وعدم القبول يؤدي بالإنسان إلى الغفلة
وتحوّل عيوبه إلى طباع تُسبّب له الكثير من الأضرار في الدنيا والآخرة.
:7: تتجلّى
الأساليب العقائديّة التي قدّمها الإمامُ الهادي على تقوية الارتباط بالله سبحانه
وبالأئمة الهداة ، وذلك من خلال ما طرحه من تفاصيل مهمة ودقيقة في الزيارة الجامعة
– والتي تركّز على زيارة الأئمة المعصومين والتواصل معهم من أجل مواجهة حملات
الإضعاف العقائدي والتنكيل بشيعة أهل البيت ومحاربتهم إعلاميّاً .
بحيث ينبغي
أن يكون هذا التواصل اليومي والأسبوعي والموسمي والسنوي قائماً على التعرّف
العقائدي والعلمي على مقامهم ومنزلتهم عند الله تعالى وفضائلهم والالتزام بمناهجهم
عمليّاً وتربويّاً.
:8: ينبغي
التأمّل وبدقّة في تفاصيل الزيارة الجامعة الواردة عن الإمام الهادي عليه السلام ،والتي
تُمثّل بياناً قويماً لأهمّية أدوار المعصومين في حياة الفرد والمجتمع الإسلامي ،وفيها
زخم كبير من محاولات الأئمة الأطهار في تقوية وإدامة الارتباط العقائدي والولائي للأمّة
بهم في مواجهة محاولات الطواغيت لإضعاف ذلك .
وقد عمل
الإمام الهادي في هذه الزيارة الشريفة على ترسيخ الوعي العقائدي المكين والذي يمنح
المؤمن القدرة الذاتيةَ على مواجهة حملات الإضعاف والتنكيل – ويظهر ذلك في مقاطع
مهمة منها مثل(السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومُختلف الملائكة ومَهبط
الوحي ومعدن الرحمة وخُزّان العلم ومُنتهى الحلم وأصول الكرم وقادة الأمم وأولياء النعم
وعناصر الأبرار ودعائم الأخيار وساسة العباد وأركان البلاد وأبواب الإيمان وأمناء الرحمن
وسلالة النبيين وصفوة المرسلين وعترة خيرة رب العالمين ورحمة اللَّه وبركاته)
:9: لقد
بيّن الإمام علي الهادي عليه السلام أمرين مهمّين في زيارة الجامعة ، وهما
:أوّلاً: أنَّ الأئمة المعصومين قد بلغوا القمّة في صفات الكمال الإنساني.
:وثانياً:
أنَّ كلّ واحدٍ منهم هو مجمع لصفات الكمال الإنساني .
وهذان
الأمران هما سبب الاصطفاء الإلهي لهم وإيجاب محبتهم وإتّباعهم عملاً وتطبيقا
(أبي أنتم
وأمي وأهلي ومالي وأسرتي أشهدُ اللَّهَ وأشهدكم أنّي مؤمن بكم وبما آمنتم به كافرٌٌ
بعدوكم وبما كفرتم به مُستبصر بشأنكم وبضلالة من خالفكم مُوال لكم ولأوليائكم مُبغض
لأعدائكم ومُعاد لهم - سِلمٌ لمن سالمكم وحربٌ لمن حاربكم ..... )
وعلى هذا
الأساس العقائدي المتين لا يكفي مجرّد المحبّة لهم والارتباط العاطفي بهم ما لم يكن المطلوب هو الالتزام العملي بمناهجهم
فعلاً وسلوكا.
______________________________________________
أهمُّ
مَضَامِين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى التي ألقاهَا سماحة الشيخ عبد المَهدي الكربلائي،
دام عزّه ،الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني
المُقدّس اليوم، الثالث من رجب الحرام 1441 هجري - الثامن والعشرين من شباط 2020م
.
______________________________________________
تدوين
– مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشرَف .
0 التعليقات:
إرسال تعليق