"" المَعَالِمُ القِيَمِيَّةٌ لعلاقةِ الإنسانِ العَبْدِ مع سيِّده ، اللهِ تبارك وتعالى ، خالقِه وربِّه "" ""في نظَرِ ومنهجِ الإمام زين العابدين ، عليه السلام ، "


"" المَعَالِمُ القِيَمِيَّةٌ لعلاقةِ الإنسانِ العَبْدِ مع سيِّده ، اللهِ تبارك وتعالى ، خالقِه وربِّه ""
""في نظَرِ ومنهجِ الإمام زين العابدين ، عليه السلام ، "
:1:- إنَّ العلاقةَ بين الإنسانِ ( العبد ) والله تعالى ( سيّده) لا بُدَّ من أن تُحفَظَ على وجه علاقةِ  العبد الفاني وخالقه الدائم ، ووجه العبد الصغير وربّه الكبير ، والضعيف مع القوي ، وهناك مجموعة من الأدعيّة نبّهت على هذه الأنحاء من العلاقة – (مولاي - مولاي أنتَ المولى وأنا العبد ، وهل يرحمُ العبدَ إلاّ المولى ؟ ! مولاي - مولاي أنتَ العزيز وأنا الذليل ، وهل يرحمُ الذليلَ إلاّ العزيز ؟ ! مولاي -  مولاي أنتَ الخالق وأنا المخلوق ، وهل يرحمُ المخلوقَ إلاّ الخالق ؟ ! مولاي - مولاي أنت المُعطي وأنا السائل ، وهل يرحمُ السائلَ إلاّ المُعطي ؟ !)
:2:- إنَّ سنخَ علاقة العبد بسيّده هي سنخ علاقة افتقار وحاجة دائمة واقعاً ، ولكن قد يتثقّف الإنسانُ بثقافة أجنبيّة عن هذه العلاقة فتغيب عنده مجموعة من المعارف والسلوكيات المستقيمة ، بحيث ينسى أنّه سيموت وينتقل لعالم آخر ، ويتعامل على أنّه باقٍ في الدنيا ، وقد يرى نفسه شيئاً أمامَ وقِبالَ الله سبحانه وتعالى ، فيتكبّر ويعصي ويتمرّد وربما يكفر والعياذ بالله .
:3:-
إنَّ الإنسانَ عندما يعتقد باعتقاداتٍ واهيةٍ سيصعبُ عليه أن يفهَمَ وأن يُصححَ ما عنده إلاَّ بجهد جهيد ، ولعلّ الكثير من الناس لا يقرأ ولا يستمع ولا يُكلِّف نفسه في أن يعرضَ أفكاره ومتبنيّاته على شخص موثوق به ومأمون ، مما ستتراكم عليه هذه الاعتقادات والتصوّرات بشكل لا يمكن أن يقلع عنها ، وهذا ما يحتاج إلى توفيق من الله تعالى وواعظاً من النفس وتحسسٍ بالاستبصار وتعليم للنفس وتأديب ، وإذا أصلحَ الإنسانُ نفسه صلحُ مُحيطُه الذي يتحرّكُ فيه.
:4:- إنَّ من أبواب الرحمة بأنفسنا وإصلاحها علينا أن نتمثّل ونعتقدَ أنَّ الإمام زين العابدين ، عليه السلام ، أمامنا ويُحدّثنا عن منهجه – منهج العلاقة بين العبد وسيّده( الله تبارك وتعالى) ولا بُدّية شكره بالقول والقلب والعمل.
:5:- إنَّ ثقافة الشكر وصيرورة العبد شكوراً تتمثّل بسلوكيات عامة ، نستشعر فيها شكر المنعم الحقيقي على نعمه المتوالية والوافرة ، وأن يكون حال العبد واحداً في النعماء والسرّاء والرخاء والشدّة – لا يتغيّر.
:6:-إنَّ حالة الشكر عند العبد تجعل منه مطمئناً في علاقته مع سيّده وخالقه وربّه (الله سبحانه )، وكلّما زادت معرفة الإنسان بربّه كلّما زادت عبوديته وصار حرّاً لوجهه الكريم ، وهذه تحتاج إلى مِران ومداومة.
:7:- لنلاحظ ما يقول : الإمام زين العابدين ، عليه السلام ، في مُناجاة الشاكرين ، ونقتفي أثره في ذلك (إِلَهِي أَذْهَلَنِي عَنْ إِقَامَةِ شُكْرِكَ تَتَابُعُ طَوْلِكَ وأَعْجَزَنِي عَنْ إِحْصَاءِ ثَنَائِكَ فَيْضُ فَضْلِكَ وشَغَلَنِي عَنْ ذِكْرِ مَحَامِدِكَ تَرَادُفُ عَوَائِدِكَ وأَعْيَانِي عَنْ نَشْرِ عَوَارِفِكَ تَوَالِي أَيَادِيكَ وهَذَا مَقَامُ مَنِ اعْتَرَفَ بِسُبُوغِ النَّعْمَاءِ وقَابَلَهَا بِالتَّقْصِيرِ وشَهِدَ عَلَى نَفْسِه بِالإِهْمَالِ والتَّضْيِيعِ).( الصحيفة السجّاديّة).
:8:- وهنا يُظهرُ الإمامُ ، عليه السلام ، العقيدةَ بالشكر للمنعم الحقيقي والاعتراف بنعمه ووجوب شكرها ، وهذا ما يستدعي أن يُحاسبَ الإنسانُ نفسَه عندما يضع رأسه على الوسادة لينام ، وقد لا يصحو .
:9:- من الوباء الأخلاقي هو عدم النظر في أنفسنا ومحاسبتها ، وجعلها في مقام التقصير – وإنّما المهم اتهام الآخرين وكشف عيوبهم وكأنّنا معصومون عن الخطأ، ولا بُدّ للإنسان من أن يتعظ في نفسه وينشغل بعيوبه وتقصيره.
:10:- إنَّ الإنسان كلّما اشتدّ به البلاء فعليه أن يراجعَ نفسَه ، وذلك لوجود تأثير لأعمال بني آدم على مُجريات التكوينيات ، كما يحصل من غلاء الأسعار وغيرها من البلايا .
:11:- إنَّ مصلحة وغرض الإمام السجّاد ، عليه السلام ، تكمن في تحقيق نجاتنا وهدايتنا وتصحيح علاقتنا مع ربّنا جلّ وعلا ، فكلّ شيء فينا يمرضُ – الأذنُ تمرضُ – كما القلبُ يمرضُ – ومن يتعوّد على سماع الكلام الباطل يصعب عليه ، بل يتقزز من سماع الحقّ والطيب من الكلام ، وليدرك الإنسانُ أنّه في كلّ يومٍ في موت وحياة ، ولا يعلم متى يموت ؟
:12:- في نوع العلاقة مع الله تعالى ينبغي أن نعرف مقامنا الذي نكون فيه – في التوبة نعترف بذلك ونناجي ربّنا بالقبول – في مقام الشكر ندعوه إذعاناً وتقريرا بذلك – ولكلّ مقام مقال  - لدرجة أنَّ الإنسانَ إذا عملَ بما يقوله المعصومون ، عليهم السلام ، فسيكون إنساناً قريباً من الإنسان الكامل – يتميّز بأخلاقه وأدبه وسلوكه – وهذا ما يحتاجه معه إلى الاستمرار والتدريب ، ولنعتقد بأنَّ كل يوم في حياتنا هو آخر أيّامنا ، لأنّا لا نعلم المستقبلَ ما هو .
___________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمَد الصافي  دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس  ,اليوم  -  الواحد والعشرين من  شوّال المُكرّم,1439 هجري ، السادس من تموز   ,2018م. ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ  تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________


شاركه على جوجل بلس

عن مرتضى علي الحلي

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات: