" المرجعيَّةُ الدِّينيَّةُ العُليا الشريفةُ " تضعُ يدَها
واقعاً على الجُرح الحقيقي في المُجتمع العراقي - وتُشخّصُ العِلاجَ بدعوتها القيّمة إلى تبني مشروع
صناعة الإنسان وتطوير قابلياته ولياقاته الاجتماعية والأخلاقيّة والأدبيّة
والسلوكية والتعليميّة ، وتعتبره أنفعَ المشاريع القيّميّة استثماراً ونتاجا
"
" وتُنبّه على ضرورة إيقاف نزيف المنظومة الأخلاقيّة والتي تواجه
التهديدَ برمّتها "
" وتوجّه الدّولةَ بتحمّل مسؤولياتها والمؤسساتِ والأسرَ الكريمةَ
والعُقلاءَ والعشائر وأصحابَ القرار إلى الالتزام بالثوابت والقيم والأخلاق ،ومُراعاة
تطبيق القانون دون تأثير التهديد العشائري " وتتساءل :- ما دخل تطبيق القانون بذلك ؟ "
" وتنقدُ الفوضى التي تضربُ المُجتمعَ – في قيّمه و الثوابت الأخلاقية
والاجتماعيّة ، وخاصة في مسألة الجرأة بالدماء والنزاعات حول أشياء ممكن حلّها
بالحوار والتفاهم والتعاون .
:: نعرضُ عليكم الأمرَ التالي:-
:: إنَّ أغلبَ المشاريع التي يسعى الإنسانُ إليها هي ما تعود بالنفع .
وشرافةُ أيِّ مشروعٍ تكمن عندما
يعود بالنفع إلى أكثر ما يمكن من الشرائح الاجتماعيّة ، والعقلاءُ يتنافسون فيما
بينهم على اختيار المشروع الذي فيه عوائد وفوائد ماديّة سواء أكانت لمشروع تجاري أو
خدمي ، وهكذا بقيّة المشاريع والتي تتباين في الهدف والناتج ( والحديث هنا ليس
سياسيّاً ) ,.
:: إنّما هو حديثٌ من واقعٍ مُعاش ليس له ربط بأي صورة بالجانب السياسي ،
وإذا كانت المشاريع تتباين في مستويات فوائدها فيكون أفضلَ مشروع هو مشروع صناعة
الإنسان وتطوير قابلياته ، وقد قال تعالى : ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ
خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70))) الإسراء.
:: إنَّ صناعة الإنسان وتربيته وتطويره كان محطَّ دعوات الأنبياء ، عليهم
السلام ، والمُصلحين والمفكّرين والأخلاقيين ، وكلّ قد أدلى بدلوه - فالأنبياء
قد سعوا لربط الإنسانِ بالله تبارك وتعالى ، ولهم منهجهم في ذلك ، وكذا
البقيّة - كلٌّ قد وضع برنامجاً يرفعُ فيه قابلياتِ الإنسان وطاقاته .
:: ونتحدّثُ عن وضعنا الراهن – ونقول : مَن هي الجهات التي تتكفّل ببناء
الإنسان وتطويره – ولا نُريد أن نعطي صورة سوداويّة عمّا وصل إليه الحال – ولكن من
المسؤول عن إزالة هذه الفوضى ... هل الدولة بعنوانها العام ؟
هل المؤسّسات الأخرى ؟ هل الأسّرة ؟
::: لماذا هناك حالة من عدم الاكتراث ببناء الإنسان .
:: نتحدّثُ في إطار أننّا مواطنون نعيش في بلدنا ، ونحن أبنائه ، ونعيشُ في
هذه الرقعة ( العراق ) ومَن حقّنا أن نبحثَ عن جميع الوسائل التي تطوّر الإنسان
والمواطن فيه ، - وهذا الحديث يتكلّم به
الخطباء وغيرهم فيقولون – لا تغش – لا تكذب – لا تفعل كذا – ولا شكّ أنَّ خطابين
أو عشرة لا يكفي ، بل لا بُدّ من خلق أجواء ترفعُ من مستوى وكفاءة الإنسان.
:: وإذا نظرنا إلى القضايا الحياتيّة في واقعنا نتأذّى – الشوارع والأزقة
غير نظيفة – فمن المسؤول عن ذلك ؟
ونُريدُ أن نبحث عن الأسباب لعلّنا نصلَ للحلول ، ونُريدُ أن نُشجّعَ شرطي
المرور فنقول له :( طبّق القانون ) وفي داخلنا يوجد إحباط بسبب التهديد العشائري
لشرطي المرور ، وما دخل تطبيق القانون بالتهديد بالعشيرة حتى يبقى شرطي المرو
خائفاً ؟
:: إنَّ العشائر الأصيلة كان لها دور في حفظ البلد ، ولكن ما أن يختلف
اثنان على بعض المياه في النهر حتى نرى النزاعَ المُسلّح والاقتتال والضحايا-.
والعقلاءُ يؤكّدون في مثل ذلك على
الحوار والتفاهم والتعاون ، فمن المسؤول عن ذلك – هذه فوضى يجبُ إيقافها – ونُريدُ
جواباً ؟ لماذا هذه الجرأة بالدماء في بلدنا ؟ ولماذا لا توجد كوابح اجتماعيّة
لهذه الحالات ؟
::: وفي الجانب التعليمي – ولا نتحدّث عن جهة معيّنة – وصل الحال إلى هتك
حرّمة المعلّم من قبل الطالب ، وكذا توجد حالات من عدم اكتراث بعضٍ بتربية الطالب
وتعليمه ومستواه ونجاحه ، ولماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه ؟
إنَّ المشكلة كبيرة وقد لا نشعر بها لأنّنا في
وسطها ، وقد بلغ الحال بالطالب أن يتخرّج ولا يحسن الكتابة في بعض الحالات ، وهذه
ثقافة وحقيقة موجودة في البلد.
:: بل في بعض الحالات الاجتماعية والأدبيّة بدأ العيب والاحترام يختفي
ويغيب ، وكأننّا في فوضى - .
:: الدولة تتحمّل مسؤولياتها والمؤسسات والأسرة كذلك ، ونُريدُ أن نُبيّنَ
خطورة المسألة ، ونناشد الأسر الكريمة المقدور عليها بأن تربي وتعلّم أولادها على
خلاف ما يتجاوز القيم الأصلية في مجتمعنا – علّموهم على الأخلاق الفاضلة والروح
الطيبة – وتجنّب الرشوة والمال الحرام - .
:: علينا أن نوقفَ نزيفَ الأخلاق ، فالمنظومة الأخلاقية باتت برمّتها
مهدّدة – ومَن يملك القرار في الأسرة وفي المعمل وفي المدرسة عليه أن يلتزم
بالثوابت والقيم والأخلاق.
: أهمًّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ
الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة ، الواحد والعشرين من شوّال المُكرّم
,1439هجري –
وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي ، السيّد أحمَد الصافي , خَطيب وإمَام
الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :::
_________________________________________________
الجُمْعَة- الواحد والعشرون من شوّال المُكرّم ,1439 هِجرِي- السادس من تموز
2018م.
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ
العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
_________________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق