: معالمٌ قيَميّةٌ من نصوص الإمام الحُسَين :عليه السلام:
في نهضته الشريفة :المَعلَمُ الثاني :
==============================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
وسلامٌ على الإمام الحسين في العالمين
المَعلَمُ الثاني
=========
و هو قول الإمام الحسين: عليه السلام:
: وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخِيرَ لي مصرعٌ أنا لاقيه :
هنا يطرح الإمام الحسين:ع: عناصر القوة المعنوية والإيمانية في حركته الى الله تعالى
و أهمها:
الشوق الى النبي محمد:ص: والإمام علي والصديقة الزهراء والحسن :عليهم السلام:
وهم أسلافه الذين مضوا الى ربه بنفوس راضية مرضية.
حتى أنه عبّر عنه بإشتياق المعصوم الى المعصوم ووجه التشبيه هنا بإشتياق يعقوب الى يوسف
بإعتبار أنّ يعقوب :عليه السلام:
قد فارق يوسف وهوغلام وحُرِمَ من رؤيته سنين طوال وكذا الحال مع الحسين:ع:
الذي فارقه جده النبي محمد:ص: وأمه الزهراء:ع: وهو صغير السن أيضا.
وهذه النقطة تُركّز في ذاتها قيمة حب المعصومين
:عليهم السلام:
وأهميتها في وجود الإنسان الصالح
والذي حينما يشتاق الى نبيه وإمامه والمعصومين
تخفف عنه وطأة المعاناة التي يعيشها نتيجة الغربة التي تحل به بفعل إنحراف الأمة .
ثم بعد ذلك يقول الإمام الحسين:ع:
(وخِيِرَ لي مصرعٌ أنا لاقيه)
خِيرَ: هو فعل ماضٍ مبنيٌ للمجهول
إشارة الى تعظيم الفاعل المحذوف وهنا في المقام هو الله تعالى :بمعنى قد إختار الله تعالى ليَّ مصرعاً أنا لاقيه .
هذا على مستوى المعنى النحوي واللغوي.
أما على مستوى المعنى القيمي والأخلاقي والعَقدي
فيكون المعنى أنّ الله تعالى هو من إختار للإمام الحسين :ع: هذا الدور الرسالي العظيم وهذه الشهادة الحتمية .
وهذا الإختيار إنما جاء وفق ملاك عصمة الحسين:ع:
ومحبوبيته وقدسيته عند الله تعالى.
إذ أنَّ الإمام الحسين يعلم يقيناً بذلك الإختيار الإلهي الحكيم لذلك سلّمَ به وأفصح عنه علنا.
ولسائل أن يسأل لماذا هذا الإختيار وبصورة الشهادة والتضحية للدم من لدن الحسين:ع:
فممكن أن يكون الخطاب وإلقاء الحجة كافية في النهضة الحسينية آنذاك؟
الجواب:
إنّ كلا الأمرين مطلوبان :الخطاب الرسالي
وإلقاء الحجة والتضحية بالدم.
فتارة لايجدي الخطاب الرسالي وإلقاء الحجة على الآخر المتبع لمنهج الباطل والظلم والفساد
بفعل موت القلوب وضلالة العقول وفساد الأنفس
فحينها يكون ممارسة دور التضحية والمواجهة العسكرية
هو الخيار الأفضل في الميدان تحريكاً للساكن وضخاً للحياة في الموتى من الناس.
فالله تعالى حينما إختار الحسين:ع:
ليكون شهيدا لله تعالى وعلى الأمة
إنما إختاره من موقع الوجود القيمي والقدسي
في نفوس المسلمين والمؤمنين وبحكم كونه إمام الوقت والإنسان
وهذا الوجود الكلي القيمي إذا نزل بنفسه الى الميدان
فسيُشكّل قوة دافعة آنيا ومستقبليا في إمكانية التضحية بالنفس من أجل إبقاء الرسالة الألهية صحيحة وقويمة.
فضلاً عن ندب الله تعالى في الكتاب العزيز القرآن الكريم لقضية الجهاد والدفاع في سبيل الله تعالى.
وإعطاء الإنسان الشهيد الأجر العظيم والحياة الحقيقية .
((وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)){169}
(( فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)){170}
((يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ))171 آل عمران:
فسلامٌ على الإمام الحسين في العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
0 التعليقات:
إرسال تعليق