: معالمٌ قيَميّةٌ من نصوص الإمام الحُسَين :عليه السلام: في نهضته الشريفة :


: معالمٌ  قيَميّةٌ   من  نصوص الإمام الحُسَين :عليه السلام:
 في نهضته الشريفة  :
==============================

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
وسلامٌ على الإمام الحسين في العالمين


  لما جاء كتاب مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين:عليه السلام:
 عزم على الخروج
فجمع أصحابه في الليلة الثامنة من ذي الحجة لسنة60 للهجرة  فخطبهم
فقال :  
: الحمد لله وما شاء الله ولا قوة إلا بالله ، خُطَّ الموتُ على ولدِ آدم مَخط القلادة ، على جيد الفتاة ،
 وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخِيرَ لي مصرعٌ أنا لاقيه
 فكأني بأوصالي تُقطّعها عُسلان الفلوات بين النواويس وكربلا فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا ،
 لا محيص عن يوم خُطّ بالقلم
 رضا الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين
 ولن تشذ عن رسول الله : صلى الله عليه وآله : لُحمَتُه  يقصد  :عليه السلام: نفسه الشريفة وأهل بيته
 :عليهم السلام:
وهي مجموعةٌ في حظيرة القدس ، تقرُّ بهم عينه وينجز بهم وعده ،
 فمن كان باذلاً فينا مُهجته مُوطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا  فإني راحلٌ مُصبّحا إن شاء الله:  
: اللهوف  : السيد ابن طاووس: ص126.    
              : مقتل الخوارزمي: ج1: ص186.

إنّ هذا النص الشريف يضعنا أمام كتلة قوية وصلدة من القيم المعنوية والعرفانية والأخلاقية والدينية.

إذ أنّ الإمام الحسين :ع:  في ذلك الموقف كان الأمر عنده من الوضوح بدرجة عالية جداً بحيث كشف عنه في خطاباته
وخصوصا هذا النص المُؤسس للمفاهيم القيميَّة الحقة والمُحرّك لفاعلية الإيمان والمبدأ عند الإنسان المؤمن .

فالإنسان المؤمن حينما يعتقد بحقانية الدين ومشروعيته عقيدةً وشريعةً وفكرا ومنهجا ويقتنع بذلك تماماً
  سيكون الخيار الصعب والأخير عنده سهلاً بحكم اليقين بالفوز والظفر برضا الله تعالى ورسوله  .

  من هنا رسم لنا الإمام الحسين:ع: ملامح حركته ونهضته القيميَّة الشريفة والتي كلفته الشهادة والتضحية بنفسه وبأهل بيته وأصحابه.
وفق معالم محددة
أهمها:


المَعلَمُ الأول
======
 وتجلى بمقولات :
الحمد لله  :
 وهذا هو أدب المعصومين في الحديث مع الله تعالى المُتسحِق لوحده وحصرا الحمدَ كله.
وهنا عندما يَحمدُ الإمام الحسين :ع:  اللهَ  تعالى
  فيقيناً أنه يحمده على الحال الذي هو فيه وعلى ما سيجري عليه .
                                                                         
 لذا فرض علينا الله تعالى   في الصلاة وغيرها التّحميد له سبحانه دوما بالثناء عليه وفي كل حال .
كما هو مسنون في سورة الحمد الواجبة القراءة في كل صلاة
ولا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب.

وما شاء الله :

وهذه لغة المُوقنين بالقضاء والقدر الإلهي الحكيم.
بمعنى لايكون إلاّ ما أراد الله تعالى لعباده وأختار لما فيه صلاحهم ومصلحتهم الوجودية حياتيا.
والقرآن الكريم ركّز على هذا المعنى معنى التسليم بإرادة الله تعالى الحكيمة.
وقال تعالى:
((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ))الأحزاب36


ولا قوة إلا بالله:
وهذه هي الأخرى مفردة يقينية وقطعية في أثرها التكويني على الإنسان في هذه الحياة الدنيا
 فالحول والقوة مُنحصرة بالله تعالى واقعا وثبوتا
وما عند الإنسان من قدرة نسبية وبسيطة فهي بتمكين الله تعالى .

وحينما يدرك الإنسان أنّ القوة لله جميعا وبيقين قطعي فسوف يتحرك في تطبيق المبدأ والمشروع الحق بقوة الله تعالى وتمكينه .

والقرآن الكريم من أول الأمر بثّ هذه القيم المعنوية في وعي الإنسان المؤمن والمسلم في نصوصه الشريفة
فقال تعالى:
 ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ  ))البقرة165

 ((إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )) الذاريات58

 كل الذي تقدم أعلاه كان   حاضراً وبيقين نهائي ومبين في وعي وذهن الإمام الحسين:ع:
ثم أردف  قوله أعلاه بمقولة :

: خُطَّ الموتُ على ولدِ آدم مَخط القلادة على جيد الفتاة  :

فإذا كان الإنسان المُصلِح والثائر في مجتمعه يخشى الموت في نهاية حركته فهو شخصٌ غير مُكتمل الوعي والإيمان والعقيدة.

لذا نبّه الإمام الحسين:ع: على هذه الحقيقة الوجدانية في نفوس الناس والتي تنتابهم دوما.
وقال قولته هذه





بمعنى أنّ النهاية الحتمية المُتمثلة بالموت للإنسان
 هي مُحيطةٌ به شاء أم أبى وسيصل إليها يقيناً .

 لكن مفهوم الموت يختلف عند الناس
 فمنهم من يراه خسارة للحياة
ومنهم من يراه فوزا بالآخرة والحياة الحقة الباقية.

وبما أنّ الإمام الحسين:ع: هو أحد أفراد البشر
ولكن تصوره وتصديقه بالموت يختلف تماما عمّا هو معهود عند الأعم الأغلب في وقته وخاصة الذين حاربوه وخذلوه.


فشبّه  :عليه السلام:  الموت بالزينة والجمال الذي يتحلى به الإنسان الشهيد والمُضحي في حال موته قتلا في سبيل الله تعالى والمبدأ.

ومعلوم أنّ الفتاة إنما تضع القلاة على جيدها (رقبتها)
لأجل الزينة والجمال.

وهذه المفردة الحسينية القيمية هي رسالة معنوية وعَقَدية وحتى فكرية وأخلاقية لنا جميعا.

فنحن المؤمنون مُطالبون بحكم إيماننا بالله ورسوله والأئمة المعصومين .
بالتأسي بقول وبفعل وبيان المعصوم  وأعني هنا  الحسين:ع:


 كون القرآن الكريم  قد طرح وجه العبرة والحكمة من التعاطي مع المعصومين   حتى بعد مماتهم  :
فقال الله تعالى:
 ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ))الممتحنة6


وهذه الآية الشريفة هي الآخرى تضعنا في الصورة الحقة لملامح الطريق :
وهي أن نكون متأسين بالمعصومين   بإعتبارهم السبل السديدة والمُوصِلةُ الى الله تعالى والتي من خلالها نضمن الدخول الى الجنة ورضا الله سبحانه.

لاحظواالربط القرآني بين وجه وحكمة الحاجة الى التأسي الفعلي بالمعصومين وبين الرجاء لله تعالى واليوم الآخر.

وهذا الربط القيمي لن يكون جزافا بل جاء وفق علم الله تعالى وحكمته بضرورة إرتباط الإنسان بالمعصومين .

والخيار متروك للإنسان بعد إتمام الحجة عليه
لهذا جاء في ذيل هذه الآية :

((وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ))

بمعنى أنه من يعرض ويترك التأسي بالمعصومين
 فالله غني عنه وغير محتاج له
والخاسر في النهاية هو الإنسان المُعرض عن إرشاد ربه تعالى.


وسلامٌ على الإمام  الحسين في العالمين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :


شاركه على جوجل بلس

عن مرتضى علي الحلي

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات: