: النظرةُ
الصحيحةُ والواقعيّةُ في التعامل مع الابتلاءاتِ والمشاكلِ والأزماتِ في هذه
الحياة بحسبِ وصيّةِ الإمام جَعفَر الصَادق ، عليه السلام :
حيث قال : ( يا ابن
جندب : - وقد عَجزَ مَن لم يَعدّ لكُلّ بلاءٍ
صبرا ولكُلّ نعمةٍ شكرا ، ولكُلّ عسرٍ يُسرا ،صبّر نفسَكَ عند كلِ بليّةٍ في ولَدٍ
أو مالٍ ، أو رزيّةٍ ، فإنّما يَقبضُ عاريته ويَأخذُ هبتَه ليبلو فيهما صبرَكَ وشكرَكَ)
: بحار الأنوار ،
المجلسي ، ج75 ، ص283 :
:1: في هذه
المقاطع القيّمة يُبيِّنُ الإمامُ الصادق ، عليه السلام، كيفيّة التعامل الصحيح
إلهيّاً وواقعيّاً في مواجهة الابتلاءات والمشاكل والهموم التي يتعرّض لها الإنسان
في حياته ، بحيث يمكن له أن يتجاوزها بنجاح ، سواءٌ على مستوى التعامل مع النعمة
أو العسر.
:2: مِن المعلوم
يقيناً أنَّ هذه الحياة الدنيا لا تخلو من حالين في التناوب أو التلازم بين حال
البلاء وفقدان الأحبّة أو حال النعمة والرفاهيّة والتي لا تدوم أيضاً.
:3: إنَّ القرآن
الكريم قد بيّن هذه الحقيقة التكوينية ، وهي أنَّ الحياة الدنيا دارُ بلاءٍ
واختبارٍ وقد يلازمها النعمة والرفاه ، قال تعالى: ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا
أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ
(3))) العنكبوت.
:4: نعم وبحسب
طبع الإنسان ورغبة قد تزعجه هذه البلاءات ، ولكنّ لا بُدّ له من مواجهتها بنظرة
قرآنيّة صحيحة وواقعيّة وفق الظروف التي يعيشها ، لا أن ينظرَ إليها نظرة جوفاء.
:5: وتقوم النظرة
الصحيحة في مواجهة المشاكل والأزمات والبلاءات على أساس الصبر والثبات والتحمّل
قولاً وسلوكاً لكي يتجاوزها بنجاح – والمقصود بالصبر هو التسليم لإرادة الله تعالى
في ذلك وما ورائها من كشفٍ لدرجة الإيمان وتحصيلٍ للثواب وحُسن العاقبة.
:6: روي عن
الإمام الصادق أنّه قال: ( لأصحابه لا تتمنوا المُستحيلَ ، قالوا : ومَن يتمنى المُستحيلَ
، فقال : أنتم ، ألستم تمنون الراحةَ في الدنيا ، قالوا : بلى ، فقال الراحةُ للمُؤمن
في الدنيا مُستحيلة)
: بحار الأنوار ، المجلسي ، ج78 ، ص 195 :
:7: ينبغي أن
يدرك الإنسان أنَّ البلاء هو سنّة إلهيّة جرت على الأوّلين وتجري على الآخرين من
عامة الناس والأنبياء والصالحين ، وهذا هو اختبار واقعي للكشف عن مقدار الإيمان
واستحقاقاته وموقف الإنسان منه ومن النعمة التي هو فيها شكراً وقناعةً أو
استكباراً وإيذاءَ للآخرين.
:8: من الضروري أن يفهم الإنسان أنَّ بعد كلّ عسر يسرا
وإن طال الأمد ، وعليه أن يتعامل مع الأمور المتعسّرَة بتوازن نفسي وعقلي وسلوكي ،
وأن يثق بوعد اللهِ تعالى بالفرج والتيسير.
:9: وفي الواقع
أنَّ النعمة التي يَنعمُ بها اللهُ سبحانه على الإنسان هي عاريةٌ وهِبةٌ سيستردّها
في ما بعد ، ولا بدّ له من توظيفها في مواردها المقرّرة شرعاً وفي نفع الناس
وخدمتهم والتسليم بذلك .
______________________________________________
أهمُّ مَضَامِين خطبةِ
الجُمعَةِ الأولى التي ألقاهَا سماحة الشيخ عبد المَهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ
العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم الرابع والعشرين من ربيع
الأوّل 1441 هجري ، - الثاني والعشرين من تشرين الثاني 2019م .
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى
عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشرَف .
0 التعليقات:
إرسال تعليق