" ينبغي تعزيز ثقافة الأمر بالمعروف وضرورة
عدم الزهد فيها بداعي عدم الشكر أو التأثّر" في نظر أمير المؤمنين ، علي بن
أبي طالب ، صلواتُ اللهِ وسلامه عليه "
حيث قال : ( لَا يُزَهِّدَنَّكَ فِي الْمَعْرُوفِ
مَنْ لَا يَشْكُرُه لَكَ - فَقَدْ يَشْكُرُكَ عَلَيْه مَنْ لَا يَسْتَمْتِعُ بِشَيْءٍ
مِنْه - وقَدْ تُدْرِكُ مِنْ شُكْرِ الشَّاكِرِ - أَكْثَرَ مِمَّا أَضَاعَ الْكَافِرُ
- والله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )
: نهج البلاغة ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص
506.
:1:- في هذا المقطع القيّم يُقدّمُ لنا
أميرُ المؤمنين ، عليه السلام ، مطلباً ودافعاً لشحذ الهِمَم على فعل الخير
والمعروف منهجاً وسلوكا ، وذلك بعدم التثبّط أو الزهد في صنع المعروف ، إذا ما
تنكّر لنا مَن نصنعه إليه أو لم يشكرنا ، فلا ينبغي أن يأخذَ الأثر النفسي في
نصحنا ووعظنا ومعروفنا وقعه علينا بانتظار مَن يشكرنا .
:2:- ليس من الصحيح ترك صنع المعروف بحجّة
عدم القبول أو عدم الشكر أو عدم تأثيره – فهو واجب فقهي في الشرع المُقدّس وبالقدر
المستطاع – فالمؤمن مأمورٌ بنفع الناس وصنع المعروف لهم – وأمير المؤمنين ، عليه
السلام ، إنّما يُخاطبُ مَن يسمع ويتّعظُ ويقبل النصحَ ، وعلينا أن لا نزهد في
ذلك.
:3:- لنلاحظ حثَّ ودفعَ أمير المؤمنين ،
عليه السلام ، لفعل المعروف قولاً وسلوكاً وأسلوباً دون انتظار شكر أحد ، أو الزهد
فيه بفعل عدم شكره :
( لَا يُزَهِّدَنَّكَ فِي الْمَعْرُوفِ مَنْ
لَا يَشْكُرُه لَكَ )- وموارد المعروف كثيرة ومنها :
ما يتحقق بمشي الإنسان بهدوء وفعله بكياسة
أو تكلّمه بكلام طيب في محضر خير وبأسلوب رفيع – والكلمة الطيبة صدقة .
:4:- إنَّ ترك الأمر بالمعروف وصنعه في
المجتمع هو بداية سيئة لهذه الأمّة –
ولا ينبغي أن يكون الإحباط أو التثبّط
دافعاً لتركه – وكم مَن الحالات الشاذة في الأمم والمجتمعات السابقة انتهت وتلاشت
بفعل الأمر بالمعروف وعدم الزهد فيه؟
:5:- نعم في بعض الحالات تقتضي طبيعة
البشر أن يُشكَر على صنعه المعروف ، وإذا لم يشكر فستأثّر بحالة نفسيّة تدعوه
للانكماش والزهد في فعل المعروف – وأمير المؤمنين ، عليه السلام ، يحّذرنا من ذلك
تعزيزاً لوظيفة الأمر بالمعروف واستجلاباً لفوائدها الكبيرة .
:6:- وفي توجيه قيّم ورائع منه ، عليه السلام ،
وعلاجاً لعدم شكر المعروف لصانعه – ( فَقَدْ يَشْكُرُكَ
عَلَيْه مَنْ لَا يَسْتَمْتِعُ بِشَيْءٍ مِنْه ) – بمعنى أنَّك أيُّها الفاعل
للمعروف قد تصنعه لزيد ولا يشكرك ، فيشكرك عمر على صنعه، وهو لَا يَسْتَمْتِعُ بِشَيْءٍ
مِنْه ، انصافاً منه إليك وتخفيفاً عنك .
:7:- وقال : عليه السلام : (وقَدْ تُدْرِكُ
مِنْ شُكْرِ الشَّاكِرِ - أَكْثَرَ مِمَّا أَضَاعَ الْكَافِرُ - والله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
) :- بمعنى قد تحصل على ثمرات وفوائد من صنع المعروف مِن شاكر أكثر من مُنكرٍ
لنعمةٍ ، وهو كافر النِعم – لا كافر الاعتقاد – فصنع المعروف هو إحسانٌ يُحبّه
اللهُ تعالى فلا تزهد في ما يحبّه الله ويُبقيه ، وهو أولى بالمُراعاة والصنع –
ومحبّة الله دائمة وباقية ومتجدّدة لعباده الآمرين بالمعروف ، وتحصيل محبّة اللهِ
سبحانه هي أولى وأبقى بخلاف كُلِّ فانٍ .
_____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ،والتي
ألقاهَا سَماحةُ ، السيّد أحمد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ
العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ،السادس عشَر من جمادى الآخرة 1440 هجري
، الثاني والعشرين من شباط 2019م .
______________________________________________
تدوين - مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي - النَجَفُ
الأشْرَفُ .
:كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى،
رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ .
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق