( كيفيّةُ التعاملِ مع وسائل المعرفة التي دَخَلَت إلى بيوتِنا وإلى عُمقِ أنفسِنا وفق المنظورِ القرآني) قال اللهُ تبارك وتعالى :((وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36))) الإسراء.


( كيفيّةُ التعاملِ مع وسائل المعرفة التي دَخَلَت إلى بيوتِنا وإلى عُمقِ أنفسِنا وفق المنظورِ القرآني)
قال اللهُ تبارك وتعالى :((وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36))) الإسراء.
:1: إنَّ القرآنَ الكريمَ نِعمَ المُربِّي والهادي ، وهو كتابُ هدايةٍ في الكثير من آياته وسوره الشريفة – وغداً سيحتجُّ به اللهً سبحانه علينا إذا لم نتذكّر به ونعتبر ، وهو ممّن يشكوا  إلى الله من هُجرانه.
:2: لقد قدّم اللهُ سبحانه لنا حجّتين في الهداية ، وهما – القرآن الكريم والنبي الأكرم وعترته الطّاهرة ، وفيهما تنحصر موارد الهداية – ولا ينبغي أن يغيبَ عن أذهاننا التذكّر بالقرآن والعترة.
:3: في هذه الآية الشريفة ظهور دلالي
بيِّن وواضح يمكن للإنسان أن يستفيدَ منه ويستنطقه في توجيهات سلوكّياته – وهو النهي الإلهي عن الإتّباع بغير علم في التلقّي للمعارف والثقافات والأخبار وغيرها ، وتحمّل المسؤوليّة جزاء ذلك.
:4: الآية الكريمة تنطوي على شقين ، هُما – الشقّ الأوّل ( النهي عن الإتّباع بغير علم) والشقّ الثاني( الجزاء وتحمّل المسؤوليّة عن السمع والبصر والفؤاد نتيجة الإتّباع بغير علّم).
:5: والآية الشريفة تُربّي الإنسان على كيفيّة كسب المعرفة وتكشف عن أدواتها من السمع والبصر والفؤاد( والذي قد يعني العقل والوجدان والإدراك ) وتضع هذه الأدوات جميعاً على مسؤوليّةٍ خطيرة في التلقي والإتّباع بغير علم – وخطر هذه المسؤوليّة قد يكون شخصيّا أو أسريّاً أو اجتماعيّاً – وتذكّره أنّ أمامَه يوم بعثٍ وقيامة وحساب.
:6: إنَّ القرآن الكريم في هذه الآية الشريفة يحرص بشدّة على أن تكون جميع مًدركاتنا عِلميّة – لأنّنا سريعو التأثّر بالأمور غير العلميّة ونُرتّب عليها آثاراً ومواقفا.
:7: إنَّ الإنسان يوميّاً يواجه مجموعة معارف تدخل إليه من خلال السمع والبصر وينفعل إزائها – وهنا ينبغي التدقيق في كسب المعرفة وتلقّيها وضرورة فلترتها بالعلم والتبيّّن والمطابقة والصدق والفحص – لا أن نتلقاها بغير علم وتثبّت.
:8: المشكلة في التعامل مع وسائل المعرفة الحديثة هي ترتيب المواقف بغير علم وبغير تبيّن ، وقد قال الله سبحانه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)))الحجرات.
:9: ينبغي التأمّل في أنَّه قد يتكلّم الإنسان  عن سوء ظنّ أو حسد أو بغض بالآخرين ، وكذلك عندما يكتب في الوسائل الحديثة ويرى ذلك الألوف وأكثر ، وهم يتلقون منه من غير علم وما يخالف الواقع .
:10: إنَّ أغلب المشاكل الكبرى السياسيّة منها أو الاقتصاديّة أو الاجتماعيّة أو الأسريّة ناشئة من الاقتفاء بغير علمِ- والإنسان قد يتعوّد على الكلام السيء ويعلم أنّه لا واقع له ممّا يجعله لا يستجيب للنصح وينسى الحساب والخسارة – قال تعالى: ((حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20)) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23))فصّلت.
:11: ووفق منطوق الآية الشريفة ودلالتها ينبغي بنا أن نشفقَ على أنفسنا –لأنَّ اللهَ تعالى لا يحتاج إلى شاهد علينا _ وإنّما مقتضى عدله أن يجعلَ أنفسنا تشهد على أنفسنا يوم القيامة .
:12: بعض النّاس من مكنته السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة يحصل عنده غرور ويحطّ من قدرِ الآخرين ، ولا يتأمّل في العواقب ولا يتسمع إلى القرآن الكريم – حتى صرنا نخاف على شبابنا من الثقافات المتباينة – لأنَّ بعضهم لا يسمع ولا يتقبّل الكلامَ الطيّب بسهولة.
______________________________________________
أهمُّ مَضَامِين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى التي ألقاهَا سماحة السيّد أحمَد الصافي، دام عزّه ،الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس اليوم, السادس والعشرين من جمادى الآخرة 1441 هجري  -  الواحد والعشرين من شباط 2020م .
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشرَف .



شاركه على جوجل بلس

عن مرتضى علي الحلي

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات: