:
في الوقت الحاضر ومن أجل إصلاح أنفسنا ووطننا وتغيير واقعنا - نحتاج إلى الحاكم
الصادق والمسؤول الصادق في التزاماته ووعوده – صادقاً في تكليفه برعاية الشعب
وحقوقه :
المرجعيّةُ
ال
دّينيّةُ العُليا الشريفةُ :- تؤكدّ على
ضرورة مُراعاة الالتزام بفضيلة الصدق الاجتماعي والأخلاقي والفكري والثقافي
والعملي والنقلي والوظيفي والعبادي والاقتصادي – لِما لذلك من دور كبير في تطوّر
المجتمع واستقراره بخلاف رذيلة الكذب وآثارها الخطيرة.
:1: يًعتبر
الصدق في مقدّمة الفضائل النفسانية والأخلاقيّة الرفيعة ، فهو زينة اللسان والكلام
ومبعث الصلاح والاستقامة – وله تأثير كبير في الرقي الحضاري ، وسبيل للنجاة في
الدنيا والآخرة.
:2: إنَّ
فضيلة الصدق هي محلّ اهتمام واعتناء وتمجيد وعمل الحكماء والعقلاء – وإذا تأمّّلنا
في بعض الأحاديث الشريفة التي بيّنت منزلة الصدق وفضيلته نجد أنَّها تجعله معياراً
في اختبار وعي الإنسان المسلم في فهم جوهر وحقيقة الإسلام.
:3: وكذلك
يعتبر الصدق معياراً لمعرفة الإيمان في داخل وباطن الإنسان والالتزام بجميع مناهج
الإسلام – وعن الإمام الصادق ، عليه السلام:
(َلَا
تَغْتَرُّوا بِصَلَاتِهِمْ ولَا بِصِيَامِهِمْ - فَإِنَّ الرَّجُلَ رُبَّمَا لَهِجَ
بِالصَّلَاةِ والصَّوْمِ حَتَّى لَوْ تَرَكَه اسْتَوْحَشَ - ولَكِنِ اخْتَبِرُوهُمْ
عِنْدَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وأَدَاءِ الأَمَانَة)
:
الكافي ، الكليني ، ج2 ، ص 104:
:4: ورغم
أهمّية الصلاة والصوم ، إلّا أنَّهما لا يُقارنان بصدق الحديث وأداء الأمانة في
الكشف عن مدى تطابق الإيمان مع العمل والاعتقاد والالتزام والمواثيق في المجتمع.
:5: وهنا
إذا أردنا أن نختبر أنفسنّا – هل نحن صادقون في إيماننا وواعون في فَهم جوهر
الإسلام ؟ فعلينا أن نصدقَ الحديثَ ونؤدّي الأمانةَ .
فالصدق
في تعريف العلماء بمعناه الأوسع والأدق يشمل التطابق والتوافق بين الكلام والواقع
، ويشمل حتى الفكر والمعتقد والعمل والنيّة والعزيمة والأخلاق – فقد يكون الإنسان
صادقاً في لسانه وعمله وقد لا يكون – وقد يكون صادقاً في ظاهره ولكنّه غير صادق في
نيّته وعزمه.
( بعض
الآثار الاجتماعيّة والفكريّة والثقافيّة والعباديّة لأهمّية فضيلة الصدق):
:أوّلاً:
إنَّ الصدق يُعزّز الثقةَ بين الناس في علاقاتهم الاجتماعيّة ومعاملاتهم
الاقتصاديّة – فصدق الإنسان في حديثه وإخباره يجعل المجتمع متماسكاً ومتعاوناً
ومستقرّاً ومستقيما.
:ثانياً
: حتى ننجح في حياتنا الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة نحتاج للالتزام بفضيلة
الصدق – وفضيلة الصدق مهمّة وضروريّة عند الفرد المُتديّن وغير المُتديّن وعند
المجتمع المُتديّن وغير المُتديّن – ولا يمكن تنظيم أمور المجتمع إلّا من خلال
الصدق في العمل ونقل الوقائع والحقائق التاريخية وغيرها.
:ثالثاً
: من خلال الصدق يحصل لدينا الاطمئنان بشهادات الآخرين ، ونكتسب محبّتهم وتقديرهم وتكريمهم
اجتماعيّاً – وكذلك في المجال العبادي مع الله تعالى ، فالصادق معه يكسب محبته
سبحانه ، ويحصل على طاقة روحيّة ترفعه.
:رابعاً
: في وقتنا الحاضر نحتاج إلى إعلام صادق في نقله وتحليل صادق وكاتب ومؤرخ صادق في
نقل التاريخ ووقائعه والعقائد – ونحتاج لطبيب صادق ومهندس صادق ومعلّم صادق في
تعليمه – نحتاج للصدق في كلّ مجالات الحياة.
::
وأمّا بالنسبة لرذيلة الكذب فهي من العيوب النفسيّة الذميمة والقبائح الأخلاقيّة ،
والكذب هو مصدر الآثام والشرور في المجتمع – وفي إحصاء أجري في إحدى الزيارات كشفَ
عن أنَّ الغيبة والكذب هما الأكثر انتشاراً في المجتمع .
وعن الإمام الحسن العسكري، عليه السلام، أنّه قال : (جُعِلَت
الخبائث في
بيتٍ وجُعِل
مفتاحه الكذب): بحار الأنوار، المجلسي،ج69،ص 263:
ويشمل
الكذب ما يحصل في النقل للأخبار والوقائع وفي العمل والعقائد والأفكار – والكذب هو
سبب خراب البيوت وتفكّك الأسر وعدم استقرار المجتمع.
وهو يجرّ
إلى النفاق في صغيره وكبيره – في المزاح والجد – وورد عن الإمام السجّاد ، عليه
السلام:( اتقوا الكذبَ ، الصغيرَ منه والكبيرَ في كلّ جدٍ وهزلٍ فإنّ الرجلَ إذا كذبَ
في الصغير اجترأ على الكبير)
:روضة
المتقين ، المجلسي الأوّل ،ج12، ص 106:
إذن لابُدّ
لنا من أن نراجع أنفسنَا لمعرفة مدى التزامنا بالصدق وتجنّب الكذبِ ،والذي تحوّل
إلى ظاهرة اجتماعيّة لها آثارها الخطيرة في المجتمع.
: أهمُّ
ما جاءَ في خِطابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ , اليَوم, الجُمْعَة
، الواحد والعشرون من جمادى الأولى 1441 هجري – السابع عشر من كانون الثاني 2020م - عَلَى لِسَانِ الوكيلِ الشرعي، سماحة الشيخ
عبد المَهدي الكربلائي ، دامَ عِزّه ، خَطيب وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني
المُقَدّسِ .
___________________________________________
تدوين
– مرتضَى علي الحلّي – النجفُ الأشرف
0 التعليقات:
إرسال تعليق