" أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّه الْمُتَأَسِّي
بِنَبِيِّه - والْمُقْتَصُّ لأَثَرِه "
عن أمير المؤمنين علي ، صلواتُ اللهِ
وسلامُه عليه ،
أنّه قال :
(فَتَأَسَّ بِنَبِيِّكَ الأَطْيَبِ الأَطْهَرِ - فَإِنَّ فِيه أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى وعَزَاءً
لِمَنْ تَعَزَّى - وأَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّه الْمُتَأَسِّي بِنَبِيِّه - والْمُقْتَصُّ
لأَثَرِه - قَضَمَ الدُّنْيَا قَضْماً ولَمْ يُعِرْهَا طَرْفاً .......)
: نهج البلاغة ، ت ، د صبحي الصالح ، ص 228. :
:1:- نحن معاشرُ المُسلمين مَدعُوّن على اختلاف
مشاربنا ومذاهبنا إلى معرفة شخصيّة النبي الأكرم’ هذه الشخصيّة العظيمة ، وقد
عرّفها القرآنُ الكريم بأحسن ما يكون في مجموع الآيات الشريفة.
:2:- إنَّ النبي الأكرم ’ هو في حدّ نفسه رحمةٌ
مُهداةٌ من اللهِ تعالى للناس أجمعين ، وهو رحمةٌ بكلّ ما جاء به من أجلنا – وقد عانى
ما عنى حفظاً للدّين وتبليغاً له إيّانا – وهو جهة مشرقةٌ في كلّ حياته – في دعوته
وفي معاناته وفي تحمّله للأذى .
:3:- وقد قال الله تعالى في شأنه العظيم : ((هُوَ الَّذِي
بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ
مُبِينٍ ))(2) ، الجمعة- وهنا ينبغي الإشارة إلى خطأ ما يُتصوّر ويُدَرّس في
مدارسنا – أنَّ النبي الأكرم كان لا يقرأ ولا يكتب – وهذه فِريةٌ عظيمة تستهدفه
كما اتّهمه المشركون بأنّه ساحر أو مجنون – وإنَّ معنى الأُميّيّن هم مَن لم يأتهم
نبي من قبل ولم تصلهم دعوة الله تعالى ولم يكن عندهم كتاب سماوي .
فتوجد مشكلة في فهم مصطلح الأمّي – وهو ما يتطلّب
معرفته على الوجه اللغوي الصحيح استعمالاً .
:4:- إنَّ أبرز ما قام به النبي الأكرم من وظائف قيّمة
هو - يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
– وهذه آيات عظيمة تكشف عن مقامه العظيم وارتباطه بالوحي الأمين وتلقيه عنه وحفاظه
عليه تبليغاً وأداءً – وكيف يمكن أن يتلقّى الوحي أو يُعلّمَ الناسَ وهو لا يقرأ
ولا يكتب ؟
وهو قد أخرجَ الناس من الضلالة إلى الهدى ومن الظلمات
إلى النور ((وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)) .
:5:- وقد وصفه أمير المؤمنين ، عليه السلام ، بأعظم
الأوصاف وأشرفها :
( ابْتَعَثَه بِالنُّورِ الْمُضِيءِ والْبُرْهَانِ الْجَلِيِّ
- والْمِنْهَاجِ الْبَادِي والْكِتَابِ الْهَادِي - أُسْرَتُه خَيْرُ أُسْرَةٍ وشَجَرَتُه
خَيْرُ شَجَرَةٍ - أَغْصَانُهَا مُعْتَدِلَةٌ وثِمَارُهَا مُتَهَدِّلَةٌ - مَوْلِدُه
بِمَكَّةَ وهِجْرَتُه بِطَيْبَةَ - عَلَا بِهَا ذِكْرُه وامْتَدَّ مِنْهَا صَوْتُه
- أَرْسَلَه بِحُجَّةٍ كَافِيَةٍ ومَوْعِظَةٍ شَافِيَةٍ ودَعْوَةٍ مُتَلَافِيَةٍ )
: نهج البلاغة ، ت ، د صبحي الصالح ، ص 230. :
فهو ، ’ ، لم يأتِ بما ينافي الفطرةَ والعقلَ – بل جاء
بما يُوافقهما ويعضدهما نوراً وسيرةً وبرهاناً ودعوةً – وقد تحمّل من أجل ذلك ما
تحمّل حتى أنَّ القرآن الكريم قال فيه ((فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ))(8) فاطر ، ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا
رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ))(107) الأنبياء .
:6:- إنَّ نبينا الأكرم هو نعمة إلهيّة عظمة يجب حمدها
وشكرها والتأسّي به منهجاً وسلوكا في أقواله وأفعاله وتعبّده لله سبحانه وطاعته
وتواضعه وزهده – وعن أمير المؤمنين ، عليه السلام ، (ولَقَدْ كَانَ يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ - ويَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ
ويَخْصِفُ بِيَدِه نَعْلَه - ويَرْقَعُ بِيَدِه ثَوْبَه ويَرْكَبُ الْحِمَارَ الْعَارِيَ
- ويُرْدِفُ خَلْفَه - ويَكُونُ السِّتْرُ عَلَى بَابِ بَيْتِه)
: نهج البلاغة ، ت ، د صبحي الصالح ، ص 228. :
:7:- وأما الإمام علي السجّاد ، عليه السلام ، فقد
ذكره ب (والْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي مَنَّ عَليْنَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّه - صَلَّى اللَّه
عَلَيْه وآلِه - دُونَ الأُمَمِ الْمَاضِيَةِ والْقُرُونِ السَّالِفَةِ ، بِقُدْرَتِه
الَّتِي لَا تَعْجِزُ عَنْ شَيْءٍ وإِنْ عَظُمَ ، ولَا يَفُوتُهَا شَيْءٌ وإِنْ لَطُفَ
، فَخَتَمَ بِنَا عَلَى جَمِيعِ مَنْ ذَرَأَ ، وجَعَلَنَا شُهَدَاءَ عَلَى مَنْ جَحَدَ
، وكَثَّرَنَا بِمَنِّه عَلَى مَنْ قَلَّ ،اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَمِينِكَ
عَلَى وَحْيِكَ ، ونَجِيبِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وصَفِيِّكَ مِنْ عِبَادِكَ ، إِمَامِ
الرَّحْمَةِ ، وقَائِدِ الْخَيْرِ ، ومِفْتَاحِ الْبَرَكَةِ ، كَمَا نَصَبَ لأَمْرِكَ
نَفْسَه ، وعَرَّضَ فِيكَ لِلْمَكْرُوه بَدَنَه ، وكَاشَفَ فِي الدُّعَاءِ إِلَيْكَ
حَامَّتَه ، وحَارَبَ فِي رِضَاكَ أُسْرَتَه ، وقَطَعَ فِي إِحْيَاءِ دِينِكَ رَحِمَه
، وأَقْصَى الأَدْنَيْنَ عَلَى جُحُودِهِمْ ،وقَرَّبَ الأَقْصَيْنَ عَلَى اسْتِجَابَتِهِمْ
لَكَ ، ووَالَى فِيكَ الأَبْعَدِينَ وعَادَى
فِيكَ الأَقْرَبِينَ ،وأَدْأَبَ نَفْسَه فِي تَبْلِيغِ رِسَالَتِكَ ، وأَتْعَبَهَا
بِالدُّعَاءِ إِلَى مِلَّتِكَ ، وشَغَلَهَا بِالنُّصْحِ لأَهْلِ دَعْوَتِكَ)
: الصحيفة السجاديّة:
_____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ،والتي ألقاهَا سَماحةُ
السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ
في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ، الثامن والعشرين من رجب 1440 هجري ، الخامس
من نيسان 2019م . ______________________________________________
تدوين - مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي - النَجَفُ الأشْرَفُ
.
:كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى، رَاجينَ
القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ .
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق