ما أعظمُكِ وما أقدَسُكِ ، نفساً ومنهجاً وسلوكا - يا فاطمَةُ
،يا صدّيقةُ ، إذا كان أبوكِ يقولُ في حَقّكِ:( فِداهَا أبُوها ، ثلاث مرّات):
الأمالي، الصدوق ، ص305.
"
على خُطَى الصدّيقةِ الزهراءِ ، صلواتُ ربّي وسلامُ عليها ، نساءً ورجالا "
"
مع اقتراب ذكرى استشهادِ الصدّيقةِ الطّاهرةِ ، فاطمة الزهراء ، عليها السلام ،
نُعزّي سيّدنا ونبيّنا مُحمّداً ، صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم ، وإمامنا عليّاً
أميرَ المؤمنين
وبقيّةَ اللهِ في أرضه إمامَنا المَهديِّ المُنتَظَر ، أرواحُنا
فِداه ، ومَرَاجعَ الدّين العِظام والمؤمنينَ والمؤمناتِ " فسلامٌ على الراضيّة
المَرضيّة في العالمين ، إنّها سيّدةُ النساء مُطلقا "
:1:- كيف
نحزنُ على فاطمة الزهراء ؟ وما هو الحزنُ الذي يتناسب مع ظُلامتها ؟ بموافقة
الاعتقاد بها ومحبتها صدقاً ومنهجاً وهُدىً وسلوكا - ومن موجبات الولاءِ لها ومحبتها إحياءُ
رسالتها اعتقاداً وشريعةً وفكراً وعلماً ومعرفةً وتربيةً وعملاً وتطبيقا.
:2:-
ليس مِن الصحيح أن نكتفي بالإحياء للذكرى من جانب واحد ، بل المطلوب هو إحياء
منهجها ورسالتها في هذه الحياة وفي المجتمع صدقاً وطريقا .
:3:- ما
هو سرُّ الاهتمام بالزهراء ، عليها السلام ، وما هي حاجتنا إلى تحمّل الاقتداء بها
؟ أليس الفكر والتشريع يكفيان في ذلك ، ولماذا هذا الاهتمام بالسيرة والبحث عنها
ودراستها ؟ كلّ ذلك يرد على الأذهان بتساؤلات ضروريّة .
والجواب
عنها : - هو أنَّه أحياناً المنهج الفكري أو التشريع قد يُطرَح ويُشكّكُ في
واقعيّته وإمكان تطبيقه في نظام الحياة – ولكن مع وجود القدوة والأسوة الحسنة في
تمثّلاته وتطبيقاته فعلاً يكون أكمل و أقوى تأثيراً في العقول والنفوس والسلوك
والاقتداء والاهتداء والعمل .
:4:- إنَّ
صيرورة الزهراء ، عليها السلام ، الأولى في بلوغ مقام المَحبّة عند اللهِ تعالى
ورسوله الأكرم والمعصومين ، عليهم السلام ، وذلك لأنّها جسّدت كمال الرسالة
الإلهيّة واقعاً وعلماً وعملاً وأخلاقاً – وبذا استحقّت أن تكون سيّدة النساء
مطلقا – فهي روح النبي الكريم وقُدسه وثمرة فؤاده الشريف.
:5:- ما
الذي يجبُ أن نتعلّمه من الزهراء ، عليها
السلام ، ؟ نساءً ورجالا .
نقول :
أوّلاً : - مِن الضروري أن يُسخّرَ الإنسانُ وجودَه وطاقاتِه وثقافته ومعرفته
لخدمة الرسالة الإلهيّة ولخدمة المؤمنين والمجتمع.
ثانياً
:- من الأمور التي ينبغي أن نتعلّمها – هو أن لا يكون اهتمامُنا محصوراً بأنفسنا
فقط ، بل علينا أن نهتمَ بمجتمعنا وهمومه – مؤمنون فاطميون ومؤمنات فاطميات –
ينبغي أن نتحرّك على ضوء اهتمامنا بهموم وحاجات المجتمع بعلمنا وأخلاقنا ومعارفنا
وجهادنا من أجل حماية الرسالة وتطبيقها عملا.
ثالثاً
: فالرسالة تتطلّبُ حفظَ الإسلام والجهاد بالسلاح من قبل الرجال – وهنا يأتي دور
المرأة الفاطميّة المؤمنة بالوقوف إلى جانب الرجال بتشجيعهم ودعمهم ومساندتهم كما
صنعت الزهراء مع أمير المؤمنين في معاركه.
6:- إنَّ معركتنا الراهنة هي معركة الثقافة ومعركة
الأخلاق والقيَم والمبادئ ومواجهة العادات والثقافات الدخيلة والأفكار الهدّامة –
وهذه المعركة تتطلّب دورا مُضاعفاً من الرجال و النساءِ معاً – لحماية أنفسنا
وأسرنا ومجتمعنا.
::
ومن أهم الأمور التي ينبغي بالمرأة الفاطميّة المؤمنة أن تقوم بها :: هي :-
أوّلاً
: - أن تعتني بنفسها وبأسرتها وتتصدّى
للتعلّم والتثقّف ، وتستعيد الثقةَ بنفسها في قدرتها على الإصلاح والتغيير وتبليغ
الرسالة ، كما هو الرجل.
ثانياً
: - ليس من الصحيح أن تحصر المرأة
اهتمامها بنفسها فقط وبإشباع حاجتها الماديّة ، أو أن تسخرَ قدراتها لذلك ، بل
عليها أن تعمل وفق قدراتها التعليمية والتربويّة في التحرّك في المجتمع أيضاً .
ثالثاً:- فكما كانت الزهراء ، عليها السلام ، أفضل
امرأةً في البيت ، كذلك ينبغي أن تكون المؤمنة الفاطميّة في بيتها وفي أسرتها وفي
مجتمعها ، خاصةً ونحن نواجه معركةً ثقافيّةً وأخلاقيّة ونمرّ بأزمة فيها ، كما في
أزمة الخدمات – فهناك أزمة في المعرفة وتلقيها وأزمة في القيم وما صنعته وسائل
الإعلام والتواصل وتأثيراتها الكبيرة على منظومتنا القيمية والأخلاقيّة.
:7:- :: المنهج التربوي الذي سارت عليه السيّدة
الزهراء ، هو منهج للرجل والمرأة معاً – وإذا أرادا المرأة أو الرجل السيرَ على
ذلك فعليهما أن يُصلحا نفسيهما بالتربيّة والتزكيّة، وبذل الجهد واستثمار الوقت في
التعلّم وبناء الحياة الصالحة.
:8:- المطلوب مُراعاة تربية أسرنا والاهتمام بتربية
الأبناء وتعليمهم أخلاقيّاً وسلوكيّا – فالطفل يشبُّ على منهج أسرته من أوّل وهلة –
علّموهم كيف يتعاملون مع الآخرين – كيف يواجهون الحياة – راقبوهم وارشدوهم.
:9:-
وبالنسبة لعلاقة الزوجة مع زوجها أو الزوج مع زوجتها – فليس من الصحيح أن تحصر
الزوجة تعاملها مع زوجها في الجانب المادي والعاطفي فقط – لا - فهناك جوانب أكبر
من ذلك - وهي بناء الحياة المشتركة الصالحة والآمنة بالتعاون معاً .
:10 :
- إنَّ مقتضى الولاءِ والمحبّة للزهراء اعتقاداً واتّباعاً أن نقتفي أثرها في قلّة
مهرها ورسالتها في ذلك إلينا – بأنَّ الحياة الزوجية أكبر من رغبة مادية أو
عاطفيّة ، بل هي حياة رسالة وقيم وتربية وتكامل .
:11:-
ومن الضروري أيضاً إيجاد حالة من التوازن في الأداء الوظيفي بالنسبة للمرأة – أن تعطي
اهتماماً كافياً وموزوناً لكلّ ما يتعلّق بها من أدوار – لا أن تقصر اهتمامها
بوظيفة وتهمل دورها الآخر في مراعاة أسرتها أو زوجها أو رسالتها ومجتمعها – ولها في
الزهراء ، عليها السلام، أسوةٌ حسنةٌ في مُراعاتها تلك التوازنات في هذه الحياة في
البيت وفي المجتمع وفي المعارك.
______________________________________________
أهمّ مَضامين
خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ، والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المَهدي الكربلائي، دام
عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني
المُقدّس ,اليوم ، الحادي عشَر من جمادى الأولى
1440 هجري ، الثامن عشَر من كانون الثاني 2019م .
______________________________________________
تدوين
- مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي - النَجَفُ الأشْرَفُ .
:كَتَبْنَا
بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى، رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم
الدُعاءَ .
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق