المَرجَعيَّةُ الدِّينيَّةُ العُليَا الشَرِيفَةُ : - تُشَخِّصُ
وتُنَبّه على حالةٍ اجتماعيّةٍ خطيرةٍ جِدّاً ، وهي : ( أنَّ بعضَ النّاس يُحاول
أن يَخدَعَ نفسَه – بأن يُلبِّسَ عليها على عَمْدٍ – ويوظّف الدّينَ للتقرّب من
الدنيا – ويجعلَ الشُبهاتِ عاذراً لِسَقَطَاتِه ).
: إخوتي أخواتي أعرضُ عليكم مَطلباً يتحدّثُ عن محاورةٍ
مُختصَرَةٍ بين شخصيَّتين- وهما - عمّار بن ياسر – والمغيرة بن شعبة - كانتا بمحضر
أمير المؤمنين ، علي ( صوات الله وسلامه عليه ) ، وسبقَ منّا فيما مضى أن ذكرنا
مطلباً يتعلّق بالغضبِ وآخرَ يتعلّق بالتحضّر ، وهناك حالةٌ عند بعض الناس ::
يُحاولُ فيها أن يخدعَ نفسَه ::
:1:- وبعد أن دارَ
نقاشٌ بينهما ذكرَ أميرُ المؤمنين ، عليه
السلام ، وصفاً دقيقاً جِدّاً لشخصيّة المغيرة بن شعبة - وهذا الوصف الدقيق هو أشبه ما يكون بوصف عام يبتلي به بعضُ الناس – وهو عليه
السلام ، كان في مقام الدّقة في تشخيص بعض الشخصيّات ، التي قد تفسد أكثرَ مِمّا
تصلح – وهذه الشخصيّات تأخذُ مواقعَ عامّة وخاصّة – ( قال : عليه السلام : لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ - وقَدْ
سَمِعَه يُرَاجِعُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَلَاماً - دَعْه يَا عَمَّارُ - فَإِنَّه
لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الدِّينِ إِلَّا مَا قَارَبَه مِنَ الدُّنْيَا - وعَلَى عَمْدٍ
لَبَسَ عَلَى نَفْسِه - لِيَجْعَلَ الشُّبُهَاتِ عَاذِراً لِسَقَطَاتِه )
: نهجُ البلاغة ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 547.
:2:- إنَّ هذا
التشخيص والتعبير من لدن أمير المؤمنين ، عليه السلام ، هو في منتهى الرّوعة
والبلاغة والدّقة ، ولا يصدر إلّا منه – وقد أراد ، عليه السلام ، أن يُقيَّمَ
الحوارَ مع شخصيّة المغيرة بن شعبة – فذكرَ لعمّار بن ياسر ، وهو رجل عالم أنَّ
النقاش لا يصلح مع المغيرة – اتركه – فالكلام لا ينفع معه – والوجه في ذلك:-
إنَّ هذا رجلاً
لم يأخذ من الدِّينِ إلّا ما قاربه من الدنيا – وليس عنده دِّينٌ ،
ولا يرجع إلى
الحقِّ – ويطلب الدنيا بالدّين وهو يتظاهر به.
:3:- قال: أمير
المؤمنين ، عليه السلام ، : (وعَلَى عَمْدٍ لَبَسَ عَلَى نَفْسِه - لِيَجْعَلَ الشُّبُهَاتِ
عَاذِراً لِسَقَطَاتِه ):- إنَّ التلبيسَ على النفس هو عدم التمييز بين الحقّ
والباطل – إمّا لقصور في الفهم أو لضعف في العقل أو أنَّ الشبهة قويّة –
لا يتمكّن الشخصُ من حلّ جميع أطرافها ، أو أنَّ
الأطراف لم تُظهَر له واقع القضيّة ، بحيث جعلته في حيرة من أمره – وتارةً يكون
الموضوع أخطرَ من ذلك بأن يتعمّدَ الشخصُ قصداً بأن يُلبِّسَ على نفسه - لِيَجْعَلَ
الشُّبُهَاتِ عَاذِراً لِسَقَطَاتِه –
، وهو يعلمُ علمَ
اليقينِ أنّه سيُعاتبُ – وسيسقط عندما يُلبّس على نفسه ، ولكنّه يفعل ذلك حتى
يعتذرَ لسقطاته.
:4:- مثل هذا الشخص يُقدّمُ المصلحةَ الشخصيّةَ ، ولا يرضى غيرها ،
وليس له علاقة بالدّين إلَا بمقدار ما يأخذُ منه لمقاربة الدنيا - وهذه المعاذير يُمارسها بعضٌ منّا ، ويعلمُ علمَ
اليقين بحقيقة الأمر ، وعندما يُعاتَب – يقول : أنا لا أدري – فلان قال لي كذا - ويقفُ على التلّ – ومثل هذا يمكن أن يقتلَ
أميرَ المؤمنين – ويمكن أن يقتلَ سيّد الشهداء ، عليهما السلام ،.
:5:- إنَّ مسألة
خِداعِ النفس ، بالتلبيس عليها ، والتعذّر لها لهي مسألة خطيرة جِدّاً – ينبغي الحذرُ
منها – وعلينا أن نكون دقيقين في التعامل مع الأشياء ، وبوعي وحكمة خوفاً من أن
يكون حالنا كالذي يُلبّس على نفسه – على عمدٍ .
_____________________________________________
:: أهمُّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا
الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة ، السادس من
ربيع الآخر1440هجري ، الرابع عشر من كانون الأوّل ، 2018م ، وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا
الشَرعي، سماحة السيّد أحمَد الصافي دامَ عِزّه
، خَطيب وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ ::
___________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ .
:كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ
والنَفعَ العَامَّ, ونسألَكُم الدُعَاءَ.
___________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق