" مِن الإمام جعفر الصادق ، عليه السلام ، نتعلّمُ المعارفَ
والفِقهَ والعقائدَ الحقّةَ وتهذيبَ النفوسِ والأخلاقَ الحَسَنَةَ – وذلك بالأخذ
بوصاياه العظيمة ، والتي قدّمها لأصحابه ولنا مَنهجاً قيِّمَاً وسُلُوكاً قويما
"
:1:- ( روي أنَّه قال : في وصيته لعبد الله بن جندب – أحد أصحابه
- : يا عبد الله لقد نصبَ إبليسُ حبائلَه في دار الغرور ، فما يُقصِدُ فيها إلّا أولياءنا
، ولقد تجلّت الآخرةُ في أعينهم ، حتى ما يريدون بها بدلا ، ثم قال : آه آه على قلوب
حُشيَت نوراً ، وإنّما كانت الدنيا عندهم بمنزلة الشجاع الأرقم والعدو الأعجم ، أنسوا بالله ، واستوحشوا مما به استأنس المترفون
، أولئك أوليائي حقّا ، وبهم تُكشَفُ كُلَّ فتنةٍ وتُرفعُ كُلَّ بَليّةٍ )
: بحار الأنوار ، المجلسي ، ج 75 ، ص279.
:2:- في هذه الوصية المُباركة يُبيِّنُ الإمامُ الصادقُ ،
عليه السلامُ ، أنَّ للشيطان طرقاً يصطادُ بها الإنسانَ – ويُحذّرنا من ذلك بضرورة
الاستعداد لمواجهته ومُجاهدته ظاهراً وباطنا .
:3:- هناك خصائص لإبليس يتّبعها مع الإنسان لإضلاله وغوايته
– ومنها ما هو ظاهرٌ ، ومنها ما هو خفيٌّ – وقد ينفذُ بها إلى القلوب والخيال
والسمع والبصر واليدين والحركات والغضب ، وقد يجري مجرى الدّم في العروق – وذلك بتزيينه
الأماني وحبّ الدنيا والجاه والمال والسلطة وإتّباع الشهوات ، وليوقعنا في المَهالك.
:4:- من أشدّ الأعداءِ للإنسان هو إبليس ، وهو أوجب
الأعداءِ مُجاهدةً – فقد روي عن الإمام الكاظم ، عليه السلام ، أنّه قال لأحد
أصحابه : (وجاهد نفسكَ لتردّها عن هواها ، فإنّه واجبٌ عليك كجهاد عدوك - قال هشام : فأيِّ الأعداء أوجبهم مُجاهدة ؟ قال
: أقربهم إليك ، وأعداهم لك ، وأضرّهم بك ، وأعظمهم لك عداوة ، وأخفاهم لك شخصاً ،
مع دنوه منك ، ومَن يحرضُ أعدائَك عليك ، وهو إبليس ،المُوكلُ بوسواس القلوب ، فله
فلتشد عداوتك ،)
: : بحار الأنوار ، المجلسي ، ج 1 ، ص 157.
:5:- إنَّ قصدَ
إبليس للأولياء إنّما هو لشدّة إيمانهم وبصيرتهم العميقة بالعزوف عن الدنيا المذمومة
، وعدم تمكّنه منهم لحذرهم منه ومواجهتهم له .
:6:- وهناك
مُقوّماتٌ مُهمّةٌ ينبغي مُراعاتها لنكون من أولياء الأئمة الأطهار ، عليهم السلام
، منها : أ :- تعظيم أمر الآخر. : ب: -
استصغار الدنيا وعدم الركون إليها .
:ج:- امتلاء القلوب بالنور – نور المعرفة
العقائديّة الحقّة ونور المعرفة الفقهيّة وأخذها من منابعها الحقيقيّة والصحيحة ،
ونور العلم والفكر القويم - وأحياناً قد يتوهمُ الإنسان بأخذ النور من منابع غير صحيحةٍ
.
:7:- إنَّ منزلة
الدنيا في نظر هؤلاءٍ الأولياء بمنزلة الأفعى التي تقف على ذيلها ، وكأنّها جذع
شجرة يابسة – من يقترب منها تثب عليه بسرعة وتهلكه – وهنا لا بُدّ من التدقيق
والتعمّق مِن بُعدٍ في النظر إليها – ولا ينبغي أن نكون مثل الذي لا تفكير منطقي
له – ولا عمق بصيرة ولا نظر.
:8:- إنَّ أولياءَ اللهِ لذّتهم ومتعتهم وسعادتهم
بالأنس بذكر اللهِ وتعظيمه بالتفكّر بسلطانه وبديع صنعه – وبالصلاة ، والتي هي
عروج الروح إلى الملكوت الأعلى – الأولياءُ ينتظرونَ سوادَ الليل ليناجوا ربّهم –
في السحرّ يدعون ويصلّون صلاة الليل – وفي النهار حُلماءُ يجلسون مع العلماء ، ويأخذون منهم دين الله
ومعارفه وأفكاره – بخلاف أهل الدنيا والمُترفين – يلهون ويلعبون ويتلذّذون بالمال
وبالجاه وبالمنصب والمعاصي.
:9:- ولنتخبر
أنفسنَا – أين نجدُ لذّتنا ومتعتنا – في الدعاء –
في ذكر الله في الليل – أم في
الباطل والخوض به – فأولياء اللهِ تعالى هُم مَن يكشفُ اللهُ بهم الفتنة – الفتنة المعنويّة
والعقائديّة والفكريّة والأخلاقيّة – فإذا ما تعرّضَ المُجتمعُ للأفكار الضالّة
والمُنحرفَة فهؤلاءِ الأولياء يتصدّون لها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والتوجيه والإرشاد .
____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ، والتي ألقاهَا سَماحةُ
الشيخ عبد المهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا
الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس
,اليوم – التاسع والعشرين من ربيع الأوّل 1440 هجري - السابع
من كانون الأوّل ,2018م. ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ,
ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق