" إخوتي الكِرام - أخواتي الكِريمات - مع اقترابِ ذِكرى شَهادةِ
الإمام الحَسَن بن علي بن أبي طالبٍ ، عليه السلام - في السابع مِن صفَر لسنةِ
خمسين للهجرةِ - عظّمَ اللهُ أُجورَكم ،ووفقنا اللهُ تبارك وتعالى للتخلّقِ
بأخلاقِ الإمامِ الحَسَن المُجتَبَى حليم أهل البيت ، عليهم السلام ،"
:1:- عندما نتحدّثُ عن السيرة الشريفة للإمام الحَسن
الزكي ، عليه السلام ، ينبغي أن نقفَ عند الدروسِ التربويّة والأخلاقيّة
المُتوخّاة منها في حياتنا اليومية تطبيقاً وسُلُوكا .
:2:- لقد امتازَ الإمامُ الحَسَنُ ، عليه السلام ، بأرقى
أوصافِ مَكارم الأخلاق ومَعاليها ، ومنها حليم أهل البيت ، لشدّة كظمه الغيظ وصبره
على الأذى الكبير الذي لاقاه من الأعداء وأتباعه – حيثُ أحاطت به ظروفٌ عصيبةٌ
واجه فيها الكثيرَ مِن الاستفزازات العقائديّة والنفسيّة ، وقد قابلها بحلم عظيم
وخُلق مَكين.
:3:- إنَّ مِن أشدِّ ما واجهه الإمامُ الحَسَنُ هو الدورَ الإعلامي التضليلي الذي قام
به بنو أميّة ضدّه شخصيّا ، وضدّ دوره الشرعي كإمام معصوم مُفترَض الطّاعة والولاء
، كنشرهم الأخبار الكاذبة عنه وعن أبيه أمير المؤمنين ، عليه السلام ، والخداع
والتدليس وتصويرهم أنَّ أمير المؤمنين لم يكن يصلي .
:4:- لقد واجه الإمام الحَسَن الضغطَ الإعلامي التضليلي
طيلة فترة إمامته بالبرهان وبالحجّة الدامغة ، ولم يسكت ، وقد بيّنَ الصحيحَ من
الأمور قرآنيّاً وأبطلَ مَزاعمهم الكاذبة .
:5:- ومِن أقسى ما واجهه وأشدّه ، هو ما صدر من بعض
أتباعه وأصحابه المُقرّبين ، حينما عقد معاهدة الصلح بمقتضى المصلحة العامة العُليا
للمسلمين وحقناً للدماء بينهم ، فلم يكونوا قد استوعبوا ذلك فراحوا يؤذوه بالكلام
القاسي كقولهم:
( السلام عليك
يا مُذلَّ المؤمنين ) – وفي الواقع هو قد أعزّهم بحفظِ دمائهم وتماسكم الاجتماعي
والعقائدي.
:6:- إنَّ حلمَ الإمام الحسنَ ، عليه السلام ، عن ك
لّ ما
لاقاه كان يستهدف حِفظَ التماسكِ العقائدي والاجتماعي للمؤمنين والاستقرار النفسي
لأتباعه في ظروفٍ حرجةٍ وحسّاسةٍ جِدّاً آنذاك.
:7:- وصِفة الحلم هذه وتحلّي الإمام الحَسَن بها - لها
أهميّة تربويّة وأخلاقيّة كبيرة ، وهي ضرورة نفسيّة تربويّة وإيمانيّة للفرد وللمجتمع
معاً – تُجنّبهما الآثارَ الخطيرةَ للغضب المذموم والانفعال العصبي غير المُنضبط –
وتمنعهم من الوقوع في النزاع والعداوة والتفكك الأسري والاجتماعي – فالمؤمنون مُطالبون
بالحلم وضبط الانفعال وردّة الفعل عند استفزازهم عقائديا أو اجتماعيّاً – وهكذا الحال
بين مكونات المُجتمع المَذهبيّة والدينيّة والقوميّة.
:8:- إنَّ من أهم ما ينبغي أن نتعلّمه من الإمام الحَسَن
، عليه السلام ، في صِفته العظيمة ، صِفة الحلم ،هو أن نواجهَ الأزمات بروح هادئة
وخالية من العصبيّة المذمومة ،بحيث نُبقي على الألفة والتعاون فيما بيننا.
:9:- وقد وردَ في بعض الأحاديث الشريفة (عن أمير المؤمنين
، عليه السلام ، أنه قال : الغضبُ شرٌّ إن أطعتَه دَمّر )
: مستدرك الوسائل، الميرزا حسين النوري الطبرسي ، ج12،ص11،.:
وهناك فَهمٌ مَغلوطٌ ، وهو أنَّ الانفعالَ والردَّ العنيفَ
هو شجاعةٌ ، والواقع بخلاف ذلك ، فالشجاع مَن يَملكَ نفسَه عند الغضب - ( عن رسول
الله الأكرم أنّه قال: ليس الشديد بالصِرعة ، إنّما الشديدُ الذي يَملِكُ نفسَه عند
الغضب )
: بحار الأنوار ، المجلسي ، ج74 ،ص 151 ،:
:10:- علينا أن
نُربّي أنفسَنا على هذه الصفة الأخلاقيّة العظيمة ( صفة الحلم) في الأسرة ، وفي
الدائرة ، وفي المجتمع ، وفي مواقع التواصل الاجتماعي أفراداً وجماعاتٍ ، لأجل
تقوية تماسكنا الاجتماعي والعقائدي .
_____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل
الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم
- الثاني من صَفَر 1440 هجري - الثاني
عشر من تشرين الأوّل ,2018م.
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ,
ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق