" أيُّهَا الإخوةُ الزوّارُ الكِرامُ والأخواتُ الزائراتُ
الزينبيّاتُ المُؤمناتُ الكريماتُ – سلامٌ مِن اللهِ عليكم – وعظّمَ اللهُ
أُجورَنَا وأُجورَكم بِمصَابِ سيِّد الشُهَداءِ ، الإمام الحُسَين ، عليه السلام ،
"
نُقدّمُ بين أيديكم برنامجاً معرفيّاً وأخلاقيّا
وسُلوكيّاً فيما يخصُّ زيارةَ الأربعين الشريفة للزائر الحُسَيني المُوالي الحقيقي
الصادق – ينبغي مُراعاته في مراحله الثلاث – مرحلة المَسير – ومرحلةُ زيارة المرقد
الشريف – ومرحلة العودة للأهل وللبلد :-
:1:- إنَّ مِن جُملَة
المقاصِدِ المُهمّةِ جِدّاً في زيارة الأربعين الشريفة هو تجديد العهد والولاءِ مع
الإمام الحُسَين ، عليه السلام ، بالمضيِّ على مسيرته وأخلاقه وسيرته وسلوكه
وحركته الإصلاحيّة ، مهما كلّف ذلك مِن تضحياتٍ ومَشاق.
:2:- ينبغي الوفاءُ بالعهدِ للإمام الحُسَين ، ولتقريب
هذا المعنى القويم ، نقول : وكما ورد في الروايات – كم من صائم ليس له من صيامه
إلاّ الجوع والعطش – وكم من مُصلّي ليس له من صلاته إلاّ التعب والعناء – فأحياناً
لا يؤدي الصائمُ صيامه بالصورة الصحيحة الموصلة للمطلوب – وكذلك المصلي قد لا يؤدي
صلاته بصورة تعرج بروحه للملكوت الأعلى أو يُحافظُ فيها على الشروط والتقوى –
وكذلك الحال بالنسبة للزائر فحتّى يجني ثمار زيارته ، ويصل بها إلى الجنّة فعليه
أن يهتمّ بمقوّماتها بالحفاظِ على مبادئ الإسلام ومنهج نهضة الإمام الحُسين ، عليه
السلام - فالجنّة لا تُعطى مجّاناً أو دون عملٍ خالص .
: ( كيف نزورَ الإمام الحُسَينَ ، عليه السلام ، بحيث
توصلنا زيارته ومعرفته لمرتبة الجنّة ) وكما وردَ ( من زاره عارفاً بحقّه وجبت له
الجنّة) :-
فهناك خمسةٌ مقاماتٌ ، نحتاجُ فيها إلى وقفاتٍ حُسينيّةٍ
ولائيّةٍ صادقةٍ :-
:1:- الفَهَم والوعي لمعاني ألفاظ زيارة الأربعين
الشريفة ودلالاتها القيّمة.
:2:- التفاعل العاطفي والوجداني مع الزيارة ، وعدم
الغفلة عن مضامينها السديدة.
:3:- الولاءُ الصادقُ والبراءة الحقيقيّة – ولاءُ لأولياء
اللهِ تعالى – وبراءةٌ من أعدائه.
:4:- العمل من أجل الوصول لمقام الإتّباع لمنهج وسلوك
وأخلاق الإمام الحُسَين ، والحِفاظ عليها .
وتوجدُ خمسةٌ مقامات ، لا بُدّ من الالتفاتِ إليها في
زيارة الأربعين الشريفة :: المقام الأوّل:-
مقام معرفة الإمام الحُسَين ، عليه السلام .
:المقام الثاني:- مقام المَحبّة والاعتراف بمنزلة الإمام
وحقّه.
:المقام الثالث:- مقام الولاءِ والبراءِ.- المقام
الرابع:- مقام الإتّباعِ والتسليم.
: المقام الخامس :- مقام النصرة والتضحيّة.
وفي المقام الأوّل- مقام معرفة الإمام – هناك فرقٌ بين
معرفة نفس الإمام ومعرفة حقّه كإمام مُفترَض الطّاعة والإتبّاع – ومعرفة حقّ
الإمام أوسع من معرفة الإمام ، وإنَّ مقتضى الجمع بين هذه المقامات الخمسة هو الذي
يُوجبُ الحصول على الجنّة – ونأخذُ مقاطع من زيارة الأربعين تتضمّن هذه المقامات
الخمسة : وهي :-
:1:( السلامُ على وليّ اللهِ وحبيبه ، السلامُ
على خليل الله ونجيبه ، السلام على صفي
الله وابن صفيه ، السلام على الحُسين المَظلوم الشهيد)
: مصباح المُتهجّد
، الشيخ الطوسي ، ص788 .
وهذه الفقراتُ القيّمة تقصدُ التعريف بمقام الإمام
الحُسين ، وعظمته ومنزلته عند اللهِ سبحانه ، وأنّه قد بلغَ أعلى مراتب العبوديّة
الحقّة لله تعالى ، ووصل إلى أعلى مراتب الإخلاص ، وبلغَ القمّة في الذوبان في ذات
الله جلّ وعلا ، وعظيم خشيته ، ومحبته مما قدّم بذلك أعظم التضحيات وتحمّل أقسى
المعاناة في سبيل الحفاظِ على رسالة اللهِ سبحانه.
:2:- تحمّل وأداء تبليغ الرسالة الإلهيّة للناس :(وجعلته
سيداً من السادة وقائداً من القادة وذائداً من الذادة ، وأعطيته مواريث الأنبياء ،
وجعلته حُجّة على خلقك مِن الأوصياء ، فأُعذرَ في الدعاء ومنع النصح وبذل مُهجته فيك
ليستنقذَ عبادكَ مِن الجهالةِ وحَيرةِ الضلالة):-
إنَّ أشدّ ما عاناه الإمام الحُسَين وأهل بيته هو رحلة
السبي التي تعرّضت لها عياله ، فهذا أمر صعبٌ جّداً أن تُسبى الأخت أو الزوجة أو
البنت على أي إنسان غيور ، فما بالك بالمعصوم؟ وقد اشتملت هذه الرحلة على الأذى والهوان
– وهذا يستدعي منّا أن نستذكرَ هذه المعاناة
، ونتفاعل معها روحيّا وقلبيّاً.
: وفي المقام الثاني: مقام المحبّة لأولياء اللهِ وخاصة
المحبة الخالصة للإمام الحُسَين ، وبُغض أعدائه وعدم إتّباعهم – هذا المقام
يتطلّبُ منّا التدقيقَ والفرزَ في معرفة السير وفق أيّ خطٍ – نسير وفق خطٍ موالٍ
للإمام الحُسين ويسير على نهجه – نأخذ منه ونتبعه في جميع مجالات الحياة.
:3: وفي فقرة ( اللّهُمّ إنّي أشهدُ أنّه وليّك وابن وليّك وصفيّك وابن
صفيّك
الفائز بكرامتك أكرمته بالشهادة ):- وهنا ينبغي أخذُ
كلَّ شيءٍ من الإمام الحُسين ، علومه وأخلاقه ومواقفه ، ومواعظه ومنهجه في إصلاحه ،
حركته ونهضته ، وترك ما يأتي من أعدائه.
:4:- وفي فقرة : (وأشهدُ أنّي بكم مُؤمنٌ وبإيابكم مُوقنٌ بشرائع ديني
وخواتيم عملي ، وقلبي لقلبكم سِلمٌ ، وأمري لأمركم مُتّبع ونصرتي لكم مُعدّة حتى يأذنَ
اللهُ لكم ، فمعكم معكم لا مع عدوكم):-
إنَّ هذه الشهادة هي اعتراف صادق وخضوع وإتّباع بالعمل
بمبادئه صِدقاً وسلوكا، ووفق شرائع الدين القويم والتي هي طرق اللهِ تعالى للإنسان
في هذه الحياة – وكذلك سلامة القلب وتطهيره من الحسد والحقد والتكبّر بالتعامل
الحسن مع الناس – والتسالم مع المؤمنين
وعدم بغض أولياء اللهِ والحقد عليهم.
:: وأما في مقام النصرة والتضحية :- فينبغي توطين النفس على الاستعداد للتضحية بها
وبالمال والأولاد في سبيل نصرة الإمام الحُسين وقضيته الشريفة – ونصرة الفقراء
والمظلومين والشعب المحروم .
:وفي المرحلة الثالثة الأخيرة – مرحلة العودة للأهل أو للبلد
– فينبغي أن نلمسَ تغييراً في رجوعنا مِن المَسير والزيارة بصورة إنسانٍ آخر –
إنسانٌ يُحافظُ على دينه ويعرفُ مبادئ الحُسين ويعمل بها.
_____________________________________________
أهمُّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا
الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة – السادس عشَر من صَفَر ,1440هجري - السادس والعشرين من تشرين الأوّل 2018م – وعَلَى
لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي ، سماحة الشيخ
عبد المَهدي الكربلائي ، خَطيب وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ
:::
___________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ
القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ.
___________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق