:: أضواءٌ على الظروفِ التي مرَّ بها الإمامُ الحَسَنُ بن علي بن
أبي طالب ، عليه السلام، والتي تتكرّرُ في كُلّ حينٍ ، وقد يُواجهُ المُصلِحُ معها
مشاكلَ عِدّةً ،
وما أفرزته مِن تصدّع في جبهته الداخلّية وخُذلانِ قادة
عسكَرِه بتخطيطٍ مِن خصمِه وعدوّه في الشام ::
:1:- وبمناسبة ذِكرى شهادة الإمام الحَسَن المُجتبى ،
عليه السلام ،نُسلّطُ الضوءَ على ما مرّ به من ظروفٍ في غاية الصعوبة – وتعلمون أنَّه
كُلّما كانت الظروف صعبةً ستواجه المُصلِح مشاكل عِدّة – وإنَّ الإمام الحَسَنَ قد
ورثَ بعد شهادة أبيه أمير المؤمنين ، عليه السلام ، أرضيّةً لم تكن بالمستوى
المطلوب.
:2:- كان الجوّ العامُّ الذي عاشه جواً تشوبه
مشاكلٌ - فهناك جو أعداء الإمام – وهناك جو
ما يُفترضُ بهم أن يكونوا أصحابه وأتباعه – وهناك شخص الإمام الحَسَن نفسه ، عليه
السلام ،.
:3:- إنَّ العدوّ الشامي والأموي كان يُحاولُ مليّاً من أن
ينتصرَ على الإمام الحَسن ، مُسخراً قدراته في السلطة والمال – فهو لا يُبالي أن
يرتكبَ أي شيءٍ ، أو يفتري – كان جلّ همّه الإمرة ، وقد طلبها بوسائل القتل وشراء
الذمم والتضليل- وهذا الجو يحتاج إلى فَهم طبيعة العدوّ وتحرّكاته ، وكيفيّة
مواجهته.
:4:- الإشكاليّة الكبيرة كانت تكمن في جبهة الإمام الحَسَن
، عليه السلام ، والتي هي جبهة مُتصدّعة ، وغير مُتماسكة ، وقد أتعبت الإمامَ الحسَنَ
كثيراً – فأصحابه وأتباعه كانوا قليلي العقل وضعيفي البصيرة ، وفيهم ممن يطلبُ
العافيةَ ، وقد أدارَ ظهره للإمام في ساعة الصفر.
:5:- هناك ثمةَ تساؤلٍ : وهو هل أوصِدَت الشهادةُ بوجه
الإمام الحَسَن ، عليه السلام ،أو لا ؟ وهل كان ظرفه يسمح بذلك ؟ أم كان يُفكّر
بطريقة أخرى تُناسبُ ظرفه وحال جبهته ومحيطه ، وأنَّ تحقيق الأهداف المقدّسة يتطلّبُ
طريقاً يُناسبها.
:6:- إنَّ الإصلاحَ الذي دعاَ إليه الإمامُ الحسنُ
هو
عين ما خرجَ من أجله الإمامُ الحُسَينُ ، عليه السلام ،ولكن الفرق يكمن في اختلاف
الظروف والجبهة الداخليّة والأتباع وقابلياتهم للتضحيّة من أجله – فجبهة الإمام
الحَسَن تصدّعت بخيانة ابن عمه وقائد عسكره ( عبيد الله بن عباس ) والذي شراه
الباغي الشامي بالأموال ، وخططّ معه لأسر الإمام ، عليه السلام ، وقد أخذ جيشه
بأكمله وانضم به إلى جيوش الشام.
:7:- قد وصفَ الشيخُ المُفيدُ الظروفَ الحرجةَ التي مرّ
بها الإمام الحَسَن ، وقال: (غير أنّه لم يجد بُدّاً من إجابته إلى ما التمس من ترك
الحرب وإنفاذ الهدنة ، لما كان عليه أصحابه مما وصفناه ، مِن ضعف البصائر في حقه والفساد
عليه والخُلف منهم له ، وما انطوى كثيرٌ منهم عليه في استحلال دمه وتسليمه إلى خصمه
، وما كان في خذلان ابن عمه له ومَصيره إلى عدوه ، وميل الجمهور منهم إلى العاجلة وزهدهم
في الآجلة ) :الإرشاد ، المفيد ،ج2،ص14.
وفرقٌ كبيرٌ بين أن يكون أصحابُ الإمام الحَسَن ضعيفي
البصائر ومائلين إلى الدنيا ، وبين أن يكون أصحاب الإمام الحُسَين على بصيرة كبيرة
من أمرهم ومُستعدّين للتضحيّة بين يديه.
:8:- إنَّ خُذلان الإمام المعصوم أمرٌ مرّ به الأنبياء ،
عليهم السلام ، من قبله سواء من الأتباع أو من الزوجات – وما كان عليه السلام ،
إلاّ أن يُحافظَ على ما هو موجود عنده في قبالة الباطل وسطوته.
:9:- لنلاحظ ما قاله الإمام الحَسَن بعد الذي حصل مِن
الخذلان والتصدّع :
( إنّا واللهِ ما
يُثنينا عن أهل الشام شكٌّ ولا ندمٌ ، وإنّما كنا نُقاتل أهل الشام بالسلامة
والصبر ، فشيمت السلامة بالعداوة والصبر بالجزع ، وكنتم في
مسيركم إلى صفين
دينكم أمام دنياكم ، وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا
وقد أصبحتم بين قتيلين : قتيل بصفين تبكون له ، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره ، وأما
الباقي فخاذل وأما الباكي فثائر . ألا وإنَّ معاوية دعانا لأمر ليس فيه عزٌّ ولا نصفة
، فإن أردتم الموتَ رددناه عليه ، وحاكمناه إلى اللهّ عز وجل بظباء السيوف ، وإن أردتم
الحياةَ قبلناه واخترنا لكم الرضا ):الكامل في التاريخ ، ابن الأثير,ج3 ص 203 -
204 :
:10:- هذه هي الظروف التي مرّ بها الإمام الحَسَن ، عليه
السلام ، فلم يكن أصحابه كأصحاب الإمام الحُسَين ، فقد خذلوه عندما حَمي الوطيسُ
وفكّروا في أنْ يَسلِمُوه للعدوّ أسيرا .
_____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ
السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي
للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم
- التاسع من صَفَر 1440 هجري - التاسع
عشر من تشرين الأوّل ,2018م.
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ,
ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق