" أحسنَ اللهُ عزائَكم وتقبّل أعمالَكم وأثابكم لإقامتكم
المَآتم وإظهار الحُزنِ على سيّد الشُهداء ، الإمام الحُسَين ، عليه السلام ،
"
:: الجوانبُ الإيجابيَّةُ في واقعةِ الطّفِ –
المُقوّماتُ والمُميِّزاتُ في المَشهَدِ العاشورائي ::
:1:- في الواقع إنَّ الحديثَ عن يوم العاشرِ مِن مُحرّمٍ
الحرام ، ليس هو حديث الأمس ، وإنّما هو قطعة تاريخيّة مُهمّة ومُمتدّةٌ ، قادها
الإمامُ الحُسَين ، وأدار دفّتها بمُنتهى التوفيق والحِكمَة في سبيل ما أراده (
صلوات اللهِ وسلامه عليه ).
:2:- حديثُ
عاشوراء هو حديثٌ يتكرّرُ علينا بأحداثه التاريخية وما يشبهه فيها – فمنهجُ الإمام
الحُسين ، عليه السلام ، منهجٌ موجودٌ ويتكرّر ويتمثّل بمنهج أو جهة أو شخص ، وإن
كان صاحب المنهج غير معصوم ، وكذلك في الطرف الآخر السلبي المُنحرف عن الحقّ –
ويمكن تسميّة الطرف الإيجابي بالمنهج العاشورائي الحُسيني أو المُحمّدي – وتسميّة
الطرف الآخر بالمنهج الأموي أو الشيطاني.
:3:- لابُدّ لكلّ منهجٍ من مقوّمات – فالمنهجُ الحُسيني
واضحٌ كالشمس في رابعة النهار – وأمّا المنهج الآخر كالليل المُعتم- وكلّ منهج هو
حُجّة على كلّ مُنصِفٍ عاقل باختيار الحقّ وإتّباعه واجتناب الباطل وتركه.
:4:- إنَّ الإمامَ الحُسَينَ يُمثّل رؤيةَ الحقّ ومعرفته
وهو نموذجه الأعلى ، باعتباره حُجةِ اللهِ على جميع الخلائق إلى أنْ يرثَ اللهُ
الأرضَ- وأمّا الطرف الآخر فهو طرف الباطل بمنهجه وبشعاراته ، لأنّه فقدَ الإيمانَ
ولم يُجاهدَ نفسه ، ولم يُدقق في الاختيار.
:5:- للإمامِ الحُسين ، عليه السلام ، تعريفان :-
التعريف الأوّل ( التعريف الشخصي):- وهو ابن الإمام علي بن أبي طالب ، عليه السلام
، وابن الصدّيقة الزهراء فاطمة ، عليها السلام ، ولا يوجد أحدٌ أفضلَ منه في
الوجود.
: والتعريف الثاني:- هو التعريف المعنوي:- والذي يشتمل
على منهج الإمام الحسين معرفةً وإيماناً وفَهْمَاً وإتّباعاً ، وهذان التعريفان
مهمّان لأنّهما يُمثّلان الجذوة في الإدراك والفعل.
:6:- من مقوّماتِ المشهد العاشورائي وبطرفه ومنهجه
الإيجابي أنْ قدّم لنا نماذجَ مِن الأشخاصِ ، الذين كان لهم موقفاً مع الإمام
الحُسين في واقعة الطف ، ولكنّهم نجحوا في تدارك أنفسهم بمعرفة الحقّ وإتّباع أهله
، كما هو حال الحر بن يزيد الرياحي ، والذي لم يلتفت من أوّل الأمر في اختياره ، ولكنّه
لمّا راجعَ نفسَه وتدبّر وتابَ قبِلَه الإمامُ الحُسينُ ،بعد أن خيّر نفسه بين
الجنّة والنار، وآثر أن لا يختار على الجنّة شيئا – فقال: هل لي من توبة ؟ فتابَ
وكلّمه الإمامُ الحُسين بكلمة جليلة :( أنتَ حُرٌّ في الدنيا وسعيدٌ في الآخرة)
ويقصد بالحريّة هنا صفة التحرّر من قيود العبيد ، والدخول في عبوديّة الله تعالى –
فالحريّة لا تُكتسب إلاّ بالعبوديّة لله تعالى وحده.
:7:- إنَّ أنصارَ الإمام الحُسين ، لم يترددوا ولم
يشكّوا في موقفهم ، بل كانوا يتدافعون للقتالِ بكلّ ثقةٍ وقوّة – وسعيد الحنفي
نموذجاً منهم ، حيث وقى بصدره الإمامَ الحُسينَ أثناء صلاته ، حتى اتّقى النبالَ
والرماحَ بصدره ، وهو رجلٌ مملوءٌ إيماناً من قرنه حتى قدمه.
:8:- كانتْ
أبرزُ صفات أصحاب الإمام – الشجاعة والوفاء والصدق في المواطن والعلقة مع
اللهِ تعالى ،وقد انصهروا في إمامهم الحُسين فأصبحوا جزءاً منه.
:9:- ومن الأصحاب مِمّن قد تدارك نفسه بتدقيق الاختيار ومعرفة
الحقّ مع أنّه لم يكن على وفاق مع نهج الحُسين هو زهير بن القين البجلي ، فنفسه
الكبيرة وعقله جعلاه ينتبه لكلمات قصيرة وجّها إليه الإمام الحُسين ، فطلّق زوجته
والتحق بركبه فارساً ومُدافعاً وشهيدا.
:10:- لكلّ من أصحاب الإمام الحُسين خصوصيّة معيّنة
تجعلنا نتعلّم منها ونستلهم المعرفة والموقف في اختيار الحق وإتّباعه ، فبرير قارئ
القرآن في الكوفة نموذجا – وحبيب بن مظاهر الأسدي العالم بعلوم أمير المؤمنين ،
عليه السلام ، ومسلم بن عوسجة ، وغيرهم – أبطالٌ ضُرّجوا بدمائهم في سبيل الحقّ
والإمام الحُسين ومنهجه.
:11:- إنَّ البصيرة التي كانت عندهم هي مَن جعلتهم
ينصرون مشروع الإصلاح الذي خرج من أجله الإمام الحُسين في أمّة جدّه ، ولنتعلّم
منهم .
:12:- يجب
الوقوف عند مشاهد عاشوراء ، ونتصوّرها ونعيها جيداً ، لنرى كيف كانت النتيجة لصالح
الإمام الحُسين في الخلود ذِكْراً ومنهجاً وحبّاً شاءَ من شاءَ وأبى مَن أبى.
_____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ
السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ
في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم – الحادي
عشَر من مُحرّمٍ الحرام 1440 هجري ، الواحد
والعشرين من أيلول ,2018م. ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ,
ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق