:: المَرجَعيَّة الدِّينيّة العُليَا الشَريفَة :- إنَّ المُجَاهدين
الأبطال والمُتطوعين الغيارى هُم مَن جَسّدَ مبادئَ نهضةِ الإمام الحُسَين ، عليه
السلام ، بوقفتهم الشجاعة الصادقة والمُضَحيّة أمامَ خطرِ عصاباتِ داعش الإجراميّة
– وهُم مَن ضحّى بنفسه وبذلَ مالَه حِفاظاً على سلامةِ الدّينِ والبلدِ ومُقدّساته
وأعراضِه - بخلاف مَن بقى مُتفرّجاً وواقفاً على التلّ ، يطلبُ سلامة دنياه وأهله
وماله – فهؤلاءِ لا يُمثّلون المَنهجَ
الحُسَينيَ الصادق .
:: و توجّه بضرورة معرفة ماذا يُريدُ منّا الإمامُ الحُسَين
، عليه السلام ، في وقتنا المُعاصر ؟ وماذا تُريدُ منّا كربلاءُ المُقدّسةُ
برمزيتها ؟ وكيف يكون الإنسانُ المُؤمنُ حُسينيَّاً حقّا ؟
:- وتؤكّدُ على أهميَّة استشعار المسؤوليّة والوعي
بأنواعه- الوعي الثقافي والوعي الاجتماعي والوعي التربوي والسياسي - وتحمّل
مسؤوليّة الكلمة والموقف تجاه ما يجري في المُجتمع وما يواجه من مخاطر عقائدية
وأخلاقيّة وسلوكيّة وفساد وظلم.
::- إنَّ الشعورَ بالمسؤوليّة على أنواع ، منها:-
:1:- الشعور بمسؤوليّة الوعي الثقافي والاجتماعي والموقف
والكلمة – ونقصدُ بالوعي الثقافي:- هو أن يتسلّح المؤمن الحُسيني في عصرنا بسلاح
المعرفة الفقهية والعقائديّة والثقافة الإسلاميّة والتربوية والاقتصاديّة
والسياسيّة الصحيحة والاستفادة منها في مواجهة المتغيّرات وإصلاح المجتمع- وهي
مفتاح الفلاح ، وأن لا يقتصرَ على المعرفة الأكاديمية التخصصيّة والثقافة العامة .
:. فينبغي أيّها الإخوةُ الاهتمامُ بالمعرفة الفقهية
الصحيحة وعدم صرف الوقت والجهد والأفكار في تحصيل المعارف التخصصية بمعزل عن معرفة
الدّين ، وإن كانت هذه المعارف مهمّة جداً ، ولكنها لا تكفي لكي ننصرَ الإمام
الحُسَين ، عليه السلام ، في موقفنا المطلوب منّا في عصرنا هذا .
:. وعلينا أن نعرفَ كيف نُجسّدَ مبادئ الإمام الحُسين
،من خلالِ المعرفة الفقهية الصحيحة ، والتي يجب أن نأخذها من مصادرها الموثوقة
والمأمونة ولنطبّقها في كلّ مجالات الحياة الروحية والتربوية والاقتصادية
والاجتماعية والسياسيّة ، وحتّى نصلَ لبصيرة القلب التي نرى بها ما يجري في واقعنا
ومجتمعنا .
:. يجب أن يكون عندنا إلمامٌ إجمالي على أقلّ تقدير
بالمعرفة الصحيحة فقهيّا وثقافيّا ووفق ما جاء به أئمة أهل البيت المعصومين ،
عليهم السلام ، المنبع الموثوق والصحيح – وقد وردَ عن الإمام الكاظم ، عليه السلام
، أنّه قال: (تفقهوا في دين الله ، فإنَّ الفقهَ مفتاحُ البصيرة ، وتمامُ العبادة ،
و السبب إلى المنازل الرفيعة ، والرتب الجليلة في الدين والدنيا ، وفضل الفقيه على
العابد كفضل الشمس على الكواكب ، ومَن لم يتفقه في دينه لم يرض اللهُ له عملا )
: بحار الأنوار، المجلسي ، ج 10 ، ص247.
:..إنَّ التفقّه في الدّين هو الفَهم الصحيح والواعي
والعميق لثقافات ومعارف الإسلام الحقّة ، لأنّه قد يكون الإنسانُ مؤمنا ولكنّه يتبّع
طريقاً ضالاً أو شخصاً يتوهم أنّه على الهدى فيضلّه.
:2:- الوعي الاجتماعي :- وهو أن يعي الإنسانُ المؤمنُ
الحُسيني ماهي مسؤولياته تجاه مُجتمعه – مِن أسرته وعشيرته وزملائه في العمل –
وكثيرٌ من الناس همّه نفسه فقط – ولا يستشعرَ المُحيطَ الذي يعيشُ فيه – فإذا ما
رأى المؤمنُ الانحرافَ في المجتمع سواء أكان ثقافيّاً أو أخلاقيّا أو سلوكيّا
فعليه أن لا يكون متفرّجاً أمامه – فينبغي به أن يساهم في الإصلاح والعلاج والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر وبشروطه - ومن خلال
المعرفة الفقهية والثقافية الصحيحة – فبالعلم تُحلّ المُشكلات – وبالجهل والتضليل
تُعقَّدُ الأزمات.
:3:- مسؤوليّة الكلمة والموقف:- إنَّ الكلامَ هو سلاحُ
الأنبياء والمُصلحين في هداية الناس وإرشادهم للطريق الصحيح ، ولنلاحظ كلمات
الإمام الحُسين ، عليه السلام ،وهي منهاج الإصلاح للفرد والمجتمع معاً – وإذا ما
أُسيءَ استعمالُ الكلام فيسكون وسيلةً للقتل والأحقاد والصراعات ويُحطّمُ المجتمعَ
– وينبغي استعمال الكلام بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة في
مواجهة الانحراف الأخلاقي في المجتمع.
ولنرى كيف خلُدَتْ كلمات وخطب الإمام زين العابدين
والسيدة زينب ، عليهما السلام ، بعد واقعة الطف ، وما أعظم تأثيرهما ليومنا هذا ؟
فلا ينبغي بالمؤمن الصادق أن يقفَ مُتفرّجاً أو ساكتاً
أمام الانحرافات – فلديه الكلمة يهدي بها المجتمع بالمعرفة وبالأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر.
( وأمّا مسؤوليّة الموقف):- فُنُنبّه على ذلك بضرورة
دراسة طبيعة شخصيّات الذين ناصروا الإمام الحُسين ، عليه السلام ، والذين خذلوه ،
فإنَّ الولاء الصادق ليس مجرد شعارات تُرفع أو هتافات تصدحُ بها الحناجر – بل الولاء
تجسيد فعلي وموقف عملي ، وكثيرٌ ممّن كان على عظيم العِلم ولكنّه خذل الإمامَ
الحُسين في وقته – وأمّا الصادقون فهم المُضحون والواقفون بشجاعة كما في حالِ مَن
ضحى بنفسه وبذل ماله وجاهد أمام خطر عصابات داعش الإجراميّة دفاعاً وحفاظاً على
سلامة الدين والمقدسات والأعراض والبلد.
" وفّقنا اللهُ تعالى وإيّاكم لئن نكون من أصحاب
المنهج الحُسيني الصادق في الدنيا والآخرة "
:..أهمًّ مَا جَاءَ
في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة
– الثامن عشَر مِن مُحرّمٍ الحرام ,1440هجري –
الثامن والعشرون عشر من أيلول 2018م
– وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي ، الشيخ عبد المهدي الكربلائي خَطيب وإمَام الجُمعَةِ
فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :::
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ
القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ
-______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق