" يا بقيعَ الغرقَدِ المَهدومِ " يا أسفَنَا على هَدمِ قُبورِ
أئمتنا المَعصومين ، عليهم السلام "الحسَن الزكي – السجّاد – الباقر – الصادق
"عظّمَ اللهُ أجورَكم بهذا المَصابِ الجَلَل "
"ضرورةُ التوازنِ الاعتقادي بين خَوْفِ غَمِّ الْوَعِيدِ وشَوْقِ ثَوَابِ
الْمَوْعُودِ في نَظَرِ الإمام زين العابدين ، عليه السلام ، " قال في دُعَائِه عِنْدَ الشِّدَّةِ والْجَهْدِ وتَعَسُّرِ الأُمُورِ
: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِه ، وارْزُقْنِي خَوْفَ غَمِّ الْوَعِيدِ
، وشَوْقَ ثَوَابِ الْمَوْعُودِ حَتَّى أَجِدَ لَذَّةَ مَا أَدْعُوكَ لَه ، وكَأْبَةَ
مَا أَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْه)
:1:- لقد عَرضَ الإمامُ السجّاد ، عليه السلام ، إلى المراحل التي يمرّ بها
الإنسانُ ، ومنها الظروف الصعبة ، والتي ينبغي به فيها أن يعقدَ العزمَ والنيّةَ
على مُواجهتا آملاً وواثقاً بالله تبارك وتعالى في أن يشمله برحمته المُنجيَة.
:2:- لا بُدّ للإنسان مِن أن يكون بمستوى يجعل مِن نفسه وحاله مَحلّاً
لرحمة الله تعالى وفضله ، وإلاّ سيكون من الخاسرين ، إذ لا يوجد مُنجي غيره ، فهو الملجأ والملاذ
الواقعي.
:3:- في قول الإمام زين العابدين: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِه
، وارْزُقْنِي خَوْفَ غَمِّ الْوَعِيدِ ، وشَوْقَ ثَوَابِ الْمَوْعُودِ حَتَّى أَجِدَ
لَذَّةَ مَا أَدْعُوكَ لَه ، وكَأْبَةَ مَا أَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْه) .
ثمةَ توازن بليغ بين إرادة ورزق الخوف من الوعيد والشوق لثواب الموعود –
وفي هذا المقطع القيّم بيان لحالتي الوعيد والوعد الإلهيين ، وهما واضحان ، فالوعيد
إنّما يكون على المخالفة ، والوعد إنّما هو للثواب على الطاعة والعمل الصالح ، .
:4:- إنَّ الوعيد هو نوع عقوبة ونار
وعذاب يَحكم به اللهُ تعالى على مَن خالفه وعصاه في يوم الجزاء ، وهو سبحانه قادرٌ
على تنفيذه ، وقادره على رفعه تفضلاً ومِنّةً ورحمةً بالإنسان ، ولا نقصَ في ذلك ،
بل هو مِن الفضيلة والكمال
حينما يعفو القادر , .
:5:- وأمّا الوعد فهو جزاءٌ على أمرٍ مُحبّبٍ بجائزة وثواب من اللهِ تعالى
، ولا بُدّ من القدرة عليه ، والله القادر على تنفيذه وتحقيقه ، ولا يُخلف وعدَه
أبداً ،.
:6:- إنَّ اللهَ تبارك وتعالى وبمقتضى رحمته الواسعة لا يُناسبه خُلف وعده
، وهذه فضيلة وكمال فيه سبحانه ،ولن يخلف اللهُ وعدَه .
:7:- وليس كلُّ مَن استحق العقوبةَ يُعاقبُ ، بل قد تشمله رحمة الله
الواسعة بالعفو والتفضّل ، إذا أقدمَ الإنسان على التوبة والعمل الصالح وتركَ القبائح
والسيئات.
:8:- إنَّ الإمام هنا يطلب من اللهِ تعالى أن يرزقه الخوف والاغتمام من
الوعيد وعذاب الآخرة ونارها التي تختلف عن نار الدنيا بالمرّة ، والتي هي تميّز مِن
الغيظ ، وهذا الخوف هو أمر غريزي موجود عند كلّ إنسان ، ويمرّ به النبي والوصي
والمؤمن والكافر ،
وهو يختلف عن الجبن والذي هو من الرذائل – .
ومن الطبيعي أن يخاف الإنسانُ من هول الآخرة ، ومن الضروري أن يسألَ ربّه أن يرزقه هذا الخوف
في الدنيا حتى يكون باعثاً على استقامته وتوازنه في سلوكه وأعماله في هذه الحياة
الدنيا .
:9:- إنَّ المقابلة بين ضرورة تحصيل الخوف من الوعيد والشوق للموعود لهو
أمر مطلوب واقعاً ، لِما له من آثارٍ حقيقية على الإنسان نفسه ، وقد بيّنها الإمام
السجّاد ، عليه السلام ، بقوله:( حَتَّى أَجِدَ لَذَّةَ مَا أَدْعُوكَ
لَه ، وكَأْبَةَ مَا أَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْه)
فاللذّة التي يطلبها الإمامُ هي ما وراء الدعاء والمُناجاة ، وهي لذة تحصيل
الرحمة والظفر بها – لذّة دخول الجنّة وكسب رضوان الله سبحانه –وكذا الاغتمام من
العذاب بالاستجارة بالله عزّ وجل ، للخلاص من النار.
:10:- إنَّ الإنسان إذا ما تحسس واستشعرَ صفاتِ المُتقين واقعاً وسلوكا ، والتي
بيّنها أمير المؤمنين علي ، عليه السلام ، فإنّه سيجد اللّذّة ويفوز في الآخرة
،وينجو من عذاب النار ، التي تنضجُ فيها الجلود وتُبدّل باستمرار – قال تعالى:
((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا
نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا)) (56)النساء.
((قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ))
(28)ق.
:11:- ليس بين اللهِ تعالى وبين أحدٍ من قرابةٍ – وهو سبحانه جدّ ربّنا –
ولا بُدّ من أن نرجعَ إلى كلامِ أئمتنا المعصومين ، عليهم السلام ، ففيه النجاة
والحلّ لكلّ مُشكلةٍ نواجهها ، فكلامهم كلام الله سبحانه والنبي الأكرم ، فهم
يُعلّمونا كيف نحيا حياة ً طيبةً ومستقيمة.
__________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمَد الصافي
، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ
الحُسَيني المُقدّس ,اليوم - السابع من شهر شوّال ,1439 هجري – الثاني والعشرين من حزيران ,2018م.
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ
تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق