: الإسلام والمهدوية والحداثوية:


 
: الإسلام والمهدويَّة والحداثويَّة :

: قراءةٌ في المُشتَركات والمُفتَرَقات في الفهم البشري:
=========================================

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين.


ينبغي أولاً التفريق المعرفي بين مقولة الحداثة والحداثوية

فهناك فرقٌ شاسع بين المقولتين وأتمنى من الجميع الإلتفات الى ذلك منهجيا ومعرفيا؟


فالحداثة::
 تعني التجدد في معالم الحياة وجوديا 

والحداثوية:
:تعني عند حملتها (نوع من الآيديولوجيا تجاه العالم والحياة بصورة مطلقة) 


وهي تنحى بتفكيرها منحى عقلاني نقدي صرف

وربما غالبا ما يحذفون الدين ومقولاته حذفا متعمدا لا حذفا وجدانيا وفطريا 



وأعتقد إنّ الحداثوية في عصرنا هذا تشبه بوجه كبير البراهمة وهي فرقة من كفرة الهند - تقدس العقل وترى أنه يغني عن النبوة :


فالحداثوية والبراهمة على حد سواء في تخندقهم فكريا في خندق العقلانية الصرفة وتنكرهم لضرورة الدين ومقولاته التعبدية 


وحجتهم واحدة في أنّ الدين إن جاء بما يوافق العقول البشرية فلم تكن حاجة ضرورية إليه لأنه جاء بتحصيل حاصل.


وإن جاء بما يُخالف العقول فيجب رده فكريا ومنهجيا.


والحال أنهم يجب أن يذعنوا بحقيقة الإرتباط بالله تعالى وأنبياءه ودينه الحق

لأنّ الله تعالى وأنبياءه جاءوا بما لاتقتضيه العقول في إدراكاتها ولا تهتدي إليه سبيلا 


وجاءوا أيضا بما لاتقتضي العقول تقبيحه فكريا كمقولات العدل والمساواة والحرية الأنسانية ومحاربة إستعباد البشر

 وغيرها كثير كالمقولات الأخلاقية كالصدق والأمانة وهلم جرا


وهذه الأخريات المقولاتية كلها مسلمات قبلية ومنهجية عند المنظومة الحداثوية.


وإذا تبين هذا التوضيح أعلاه نقول ::


لامانع عقلا وشرعا من إنتهاج نهج الحداثة 

وأقصد(التجدد في وسائل ومعالم الحياة عامة)


وهو أمر واقع نعيشه اليوم كضرورة وجودية وبشرية لايمكن الأستغناء عنها 


أما بالنسبة للمشتركات بين الفكر المهدوي خصوصا وحتى الفكر الأسلامي عموما 


فيوجد نحو مشتركات قيمية متعددة تجمع بين الآيديولوجيتين الأسلامية عامة وخاصة والحداثوية

  خصوصا في مقولات العدالة والمساواة والتحرر من الرقيّة البشرية ورفض الأستبداد الديني والسياسي 


وهذا هو عين ما تنشده القضية المهدوية في تحققها وظهورها النهائي

وإن كان الفارق في التشبيه بالجمع بين المشتركات كبير ولكن على الأصل يوجد إجتماع ولو بأصل المقولات المتقدمة وإن أختلف التطبيق .


 من هنا وبحكم وجود مشتركات قيمية بين الأسلام عامة والمهدوية خاصة والحداثوية
 يجب علينا تنضيج الحوار والوعي مع حملة الفكر الحداثوي إنطلاقا من المشترك البشري بيننا 


وأما بالنسبة للمائز بيننا وبينهم

وهو أنهم ربما لا يقبلون بتراث العالم القديم بزعمهم ويطرحون الدين أرضا وربما يلحدون في أغلب إتجاهاتهم


ولكن هذا لا يعني أننا أيضا يجب أن نحذفهم فكريا ومنهجيا

ذلك لأنهم اليوم يمتلكون وسائل الحداثة ويُصدّرونها إلينا وبفعلها يصنعون ما يُريدون .

فعلينا أن ننهج منهج القرآن الكريم الأصيل في صورة إقناعهم فكريا بحكم المشترك بيننا وبينهم 

وفي هذا المجال قال الله تعالى ::


((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ))آل عمران64


والكلمة السواء بيننا وبينهم كما ذكرت أعلاه هي المقولات المشتركة كالعدل والحرية الأنسانية والمساواة في الحقوق والواجبات .


نعم لانتنازل عن الدين الحق وربه ونبيه ومنهاجه ولا نُرغمهم عليه بل ندعوهم الى الحق والعدل والأنصاف .



وأما من جهة القيمة الإجتماعية للمشتركات بيننا وبينهم بشريا

 فالأمر واضح وهوأنّ التغيير الصالح للمجتمع الإنساني برمته إذ ما اُريد له التحقق 

يجب أن يسبقه الإعداد والتقبل وهضم عملية التبدل في المناهج الإجتماعية وسلوكياتها عامة



وهذا ما تتفق عليه مشارب البشرية كافة إذ لايقبلون بكل تغيير بالقوة بل على العكس إنهم يؤمنون بالقناعة والتسليم الطوعي لمشروع التغيير وهذا هو عينه ما تحملة فكرة المهدوية خاصة


وهنا يندمج المفصل القيمي الإجتماعي الرابط بين بني البشر عامة

(مسلمين أو مهدويين أو حداثويين )

 وهذه نقطة إيجابية تُسجل في قبولها البشري لصالح المفهوم المهدوي ومشروع الإمام المهدوي القادم.



فالبشرية في نهاية المطاف ستصل إلى نضجها الأخير الذي يفتح السبيل طوعا وقبولا وقناعة

 لتحقيق منهج الإمام المهدي:عليه السلام:

وبفعل وسائل الحداثة الجديدة حياتيا ولوكره الكافرون أو المشركون أو الحداثويون.



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

: مرتضى علي الحلي: النجف الأشرف:
 

شاركه على جوجل بلس

عن مرتضى علي الحلي

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

2 التعليقات:

مرتضى علي الحلي يقول...

نعم الحداثة: بالمعنى الذي وضّحته وهو التجدد في وسائل الحياة هو أمر ضروري وجوديا وحياتيا

بإعتبار أنَّ الإنسان ينشد الكمال والتكامل فطريا :معنويا وماديا:أي حداثيّاً:وسائليّاً:

وهذا ما لايمانعه المشرع الحكيم

أما الحداثوية بوصفها تحمل وصفا وفكرا معيّنا

قد يكون مختلف في أغلبياته مع آيدولوجيا الإسلام عقيدة وشريعة

ينبغي التعاطي معها بحذر عقلاني وشرعي لأنها لم تك دينا سماويا معصوما
بل هي نتاج بشري وضعي
لايكون في حد ذاته من المقبولات والمسلمات رأساً

بل لا بد من الدراسة والممارسة في التعاطي معها :

نعم لها معنا مشتركات ومفترقات

ونحن بدورنا ننطلق في التعاطي معهم من المتفق لأجل كسر المختَلف آيدولوجيا

ونحاول تطويعهم إلى الفهم الحق للدين ومقولاته

: والأفضل هو التحاور على نقاط جامعة بفطرتها وعقلانيتها قبل تديينها شرعا.

مرتضى علي الحلي يقول...

الحداثة :
يعني قبول التعاطي مع التقنيات والوسائل العلمية الحديثة كالنقّال والنت والستلايت وغيرها في كل مجال حياتي

طبعا: التعاطي المطلوب هو في جانبه الشرعي والإيجابي للإنسان
لا السلبي منه فذلك مرفوض شرعا.

أما في جانب التعاطي مع:الحداثوية :

كماهو معروف ممكن لنا أن نتبنى المفاهيم الجديدة القانونية منها والفكرية والإجتماعية والإقتصادية والحقوقية والتي جميعها لا تعارض ثوابت الدين الحق .

وأن ننضج منظومة حقوق الإنسان قيميا
ونعمل على بناء مفهوم الدولة المؤسساتية

والإستفادة من العلوم الإجتماعية في التنمية البشرية علميا وتربويا
وحتى أخلاقيا.

بشرط المحافظة على أصالة الفكر الإسلامي في عقيدته وشريعته
.