الإمامُ الحُسَينُ : عليه السلام : في النشأةُ و الصيرورة : منهجٌ و إعتبار :


 

 

  الإمامُ الحُسَينُ   : عليه السلام :

في النشأةُ و الصيرورة : منهجٌ  و إعتبار :

==========================

 


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين

في اليوم الثالث من شهر شعبان المبارك من السنة الرابعة من الهجرة

 زُفَتْ البشرى الى رسول الله :ص : بميلاد الإمام الحسين:ع:


ولما ولد جئ به إلى رسول الله :ص : استبشر به

 وأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى


ولما كان اليوم السابع سماه حسينا وعقَّ عنه بكبش


 وأمر أن تحلق رأسه و تصدق بوزن شعره فضة كما فعلت بأخيه الحسن

 فامتثلت ما أمرها به



 وعن الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش

 أنَّ رسول الله :ص :


سمى حسنا وحسينا يوم سابعهما واشتق اسم حسين من اسم حسن


وروى الحاكم في المستدرك وصححه بسنده عن أبي رافع

 

 

رأيتُ رسول الله :ص :أذن في أذن الحسين

 حين ولدته فاطمة :ع:

 

وبسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي :ع :وصححه أنَّ رسول الله ص أمر فاطمة :ع:


فقال زني شعر الحسين وتصدقي بوزنه فضة وأعطي القابلة رجلِ العقيقة .

:أعيان الشيعة:السيد محسن الأمين:ج1:ص578

 

 

إنَّ مقتضى القراءة الواعية في تعاطي النبي محمد :ص:

 مع ولادة الإمام الحسين:ع:

 

 وأداءه للسنن الحكيمة معه


هوما يكمن في ضروة أن ينتهج الإنسان المسلم ما نهجه رسول الله :ص:

في مراسيم المولود الجديد من الأذان في أذنه اليمنى
 والإقامه في أذنه اليسرى .


وهنا ترتسم قيمة الفعل هذا في أهليَّة الوليد الجديد
في إختزان المسموعات وحفظها في ذهنه ووعيه

 وإلاَّ لو لم تك ثمة حكمة من هذا
لما صنع الرسول الأكرم:ص: ذلك قطعا.


وإن كان الأمر هذا تعبديا ولكن يقيناً أنه لا يخلو من وجه معقول وهادف في فعله.
ثم تأتي التراتبية هذه وفق ملاكاتها الواعية والحكيمة في منهجيتها .

فحينها قد سمىّ النبي محمد:ص: الوليد الجديد بأحسن إسمٍ

إنه الحسين :عليه السلام:

ذلك الإسمُ الذي إستبطن في مفهومه ودلالاته

 كل المعاني الحسنة التي تحولت فيما بعد واقعا ملموسا.


وهنا يحسن بنا أن نقتفي في الفعل هذا تحسين الأسماء
لما فيها من أثر معنوي في شخص المسمى.


وتسير التراتبية إلى أن تصل اليوم السابع من الولادة
وهنا قام رسول الله :ص: بفدي الحسين:ع:
 بذبحٍ ليعقّ عنه قربة لله تعالى.

    
     وبحلق رأسه الشريف والتصدق بوزن شعره فضّةً
إنها أسرارٌ وسنن عجيبة

تكاد تحكي أنَّ الإنسان عندما يرد إلى الحياة الدنيا

كأنما أحلَّ إحرامه من عالم الرحم والتكوين

وهذا ما تختزله فلسفة حلق الرأس والتي تشبه فلسفة حلق المُحرِم لرأسه حينما يُريد التحلل من حجه.

وحتى الذبح في اليوم السابع يشي إلى ذلك المعنى.

إنَّّ الحسين :عليه السلام: قد ولِدَ معصوما مُطهرا تطهيرا وهذه الحقيقة أشار إليها القرآن الكريم نصَّا

حيث قال تعالى:
  (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))الأحزاب33

وهذه الآية الشريفة نزلتْ في المدينة
بعد هجرة النبي محمد:ص: إليها
وبعد ولادة الحسن والحسين:عليهما السلام:

فعن أبي سعيد ، أنها نزلتْ
 في بيت نبي الله محمد:  صلى الله عليه وآله وسلم وعلي   وفاطمة وحسن وحسين
، فأدار :ص: عليهم الكساء
 قال : وكانت أم سلمة على باب البيت
 فقالت :
 وأنا يا نبي الله ؟
 قال : فإنَّكِ بخير والى خير
:ترجمة الإمام الحسين:ابن عساكر:ص108.


وروى  من طريق العامة عن ابن عباس
 إنه قال :
 شهدنا رسول الله :صلى الله عليه وآله وسلم: تسعة أشهر
 يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند وقت كل صلاة
فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت
   (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))الأحزاب33

  :الدر المنثور:السيوطي:ج5:ص199.

  
وهناك شاهد قرآني آخر على قدسيَّة الإمام الحسين:ع:
 منذ صغرعمره حينما خرج النبي محمد:ص:
 بأهل بيته المعصومين :ع: ومن ضمنهم الحسين:ع:
 ليباهل نصارى نجران.

قال تعالى حكايةً عن هذه الحادثة:
 (( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ))آل عمران61
بمعنى:
 فمن حاجك : جادلك من النصارى  في أمر عيسى بن مريم:ع:
من بعد ما جاءك من العلم بأمره
 فقل  لهم
 (تعالَوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم)
 فنجمعهم  ثم نبتهل : نتضرع في الدعاء
(فنجعل لعنة الله على الكاذبين)
بأن نقول:
اللهم العن الكاذب في شأن عيسى وقد دعا صلى الله عليه وآله وسلم
 وفد نجران لذلك لما حاجوه به

 فقالوا: حتى ننظر في أمرنا ثم نأتيك
فقال ذو رأيهم:
 لقد عرفتم نبوته وأنه ما باهل قوم نبيا إلا هلكوا فوادعوا الرجل وانصرفوا
 فأتوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقد خرج ومعه الحسن والحسين وفاطمة وعلي
 وقال لهم:
إذا دعوتُ فأمِّنوا فأبوا أن يلاعنوا وصالحوه على الجزية
 رواه أبو نُعيم
 وعن ابن عباس قال:
 لو خرج الذين يباهلون لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا
  وروي: لو خرجوا لاحترقوا
:جامع البيان:ابن جرير الطبري:ج3:ص409

 

 

 وهذه الآية الشريفة أثبتت نصّا سبطيَّة وبنوة الحسن والحسين:ع:

للنبي محمد:ص:

 وهومعنى قوله تعالى


((فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا))

   إنَّ العناية الإلهية والنبوية والعلوية بشخص الإمام الحسين:ع:
فضلا عن الحسن :ع: أيضا

قد لوحظتْ كظاهرة عيانية في وقتها

 تستقطب الباحث عن الحقيقة
 وتترك عنده خطابها القيَمي المُؤسس والمؤصِّل

لكل فضيلة منهجا وفكرا وسلوكا.

وأبرز ما في هذه الظاهره هو حب رسول الله محمد:صلى الله عليه وآله وسلّم :

 للحسن والحسين:عليهما السلام:

بشكل لفتَ أنظار من حوله وأثار فيهم تساولات عدّة .
وإيصاءه :ص: بالعناية بهما والتودد لهما .


وهذا الحب النبوي المحمدي لشخص الحسين:ع:

قد تمثّل في وقائع عديده سلوكا فضلا عنه خطابا.

وهنا نحن لا نقصد به الحب الغريزي الفطري
فهو حاصل لكل إنسان مع ولده.


وإنما نقصد الحب في وجهه الآخر

ذلك  الذي ترتسم في لوحاته طهارة وعصمة

 وإمامة الحسين المحبوب وأبوته للأئمة المعصومين:ع: من ولده.

فعن   يعلى بن مرة   قال :

سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقول


 : حسين مني وأنا من حسين ،

 

 أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الأسباط

 :الإرشاد: المفيد: 2ج:127 ص  .

 


وقال عبد الله بن شداد بن الهاد عن أبيه :

سجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سجدة أطالها

حتى ظننا أنه قد حدث أمرا وانه يوحى إليه


 قال:ص:

 

   كل ذلك لم يكن ولكن ابني:الحسين:ع:

 ارتحلني فكرهتُ

 أن أعجله حتى يقضي حاجته:   

:تهذيب التهذيب:ابن حجر:ج2:ص299

 


فسلامٌ على الإمام الحسين في العالمين


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :  

شاركه على جوجل بلس

عن مرتضى علي الحلي

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات: