:
الحربُ النفسيِّةُ على أهل الحقِّ وأخطارُها على المُجتمع فكريّاً وسلوكيّاً :
قال
اللهُ تبارك وتعالى: ((وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا
هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ
(36) خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ
سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ
(37)))الأنبياء.
:1: لا
يزال القرآن الكريم يصدح بما جاء به من بلاغة الأسلوب وعذوبة التركيب وقوّة
المضمون ، وهو يوجّهنا لحياةٍ آمنة قائمة على أساس الاعتبار والاستفادة والوعي بما
حمله من آياتِ موعظةٍ وحكمةٍ وقصص.
:2: وهذا
يتطلّب منّا الحاجة لأن تكون عندنا صورة واضحة عن معرفة القرآن الكريم وبأدوات
معرفيّة مضبوطة يمكن لنا أن نستنطق بها الآياتِ وأغراضَها – إذ أنَّ القرآن الكريم
هو وديعة النبي الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فينا كما أودع عترته الطّاهرة
وأوصانا فيها خيرا.
:3: إنَّ
هذه الآية الشريفة تعرض بعض المشاكل التي تواجه أهل الحقّ من الأنبياء والأئمة
والعلماء الأبرار ، وتُبيّن أدبيّة الحوار مع من لا يسمع الحقّ ويستهزأ به وبحملته
– وهذا من أشدّ البلاء على الإنسان عندما لا يستفيد من عقله ومن قلبه وبصره
وآذانه.
:4: الحقّ
يحتاج إلى بصيرة لأجل معرفته والتمسّّك به والثبات عليه – ومسلكه واضح ، ولكن
المشكلة في ما إذا ترّبى الإنسان على طريقة معوجّة الفهم تجعله يصدّ عن الحقّ ولا
يتبّع أهلّه.
:5: ولهذا
لابُدّ أن يكون للإنسان ما يُنبّهه ويوقظه حتى يُحاسبَ نفسَه على أقواله وأفعاله
وخياراته – ومورد الآية الشريفة وإن خاطب النبي الأكرم ، ولكن رمزيّة الحقّ محفوظة
في كلّ عصر وزمان .
:6: هذه
الآية الشريفة تبيّن مدى ضعة المُستهزئين بالحقّ وبأهله – وذلك بعد انهزامهم أمامه
في البرهان الحقيقي بحيث يلجئون إلى الحرب النفسيّة القويّة ضدّ النبي وأهل الحقّ –
وبأساليب وضيعة تكشف عن إصرارهم على الباطل ومَن يمثّله عندهم .
:7:
الاستهزاء هو نوع من أنواع الحرب النفسيّة
على أهل الحقّ ، وهو أشدّ عليهم من الحرب الماديّة – لما يوجّه إليهم من
تهم باطلة والإنقاص من مقامهم لغرض إبعاد الناس عنهم ولجمهم عن الدفاع عن الحقّ
ومبادئه.
:8: إنَّ
أهل الحقّ وسيلتهم إلى الحقّ وسيلة حقّة – بينما أهل الباطل
لا يتورعون عن ذلك فيتكلمون بسوء ويغمزون
ويلمزون دون أي احترام للآخر.
:9: من
سفاهة أهل الباطل هو عملهم على دفع الناس إلى ارتكاب الموبقات والإلحاد وتجريدهم
من إنسانيّـهم – بينما الأنبياء يريدون إعادة الإنسان إلى وضعه الطبيعي الفطري
السليم المُكرّم إلهيّاً .
:10: ومن
الصفات الذميمة في حياة الإنسان هي الاستعجال وعدم الصبر والتأمل في الحقائق
والأحداث والنظر إلى الأمور من زاوية واحدة – وهنا حريٌّ بنا أن نرفق بأنفسنا قبل
أن نرفق بالآخرين وأن ننظر للحقيقة من جميع جهاتها وبتدبّر.
:11: ليس
من الصحيح أن يمضي الإنسان وفق رأيه فيبتعد عن الحقّ وأهله – متأثّراً بالحرب
النفسيّة والفكريّة ودعاتها – والحال أنَّ الحقّ دائماً هو المُنتصر في النهاية
منهجاً ومصيرا – وسرعان ما سيتلاشى أهل الباطل كأوراق الخريف – هذا وعدٌ من الله
سبحانه وإن طال الأمد.
______________________________________________
أهمُّ
مَضَامِين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى التي ألقاهَا سماحة السيّّد أحمَد الصافي ، دام عزّه
،الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس
اليوم, الثامن والعشرين من جمادى الأولى 1441 هجري - الرابع والعشرين من كانون الثاني 2020م .
______________________________________________
تدوين
– مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشرَف .
0 التعليقات:
إرسال تعليق