: هذا ما قالَه أميرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب(عليه السلام)
فيجبُ الاعتبارُ به مَنهجاً وسُلُوكا :
( لَا تَضَعُوا مَنْ رَفَعَتْه التَّقْوَى - ولَا تَرْفَعُوا مَنْ رَفَعَتْه
الدُّنْيَا )
: نهج البلاغة، ت ، د، صبحي
الصالح ،ص 285:
:1: لقد
عوّدَنا أميرُ المؤمنين(عليه السلام) على أن يُنبِّهَنَا في وقتِ الغفلةِ، ويرشدنا
إلى ما فيه صلاحنا وسلامتنا في هذه الحياة الدنيا ، والتي يكون الإنسانُ فيها
ضيفاً ،سرعان ما يرحل عنها لمنزله الأبدي ، وخلال فترة قصيرة كتبها اللهُ سبحانه له
وعليه.
:2: وفي
خضمّ ذلك الحال فلابُدّ من أن نستوضحَ الطريقَ والمسارَ الحقّ والهادي إلى الله
تعالى ، لأنَّ الابتعاد عن الجادة المُستقيمة يميل بنا يميناً وشمالاً ، وقد لا
نسلم من الانزلاق.
:3: ليس
الهدف من الموعظة أن يتّعظَ الإنسانُ لمدّة محدّدة ، وبعدها يرجع لما كان عليه ،
بل الموعظة ما تستقرُّ في قلوبنا وتستقيمُ معها أعمالنا من الانحراف أو الكفر
والعياذ بالله – والإمام علي (عليه السلام) بمقولته هذه يُريدُ منّا أن نستشعرَ
المهمّة التي نحن فيها – مهمّة التكليف والعمل والاختبار.
:4: وفي
هذه المقولة القيّمة يُقدّم لنا (عليه السلام) معياراً قويماً للتنافس الصالح ،
والذي يُرضي الله تعالى ، وذلك بتوجيه سباقنا وجهةَ الخير والعمل الصالح والتقوى
والاقتراب من الله سبحانه اقتراباً معنويّاً خالصاً وعن طريق كلّ المُقرّبات إليه –
لا أن نتنافس بأموالنا وأجسامنا وقوّتنا بما لا جدوى منه.
:5: إنَّ
الاقترابَ الواقعي من الله تعالى يتحققّ بأن نتقيه وأن نكون من المتقين ، وذلك هو
الفوز العظيم – لأنَّ المتّقي يرى اللهَ في كلّ شيءٍ ، وفي كلّ شاردة وواردةٍ –
ولابُدّ من أن نحبّ اللهَ سبحانه ونبغضَ مَن يبغضه.
:6: هناك
مجموعةٌ اقتربت من الله جلّ وعلا ،وهم أهل التقوى ، وهذا العنوان لا علاقة له
بالمركز أو الشكل ، بل له علاقة بارتباطهم بالله تعالى معنويّاً وعباديّاً – فيجب أن
لا ننال منهم أو نضعهم عن مرتبتهم – لأنَّ
اللهَ يريد لهم أن يرتفعوا بالتقوى والعمل الصالح – ويومَ القيامةِ سوف يلقى
الإنسانُ جزاءَ استهزائه بهم.
:7: ثُمَّ
قال(عليه السلام):( ولَا تَرْفَعُوا مَنْ رَفَعَتْه الدُّنْيَا ) – إنَّ الميزان الحق
لا يقوم على أساس قناعاتنا الدنيوية من موقع
مُميِّز أو جاه أو ثراء – نعم هذه كلّها لها دخالة ودرجات محدودة في رفعة الإنسان
دنيوياً – إلّا أنّها ليست هي الميزان السوي مع ما يريده الله تعالى – والقناعات عند
الناس قد تتبدّل بتبدّل المواقع والظروف – فيُبرّر الإنسانُ لنفسه أفعاله ، وقد
يظلم في موقعه بتوهم أنّه على صواب ، وهذا أمر خطير – فيفعل بخلاف مبادئه.
:8:الإنسان
الذي ترفعه الدنيا وأهلها ، وهو خالٍ من التقوى ، ليس من الميزان الحقّ أن نرفعه
بما لا يستحقّ .
:9: إنَّ
أمير المؤمنين (عليه السلام) يهدفُ من مقولاته - أن يهذّبَ ويُنظّمَ سلوكياتنا
العامة ، والتي لها مدخليّة في ردع الناس عن غيّهم ردعاً اجتماعيّاً وعرفيّاً وأسريّاً،
والمجتمع الذي لا روادع فيه تمنع من الانزلاق إلى المهاوي
لا يرى خيرا .
______________________________________________
أهمُّ مَضَامِين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى التي ألقاهَا سماحة السيِّد أحمَد الصافي،
دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني
المُقدّس اليوم, الثلاثين من ربيع الآخر
1441 هجري - السابع والعشرين من كانون
الأوّل 2019م .
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشرَف .
0 التعليقات:
إرسال تعليق