" نُباركُ لكم إطلالة ذكرى ولادة الإمام الحسَن العسكري (عليه
السلام) في العاشر مِن ربيع الآخر سنة 232 هجري " سائلين اللهَ تعالى أن
يُعجّلَ بفرجِ وليّه الأعظم الإمام المَهدي مِن قريب "
قال : ( صلوات الله عليه ) في وصيّةٍ قيّمة ( لشيعته : أوصيكم بتقوى الله ،
والورع في دينكم ، والاجتهاد للهِ ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة إلى
مَن ائتمنكم من
برٍّ أو فاجرٍ ، وطول السجود ، وحُسن الجوار ، فبهذا جاء مُحمّدٌ ، صلى الله عليه وآله
، صلّوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم ، وأدّوا حقوقهم ، فإنَّ الرجلَ
منكم إذا ورعَ في دينه وصدقَ في حديثه ، وأدّى الأمانةَ وحَسّنَ خُلُقَه مع الناس قيل
: هذا شيعي فيسرني ذلك - اتقوا اللهَ وكونوا
زيناً ولا تكونوا شيناً ، جروا إلينا كُلَّ مودةٍ ، وادفعوا عنا كُلَّ قبيحٍ ، فإنّه
ما قيل فينا مِن حسن فنحن أهله ، وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك - لنا حقٌّ في كتاب الله ، وقرابةٌ من رسول الله ،
وتطهيرٌ من الله لا يدّعيه أحدٌ غيرنا إلّا كذّاب - أكثروا ذكرَ الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة
على النبي ،صلى الله عليه وآله ، فإنّ الصلاة على رسول الله عشر حسنات - احفظوا ما
وصيتكم به ، واستودعكم الله ، وأقرأ عليكم السلام )
: بحار الأنوار ،
المجلسي ، ج 75 ، ص 373 :
إنَّ هذه الوصيّةَ القيّمَةَ ممّا
ينبغي الاهتمام بها وتعاهدها حفظاً وتطبيقا ، وهي تُركّز على محاور عِدّة ، منها :
:1: التأكيد على
حُسن العقيدة والتقوى والورع عن محارم الله ، وهذه الأسس والأصول هي منشأ كلّ
عقيدة سليمة وكلّ فكر صحيح وسلوك صالح – فمتى
ما فسدت العقيدة فسدَ الفكرُ وساءت الأخلاق .
:2: الورع – هو مرتبة
أعلى من التقوى ، ويُمثّل حاجزاً نفسيّاً يمنع الإنسان المؤمن من ارتكاب المعاصي
والقبائح ، و هو ما يجعله يشعر برقابة الله سبحانه الدائمة عليه ومحاسبته إيّاه –
وقد شدّد الرسول الأكرم على أهميّة الورع في خطبة شهر شعبان حينما أوصى أمير المؤمنين
علي (عليه السلام) بأنَّ الورع عن محارم أفضل الأعمال.
:3: هذه الوصيّة
تُنبّه على ضرورة أن يكون المُحبّ لأهل البيت الأطهار ورعاً ومتقياً ومجتهداً لله تعالى
في أعماله وطاعاته ومُستثمراً عمره في ذلك.
:4: تُبيّن هذه
الوصيّة أنَّ المعيارَ الحقيقي للإنسان الشيعي المؤمن إنّما يكون في صدق حديثه
وأداء أمانته ، فضلاً عن التزامه بعباداته – فالمؤمن لا يكذب ، لا في جدٍّ ولا في
هزل – ولا يخون في حفظ أموال الناس وحقوقهم وأسرارهم وأعراضهم.
:5: هنا مسألة
مهمّة جدّاً تؤكّد عليها هذه الوصيّة القيّمة ، وهي مسألة التعايش السلمي والآمن
مع الناس في المجتمع الواحد على اختلاف عقائدهم ، وتجنّب الفتنة ، والحفاظ على
الاعتقاد الحقّ وعدم استفزاز الآخرين ، وحق الدفاع عن العقيدة السليمة بالدليل
والبرهان والحكمة .
:6: من الضروري
الحفاظ على سمعة الأئمة الأطهار بالانتماء الصادق والسلوك الفاضل وتعاهد وصاياهم
وتطبيقها فعلاً ومضمونا.
:7: من صفات
الشيعي الحقيقي الصادق تعبّده بذكر الله ونبيّه الأكرم وذكر الموت والآخرة وتلاوة
القرآن الكريم .
______________________________________________
أهمُّ مَضَامِين خطبةِ
الجُمعَةِ الأولى التي ألقاهَا سماحة الشيخ عبد المَهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل
الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس اليوم,
التاسع من ربيع الآخر 1441 هجري ، - السادس
من كانون الأوّل 2019م .
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى
عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشرَف .
0 التعليقات:
إرسال تعليق