: مِن وصايا الإمام جعفر الصادق
، عليه السلام ، القيّميّة منهجاً وسُلوكا :
قال:(يا ابن جندب- مَن حَرمَ نفسَه
كسبَه فإنّما يجمعُ لغيره ، ومَن أطاعَ هواه فقد
أطاع َعدوّه ، ومَن يثق بالله يكفه
ما أهمه مِن أمر
دنياه وآخرته ويحفظ له ما غابَ
عنه ):بحار الأنوار،
المجلسي،ج75،ص282:
:1: في هذه الوصايا يُحذّرنا
الإمامُ ، عليه السلام، من صفات ذميمة وقبيحة عقلاً وشرعاً ، ويُنبّهنا بضرورة
الثقة بالله تعالى ومدى أهمّية آثارها في الدنيا والآخرة .
:2: الصفة الأولى الذميمة (مَن حَرمَ
نفسَه كسبَه فإنّما يجمعُ لغيره) – من القواعد الحياتيّة المعلومة عند العقلاء
ووفق المبادئ الدينية شرعاً أنَّ الإنسان الذي يكد ويتعب في كسبه ينبغي أن يُراعي
أوّلاً احتياجات نفسه في الدنيا والآخرة وأسرته وأرحامه وبقيّة الناس – لا أن يكون
بخيلاً على نفسه وعلى عياله ، فلا ينفق
ولا يتصدّق ولا يعطي الحقوق – فهذه
صفات ذميمة عقلاً وشرعا، ولا بُدّ من الموازنة في هذه الأمور.
:3: الصفة الثانية الذميمة (ومَن أطاعَ
هواه فقد أطاع َعدوّه) – لقد حذّرت الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة من خطورة إتّباع الهوى ، والذي هو
الميل النفسي لما تحبّ من الأشياء دون تورّع من متابعة الباطل والشر والرذيلة
وغيرها – وورد عن النبي الأكرم ، صلّى الله عليه وآله أنَّه قال(إنَّ أخوفَ ما أخاف
على أمتي الهوى وطول الأمل ، أمّا الهوى فإنّه يّصدّ عن الحقّ ، وأما طول الأمل
فيُنسي الآخرة ):الخصال ، الصدوق،ص51:
:4: ينشأ الهوى من حالة التعصّب
لمعتقد ما دون دليل أو لرأي أو لموقف غير حقّ أو من التعصّب للقوم أو للعشيرة ،
وذلك نتيجة الغضب والانفعالات التي تدفع للتعلّق بالباطل – وكذلك الحاكم أو القاضي
قد يدفعه هواه للحكم بالباطل ، وهكذا الإنسان في أسرته وفي مجتمعه- (وأشقى الناس مَن
غلبَه هواه).
قال تعالى((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ
رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى
(41)))النازعات.
:5: الصفة الثالثة الممدوحة (ومَن يثق
بالله يكفه ما أهمه مِن أمر دنياه وآخرته ويحفظ له ما غابَ عنه) – إنَّ الإنسان
يمرّ بمشاكل وعقبات ويقلق ويخاف وله تعلّقات وآمال يسعى لتحقيقها – وهنا لا بُدّ
له من ترسيخ ثقته بالله تعالى الذي بيده أسباب كلّ شيءٍ – لا أن يثق بنفسه
وبقدراته وبماله دون أن يعتقد بمشيئة الله سبحانه ، فالثقة بالله هي مَن تمكّن
الإنسانَ من التغلّب على مشكلاته.
ولنلاحظ كيف كان الإمام الحُسين ،
عليه السلام، راسخاً في ثقته بالله تعالى في يوم عاشوراء وفي أشدّ اللحظات ، حيث
كان ذكره في دعائه(اللَهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرْبٍ ؛ وَأَنْتَ رَجَائِي
فِي كُلِّ شِدَّةٍ ؛ وَأَنْتَ لِي فِي كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِـي ثِقَةٌ وَعُدَّةٌ
.
كَمْ مِنْ هَمٍّ يَضْعُفُ فِيهِ الْفُؤَادُ
، وَتَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ ، وَيَخْذُلُ فِيهِ الصَّدِيقُ ، وَيَشْمَتُ فِيهِ الْعَدُوُّ
؛ أَنْزَلْتُهُ بِكَ ، وَشَكَوْتُهُ إلَيْكَ ، رَغْبَةً مِنِّي إلَيْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ
؛ فَفَرَّجْتَهُ عَنِّي ، وَكَشَفْتَهُ ، وَكَفَيْتَهُ - فَأَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ
نِعْمَةٍ ، وَصَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ ، وَمُنْتَهَي كُلِّ رَغْبَةٍ ).
______________________________________________
أهمُّ مَضَامِين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى التي ألقاهَا سماحة
الشيخ عبد المَهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا
الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم
السابع و العشرين من مُحرّمٍ الحرام1441 هجري ، -السابع والعشرين من أيلول
2019م .
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشرَف .
0 التعليقات:
إرسال تعليق