" مِن مقوّماتِ الحاكمِ الناجح الرحمةُ وخِدمَةُ الشعبِ
والطبقاتِ المُستَضعَفَةِ وبسط عدله على الملايين " وأخطر جريمة بحقّ الإنسان
أن يَحرمَ نفسَه مِن حقّ الحياة بالانتحار ، و ظاهرة الانتحار هي خللٌ مُجتمعي وخللٌ
في مؤسسّات الدولة .
– والمطلوب منّا
أن نرحمَ أنفسنا بوقايتها مِن المَهالك ونوازع الشرّ في دواخلنا :
:: المَرجَعيَّةُ الدِّينيَّةُ العُليَا الشَريفَةُ ::-
توجّه بضرورة تحويل خُلُقِ الرحمة والتراحم إلى نظامٍ للحياةِ وحالةٍ مُجتمعيَّةٍ
وليست فرديّة – وعلى رأس ذلك النظام السياسي فيجب أن يكون قوامُه الرحمةَ والتراحمَ
– والحاكم الذي بيده السلطة مَعنيٌّ بذلك ، وعليه أن يُفكّرَ ويعملَ لمصالح الشعب وخدمته وقضاء حوائجه .
:1:- إنَّ مِن أهمِّ المبادئ الأخلاقيَّةِ الضروريّة
للفرد والمُجتمع هي الرحمة الإنسانيّة والتراحم ودورها في بناء حياة الأسرة والمُجتمع
معاً ، وتجنّب القسوة والعنف والغلظة في التعامل والسلوك.
:2:- إذا تأمّلنا في القرآن الكريم فسنجده أنَّه قد ذكرَ
أسماء اللهِ تعالى وصفاته والتي أساسها الرحمة ب ( ثلاث مئة ) مرّة ، وذلك
لأهميّتها ، ومنها اللطف والحنّان والمنّان والعفو وغير ها.
:3:- إنَّ أحدَ أهمّ صفات الأنبياء والأوصياء هي الرحمةُ
، وقد وصف اللهُ تعالى نبينا مُحَمّد ’ ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ
(107))) الأنبياء ،، وقد كانت صفة الرحمة عند النبي الأكرم أساساً في جميع مناهج
حياته إلّا في موارد تخضع للحكمة .
:4:- وكذلك كانت
الرحمة من أهمّ صفات المؤمنين الصادقين في ولائهم ، وأساس التعامل الاجتماعي في ما
بينهم ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ
رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ (29) )) الفتح.
:5:- ينبغي أن تكون الرحمة الأساس في نظام الحياة
الاجتماعيّة والاقتصاديّة والمَعيشيّة وحتى السياسيّة .
:6:- ولأهميّة الرحمة فقد أودعها اللهُ سبحانه في فطرة
الإنسان مؤمناً أو غير مؤمن ، فهي مودعةٌ في أصل خلقته وتكوينه الإنساني الأصيل ،
ومن دونها لا يكون الإنسانُ إنساناً .
:7:- ومن الضروري أن نتّصفَ بالرحمة حتى يرحمنا اللهُ
ونرحم بعضنا بعضا ،وقد أكّدت الأحاديث
الشريفة على ذلك ( لا يرحم اللهُ مَن لا يرحم الناسَ )
(الراحمون يرحمهم اللهُ )( ارحموا مَن في الأرض يرحمكم
مَن في السماء )
:8:- وعلى
الإنسانِ أن يرحمَ نفسه بوقايتها من نوازع الشرور في دواخله ،
ولا يجوز له
حرمانها من حقّ الحياة بالانتحار لأسباب نفسيّة أو معيشيّة أو فشل في الامتحان – وظاهرة
الانتحار هي ظاهرة خطيرة وجريمة بحقّ النفس المُحترَمة ، وهي خللٌ مُجتمعي وخللٌ
في مؤسسّات الدولة .
:9:- إنَّ سببَ ظاهرة الانتحار هو عدم اهتمام المُجتمع
والدّولة بالبناء المعنوي والنفسي والقيمي للفرد والأسرة والانشغال بالبناء
المادّي ، وقد قال اللهُ تعالى :
(( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ
مَا يُؤْمَرُونَ (6))) التحريم .
:10: - ولقد أوّل ما أوصى به الإمامُ عليٌّ أمير
المؤمنين ، عليه السلام ، في عهده لمالك الأشتر هو الرحمة بالرعيّة والشعب
والاهتمام بهم (وأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ - والْمَحَبَّةَ لَهُمْ
واللُّطْفَ بِهِمْ - ولَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ
- فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ - وإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي
الْخَلْقِ)
: نهج البلاغة ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 427 :
:11: يجب أن تكون الرحمةُ ظاهرةً مُجتمعيّةً بدلاً مِن
العنف والقسوة ، وبدءاً من رحمة الآباء بالأبناء والأزواج بأزواجهم والإخوة
والأخوات بعضهم ببعض – ورحمة أفراد المجتمع في ما بينهم ،( ومثل المؤمنين في
توادّهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائره بالحمّى والسهر ).
______________________________________________
:: أهمُّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ
العُليَا الشَريفَةِ , اليَوم, الجُمْعَة ، الثالث من شوال 1440 هجري، السابع من
حزيران ، 2019م ، وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي، سماحة الشيخ عبد المَهدي
الكربلائي ، دامَ عِزّه ، خَطيب وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ
::
___________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ .
:كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ
القَبولَ والنَفعَ العَامَّ, ونسألَكُم الدُعَاء.
___________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق