"
مِن كلامٍ لأمير المُؤمنين ، صَلَوَاتُ اللهِ وسَلامُه عليه ، في الحَثِّ على
التآلفِ والرأفةِ " قال : ( لِيَتَأَسَّ صَغِيرُكُمْ بِكَبِيرِكُمْ - ولْيَرْأَفْ
كَ
بِيرُكُمْ بِصَغِيرِكُمْ )
:
نهجٌ البلاغةِ ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 240.
:1:- يُقدّمُ
لنا أميرُ المؤمنين ، الإمامُ عليٌّ ، عليه السلام ، مَقطعاً قيِّمَاً له دخالته
المَكينة في بناء الشخصيّة وفي بناء المُجتمع على حدٍّ سواء – ويُنبّهنا على ضرورة
إشاعةِ ثقافة الأُلفةِ بين المؤمنين ومع الآخرين ، ودفعِ البغضاء والشحناء – والأُلفَةُ :- هي حالةٌ من الرقيّ الأخلاقي
للإنسان .
:2:- يوجدُ بعض الناس مِمّن يدعون للألفة ، ولكنّهم
لا يتمكّنون من التآلف مع الآخر لضيق أخلاقهم وطباعهم وسوء أمزجتهم ونفرة الآخرين
منهم - ومع إرسال اللهِ للرسل وبعثته
الأنبياء ، عليهم السلام ، وما بذلوه من طاقات جبّارة في تغيير المجتمعات ، لكن
بقيت مشكلةُ أزمة الأخلاق والغلظة في التعامل .
:3:- ينبغي
ضبط النفس بأعلى حالة من الضبط في الأسلوب وفي مُدارة الناس والرأفة بهم ، وهذا هو
مضمون رسالة النبي الأكرم ، صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم ،.
( أُمرتُ بِمُداراة الناس كما أُمرتُ بتبليغ الرسالة
)
:
بحار الأنوار ، المجلسي ، ج 74 ، ص151 . :
:4:-
عندما يُقدّم لنا أميرُ المؤمنين هذا المقطع القيّم فإنّه يُريدُ منّا أن نعيشَ
حالة الرأفة مع بعضنا بعضا في الوظيفة وفي التوجيه وفي التعامل وفي التصرّف والرأفة.
- وخفض الجناح :- هي مفردة استعملها
القرآنُ الكريمُ عّدةَ مرّاتٍ لترسيخ هذه الثقافة في سلوكنا مع الوالدين والأبناء والآخرين
– وحتى الطير نشاهده بالعيان يرأف بصغاره ويضمّهم تحت جناحه – وهذا سلوك غريزي
وطبيعي ينبغي أن يجدَ طريقه في واقعنا وفي الحياة
- قال تعالى : ((وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ
رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)) (24) الإسراء. ((وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ )) (88)
الحجر . ((وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ))(215)
الشعراء.
:5: -
ولثقافة التآلف والرأفة مقوّماتٌ لا بُدّ من مراعاتها منهجاً وسلوكا –
الكبير
لا بُدّ من أن يرأف بالصغير بشفقة ورحمة – ولخفض الجناح والرأفة والشفقة قيمٌ
تربويّة له آثارها الواقعيّة في هذه الحياة – وهي تحتاج إلى وعي وإدراك في فهم
تصرّفات الصغار العفويّة لتربيتهم بصورة صحيحة دون تنفير أو زجر فيما خالفوا فيه.
:6:- في الواقع توجدُ عندنا أزمةٌ في الأخلاق –
وأسبابها متعدّدة – تتجلّى في عدم إفشاء السلام أو ردّه بغير تحيّة الإسلام – وفي الكسب
وعدم الاهتمام بموارده - وإنَّ الإنسانَ
إن لم يُربّي يُحبّب نفسه للآخرين فسيفشل .
:7:- إنَّ
إشاعة الرحمة والرأفة والعطف في السلوك في هذه الحياة ستنفعنا في ذلك اليوم الذي
تشخصُ فيه الأبصارُ – والمطلوب من الإنسان أن يتحسّس بآلام الآخرين ، ولا يكون مِن
الذين قَسَت قلوبُهم ، فهي كالحجارة أو أشدّ – لا يتأثّر بأي شيءٍ.
:8:- هذه
الدنيا هي عبارة عن حركة سريعة بنا ، وسنرحل عنها من قريب – ولا يُمكن
لنا أن نقدّمَ فيها ولا نُؤخّرَ – سنكون بعد حين خارجين منها إلى الآخرة – فمتى نستعدّ
لذلك اليوم ؟
_____________________________________________
أهمّ مَضامين
خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ، والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه,
الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ، الثامن عشَر من جمادى الأولى 1440 هجري
، الخامس والعشرين من كانون الثاني 2019م
. ______________________________________________
تدوين
- مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي - النَجَفُ الأشْرَفُ .
:كَتَبْنَا
بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى، رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم
الدُعاءَ .
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق