::.. مِن الحَرَمِ الحُسَيني المُقدَّسِ حَرَاكٌ قيِّمٌ في إطارِ
ترسيخِ ثقافةِ الِاحْتِرَاسَ مِنَ الزَّلَلِ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ ..::
:1:- إنَّ الإنسانَ ما دامَ في هذه الحياة الدُنيا وجبَ
عليه أنْ يُراعِيَ وجودَه الذي أفاضه اللهُ ، تبارك وتعالى ، عليه فأخرجه مِن كتم
العدمِ إلى نور الوجود بالتحفّظِ والاحتراس.
:2:- على كلّ إنسانٍ أنْ يفهمَ ما هي وظيفته في هذه
الحياة الدنيا ، ولأنَّ الدنيا قد تجعله غافلاً بشواغلها الكبيرة ، وقابليتها على
جذبه من غرائزه وحواسّه ورغباته – وبذلك ينبغي أن يأخذَ منها ما هو ضروري لإقامة
صُلبه – لا أن تأخذه يميناً وشمالاً .
:3:- إنَّ الإنسانَ على نفسه بصيرة ، وكفى بذلك واعظا ،
وإذا ما حاسبَ نفسه فهو على خير ، وإن لم يعرف ماذا يفعل فعليه أن يسأل ، وهو
بفطرته يدركُ أنَّ عليه أشياءً مطلوبةً منه، ينبغي أن يعرفها ويأخذها من أهلها ،
كما هو حال المريض الذي يدرك أهمية مراجعة الطبيب.
:4:- مِن الضروري أن يسألَ الإنسانُ عن وظيفته الوجوديّة
في هذه الحياة الدنيا ، - كيف يتعامل مع والديه ؟ - مع جاره – مع أقرانه ؟ - هل
يجوز له أخذ مال غيره ؟ ومجموعة أسئلة تواجهه ينبغي معرفتها حتى تكون طريقاً
لتهذيب نفسه وسلوكه.
:5:- إنَّ النبيَّ الأكرمَ ، صلّى الله عليه وآله وسلّم
، والأئمةَ الأطّهارَ قد نبّهوا الإنسانَ فيما يمرّ به من ظروف تستدعي منه أن يعرف
كيفية مواجهتها بالتحفّظ من الخطايا والاحتراس من الزلل ، حتى لا يَحبط عمله.
:6:- لقد أكّد الإمام زين العابدين ، عليه السلام ، على
ثقافة الاحتراس من الزللِ بعنوانها العام لِما فيها من آثارٍ كبيرةِ وصالحةِ ترجع
للإنسان نفسه ، قال:
(اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِه ، وارْزُقْنِي التَّحَفُّظَ
مِنَ الْخَطَايَا ، والِاحْتِرَاسَ مِنَ الزَّلَلِ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ ):
الصحيفة السجّاديّة.
وثقافة الاحتراس أو الحراسة وأسبابها هي ممّا ينبغي
معرفتها والالتفات إليها ، ولماذا يحترس الإنسان ؟ وعن أي شيءٍ ؟ وهذا يعود
لسببين:
:الأوّل:- إنَّ الشيءَ الذي عنده ثمينٌ كوجوده ونفسه أو
ماله أو وثيقة وغير ذلك.
:الثاني:- يحترس الإنسان من الشخص الذي يُريدُ أن
يستهدفه.
:7:- وأما لِماذا الاحتراس فهو لأجل دفع استحقاق العقوبة
حال ارتكاب الذنب والمعصية ، ذلك لأنَّ الزلل هو كلّ ما يوجب الوقوع في الذنب والمعصية
، وبالاحتراس يتمكّن الإنسان من سدّ هذه الثغرات أمامه – فيكون متيقظاً ومستعدّاً
للعدو الذي ينوي الإيقاع به ، ويتربّص به الدوائر ، والغواية والإضلال.
:8:- إنَّ الكون على الحراسة يستدعي معرفة العدو وتجنبّ
الغفلة منه ، ( فمن نام لم ينم عنه)، وكما هو حال الإنسان مع عدوه الحقيقي الشيطان
((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ
لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6))) فاطر ، ((وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ
وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ
خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ
خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119)))النساء.
:9:- إنَّ الإنسان عندما يتشبّع من المعاصي يتحوّل إلى
شيطان شرير ، فلا يسمع النصيحة ولا يقبلها ويصمّ آذانه عنها ، و شرّ الإخوان مَن
زيّن لك معصية الله ، والشيطان يتأذى من الإنسان المُحترس والساجد لربّه لأنَّ ذلك
يُذكّره بعاره وشناره الأزلي ، ولذا هو يفرح بموت العالِم ، لأنَّ العالِمَ يربطُ
على قلوب المؤمنين ويشدّ عليها حتى لا يتمكّن الشيطان من أن يدخلها.
:10:- إنَّ أمامنا عالماً أخراً يجب أن نتعرّف إليه ،
وإذا مُتنا ستنكشف لنا معالمه ، ولنا في أمير المؤمنين ، الإمام علي ، عليه السلام
، أسوةٌ حسنةٌ ، حينما قضى حياته الشريفةَ مُجاهداً وصابراً ومُطيعاً لربّه حتى
نطقَ ( ب فُزتُ وربّ الكعبة) وانتظره ورغبَ بأجله الموعود شوقاً للآخرة وربّه
الأعلى.
:11:- إنَّ مُقتضى ثقافة الاحتراس من الزلل هو اليقظة
والرجوع فوراً ، قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا
مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)))الأعراف.
:12:- إنَّ أدعيّة الأئمة المعصومين ، عليهم السلام ، هي
نعمة من اللهِ تعالى علينا ، لأنّها تُمثّلُ سبلَ الهداية والصلاح لنا ، وعند
الصباحِ يَحمدُ القومُ السرى(المشي ليلاً بخوفٍ- ومجيء الصبح بعده نعمة تستحق
الشكر).
_____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ
السيِّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ
في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم – الخامس
من ذي الحجّة الحرام ,1439 هجري ، السابع عشَر من آب ,2018م. ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ,
ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق