:: أحيوا أمرنا ::




 أحيوا أمرنا


إعداد
مرتضى علي الحلي



















بيان معنى إحياءِ أمر أهل البيت المعصومين^ ومفهومه
إنطلاقا من قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111] يكونُ معنى الإحياء ومفهومه، هو الاعتبار بالدرس والمنهج القويم الذي خلّفه فينا الأئمة المعصومون^ والذي يمكن من خلال استيحائه واستيعابه أن نصوغ حاضرنا الإسلامي والإيماني خيرَ وأقوم صياغة تصبّ في صالحنا ومصلحتنا الدينية، بل وحتى الدنيوية.
ولأهمية معنى الإحياء لأمر أهل البيت^وقيمته أكّد أئمتنا^ هذا المضمون، وفي قضية الإمام الحسين× خصوصاً، والتي هيمنت بقدسيتها الربانية الصادقة والهادفة على أذهان المؤمنين على مرِّ العصور، فعن الإمام الصادق× أنه قال للفضيل بن يسار: >تجلسون وتتحدثون؟ فقال الفضيل: نعم، فقال الإمام الصادق×: إنّ تلك المجالس أحبُّها، أحيوا أمرنا فرحم الله من أحيا أمرنا، فإنّ من جلس مجلسا يُحيى فيه أمرنا، لم يَمُت قلبه يوم تموتُ القلوب<.([1])
ونقل أبو الصلت الهروي عن الإمام علي الرضا× أنه قال: >أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا، قُلتُ: -أي الهروي- يا ابن رسول الله وكيف يُحيى أمركم؟ قال×: أن يُتَعَلم علومنا ويعلمها الناس، فإنّ الناسَ لو علموا محاسن كلامنا تبعونا<.([2])
ورُوِيَ عن الإمام الرضا× أنه قال: >إنّ المُحَرَّمَ شهرٌ كان أهلُ الجاهلية يُحرّمون فيه القتال، فاستُحِلّت فيه دمائنا، وهُتِكَت فيه حرمتنا، وسُبيَت فيه ذرارينا ونسائنا، ولم ترع لرسول الله’ حرمة في أمرنا. إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبكِ الباكون؛ فإنّ البكاء عليه يحطُ الذنوب العظام<.([3])
فالملحوظ في هذه النصوص المُتقدّمة، هو مطلوبية إحياء أمر أهل البيت^ ومحبوبيته، وهذا الإحياء له صوره المتعددة، فتارة يتحقق بعقد المجالس الحسينية الواعية والصادقة، فيُتَدارس فيها فكرُ وثقافة الحسين×، وعلوم أهل البيت^ عامة، وتعلمُ أخلاقهم ومناهجهم ومحاسن كلامهم، وتطبيقها بإخلاص، وترجمتها للناس حتى يطّلعوا على حقيقة أهل البيت^ وضرورةِ اتباعهم، وتارة يتحقق الإحياء القيَمي والأخلاقي والديني لأمر أهل البيت^ بالاهتمام بقضية الحسين× من البكاء الواعي عليه، وفهم أهدافه الشريفة، وتوكيد زيارته، إلى الأخذ من فكره ومنهجه العبادي والحياتي العام، وتطبيقه في ذواتنا ومجتمعنا؛ لأنّ الإحياء حياة وحركة ونشاط، لابد من أن يُلحَظ وجوده في أوساطنا الفكرية والدينية والدنيوية. ومن أجل تحقيق حياة إيمانية طيبة في مجتمعنا، يجب أن نقوم بعملية ترسيخ الاعتقادات الحقة في ديننا الإسلام العزيز، وتدعيم الأخلاق الحسنة، وبث روح التوافق والتآلف في الناس. فوعي مفهوم إحياء أمر أهل البيت^ ومعرفته ودراية مضامينه، يجعلنا في حال أفضل وأحسن عند الله تعالى في الدنيا والآخرة.
ولعِظم شأن زيارة الإمام الحسين×، والتي هي أرقى مصداق وأوعاه، عمليا وسلوكياً، أذكر لكم بعض النصوص الصحيحة عن الأئمة^ في هذا المجال؛ تحفيزا للضمير الشريف وتقويةً لإيماننا بمشروع الحسين×.
فعن الإمام جعفر الصادق× أنه قال: >لو أنّ أحدكم حجّ دهره، ثمّ لم يزر الحسين بن علي×، لكان تاركاً حقاً من حقوق رسول الله‘؛ لأنّ حق الحسين× فريضة من الله واجبة على كل مسلم<.([4])
لاحظ هنا عزيزي المؤمن، كيف أنّ الإمام الصادق المعصوم× ينص على حقانية وحقوقية زيارة الحسين×، فيصفها بأنها فريضة إلهية واجبة على كل مسلم، فليس الأمر هنا مختصاً بالمؤمنين. فترك زيارة الحسين× هو ترك لحق من حقوق رسول الله’ الذي قال: >حسين مني وأنا من حسين<.([5]) ومن أجل الوفاء لِحق رسول الله’ في أهل بيته^، علينا أن نتمسك بزيارتهم الخالصة والعارفة، ونُحيي ذكرياتِ ولاداتهم ومناسباتهم وشهاداتهم، إحياءً ناضجا ومُثمرا.
وعنه×: >من زار الحسين بن علي×يوم عاشوراء وجبت له الجنة<.([6])
وقال الإمام علي بن موسى الرضا×: >إنّ لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحُسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغَّبوا فيه، كان أئمته شفعاءه يوم القيامة<.([7])
هنا يتضح مفهوم الإحياء ومعناه جليا وصريحاً، حتى أنه×يجعل التشيع والولاء للأئمة المعصومين^ عهداً معهودا، فيجب الوفاء به لأئمتنا الذين مضوا، ولإمام وقتنا المهدي عجّل الله فرجه الشريف. فزيارة قبور الأئمة المعصومين^ يجب أن تكون عن رغبة إيمانية في ذات المؤمن، وتصديقا منه لِما تركوا من سُنّة حسنة وسديدة تنفع في الدنيا والآخرة. وتلك النصوص التي مرَّ ذكرها، هي مصاديق حقيقية فعلاً للمودة في قُربى نبينا محمد’، إن تم تطبيقها والالتزام بها عمليا وأخلاقيا ودينيا. والمؤيد القرآني لذلك صريح جدا في هذا الشأن، حيثُ يقول تعالى {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] ومودة أهل البيت^ الذين هم قُربى رسول الله’ هي الإحياء الحقيقي للرسالة الإلهية الخالدة رسالةِ الإسلام العزيز.

مواصفات الإنسان المؤمن المُحيي لأمر أهل البيت^ حقاً
قبل ذِكر مواصفات المؤمنين الموالين لأهل البيت^ لا بُدّ من أن يعرف كل إنسان مؤمن سيرة من يتّبع ويوالي، ليتسنى له إمكان متابعته عمليا ودينياً، وهو ما ذكرنا بعضاً منه في الباب السابق، ففيه ما يشير ويرسم ملامح شأن المعصوم×. وسنذكر نصوصا صحيحة وعظيمة القيمة والمنهج، لا للتبرك فحسب، بل للتأسيس عليها في بيان منهاج إحياء أمر الإسلام كله، المتجسد في أمر أهل البيت^. وضرورة الأخذ منها وتفعيلها ميدانا؛ لأنّ سنّة المعصومين هي سنّة إقتداء وتطبيق، لا مجرد معرفة نظرية. وإليك عزيزي المؤمن النصوصَ الشريفة الآتية:
عن المفضّل، قال: قال أبو عبد الله الصادق×: >إيّاكَ والسَّفلة، فإنما شيعة عليٍ من عفّ بطنه وفرجه، وإشتدّ جهاده وعمل لخالقه، ورجا ثوابه وخاف عقابه، فإذا رأيتَ أولئك فإولئك شيعةُ جعفر<.([8]) فالإمام جعفر الصادق× الذي أوصانا بإحياء أمرهم×، وضع لنا منهاجا أخلاقيا وعمليا، للسير عليه بصورة تقوائية صادقة.
فالخطوة الأولى لمنهاجه×، هي التركيز على عفة البطن، ويقصدُ بها اجتناب أكل المال الحرام والمشبوه والمغصوب، وغيرها من قبيل شرب المحرمات وأكلها. فإذا عفّت البطن صلُحت سريرة الإنسان وصار سويا.
والخطوة الثانية والمهمة، هي المحافظة على عفة الفرج، وهذه ركيزة أكّدها القرآن الكريم مرارا، وجعلها من صفات المؤمنين، حتى قال عنهم سبحانه {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [لمؤمنون: 5]. ويقصد× بعفة الفرج، اجتنابَ الزنا المُحرّم، وكل ما يتصل بالسلوكيات الجنسية المُحرمة شرعا.
والخطوة الثالثة، هي اشتداد جهاد المؤمن في عبادته، ويقصد به جهاد النفس وتهذيبها وصيانتها بتقوى الله تعالى، وهذا الجهاد هو الجهاد الأكبر، على ما عبّر عنه الرسول’، كما في رواية عن السكوني, عن أبي عبد الله× أن النبي’ بعث بسرية، فلما رجعوا، قال: >مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي الجهاد الأكبر، قيل: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس<.([9]) وفعلا، فإن جهاد النفس هو الجهاد الأكبر؛ لأنّ النفس أمّارةٌ بالسوء إلاّ ما رحِمَ ربي، فمن قَدِرَ على حفظ وتربية ذاته، فهو على تربية غيرها وهدايتها أقدر، أما من عجز عن إصلاح نفسه، فهو عن غيرها أعجز.
وأما الخطوة الرابعة، وهي العمل لخالقه، وهذه فقرة تُشير إلى ضرورة إخلاص النية والعمل قٌربة لله تعالى، والابتعاد عن الرياء والمظاهر الزائفة؛ لأنّ >لكل إمرىء ما نوى< >وإنما الأعمال بالنيات< و>نية المؤمن خيرٌ من عمله<. وحتى في يوم القيامة يُحاسب الناسُ على قدْر نياتهم {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}. [الطارق: 9].
والخطوة الخامسة، هي رجاء الثواب وخوف العقاب، ويقصد الإمام جعفر الصادق× بالرجاء، ذلك المفهوم النفساني التقوائي، المُشتمل على الشوق والعشق لله تعالى ولثوابه الكريم، وهذا الرجاء إذا ارتكز في الذات المؤمنة، منح صاحبه قسطا وافرا من إمكانية لقاء الله تعالى، والعمل بإخلاص له. أما الخوف من العقاب، فهو أمر ضروري، يجب تحققه في شخصياتنا؛ لأنّ خشية الله تعالى تجعل الإنسان المؤمن على حذر من أمره تجاه ربه سبحانه، {وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28]. وهذان المُرتكزان (الرجاء والخوف) يُمثلان حقيقة التوازن الوجداني في شخصية المؤمن. ولأهمية هذه الحقيقة التقوائية؛ أكدت الأحاديث الشريفة ضرورة الاتصاف بها >لا يكون المؤمن مؤمنا، حتى يكون خائفا راجيا، ولا يكون خائفا راجيا، حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو<.([10])
وفي حديثٍ آخر عن الإمام محمد الباقر×، أنه قال: >يا جابر -أحد أصحابه- لاتَذهَب بكَ المذاهب، حسبُ الرجل أن يقول أحُبَّ عليا× وأتولاه، ثم لا يكون مع ذلك فعّالا، فلو قال إنّي أحبُّ رسول الله’، فرسول الله خير من علي، ثم لا يتّبع سيرته ولا يعمل بسنته، ما نفعه حبّه إياه شيئا<.([11]) وهذا الحديثُ الشريف، هو الآخر يؤكد ضرورة ولزوم التطبيق الفعلي للمناهج السليمة والقويمة للرسول’ وللمعصومين^؛ لأنّ الحبّ يقتضي العمل والفعل حقيقةً {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 31]. {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7].





التولّي والتبرّي فرعان من فروع الدين وضرورتان لإحياء أمر أهل البيت^
والمقصود بالتولّي، ولاية الله تعالى ورسوله’ والأئمة المعصومين^ وأوليائهم، ويتحقق هذا التولي بمعرفتهم وطاعتهم عمليا. {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55]. وفي ذلك الشأن قال الإمام محمد الباقر×: >ذروة الأمر وسنامه، ومفتاحه وباب الأشياء ورضى الرحمن، الطاعة للإمام بعد معرفته، أما لو أنّ رجلاً قام ليله وصام نهاره، وتصدّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره، ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه، وتكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله حق في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان<.([12]) إذن قيمة الإحياء الحقيقي لأمر أهل البيت^ تكمُن في ولاية الله ورسوله والمعصومين، واتباعهم إيماناً بهم وطاعة لهم. فهنا في هذا الحديث الشريف، يكون المدار في قبول الأعمال أو رفضها من قبل الله تعالى، على وفق ولاية الإنسان المؤمن لأوليائه، أو عدم ولايته لهم، فإن والاهم قبلَ الله تعالى أعماله، وإن ترك ولايتهم ما كان من أهل الإيمان. ولأهمية التولي في العقيدة الإسلامية، وفي ولاية أهل البيت^ خصوصاً، نذكر لكم حديثا يروى عن الرسول’، أنّ أعرابيا جاء إلى النبي’, فقال: يا رسول الله هل للجنة من ثمن؟ قال: نعم, قال: ما ثمنها؟ قال: لا إله إلا الله, يقولها العبد مخلصا بها, قال: وما اخلاصها؟ قال: العمل بما بعثت به في حقه, وحب أهل بيتي, قال: فداك أبي وأمي وان حب أهل البيت لمن حقها؟ قال: إن حبهم لأعظم حقها([13]) أما التبري، فهو الترك القلبي والفعلي للكافرين والظالمين والفاسقين، وعدم اتباع مناهجهم وسلوكياتهم وأفكارهم الضارة بالدين والمجتمع، {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22] والتبري حقيقةً هو تخلٍ عملي عن الرذائل الأخلاقية والفكرية والذنوب والمعاصي، فإذا استطعنا تفعيل ثقافة التولي، وتحلينا بالفضائل الأخلاقية الحسنة، وفعلنا الطاعات وعملنا الصالحات، فإننا قطعاً سنكون مُحيين حقيقيين لأمر أهل البيت^، وبجنبها التبري من كل سوء، ومن كل عدو لله ولرسوله وللمعصومين. كل ذلك سيصبُ في صلاح ذواتنا، وصلاح حياتنا الاجتماعية والدينية. فالتولي والتبري هما روح التقوى النفسية والسلوكية ولبُّها. لذا فإحياء أمر أهل البيت^، هو من التقوى القلبية والعملية واقعا، حيثُ قال الله سبحانه {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]. {إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ} [الأنفال: 34].






المحصلات والمردودات القيمية
من إحياء أمر أهل البيت^
إحياء أمر الإمام الحسين× هو إحياء أمر أهل البيت^
إنّ الظفرَ والإمساك بالنتيجة أو الغاية، أمرٌ مهم جداً في حياة الإنسان الواعي بشكل عام، فكلنا يسعى لتحقيق أهداف مخصوصة، قد رسمها في ذهنه، ومنها النجاح في الدراسة مثلا،أو الوصول إلى قصد ما يبغيه. وأقدس غاية في حياتنا الإيمانية، هي تحقيق رضا الله تعالى ورسوله والمعصومين^، وبخاصة رضا الإمام الحسين×، الذي عبّر عن ذلك في يوم عاشوراء بقوله×: >رضا الله رضانا أهل البيت<. وعلى هذا الأساس القيمي والإيماني، الذي يؤكّد أنّ رضا الله تعالى يتحقق برضا المعصوم×، لا بُدّ لنا من تحصيل القدر المُتَيَقَن من رضا الإمام الحسين×، وقطعاً أنّ الإمام الحُسين×سيرضى عنا إن تمسكنا واعتبرنا بمنهجه الشريف، منهج الحرية والكرامة الإنسانية. ويتحقق تمسكنا الواعي بمنهج الحسين×، بفهمنا العلمي لأهداف نهضة عاشوراء، واتخاذها محطة للوقوف على إصلاح أنفسنا ومجتمعنا بشكل دوري من كل عام، فإحياء عاشوراء الحسين× يعني إحياء الفكر الحر، والإرادة الصُلبة، وتقويم السلوك، ورفض التسلط البشري. فالإنسان المؤمن يجب عليه أن يكون حُرّا في طاعته لله ولمنهجه السديد, ولا يكون عبدا لشهواته أو للرغبات السيئة عند الآخرين. وكما قال الإمام علي×: >لا تكن عبدَ غيركَ، وقد خلقك الله حُرّا<.([14])
إنّ نهضة الحُسين× تفرض علينا مسؤولية أخلاقية وعقدية وإيمانية، من باب الوفاء بالعهد بيننا وبين ولاية أئمتنا^، فولايتهم عهدُ مُقدّس، عهده الله تعالى إلينا،{أَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 34]. وأصدق مسؤولية هنا، هي تحمل الأمانة التكليفية على مستوى الذات أو المجتمع، كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالتزام السير على الصراط المُستقيم، والثبات عليه، والوصول إلى نهايته، وهي لقاء الله تعالى ورسوله والمعصومين، ورجاء رحمته وغفرانه, كل تلك المفردات، هي مسؤولية مفروضة علينا في عالم الحياة الدنيا، عالم الامتحان والاختبار.



([1]) هذا حديث صحيح، ذكره الشيخ الحر العاملي في كتابه: وسائل الشيعة: ج10: باب66.
([2]) بحار الأنوار. للمجلسي: ج2: ص30: الحديث رقم13.
([3]) كامل الزيارات. لابن قولويه: ج1: ص100.
([4]) جامع السعادات. للشيخ النراقي: ج2: ص456.
([5]) كامل الزيارات. لابن قولويه: ص116.
([6]) مصباح المتهجد. للشيخ الطوسي: ص772.
([7]) جامع السعادات. للشيخ النراقي: ج3. ص320.

([8]) أصول الكافي. للكليني: ج2: ص233.
([9]) الكافي. للكليني: ج5: ص12.
([10]) الكافي. للكليني: ج2: ص71.
([11]) أصول الكافي. للكليني: ج2: ص72.
([12]) أصول الكافي. للكليني: ج2: ص19.
([13]) مستدرك الوسائل. للميرزا النوري: ج5: ص359.
([14]) نهج البلاغة: ج3: ص51.
شاركه على جوجل بلس

عن مرتضى علي الحلي

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات: