" مفاهيمٌ قِيَميَّةٌ مِن تُراثِ الإمام زين العابدين ، عليه
السلام ، قدّمها لنا في صحيفته السجّاديّة المُباركة " ينبغي استنطاقُ كُلُّ
سطرٍ فيها لتوعيةِ شبابنا المُعاصرِ في الأخذِ منها منهجاً وفِكرَاً واعتقاداً
وتنميةً وتربيةً وسبيلا "
:1:- في بعضِ الحالاتِ تغيبُ عنّا الحقائقُ والأفكارُ ،
بسببِ منشأ تربية الإنسانِ ومنبعها – ولا بُدّ أن يهتمَ الإنسانُ بمنبعِ تحصيل
معارفه المرتبطة بالعقيدةِ اهتماماً ينطلقُ من تربيته الأُسريّة ، والتي تؤثرُ فيه
تأثيراً بليغاً ،وهذا المنشأ اهتمّ به الشرعُ المُقدّسُ اهتماماً كبيراً بدءاً من
الاختيار للزوج وللزوجة إلى حالة الولادة
وتكوين الأسرة – فمن المعلوم أنَّ أجواء الأسرة تنعكس على شخصيّة الطفل من أوّل
وهلة – فحينما يرى والدته تُصلي في مَخدعِها ستنطبع هذه الصورة في ذهنه ويتأثر
بها.
:2:- إنَّ للمح
يط الذي ينشأ فيه الإنسانُ الدورَ الكبيرَ
في تلقيه للتربية والمعارف والسلوك ، وكذا
الجارُ والصديق والصاحب – كلّ تلك العناوين اهتمّ برعايتها الإسلام توجيهاً
وارشادا – والتعليم هو الآخر له دخالة رئيسة في تربية الإنسان منذ صِغَرِه ، من
حيث اختيار المُعلّم والمُربي الفاضل والسوي ، وقد كان الإمام السجّادُ مُعلّما
ومربّياً في كلّ حركاته وسكناته ، كما كان جدّه رسول الله الأكرم ، صلّى اللهُ
عليه وآله وسلّم ، (( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ
رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ))
(164)آل عمران.
:3:- إنَّ الصحيفة السجّاديّة قد قامت بهذه المهمّة
العظيمة تربويّا وأخلاقيّاً ، مع غضّ النظر عن طريقيّة الدعاء فيها ، وترتيبه وفق
أصول العقيدة والحوادث والأيام والمناجاة ، ولكن هناك تميّزاً خاصّاً لهذه
الأدعيّة قدّمها بشكل منظومة كاملة تربويّاً وفكرياً – وعلى الإخوة الباحثين في
أساليب التنمية البشرية الحديثة الغورُ في سطور الصحيفة المُباركة واستنطاق
دلالاتها بما يَستحضرُ لأجيالنا ثقافةً وسلوكاً ورؤى تطوّرُ مهاراتهم وثقافاتهم
الشبابيّة .
:4:- يوجدُ في الصحيفة السجّاديّة دعاءُ مَكارمِ الأخلاق
ومَرضي الأفعال ، وهو يُمثّل منظومةً جديرة بالدراسة والتعمّق فيها ، ولكن المشكلة
فينا- أنّنا لا نقرأ
ولا نُريدُ أن نفهَم – ننخدع بمعارف ذات عناوين برّاقة ،
وهي جوفاء وخاوية من القيم المعرفيّة في واقعها – وحتى ننهضَ بشبابنا لا بُدّ من
تطوير قابليات البحث والمعرفة واللغة والقراءة والتعلّم للخروج من حالة الجهل إلى
حالة النور .
:5:- نُكملُ الفقرةَ الأخيرةَ من دعاء الشدّة ، حيث قال
، عليه السلام ،: (واجْعَلْنِي مِمَّنْ يَدْعُوكَ مُخْلِصاً فِي الرَّخَاءِ دُعَاءَ
الْمُخْلِصِينَ الْمُضْطَرِّينَ لَكَ فِي الدُّعَاءِ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) –
إنَّ الرخاءَ : - هو حالةٌ من الترفِ وبحبوحة في العيش وتمام الصحة وكفاية الأموال
، ووجود الأولاد – وهنا قد يغفلُ الإنسان بتصوره أو اعتقاده الباطل أنّ في ذلك
غنىً عن اللهِ سبحانه – وهذه الأمور قد تكون موانع له عن الحاجة للهِ تعالى بتوهمه
– في وقت لا يمكن لأيّ أحدٍ أن يستغني عن الله آنٍ ما – فنحن نحتاج اللهِ في
وجودنا ، في كلّ حال – رخاء أو شدّة.
:6:- إنَّ اللهَ تعالى هو واحدٌ ومعنا في كلّ الأحوال
التي نمرّ بها – في الرخاء أو في الشدّة ، و الشعور بغنى النفس بمعزل عن اللهِ
تعالى هو عقيدة فاسدة ينبغي تصحيحها بالإيمان واليقين بحاجتنا لله تعالى على كلّ
حال كنّا فيه .
:7:- وهذه مولاتنا وسيّدتنا زينب ، عليها السلام ، على
عظيم وفجيع المصيبة التي حلّت بها بقتل الإمام الحُسَين ، عليه السلام ، وسبيها
ولكنّها لم تنفك عن ذكر اللهِ تعالى وصلاتها وعقيدتها الصلبة – فواجهت الشدّة
بقوّة ورباطة جأش.
: وعلى الإنسان أن يُوطّنَ نفسه على تقوية العلاقة مع
اللهِ تعالى على كلّ حال :
((قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا
هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)) (51) التوبة.
:8:- أمّا الإخلاص :- فهو أن يعملَ الإنسانُ عمله لله
تعالى ، دون أن يلحظَ فيه أحداً أو قصداً غيره ، ولا يُرائي فالرياء مُبطلٌ ومحبطٌ
للعمل ، وليس من الصحيح اتّهام أحدٍ بالرياء دون معرفة قصده ونيته ، والله هو
المطّلع على النوايا.
:9:- لن يغني عن اللهِ قوة الجسم وشباب العمر والأموال ،
فبمجرد أن يقع الإنسانُ في شدّة لا يجدُ ملجأ لنفسه سوى اللهِ سبحانه ، فهو مَن
يُنجيه – والإنسان إذا لم يُربي نفسه ولم يُعلّمها لا يمكن له أن يضمن النجاحَ
أبدا – فهذا سلمان المحمّدي قد تسلّم إمارة المدائن ، وهو خفيف المؤونة وراكبٌ على
دابة، دون الاهتمام بالمظاهر – وعلينا أن نتّعظَ في هذا الشهر المحرّم فهو شهر
التفكير والتدبّر – والدنيا ممرٌّ سريعٌ سيأخذنا إلى ما تحت التراب ، وسينقطع عنّا
كلّ شيءِ ،
إلاَّ رحمة ربّنا سبحانه.
______________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ
السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ
في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم - الخامس والعشرين من مُحرّمٍ الحرام 1440 هجري - الخامس من تشرين الأوّل ,2018م.
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ,
ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق