إنَّ حَالَةَ الطلاقِِ تُعَدُّ ظَاهِرَةً خَطيرَةً فِي المُجتَمَعِ العرَاقي .
أكّدَتْ وبيّنَتْ المَرجَعيَّةُ الدِينيّةُ العُليَا فِي النَجَفِ الأشرَفِ ,اليَومَ , الجُمْعَةَ , الثَاني مِنْ رَبيعٍ الأوّلِ ,1438 هِجري,
المُوافقَ ,لِ, الثَاني مِنْ كانونِ الأوّلِ ,2016م ,وعلى لِسَانِ , وَكيلِها الشَرعي , الشَيخ عَبد المَهدي الكَربَلائي,
خَطيبِ , وإمَامِ الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ : أمرَين مُهمَين جِدّاً هُمَا :
الأمرُ الأوّلُ :
_________
تَتَوَاصَلُ الانتِصَاراتُ المَدِيدَةُ فِي الصَفَحَاتِ المُتَلاحِقَةِ , لِمَعَارِك تَحريرِ مُحَافَظَةِ نينوى
مِن الإرهَابيين الدّوَاعشِ ,
وتَتَعَزّزُ مَعَهَا الثِقَةُ بِقُدِرَاتِ وإرَادَةِ وعَزيمَةِ قُوّاتِنَا المُسَلَحَةِ البَطَلَةِ ,
ومَن يُسَانِدُهَا مِن المُتَطوعين المَيَامِين ( الحَشْد الشَعبيّ)
,ورِجَالِ العَشَائرِ الغَيَارَى والبيشمَركَةِ , عَلَى تَحقيقِ النَصرِ النِهَائِي فِي وَقتٍ غَيرِ بَعيدٍ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى .
وعَلَى الرغْمِ مِن كُلِّ الصُعوبَاتِ والعرَاقيلِ والتَحَدّيَاتِ ,التي تُواجهها القُوّاتُ المُشَارِكَةُ
وأهمُّهَا:
, الحِفَاظُ عَلى أرواحِ المَدنيين الذين يَحتَمي بهم العَدو ,مِمّا يُبطءُ مِن تَقَدّمِ العَمَليَاتِ.
وهُنَا نَذكِرُ بِفَخرٍ واعتزَازٍ الأداءَ الرَائِعَ لِلمُقَاتِلين الأبطَالِ فِي مُسَاعَدَةِ أهلِنَا العَالقين
فِي سَاحةَِ العَمَليَاتِ ,ومَا أحرَزوه مِن انضبَاطٍ عَالٍ فِي هذا المَجالِ ,
آملين مِنهم أنْ يَستّمِرّوا بِهَذا النَهجِ الإنساني في التَعَامِلِ مَع المَدنيين ,
ويَنبغي إبرَازُ صُورةِ هَذا الأدَاءِ في مجالِ الإعلامِ بِشَكْلٍ وَاسِعٍ لإسكَاتِ بَعضِ الأفْوَاهِ
,التي لا تَنفَكُّ عَن الإسَاءَةِ لِلقُوّاتِ العرَاقيّةِ.
ونَأمَلُ من القُوّاتِ المُكلّفَةِ بِحمَايَةِ المَدنيين ,أنْ يَتَطوّرَ أدائُهم الأمني والاستخباري
, لِتَمنعَ مِن تِكرَارِ الخُروقَاتِ ,التي حَصَلَتْ مُؤخّرَاً في سَامراءِ وعَين التمرِ والشُومَلي .
فعَلى الأخوةِ في الأجهزةِ الأمنيّةِ أنْ يُواكِبوا في أدائِهم مَا حَصَلَ مِن تَطورٍ ونجََاحٍ
في أداءِ القُوّاتِ المُقَاتِلَةِ ,حتى نَصَلَ لِلنَصْرِ والخَلاصِ
مِن عِصَابَاتِ دَاعِش وذيولها التي استهدَفَتْ المَدنيينَ الأبرياءَ , إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
الأمرُ الثَاني :
________
تُشيرُ الإحصَائِيَاتُ الصَادِرَةُ مِنْ السلطَةِ القَضَائيّةِ الاتحاديّةِ إلَى تَصَاعِدِ
حَالاَتِ الطَلاقِ فِي العرَاقِ, بصورةٍ لم تَكن مَعْهودَةٍ مِن قَبلُ .
وقَد أعلَنَتْ السلطَةُ القَضَائيّةُ ,وكَمَا وَرَدَ فِي وَسَائِلِ الإعلامِ
عَن إحصَائيَةٍ تَعَلّقَتْ بِعَدَدِ حَالاَتِ الطَلاقِ لِشَهرِ تشرينٍ الأولِ المَاضي ,
فَسَجّلَتْ أكثَرَ مِن , 5200 , حَاَلةَِ طلاقٍ ,
فِي وَقتٍ بَلَغَتْ حَالاتِ الزواجِ , 8341 ,حَالَةِ زَوَاجٍ.
وحَالاتُ الطَلاَقِ فِي تَصَاعِدٍ مِنذُ عَامِ , 2004م ,ولِحَدِ الإحصَائيّةِ الأخيرةِ هَذه.
إنَّ هَذه الحَالَةَ تُعَدُّ ظَاهِرَةً خَطيرَةً فِي المُجتَمَعِ العرَاقي ,تُهدَدُ الكيَانَ الأسَري
وتُنذرُ بالتَفَككِ والانِحَلالِ المُجتمَعي ,وتُشَكّلُ خَطَرَاً عَلَى التَمَاسِكِ الاجتمَاعِي
وتَتركُ آثاراً نفسيّةً وأخلاقِيّةً واجتِمَاعيَةً عَامَةً.
مِمّا يَنبَغي دِرَاسَةُ أسبَابَ هذه الظَاهِرةِ الخَطيرَةِ , وتَضَافِرُ جهودِ
جميعِ الجِهَاتِ الحُكوميّةِ القَادِرَةِ ,على مُعَالَجِتها والحَدِّ مِن تَصاعَدِهَا.
وإذا كَانَتْ المُؤسَساتُ الحكوميَةُ غير قَادِرَةِ على التَأثيرِ في مُعَالَجَةِ هذه الظَاهِرَةِ ,
فِإنَّ المَسؤوليّةَ الدِينيةَ والأخلاقيةَ والإنسانيةَ, تُحَتمُ عَلى المُبلغين والخُطبَاءِ
ومُؤسّساتِ المُجتمعِ المَدني والآباءِ والأمهاتِ ,والجَامعاتِ وإداراتِ المَدارس,
أنْ يَنهضوا بأدَاءِ مَسؤوليتهم في هذا المَجَالِ , ووضعِ خُطَطاً مُناسِبَةً
لتضييقِ الدَائرةِ في هذه الظَاهِرةِ وعدمِ السَمَاحِ باستمرَارِهَا .
,ولا بُدَّ لذلك مِن دراسةِ أسبَابِ بُروزِهَا , وهي كَثيرةٌ ونُشيرُ إلى بَعضِهَا:
1- ضَعفُ الوَعِي الديني والاجتمَاعِي ,بِمَا يَتَعَلّقُ بالحقوقِ و الوَاجبَاتِ ,
التي تُنَظمُ العلاقةَ الزوجيّةَ والأسَريةَ, وعلاقةَ الأبِ بابنه والأمِ بأبنائها ,
وعَدمُ وعي الكثيرِ مِن الأزواجِ بالآثارِ الخطيرةِ للانفصَالِ ولا سيّمَا على الأطفالِ .
وهَذا الضَعفُ إنّمَا نَتجَ مِن التَأثرِ بالثقَافَاتِ والرُؤى الدَخيلةِ عَلى مجتمعنا ,
والتي غَزَتْ العقولَ والقٌلوبَ للكثيرِ مِن النِسَاءِ والرجَالِ .
2- الإستخدَامُ السَيِّءُ لِوَسَائِلِ التَوَاصِلِ الاجتمَاعِي , بَدَلاً مِن تَوظيفها
لِلمَنفَعَةِ العِلميّةِ والفكريّةِ والاجتمَاعيّةِ السَليمَةِ ,
كَونها أدَاةً أُريدَ لها تَوسيعَ التَواصِل المَعرفي والمَعلوماتي والاجتمَاعِي,
ولكن ومع الأسفِ تُسَتخدمُ في غَيرِ مَا أريدَ لَها.
والأخطَرُ مِن ذلك هو مُشَاهَدةُ بَعض الأفلامِ والمُسلسلاتِ ,
التي لا تَنسجمُ مع قِيمنَا ومَشاعرِنَا وعَواطفنا , وما تَحمِلَه مِن ثَقَافَاتٍ بَعيدَةٍ جدّاً
عن جوهرِ ديننا وتقاليدنا ,
حتى أضحتْ هذه الأمورُ المُستهجَنَةُ لَدَى المُجتمعِ العرَاقي أموراً مَقبولَةً
لا تُستَنكرُ وصَارَتْ ظَاهِرةً عَامَةً.
3- تَبَدّلُ المَفاهيم والمَشَاعر والعَواطف والقيم الأخلاقيّةِ لدينا ,
بِفعْلِ الانقسَامِ والغَزو الثقافي والفكري.
4- تَصَاعِدُ ظَاهِرَةِ البطالةِ والأزمةِ الاقتصاديِّة , التي يُعاني منها أهلُ العرَاق ,
وبهذا الصَدَدِ لا بُدّ مِن التثقيفِ عَلى تَحمّلِ هذه الأوضاعِ الاستثنائيَة ,
وتَجنّبِ الانفصَالِ بحجّةِ الضائقةِ الاقتصَاديّةِ ,حِفظَاً للأسرةِ
ووحدتِها وتَمَاسِكاً للمُجتمعِ.
ونُؤكّدُ على أنَّ مُقتضى المَسؤوليّةِ الدينيّةِ والوطنيّةِ والأخلاقيّةِ ,
أن تَعمَلَ الجِهَاتُ القضائيةُ المُختَصَةُ بقضايا الطَلاقِ
عَلَى مُحَاوَلَةِ إصلاحِ ذاتِ البَين , وتَقريبِ وجهَاتِ النَظرِ بين الأزواجِ
وعَدمِ التَسرّعِ في إيقاعِ الطَلاقِ ,بِرَجَاء أنْ يتَصَالحِ الطرفان ويَعودا إلى رُشدِهمَا.
وكذلك مَن الضروري أنْ يَقومَ الآباءُ والأمهاتُ بِمَا يَضمِنُ الحِفَاظَ على الكيانِ الأسَري
وأنْ يَتَدَخَلا تَدخلاً إيجابيّاً في الحَلّ لا تَدخلاً سَلبيّاً , فاللهُ اللهُ في الأزواجِ والأُسَرِ .
____________________________________________
تَدْوينُ – مُرتَضَى عَلي الحِليّ –
____________________________________________
الجُمعَةُ – الثاني مِن ربيعٍ الأوّلِ - 1438, هجري .
الثاني مِن كانونٍ الأوّلِ - 2016 م .
___________________________________________
عن مرتضى علي الحلي
0 التعليقات:
إرسال تعليق