{قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ }عبس17
=================
آيةٌ ومُعطى دلالي : :
===========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
لم يكن الخطاب القرآني في رصده لمسار الإنسان منذ خلقه وحتى مماته
ببعيد عن واقع وحقيقة ما يضمره هذا المخلوق العجيب .
حتى جاءتْ صياغة هذه الآية الشريفة بأقوى أدوات التشنيع والتذمر من واقع هذا الإنسان
وما يكتنهه من قصودات لا تقبلها إرادة الله تعالى ولن تقرها أبدا .
وهي (قُتِلَ الإنسانُ )
بصيغة المبني للمجهول لتعطي أبشع دعوة على هذا الإنسان وهي القتل أو اللعن .
ذلك لأنَّ الإنسان من شأنه أن يطغى في هواه وينسى ربه وخالقه
ويستكبر عليه دون وجه حق .
هذا الإنسان الذي لم يك في يومٍ ما شيئا مذكورا
ولما كان ووجِد راح يتنكرُ لأصله وخالقه
من هنا إقترن الإستفهام مباشرة بالدعوة التذمرية على طبيعي الإنسان
فقال تعالى
( ما أكفره )
إستفهامٌ تَعجِّبي مما يقوم به هذا الإنسان بكفره وجحوده
وهو يدرك تماماً حقيقة أمره وإرتباطه بخالقه حدوثاً وبقاءً
ويعلم أنَّ الذي خلقه هو الله تعالى لاغير
ولكن قد فرّطََ هذا الإنسان بحق خالقه ومُوجده تفريطا
ويظهر إنَّ إطلاق الإستفهام التعجِّبي في هذه الآية الشريفة
يجعل مُنطَبقَ الكفر ومفهومه مُوسّعَا
بحيث لاينحصر في إنكار الخالق والجحود به
لا بل يدخل حتى ترك طاعته وعباداته سبحانه وكفران نعمه وعدم شكره .
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
2 التعليقات:
إنَّما ذكرتُ أنَّ مورد الدعوة بالقتل أو اللعن على الإنسان من جهة الشأنية والطبيعة
بحيث يمكن بل وقع منه الكفر فعلاً وواقعاً .
وأما المؤمنون فهم خارج تخصصاً عن المورد من أول الأمر
ذلك للإيمان الذي إتصفو به وتلبسوا به على نحو الفعلية والوجودية
ومقابلته بالكفر الذي هو منتفٍ عنهم واقعاً
......( ما أكفره) ..
لذا كان قصد الآية الشريفة هو خصوص الكافر المطلق على الأظهر
والقرينة عليه قوله تعالى
: (ما أكفره) ..
:1:
من الواضح إنحصار الإستفهام التعجبي بمورده وهو خصوص الكافر مُطلقا
(أي أنكر وجود الله تعالى أو ترك طاعته أو كفر بنعمه وغيرها )
ذلك لأنَّ المؤمن لايمكن أن يُستَفهَم في حقه تعجباً أو توبيخا
لنقول (ما أكفره )
والمعنى لايستقيم بيانيا
لاتقول
(ما أكفر الإنسان المؤمن )
هذا إذا فككنا اللغة برهانيا
:2:
نعم إنَّ الذي قصدته الآية الشريفه هو طبيعي الإنسان
ولكن الإستفهام التعجبي هنا هو بمثابة الإستثناء حكماً وموضوعا
فأخرجَ من يُحتمل دخوله تحت طبيعي الإنسان (وهو المؤمن)
بصيغة (ما أكفره)
وهذا له مماثلاته البيانية عربيا وقرآنيا
كماهو الحال في سورة العصر
قال تعالى
وَالْعَصْرِ{1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{3}
لاحظ إنَّ طبيعي الإنسان هنا على الأصل قد حُكِمَ عليه بالخسر
ولكن جاء الإستثناء المتصل ليتدارك بعمله ويخرج
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
فكذلك الحال في الآية الشريفة محل البحث
:3:
نعم إنَّ مفهوم الكفر هنا هو مُطلق ولكن لايمكن إدراج المؤمن تحته أبدا
ولايصدق عليه الكفر حتى وإن أذنب
وإنما يُسمى في مثل هذا الحال عاصٍ ومذنب فحسب
نعم ربما ينطبق الأمرُ على المُسلم في حال كفره العملي كأن يترك الصلاة مثلا أو لايصوم
إنكاراً لهما بوصفهما ضرورتين من ضروريات الدين
هنا يمكن تسميته بمسلمٍ كافر عملاً
إرسال تعليق