: إطلالةٌ على السيرة الذاتيَّة للإمام الحُسين:عليه السلام:


: إطلالةٌ على السيرة الذاتيَّة للإمام الحُسين:عليه السلام:
======================================
بسم الله الرحمن الرحيم
 والصلاة والسلام على محمد وآله المعصومين.


منذُ اللحظات الأولى لولادة الإمام الحسين :ع:
  اقترنتْ فرحة المولود المعصوم الجديد بالحزن والبكاء،

 لا سيما من شخص خاتم النبيين محمد:صلى الله عليه وآله وسلّم:
  عندما قدَّمَت له أسماء بنت عُمَيس الوليدَ الجديد الحسين:ع:
 فاستبشر :ص: وبكى في الوقت نفسه
حتى أنّ أسماء بنت عميس([1]) تعجّبَتْ من ذلك!
فقالتْ للرسول الأكرم:ص:
 ممَّ بُكاؤك يا رسول الله؟
قال :ص:
: مِن ابني هذا:
قالتْ أسماء: إنه ولِدَ الساعة!
قال :ص: : يا أسماء تقتله الفئة الباغية([2]) بعدي، لا أنالهم الله شفاعتي:
 ثمّ قال :ص: :يا أسماء لا تُخبري فاطمة؛ فإنها حديثة عهد بولادته.([3]):

 من هنا بدأت محنة الإمام الحسين :عليه السلام:
 والتي بقيت وستبقى تُلامس الوجدان الحي، وتتفاعل في الذهن الواعي وقتاً بعد وقت،
 حقيقةً لا تندثر اكتسبت قداستها من ربها تعالى،

 فعاشت عبر التاريخ ومرّت بالأجيال البشرية طيلة قرون، ناشرةً في الآفاق مقولاتِ الحرية والإنعتاق والشهادة في سبيل الله سبحانه.


إنّ الحسين :ع:  جسّدَ رسالة الإسلام العزيز فكرا وعملا ومنهجا،
وما اختياره الشهادةَ والقتل في سبيل الله تعالى؛ إلاّ من أجل إدامة المدد الإلهي ورحمة الإسلام وتعاليمه للبشرية عامة.

فالحسين :ع: نال منزلة عظمية من لدن الله تعالى
فهو:ع: من الخمسة المعصومين
، من أهل العباءة والمباهلة وأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، بنص القرآن الكريم
{  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33
ومشمولٌ بآية المودة والولاية، وغيرها من سورة الإنسان وآية الأسوة الحسنة.([4])


وهو عند رسول الله :ص:
 قد حظي بحب خاص ومقدس من لدن شخصه
 وكثيرا ما عبّر عنه في مواضع عدة.

فقد ذكر الترمذي -وهو من أبناء العامة- في صحيحه،
 أنّ الرسول :ص:
 قال: : حسين مني وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسينا، حسين سبط من الأسباط: [5])
وقال رسول الله :ص:
:من أحبني وأحبّ هذين -أي الحسن والحسين :عليهما السلام: ما أمسك بيدهما- وأباهما كان معي في الجننة<،([6])



وحقيقة حب الرسول الأكرم محمد :ص:
  لسبطه الحسين:ع:
كانت من الشهرة بمكان، بحيث نقلها المؤالف والمخالف.
ولا نحتاج لمزيد من التدليل عليها بالأحاديث الكثيرة،
فمن شاء التوسعة فليراجع كتب المخالفين قبل المحبين، فسيجدها شمسا ساطعة في التاريخ.


إنَّ الإمام الحسين :ع: قد انطلق بشخصه الشريف، وواقعه المعصوم من طهارة كساء نبينا محمد:ص: ومن حِجر علي :ع: متغذيا من حنان الزهراء :ع:
مُجسدا رسالة الإسلام العزيز  شرعةً ومنهاجا


ذلك الحسين الإنسان الكامل والرباني، الذي
: كان ينقل المؤن الغذائية على ظهره الشريف، إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين، فوُجِد على ظهره يوم الطف أثرٌ، فسُئِل الإمام زين العابدين :ع: عن ذلك
فقال :ع: هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره، إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين.

وأما في تواضعه :ع:
:  فذات يوم مر :عليه السلام: بمساكين وهم يأكلون كِسراً على كساء، فسلم عليهم فدعوه إلى طعامهم، فجلس معهم، وقال لو أنه صدقة لأكلتُ معكم،
 ثم قال :ع:  قوموا إلى منزلي، فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم:


 وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق:
: أنه:عليه السلام:  مر بمساكين يأكلون في الصُفّة،([7]) فقالوا الغداء فنزل
 وقال إنَّ الله لا يحب المتكبرين، فتغدى
 ثم قال لهم، قد أجبتكم فأجيبوني
 قالوا نعم، فمضى بهم إلى منزله وقال للرباب خادمته، اخرجي ما كنت تدخرين :([8])


كان الإمام الحسين :ع: يخاف الله تعالى في كل شيء؛
 حتى قيل له يوما، ما أعظم خوفك من ربّك!
فقال :ع:
: لا يأمن من يوم القيامة إلاّ من خاف الله في الدنيا:.([9])

وفي ليلة عاشوراء من محرم الحرام
 قد عرفَ  العالم كله كيف أنّ الإمام :ع:
لم يترك عبادة الله لحظة أبدا، حتى أنه طلب من الأعداء إمهاله ليلة واحدة للصلاة والاستغفار وتلاوة القرآن الكريم.


فسلامٌ على الإمام الحسين في العالمين

والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته

مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
 


([1]) >عدها الشيخ في رجاله، من أصحاب رسول الله’. ونسب الميرزا في كتابيه إلى رجال الشيخ عدها من أصحاب علي× أيضا. إن أمير المؤمنين× قد تزوج بها بعد وفاة أبي بكر، وإنها كانت موالية لأمير المؤمنين وللصديقة الطاهرة÷، وذكر ابن شهرآشوب أن أسماء بنت عميس، قالت: أوصت إلي فاطمة÷، أن لا يغسلها إذا ماتت إلا أنا وعلي÷، فأعنت علياً على غسلها... وتقدم في ترجمة محمد بن أبي بكر في روايتين، أن نجابتَه أتت من قبل أمه أسماء بنت عميس، رحمة الله عليها<. معجم رجال الحديث: 24: 195.
([2]) جيش يزيد امتداد للفئة الباغية الأصل، وهي جيش أبيه معاوية، الذي قتل عمار بن ياسر رضي الله عنه.
([3]) إعلام الورى بأعلام الهدى: الطبرسي: 217.
([4]){لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الممتحنة: 6].
([5]) صحيح الترمذي: 3: 262. وعلّق عليه بأنه حديث حسن.
([6]) مناقب آل أبي طالب: ابن شهرآشوب: 3: 153.
([7]) موضع مظلل من المسجد، كان يأوي إليه المساكين. وكانت على عهد رسول الله’، سقيفة في مسجده، كانت مسكن الغرباء والفقراء، وفيها كان من المهاجرين من لم يكن لهم منازل ولا أموال. ظ: مجمع البحرين: مادة (صفف).
([8]) أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين: 1: 580.
([9]) بحار الأنوار: 44: 192.
شاركه على جوجل بلس

عن مرتضى علي الحلي

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات: